شيكاغو، وكالات: هاجم منظمو الحملة الإنتخابية للسناتور الأميركي الديمقراطي باراك أوباما منافسته السناتور هيلاري كلينتون على الفوز بتشريح الحزب لخوض إنتخابات الرئاسة الأميركية المقبلة وقالوا أن سياستها الخارجية لن تبتعد كثيرا عن السياسة الفاشلة للإدارة الجمهورية للرئيس جورج بوش. وصعد مساعدو أوباما من هجماتهم على كلينتون بعد فوزها يوم الثلاثاء الماضي في انتخابات أولية حاسمة للحزب الديمقراطي في ولايات تكساس وأوهايو ورود ايلاند وتمكنت بهذا الفوز من البقاء في السباق ووقف الزخم الذي اكتسبه منافسها بعد ان فاز من قبل في 11 سباقا على التوالي.

وفي يوم الثلاثاء الماضي لم يفز أوباما سوى في ولاية فيرمونت. وحققت كلينتون هذا النصر متحدية تكهنات واسعة النطاق بأن خسارتها في ولايتي تكساس وأوهايو على الاخص ستجبرها على الانسحاب من السباق. ولا تزال كلينتون السيدة الاميركية الاولى السابقة التي تأمل في العودة الى البيت الابيض كأول رئيسة اميركية متخلفة عن أوباما الذي يطمح لان يصبح أول رئيس اميركي أسود في عدد أصوات المندوبين الذين كسبت ولاءهم حتى الان.

كلينتون

وفوز كلينتون في سباقات يوم الثلاثاء كانت المرة الثالثة التي تفلت فيها السيدة الاميركية الاولى السابقة من ان يوجه لها منافسها أوباما ضربة قاضية تخرجها من السباق. فكلينتون مثل زوجها الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون الذي صعد صعودا مفاجئا الى البيت الابيض عام 1992 تعرف كيف تواجه المصاعب. وفي يناير كانون الثاني حين فاز أوباما عليها في ولاية أيوا فوزا ساحقا وكان يستعد لان يوجه لها ضربة قاضية في نيوهامبشير تحدت كلينتون الاقدار وحققت النصر في الولاية كما نجحت في اقتسام الفوز معه في الثلاثاء الكبير الذي جرت فيه الانتخابات الاولية في اكثر من 20 ولاية بعد ان كان أوباما قد ألحق بها هزيمة مدوية في ساوث كارولاينا.

وركزت كلينتون في هجومها على أوباما على قضية الامن القومي كما شككت في قدرته على تولي منصب القائد العام للقوات المسلحة الاميركية وتصوره بأنه بلا خبرة ولا يعرف كيف يدير الازمات الدولية. اما السناتور جون مكين الذي ضمن ترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات الرئاسة الاميركية القادمة في الرابع من نوفمبر تشرين الثاني القادم بعد فوزه في اربع ولايات يوم الثلاثاء الماضي وهو طيار سابق في البحرية الامريكية أسر في حرب فيتنام فقد انتهج نفس الخط الذي تنتهجه كلينتون في الهجوم على أوباما. وانتهز مساعدو أوباما سناتور ايلينوي هذه الفرصة ليتهموا كلينتون سناتور نيويورك بانها اختارت ان quot;توحد صفوفها مع السناتور مكينquot; سناتور أريزونا.

وقال جريج كريج مستشار أوباما quot;أعتقد ان السناتور كلينتون تعتقد ان الطريقة التي يمكنها بها ان تهزم السناتور مكين في مناظرة هي ان تتحدث مثلما يتحدث وتتصرف مثلما يتصرف وتصوت مثلما يصوت في قضايا الامن القومي. ونعتقد ان الديمقراطيين خسروا في الماضي في المناقشات التي دارت بشأن الامن القومي لصالح الجمهوريين لنفس هذه الاسباب.quot;

وحرمت كلينتون بفوزها على أوباما يوم الثلاثاء الماضي في ثلاث ولايات مقابل ولاية واحدة السناتور الاسود من تحقيق نصر سريع في السباق الديمقراطي مثلما فعل مكين في السباق الجمهوري الان. فقد كفل فوز مكين في أربع ولايات يوم الثلاثاء هي فيرمونت وأوهايو وتكساس ورود ايلاند له الحصول على تأييد أكثر من 1191 مندوبا وهو العدد اللازم للفوز بترشيح الحزب الجمهوري مما دفع منافسه مايك هاكابي الى الانسحاب من السباق. وبعد هزيمة يوم الثلاثاء الماضي عبر أوباما عن خيبة أمله في الحملة quot;السلبية للغايةquot; التي تشنها كلينتون عليه ووعد بالرد على انتقاداتها.

ويعتقد عدد كبير من المحللين السياسيين ان الحملة الدعائية التلفزيونية التي تشنها كلينتون من خلال الاعلانات التجارية والتي ركزت على قضايا الامن القومي نجحت في التشكيك في أوباما. وصرح كريج مستشار أوباما بان كلينتون وحدت صفوفها مع المرشح الجمهوري المرجح مكين في بعض القضايا الهامة منها وضع ثقة كبيرة في الرئيس الباكستاني برويز مشرف وتأييد تعديل تشريع يزيد من الضغط على ايران. واجتمعت كلينتون يوم الخميس في واشنطن مع كبار القادة العسكريين والخبراء وقالت ان تأييدهم يظهر ثقتهم في قدرتها على اتخاذ قرارات هامة تخص الامن القومي منها قرارات تمس أرواح الناس.

وسخر مساعدو أوباما من تصوير كلينتون لنفسها على انها خبيرة في السياسة الخارجية استنادا الى السنوات التي قضتها في البيت الابيض كسيدة أميركية أولى واستنادا الى سفرياتها مع زوجها الرئيس الاميركي السابق. وقالت سوزان رايس مستشارة أوباما ان القدرة على التعامل مع أزمة تتطلب الرد على الخط الساخن في البيت الابيض الساعة الثالثة فجرا هو شيء لا يكتسب من quot;مجرد ان تكون متزوجة من القائد العام للقوات المسلحة (الرئيس الاميركي).quot; وينتقل الان السباق الديمقراطي المحتدم الاسبوع القادم الى ولايتي وايومنج ومسيسبي ثم الى سباق كبير في بنسلفانيا يوم 22 ابريل نيسان القادم.

الجمهوريون يهاجمون أوباما

وتمثل هجمات كلينتون على اوباما واتهامه بافتقاد الخبرة بالسياسة الخارجية نموذجا لما يمكن ان يوجهه الجمهوريون لاوباما اذا اصبح المرشح الديمقراطي الوحيد. وهجمات كلينتون التي ساعدتها في الفوز بولايات اوهايو وتكساس ورود ايلاند يوم الثلاثاء في المعركة التي تنتقل من ولاية لاخرى للفوز بترشيح الحزب كشفت أيضا عن نقطة ضعف لدى اوباما الذي خدم ثلاث سنوات فقط في مجلس الشيوخ ممثلا لولاية ايلينوي.

وما زال اوباما متقدما في السباق للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي لكن من المتوقع ان يستمر السباق ستة اسابيع اخرى على الأقل مما يساعد مكين بدرجة أكبر. وشنت كلينتون وهي سناتور من نيويورك ستكون أول امرأة تتولى منصب الرئاسة في حال فوزها اعنف هجماتها من خلال حملة اعلانية الاسبوع الماضي تشير إلى ان اوباما ليس مستعدا للقيادة فيما يتعلق بمسألة الأمن الوطني. وظهر في الإعلان هاتف يرن في البيت الأبيض في حين يقول صوت بنبرة تحذير quot;انها الثالثة صباحا.. واطفالكم آمنون ونائمون. لكن هناك هاتف يرن في البيت الأبيض. شيء ما يحدث في العالم.quot; وتساءل الصوت حينئذ عما اذا كان الشخص الذي يتلقى المكالمة quot;صاحب تجربة ومستعد للقيادة في عالم خطر.quot;

وشنت كلينتون في نفس الوقت هجوما على اوباما لما وصفته بعدم اتساق مواقفه بشأن التجارة الدولية. وقال دانتي سكالا استاذ العلوم السياسية في جامعة نيوهامبشير quot;يبدو ان قوة دفع اوباما في استطلاعات الرأي توقفت بسبب هذين الموضوعين.. الأمن الوطني والتجارة.quot; وابلى سناتور اريزونا مكين وهو سجين سابق في حرب فيتنام بلاء حسنا في مناظرات بشأن السياسة الخارجية في واشنطن على مدى عقود.

وبعيدا عن إثارة مسألة الخبرة قال بوكانان ان مكين سيجادل بأن خطة اوباما لبدء انسحاب عاجل على مراحل للقوات الأميركية من العراق تبدو أقرب إلى quot;الفرارquot;. ونجحت هذه الاستراتيجية بالنسبة لبوش قبل اربع سنوات رغم ان خصمه كيري كان محاربا قديما توج بأوسمة عن مشاركته في حرب فيتنام. وصور بوش خصمه على انه quot;متقلب الرأيquot; يفتقد الصرامة اللازمة لمواجهة اعداء أميركا.

وقال محللون ان مكين ستكون مهمته اسهل من كلينتون في ابراز قلة مؤهلات اوباما نسبيا فيما يتعلق بالأمن الوطني. وإشارة كلينتون إلى quot;صاحب تجربة ومستعدquot; تعتمد بقوة على سنواتها كسيدة اولى حين كان زوجها بيل كلينتون رئيسا. لكن ليس كل الناخبين يعتبرون ذلك خبرة حقيقية. ورد اوباما على كلينتون وقارن بين معارضته المبكرة لحرب العراق وموافقتها أثناء تصويت مجلس الشيوخ عام 2002 على السماح بشن الحرب. ويفضل كل منهما الآن سحب القوات وهي خطوة تلقى دعما شعبيا.

وقال مايك جرين المحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ان كلينتون واوباما قد يختلفان بدرجة ما بشأن التكتيكات لكنهما متباعدان كثيرا بشأن مضمون السياسة الخارجية. وأضاف جرين وهو مسؤول سابق بالبيت الأبيض قدم المشورة لمكين لكنه أكد انه لا يتكلم نيابة عن الحملة quot;في الانتخابات العامة سترى بعض الاختلافات الصارخة جدا في السياسة.quot; وقال جرين ان اوباما سيواجه أيضا انتقادا لاشارته إلى انه كرئيس للولايات المتحدة سيحاول التحدث مباشرة مع خصوم مثل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي غالبا ما يتحدث عن تدمير إسرائيل ويرفض الدعوات الدولية لكبح برنامجه النووي.