إحتقان بعد أن غيّرت الزيادات شكل موائد بعض الأسر
في المغرب.. أينما ولّيت وجهك ثمة شكوى من الأسعار

أيمن بن التهامي من الدار رالبيضاء: تستعد المركزيات النقابية إلى استئناف الحوار الاجتماعي مع الحكومة، الذي من المنتظر أن تعقد أولى جلساته الأسبوع المقبل، في وقت تزايدت حدة شكوى المغاربة من الارتفاعات الصاروخية والممتالية لأسعار المواد الأسياسية وغيرها، بعد أن أحدثت هذه الظاهرة تغييرا على موائد بعض الأسر، حتى المتوسطة منها، برزت ملامحه داخل الأسواق التجارية، حيث حذفت من سلة غالبية الزبائن مجموعة من المنتجات الإضافية، إثر ضرب الأساسية منها قدرتهم الشرائية، ما ينذر بمظاهرات واحتجاجات قد تكون قوية. ولم تقف موجة الغلاء عند هذا الحد، بل كانت لها آثار سلبية أكثر حدة وسط العوائل الفقيرة، وصلت في بعض الحالات إلى هدم بيوت بعد انفصال الزوجين عن بعضهما بسبب عجز الأب عن إعالة أفراد أسرته، بينما كثرت عدد الاعتداءات المسجلة ضد المرأة التي كلفتها مواجهاتها المتكررة مع الزوج دفاعا عن مطالب أبنائها كدمات في وجهها.

وما يدور في الشارع ليس أحسن من السيناريوهات التي صورت داخل المنازل، فما إن تجلس في المقهى أم تدخل إلى إحدى الفضاءات الشعبية وتدخل في حديث قصير مع زبون، حتى تتقاطر عليك الشكاوي ويبدأ كل من وقعت عينك عليه يتحدث بلهجة غاضبة عن الحكومة والزيادات والحالة الاجتماعية التي أضحوا عليه، قبل أن يعودوا لسرد حكايات أيام زمان الذي كانت فيه quot;البركة في كل شيء حتى في الريال، عكس الآن الذي لا تكفيك فيه في اليوم 200 درهمquot;، على حد تعبير محمد. ر، موظف في القطاع العمومي.

وقال محمد، الذي التقته quot;إيلافquot; في سوق درب غلف بالدار البيضاء، quot;تدهورت حالتنا والحكومة لا تحرك ساكنا، ونحن الآن نكمل الشهر باقتراض المال من الأصدقاء ونعجز عن رده.. وجهنا خسر مع الناس ولا أحد يفكر فينا وتركونا للمضاربين والشركات الأجنبية يأكلون فيناquot;. وأضاف الموظف في القطاع العمومي quot;رغم الارتفاعات المتتالية لم يفكروا في رفع أجورنا، كل شيء جامد ماعدا الأسعار هي التي تتحرك نحو الارتفاع. فكيف يمكننا العيش، فأنا أحاول دائما التهرب مكن زوجتي ومن قائمة طلباتها لأن أجرتي تنتهي في الأسبوعين الأولين من الشهر.. وفي بعض الحالات ننهي يومنا بالشجار لأغطي على عجزي عن توفير حاجياتهم اليوميةquot;.

حتى في سيارة الأجرة لا يمكنك أن تسلم من الحديث عن غلاء الأسعار، فبعد ثواني من بدأنا طي شوارع البيضاء أطلق عامل حنجرته للشكوى بالقول quot;كل شيء ارتفع ثمنه حتى السميد، فماذا سنأكل الحجر... سمعت اليوم بأن قنينات الغاز ارتفع ثمنها ب 5 دراهم للصغيرة و10 دراهم للكبيرة، أقسم بأنني لن أقتنيها بهذا الثمن مهم كلفني الأمرquot;.

واستمر في حديثه هذا دون توقف، لينضم إليه باقي الركاب، فتحول هذه الفضاء الصغير إلى حلقة نقاش استعرضت فيه جميع المواد التي طالتها الزيادة، وكم من مرة ارتفع ثمنها منذ بداية السنة، قبل أن يكالوا انتقادات لاذعة للحكومة والوزراء. حالة الاحتقان الاجتماعي هذه أججها انتشار إشاعات عن زيادة مرتقبة في أسعار مواد أساسية وقنينات الغاز، وهو ما نفته وزارة الشؤون الاقتصادية والعامة، إذ أكدت أن سعر غاز البوطان لم يطرأ عليه أي تغيير، ولم يعرف أي ارتفاع سواء بالنسبة لسعر قنينة الغاز من الحجم الصغير بوزن 3 كيلوغرام، أو بالنسبة لسعر قنينة الغاز من الحجم الكبير بوزن 12 كيلوغرام.

وأوضح، بلاغ للوزارة أن الحكومة مستمرة في دعم غاز البوطان رغم الارتفاعات المهمة لسعر هذه المادة في الأسواق العالمية. وذكر البلاغ أن سعر قنينة الغاز من الحجم الصغير لم يعرف أي زيادة منذ سنة 1995، كما أن سعر قنينة الغاز من الحجم الكبير لم يرتفع منذ سنة 2000.

وتشير الوزارة إلى أن أجهزة المراقبة تقوم في إطار عملها اليومي بمتابعة سعر هذه المادة الحيوية على الصعيد الوطني، كما هو الشأن بالنسبة لباقي المواد المدعمة والمقننة، منبهة إلى أن كل زيادة غير مشروعة في اسعار هذه المواد تعرض مرتكبيها للمتابعة والجزاءات الزجرية المنصوص عليها في القوانين الجاري بها العمل.

وأبرزت الوزارة أن الإدارات المعنية تقوم بالأبحاث والتحريات الميدانية اللازمة في هذا الشأن، كان آخرها البحث الميداني الذي قامت به وحدة من هيئة الباحثين المختصين من وزارة الشؤون الاقتصادية والعامة، الجمعة الماضية، حيث لم تلاحظ على إثره أي زيادة في أسعار غاز البوطان. ويأتي هذا في وقت حذرت نانسي رومن، مديرة الاتصالات ببرنامج الأمم المتحدة للأغذية والزراعة، من أن يؤدي ارتفاع تواصل أسعار المواد الغذائية إلى ارتفاع نفقات الأسر، وإلى حدوث اضطرابات اجتماعية بسبب سوء التغذية والجوع ذي الطابع الخاص، بالمغرب.

وقالت نانسي إن من بين المؤشرات الأساسية التي تؤكد على خطورة ارتفاع أسعار الغذاء في الأسواق الدولية، هو أن أسعار هذه المواد ارتفعت منذ صيف 2007 بنسبة 40 في المائة، وهو ما يهدد بشكل كبير عملية توزيع المساعدات الغذائية على الدول الفقيرة، مبرزة أنه إذا لم يحصل برنامج الأمم المتحدة للأغذية والزراعية، بموازاة الزيادة في الأسعار، على نصف مليار دولار من المجتمع الدولي والحكومات والمؤسسات والمانحين، سيكون مضطرا إلى خفض عدد الاشخاص الذين يقوم بتأمين المواد الغذائية لهم من خلال تقليص الحصص الغذائية التي سيوزعها سنة 2008.

ووجهت نداء عاجلا إلى المجتمع الدولي مشددة على أن الوضع أضحى أكثر حرجا من أي وقت مضى، وبخاصة في الـ 6 أشهر الماضية، وقالت إن هذا الوضع أدى إلى ظهور سوء تغذية لشعوب لم تكن تعاني من قبل من الجوع. وكان رئيس منظمة الأغذية والزراعة العالمية quot;فاوquot; جاك ضيوف، أكد في وقت سابق على أن تواصل الزيادة في أسعار المواد الغذائية من بينها القمح، والمواد الأولية الخاصة بإنتاج وصناعة مواد غذائية مثل زيوت الاستهلاك، ستكون لها آثار وخيمة على الوضع الاجتماعي والسياسي في العديد من بلدان العالم.