الصدر في رسالة تشاؤمية لأنصاره يعلن فيها عزلته عن الناس:
فشلت في إخراج المحتل وتفرق عني الكثير من المقربين

أسامة مهدي من لندن: في رسالة يسودها التشاؤم من الاوضاع السياسية في العراق وبقاء الاحتلال ومن علاقته بالمقربين منه، أكد الزعيم الشيعي العراقي الشاب مقتدى الصدر اليوم أنه قرر الانعزال عن الناس احتجاجا بعد أن فشل في تحقيق هدف تحرير العراق وانصراف الكثير من المقربين عنه وعدم طاعته وانحرافهم عن جادة الصواب وذلك إفراغاً لذمته أمام الله وحتى لايتحمل ذنبا فوق ذنوبه. وأضاف الصدر الذي قال احد مساعديه مؤخرا انه موجود حاليا في مدينة quot; قم quot; الايرانية لمواصلة علوم دينية كان قد بدأها في مدينة النجف مؤخرا للحصول على مرتبة علمية تؤهله للفتوى كمرحلة أولى قائلا quot; اني اعيش بكل جوارحي فيكم وبينكم واني لكم ومنكم ولن احيد عن هذا الا اذا فارق بيني وبينكم الموت quot; .

واشار الى ان انقطاعه عن الناس له اسباب عديدة منها quot;ان كل مسؤول وكل قائد وكل آمر وناه يحتاج في طريقه هذا الى التكامل وحسب فهمي ان هذا التكامل لايكون الا بالانعزال لفترة ما لعبادة الله وطاعته وتدارك ما فاته من طاعات وما فعله من ذنوب فأسأل الله ان يتوب علينا جميعا هو التواب الرحيم فإن كل شخص ما خلا المعصوم معرض للخطأ ومحتاج للتوبةquot; .

واوضح الصدر في رسالته الى اتباعه والى العراقيين عامة ان المسؤول يحتاج الى التكامل العلمي quot;وكما اعطيتكم واعطيت المجتمع قسطا وافرا من حياتي حتى ضعف ديني وكثر مرضي وزاد همي فلنفسي علي حق اريد فيها ان اكاملها علميا بالدرس ان استطعت الى ذلك سبيلا او بالمطالعة وقراءة الكتب وغيرهاquot; . وخاطب مريديه قائلا quot; افأخيركم بين مسؤول بعلم قليلا وبين مسؤول بعلم كثيرا فالجواب كلما كان علم المسؤول اكثر فعطاؤه اكثر وبالتالي تكون رعيته اكثر علما وفهما وثقافة بطبيعة الحال ففاقد الشيء لايعطيهquot;.

واشار الى ان من الاسباب التي دفعته الى الانقطاع عن الناس أمرين:

.. وصية الوالد لي بالدرس وهو ما اقوم به .. وتحرير العراق وجعل مجتمعه اسلاميا مؤمنا مخلصا .. وقال quot;ولعلي والى الان لم افلح بكلا الامرين قصورا مني او تقصيرا الله اعلم او قد يكون قصورا وتقصيرا من المجتمعquot; . وقال إن بقاء المحتل وعدم تحرير العراق من جهة وعدم انصياع الكثير وانحرافهم عن جادة الصواب دفعني للانعزال عنهم احتجاجا على ذلك واعتراضا عليه وافراغي لذمتي امام الله فاني لا اتحمل ذنبا فوق ذنوبي .

واستطرد الصدر في رسالته قائلا quot;إن الساحة العراقية هي الان عبارة عن ساحة دنيوية محضة وهي فتنة بطبيعة الحال .. فلذا ارتأيت ان اكون بعيدا عنها الى ان أجد المصلحة في الرجوع ان زالت باقي الاسباب شيئا فشيئا .. وحسب فهمي ان الخوض في مثل هذه السياسات مبعد عن اللهquot; . واوضح ان من الاسباب الاخرى لعزلته هو quot;عدم رجوع الكثير الى حوزتهم الناطقة وتفرقهم عنها وتفرقها عنهم وانغماس الكثير ممن كنا نحسن الظن بهم في مهاوي السياسة ووديانها وانغماسهم في الدنيا واحزابها قد عبرت عن عدم قبولي به بالانزواء والانعزال ان صح التعبير كما فعل اسيادي كثيراquot; .

واضاف الصدر في رسالته quot;ان تفرق الكثير من المقربين عني لاسباب دنيوية ونزعة استقلالية تسلطية كانت احد الاسباب الثانوية في انقطاعيquot; . وقال quot; فكما يعبرون فإن اليد الواحدة لاتصفق .. الا ان هذا لايعني انه ليس هناك الكثير من المخلصين والمقربين الذين وكلتهم نيابة عني لادارة امور المجتمع وخدمته واوصيهم بترك الدنيا وسياساتها وتحويل المجتمع نحو التثقيف والتعليم فلا انفع من التعليم شيئاquot; .

واشار الزعيم الشيعي الشاب في ختام رسالته الى ان المسؤول اما ان يباشر عمله بنفسه حين تتوفر له الظروف او من ينوب عنه اذا كانت الظروف غير مؤاتية ولذلك quot;شكلت لجنة لادارة اموركم وهناك المكاتب والهيئات والمراكز وغيرها ممن هم لنا يرجعون وتحت عنوان مكتب السيد الشهيد يجتمعون فأهيب بالمؤمنين الطاعة والانصياع لكل من يمثلنا بورقة مختومة بختم المكتب الشريف او بختمي الشخصيquot; .

وكان الصدر اكد امس براءته من قياديين في تياره ووصفهما بأصحاب شهوات دنيوية وقد اختارا طريق الباطل . وازاء موقفه من مسؤولين في التيار الصدري الذي يقوده قد شكلا مؤخرا تنظيمين سياسيين قال الصدر في بيان اصدره مكتبه في مدينة النجف (160 كم جنوب غرب بغداد) quot;ان مثل هؤلاء قد غلبت عليهم الشهوات الدنيوية ورغباتهم الشهوية واختاروا طريق الباطل تاركين الحق منفصلين عن مكتب السيد الشهيدquot;. ونفى الصدر مباركته لتشكيلهما التنظيمين السياسيين ودعا من الله quot;ان يهديهم والرجوع الى طاعة مكتب السيد الشهيد وعدم تخطي الحدود الحمراء كمهادنة المحتل والرجوع بالمركزية والتمويل الى جهات مجهولةquot; كما اشار.

ويتعلق الامر بالقياديين في التيار الصدري هما الشيخ عدنان الشحماني وأحمد الشريفي حيث كان الاول قد شكل تنظيم quot;التجمع العراقي الوطنيquot; .. فيما أسس الثاني quot;المجلس السياسي لادارة شؤون التيار الصدريquot; . وابلغ مصدر عراقي quot;إيلافquot; انه يعتقد ان هذه التطورات تؤكد حصول انشقاقات في التيار الصدري وخاصة بعد تجميد جيش المهدي التابع للتيار في اب (اغسطس) الماضي لمدة ستة اشهر وتمديد التجميد مؤخرا لستة اشهر اخرى حيث اعتبر قياديون في التيار معارضون للتجميد انه يأتي خضوعا لارادة الاميركيين والحكومة العراقية .

ويتشكل جيش المهدي من مجاميع عسكرية تتكون من ابناء التيار الصدري ويبلغ عدد افراده اكثر من عشرة الاف منتسب وكان الصدر قد اعلن عن تأسيسه في تموز (يوليو) عام 2003 مؤكدا في حينها ان الجيش quot;قوة سلميةquot; وتيار اجتماعي. وازاء بعض الاتهامات التي وجهت الى عناصر وصفت بانها من quot;جيش المهديquot; اصدر الزعيم الشاب قراره بتجميد نشاطات الجيش لفرز quot;وتطهير العناصر الفاسدةquot; منه طبقا لبيان صدر انذاك.

ويشتكي التيار الصدري من قتل العشرات واعتقال المئات من عناصره منذ بدء الحملة الأمنية ضدهم بشكل مكثف مطلع العام الماضي والذي دفع التيار الى سحب وزرائه الخمسة من حكومة نوري المالكي الحالية في نيسان (ابريل) الماضي . وبهذا الصدد اشار حازم الاعرجي احد مساعدي الصدر في بغداد في تصريح صحافي الى ان من النقاط السلبية لتجميد جيش المهدي quot;هي اننا لم نجد استثمارا جيدا من الحكومة العراقية بخصوص قرار التجميد .. فخلال فترة التجميد زج باكثر من الف معتقل في سجون الاحتلال خصوصا في منطقة الديوانية وكربلاء وبغدادquot;. واكد ان حكومة نوري المالكي لم تحترم الهدنة وقال quot;انهم قتلوا عناصرنا واعتقلوهم وعذبوهم واهانوهمquot;.

وعلى الرغم من ذلك يؤكد مسؤولون عسكريون اميركيون ان هدنة الصدر لعبت دورا كبيرا في خفض العنف الطائفي والاشتباكات بين الميليشيا من جانب والقوات الاميركية والعراقية من جانب اخر. وحذروا من ان العودة الى القتال ستفرض مخاطر على المكاسب الامنية في وقت بدأ فيه الزعماء العراقيون تحقيق بعض التقدم نحو مصالحة وطنية.

وتزعم مقتدى الصدر وهو ابن رجل دين شيعي بارز اغتاله نظام الرئيس السابق صدام حسين انتفاضتين ضد القوات الاميركية في عام 2004 وأعلن وقف اطلاق النار بعد اشتباكات دامية في اب الماضي بين جيش المهدي وقوات الامن المتحالفة مع المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الشيعيي في مدينة كربلاء قتل فيها العشرات.