أسامة مهدي من لندن : دعا الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى مغادرة القوات الاجنبية بقيادة الولايات المتحدة العراق وأكد أن العراقيين يكرهون الاحتلال ويناضلون ضده مشيرا الى توقيع 7 مذكرات تفاهم بين العراق وايران اضافة الى اخرى ستوقع لاحقا تتعلق بالتعاون الثنائي في مختلف المجالات وطالب دول المنطقة بدعم الحكومة العراقية المنتخبة.

وقال نجاد خلال مؤتمر صحافي الذي غادر بغداد حيث جرى له توديع رسمي على رأسه الرئيس العراقي جلال طالباني ان المباحثات التي اجراها مع الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي حول القضايا الثنائية والاقليمية والدولية قد أكدت تطابق وجهات النظر حولها مشيرا الى ان الشعبين العراقي والايراني يعيشان وسيبقيان لمئات السنين متعاونين يشتركان في المعتقدات والعادات والتقاليد . وقال إن القوى الاجنبية والدكتاتوريات (في اشارة الى النظام العراقي السابق) قد حاولوا الايقاع بين الشعبين لكن علاقاتهما ظلت قوية وراسخة . واوضح ان العراق استطاع تدشين مرحلة جديدة من تاريخه باختيار دستور وبرلمان وحكومة جديدة وايران تدعم هذه الحكومة المنتخبة من قبل الشعب.

واضاف ان الحكومة والشعب في العراق قادران على تسيير امور بلدهما وعلى الاخرين (في اشارة الى الولايات المتحدة) ان يسمحوا لهما بتنفيذ ارادتهما على ارضهما لخلق عراق قوي متطور لصالح المنطقة كلها وللسلام والامن في العالم ايضا . ودعا دول المنطقة الى دعم العراق من اجل تحقيق استقلاله واقتداره وعدم التدخل في شؤونه.

وشدد الرئيس الايراني على ان الاخوة والتعاون ستترسخ في المنطقة من دون وجود اجنبي .. وقال ان القوى الاجنبية التي اتت اليها من وراء البحار قاطعة الاف الكيلومترات عليها ان تغادر المنطقة وتسلم زمام الامور الى حكوماتها وشعوبها .. وقال quot;اذا كانوا يدّعون انهم يريدون إنفاق الأموال على تقدم المنطقة فعليهم صرفها في بلدانهم لان شعوب المنطقة لم تر من الوجود الاجنبي الا الخراب والتدمير والكراهية والاهانةquot; . ودعا القوات الاجنبية بقيادة الولايات المتحدة الى رفع يدها عن المنطقة والانسحاب من العراق .

وردا على سؤال حول الكيفية التي عرف بها ان العراقيين لايحبون الاميركيين كما قال امس اوضح نجاد ان الشعب العراقي وطوال تاريخه يقف ضد المحتلين والاجانب الذين يغزون ارضه واشار الى ان نضال الشعب العراقي في هذا المجال هو صفحة فخر لكل شعوب المنطقة . واضاف انه من السهل معرفة كره العراقيين للاميركيين من خلال النزول الى الشوارع وسؤال الناس حيث سيمكن تلقي الجواب الذي يؤكد ذلك .

وعن الاتهامات الاميركية لايران بمساعدة ميليشيات عراقية قال نجاد انه ليس ملزما بالرد على كل ما يقوله الاميركيون . واشار الى ان تصريحات القادة والمسؤولين الاميركيين تكون في الغالب مستندة إلى معلومات خاطئة .

وعن استعداد ايران للتعاون مع تركيا للوقوف ضد متمردي حزب العمال التركي الكردستاني قال نجاد إن الارهاب يضر بالجميع وعلى ايران وتركيا والعراق التنسيق في ما بينها للتعاون ضد هذا الإرهاب الذي يشكله حزب العمال . لكنه شدد على ان هذا التعاون يجب ان يراعي مسألتين الاولى عدم خرق السيادة للدول المجاورة وثانيا عدم إلحاق الضرر بالمدنيين.

وجوابا على سؤال حول ما اذا عقد لقاءات مع السنة العرب في العراق خلال زيارته هذه اشار نجاد الى ان هذا التصنيف للأطياف العراقية هو تصنيف أجنبي وايران تنظر الى العراقيين كشعب واحد . واوضح انه خلال لقاءاته امس واليوم اجتمع مع ممثلي هذه الاطياف من رجال الدين والعلماء ورؤساء العشائر والمثقفين والفنانين ولم يكن هناك تفريق بينهم .

وعما اذا كان قد بحث مع المسؤولين العراقيين قضايا الحدود بين البلدين اوضح ان هناك لجانا مشتركة وهي تعكف حاليا على دراسة هذا الامر . وعن رأيه بسبب قيام المسؤولين الاجانب بزيارات سرية غير معلنة بينما زيارته الحالية قد اعلنت قبل شهرين اشار الى انه لايخفي شيئا على شعبي البلدين في العراق وايران .. وقال quot;اسألوا الذين يأتون سرا الى العراق لماذا يأتون هكذاquot; . وفي ما اذا كان يرى ضرورة رفع التمثيل الاميركي الايراني في الحوار حول العراق أوضح أن التمثيل الحالي بسفيري البلدين يفي بالغرض الان مشيرا الى انه لايدري ماذا سيحصل مستقبلا حول هذا الامر .

واكد انه تم اليوم التوقيع على 7 مذكرات تفاهم ايرانية عراقية بهدف توطيد علاقات البلدين . واوضح ان هذه المذكرات تتعلق بالتعاون في مجالات الاسكان والنقل والتأمين والجمارك والنقل والصناعة والتعدين وتنفيذ مشاريع ضخمة من خلال القرض الايراني للعراق البالغة قيمته مليار دولار .

وحول اتهامات رئيس الاستخبارات العراقية لايران الاسبوع الماضي بمحاولة إجهاض تجربة مجالس الصحوات العراقية اشار نجاد الى انه لم يسمع بهذا الاتهام ولم يتلق شيئا حوله من الجانب العراقي لكنه اوضح امكانية حدوث خروقات حدودية قال ان قوانين البلدين كفيلة بمعالجتها . وعما اذا كان بحث مع العراقيين وجود اسرى عراقيين لدى بلاده من الحرب بينهما في ثمانينات القرن الماضي وسبب عدم ارجاع ايران للطائرات العراقية التي ارسلها العراق الى ايران خلال حرب الكويت لحمايتها من التدمير اشار نجاد الى انه لايوجد هناك اسرى وانما مفقودون تقوم لجان مشتركة بتحديد مصيرهم .. لكنه لم يجب على السؤال المتعلق بالطائرات . وعن التقارير التي اشارت الى تجاوزات ايرانية على حقول النفط العراقية الجنوبية اوضح نجاد ان المسؤولين العراقيين قد نفوا ذلك .

وقد وقع العراق وايران اليوم 7 مذكرات تفاهم مهمة للبلدين في العاصمة بغداد بحضور الرئيسين جلال طالباني واحمدي نجاد وقعها الوزراء المعنيون في الحكومتين الايرانية والعراقية تشمل مجالات quot; الطاقة والتأمين والتعاون الصناعي المعدني وبناء المجمعات السكنية والنقلquot;.
وفي اليوم الاخير من زيارته الى العراق إلتقى نجاد مجموعة كبيرة من علماء الدين الإسلامي والمسيحيين والإيزديين والصائبة المندائين ورؤساء الجامعات والمثقفين والشعراء والادباء العراقيين في العاصمة بغداد. وجرى خلال اللقاء التأكيد على التعاون الثقافي ونقل التجارب والخبرات وتقوية العلاقات الثقافية والفكرية بين العراق وايران.

وكان الرئيس الايراني قد وصل الى بغداد امس في زيارة رسمية وبدعوة من الرئيس العراقي جلال طالباني يرافقه فيها وفد رفيع المستوى ضم وزير الشؤون الخارجية منوشهر متكي ومعاون رئيس الجمهورية رحيم مشايي ووزير الطاقة ووزير الاقتصاد والمالية دانش جعفري وسكرتير قسم التنمية الاقتصادية الايرانية العراقية المهندس حسن داتابي والمستشار الأقدم لرئيس الجمهورية المهنــدس هاشمي ثمرة وعددا اخر من المسؤولين.

وقد اتخذت السلطات العراقية إجراءات مشددة في العاصمة بغداد وأوقفت الرحلات الجوية الى مطار بغداد قبل وصول نجاد إليه أمس، وقامت بإغلاق العديد من شوارع العاصمة الرئيسة وخاصة الطريق السريع الذي يصل المطار الواقع غرب العاصمة العراقية بوسطها والبالغ طوله 20 كيلومترًا، فيما تم حشد قوات مكثفة وسط بغداد الامر الذي اعاق وصول الآلاف من المواطنين الى مقار عملهم فعادوا الى منازلهم. وتعد زيارة نجاد الى العراق هى الأولى لرئيس إيراني الى العراق منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.

وترى مصادر عراقية ان زيارة نجاد تهدف إلى إظهار الدعم الإيراني لحكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وكانت الدولتان قد خاضتا حربًا بين عامي 1980 و1988 أسفرت عن أكثر من مليون قتيل. وأدى سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين في نيسان (ابريل) عام 2003 إلى فتح الطريق أمام تحسن واضح في العلاقات بين الدولتين.

ومن جانبه، أعلن مساعد وزير الطاقة الايراني محمد احمديان أن شبكة الكهرباء بين ايران والعراق سترتبط في 9 مناطق حدودية بغية سد احتياجات العراق من الكهرباء.

وقال احمديان الذي يزور العراق ضمن الوفد الإيراني ان شبكة الكهرباء الايرانية ترتبط حاليًا مع شبكة الكهرباء العراقية عبر مدينة سربل ذهاب الايرانية وتصل الكهرباء الايرانية الى مدينة خانقين في العراق. واضاف انه سيتم تدشين محطة نقل الكهرباء بقدرة 400 كيلوفولت من مدينة عبادان الايرانية الى منطقة الهارثة في جنوب العراق، وكذلك محطة نقل الكهرباء من مدينه مريوان الايرانية الى قضاء بينجوين في اقليم كردستان العراق. واعتبر مد خطوط نقل الكهرباء من مدينة كرمانشاه الايرانية الى محافظة ديالى شرق العراق سيسد احتياجات العراق من الكهرباء.