لندن: اتخذ الموضوع العراقي اهمية اكبر من باقي المواضيع في الصحافة البريطانية ليوم الاحد وذلك مع اقتراب الذكرى الخامسة لغزو العراق. وكتب سيمون جينكينز في الصنداي تايمز عن quot;الامبريالية المخففة التي تطيل حرب العراقquot; ويعود في الذكرى لبدء الاجتياح والى الطريقة التي تم بها التخطيط لهذه الحرب.

ويقول ان القرارات اتخذت في مكتب وزير الدفاع السابق دونالد رامسفلد في مخطط سماه الكاتب quot;اجتياح مخففquot; يقضي باسقاط النظام في بغداد وتنصيب رئيس موال للولايات المتحدة وثم المغادرة.

ويقول الكاتب ان هذا الرئيس كان من المفترض ان يكون احمد الجلبي، مضيفا ان القيادة العسكرية اعلمت بأن تكون جاهزة لسحب الجيش بعد ستة اشهر من الغزو.

ويشير جينكينز الى ان الذي صاغ المخطط ليس الا رئيس التخطيط في البنتاجون دوجلاس فايث الذي وصفه لاحقا الجنرال الاميركي تومي فرانكس بـquot;الرجل الاكثر غباء على سطح الارضquot;.

ويتطرق الكاتب الى كتاب جوزف ستيجليتز الجديد والذي يقول فيه ان كلفة الحرب هي في الحقيقة 60 ضعف رقم الـ50 مليار دولار الذي تتداوله الاوساط الرسمية الاميركية، وذلك بالاضافة الى مسؤولية هذه الحرب عن تردي الاوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة.

ويختم جينكينز بالقول ان احتلال العراق quot;يعبر عن صدمة قوة عظمى جرحت من جراء اعتداء ارهابي واحد فقررت ضرب أي دولة مسلمة تخطر في بالها، وبعد تفتت كابول، حول رامسفلد نظره الى العراقquot;.

وفي التايمز كذلك، كتبت ماري كولفن عن اللاجئين العراقيين في مخيم كاوالا في السليمانية شمال العراق والاوضاع التي يمرون بها.

2.5 مليون مشرد
وتقول الصحفية ان عدد المشردين داخل العراق يبلغ نحو 2.5 مليون شخص، وفي مخيم كاوالا للاجئين ما يزيد عن 3 آلاف عراقي يعيشون بأمان، لكن في خيم يسمونها quot;منازلquot;، بدون كهرباء ولا مياه، وحيث يغلف الاطفال ارجلهم بأكياس بلاستيكية ليتمكنون من اجتياز الوحل في طريقهم الى المدرسة.

هؤلاء، تقول كولفن التي قابلت العديد منهم، غالبيتهم من السنة الذين غادروا مدينة سامراء بعد ان فجر مسلحو تنظيم القاعدة مرقد الامامين على الهادي وحسن العسكري.

وتضيف الصحفية ان هناك بعض الجهود الجارية من اجل اعادة المهجرين الى منازلهم، وتروي في التقرير بعض التجارب التي تصفها بالصعبة جدا والتي يمر بها المهجرون الذين يعودون الى منازلهم ويرون ان من يحتل منزلهم لا يريد المغادرة.

وتطرقت صحيفة الاوبزيفر كذلك الى الذكرى الخامسة للاجتياح، ولكن من زاوية اكثر تفاؤلا وهي عودة الامن الى بعض المناطق العراقية ولاسيما في بغداد من بعد الستراتيجية الامنية التي طبقتها القوات الاميركية وزيادة عدد الجنود.

ويروي كولن فريمن مراسل الصحيفة في بغداد عودة الحياة الطبيعية بالنسبة للبعض، وتأثير ذلك على الناس.

ويزور الصحفي احد النوادي على ضفة نهر دجلة، ويصف المكان واحتفالات مجموعتين من الشبان بمناسبة التخرج وكذلك الاحتفال بزفاف.

ويسأل كذلك بعض المحتفلين الذين تكلموا كلهم عن تحسن الاوضاع وعودة الحياة الى طبيعتها، اذ لم يكن باستطاعتهم منذ اشهر قليلة الخروج بهذا الشكل بسبب الخطف والقتل والتفجيرات.

من ربح حرب العراق؟
من جهتها، اختارت صحيفة الاندبندنت العنوان التالي: العراق: من ربح الحرب؟ وفي التقرير الطويل والمفصل الذي حرره ريموند ويتاكر وستيفن فولي اسئلة ووقائع حول صحة اسباب الحرب عام 2003 وتطور الامور على النحو الذي شهدناه.

ويخلص الصحفيان الى تصنيف الرابحين والخاسرين من جراء هذه الحرب على الشكل التالي:

الرابحون

نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني لانه لا يزال في منصبه ولان شركة هاليبورتون التي كان يرأسها استفادت ماديا من الحرب.

ايران لان رجال الدين الايرانيين لم يحلموا يوما بأن يأتي الشيطان الاكبر بنفسه ليقضي على عدو ايران الاول صدام حسين. وبالاضافة الى ذلك تمكن رجال الدين العراقيون الشيعة المقربون من ايران تولي ارفع المناصب الحكومية، ووجود ايران على مقربة من الجنود الاميركيين ما يجعلهم في خطر يزعج الرئيس الاميركي جورج بوش، ويجعل اسرائيل متوترة.

السير جون سكارليت الذي صاغ مع مدير مكتب توني بلير الاستير كامبل التقرير عن اسلحة الدمار الشامل في العراق وانتقد لسماحه باستعمال جهاز الاستخبارات لاغراض سياسية. الا ان بلير كافأه بتعيينه على رأس المخابرات الخارجية.

تنظيم القاعدة لان الحرب على العراق هي التي ادخلت القاعدة اليه ما خفف الضغط على منظمة اسامة بن لادن في افغانستان وباكستان.

الاكراد الذين استعمل صدام حسين ضدهم الاسلحة الكيميائية، استفادوا من اسقاط نظام صدام وموافقة الاميركيين على طريقة ادارة الاكراد لوضعهم في شمال العراق، وهو اقرب نموذج الى الدولة يصلون اليه.

الخاسرون

جورج بوش وذلك لأن المؤرخين الاميركيين بدأوا بالبحث منذ الآن عما اذا يجب تصنيفه كأسوأ رئيس اميركي، علما ان تشيني ورامسفلد يتحملان مسؤولية اكبر الا انه سيبقى المسؤول الاكبر عن الاذى الذي لحق بالولايات المتحدة.

المحافظون الجدد الذين تمكنوا من الجمع بين الغطرسة والاهمال بطريقة كارثية، فقد تم اذلالهم عندما اصطدمت ايديولوجيتهم بالواقع، ولكن العراق سيعاني من رواسب تصرفاتهم لعشرات السنين.

توني بلير الذي كان قد تمكن من الاستمرار برئاسة الحكومة البريطانية لو لم يلطخ تورطه في العراق سجله السياسي، ولكن مع الملايين التي يجنيها اليوم، يعتقد البعض انه من الصالح تصنيفه في خانة الرابحين.

الفلسطينيون الذين عانوا من عدم ضغط واشنطن على اسرائيل للاسراع في عملية السلام وذلك لانشغال الاميركيين في حربهم على العراق.

الاعلام الاميركي الذي لطالما تبجح بالدقة والمصداقية وجد نفسه في حالة quot;هستيريا الحربquot; فكانت اخطاء كبيرة حتى من قبل مؤسسات عريقة مثل صحيفة نيويورك تايمز.

افغانستان التي استفادت في الفترة الاولى من اهتمام العالم، ولكنه ومع اندلاع حرب العراق، خفف الاميركيون اهتمامهم بافغانستان ما آل الى استعادة حركة طالبان وتنظيم القاعدة القدرة على المبادرة في الكثير من المناطق.

الحوار مع القاعدة
من جهة اخرى، توقفت الاوبزيرفر على تصريحات ادلى بها معاون ومستشار توني بلير جوناثان باول الذي قال ان على الحكومات الغربية التكلم مع القاعدة والمجموعات الارهابية اذا كانت تأمل فعلا في سلام دائم يزيل خطر الحملات العنفية.

وقال باول انه quot;في الوقت الحالي ليس هناك ما يمكن قوله للقاعدة ولا القاعدة لها ما تقوله لنا، انما يوما ما سيحتاج الامر الى حل سياسي وحينها يجب ان يكون هناك استعداد للكلام مع المجموعات الارهابيةquot;.

وتقول الصحيفة ان تصريحات باول ستثير الجدل لان الحكومات الغربية لا تزال تدور في منطق رفض أي صلة مع القاعدة او تنظيمات ارهابية اخرى.

ومن القدس، تطرق مراسل صحيفة الاوبزيرفر روري ماك كارثي الى بدء عرض مسرحية عن حياة الناشطة من اجل السلام راشيل كوري التي قتلت في غزة تحت دبابة اسرائيلية.

والمسرحية بعنوان quot;اسمي راشيل كوريquot; ويستند نصها الى مفكرة كوري اليومية والرسائل الالكترونية التي كانت ترسلها وتتلقاها وسيتم عرضها في حيفا قبل ان تنتقل الى الاراضي الفلسطينية.

يذكر ان كوري اميركية، قررت ترك بلادها والمجيء الى غزة حيث نشطت مع الذين كانوا يستعملون اجسادهم كدروع بشرية بوجه الاسرائيليين في فترة كانت تشهد توترا كبيرا بين الطرفين.

وفي الجانب الاسرائيلي الفلسطيني، كتبت داين تايلور في الاندبندنت عن روث، وهي امرأة اسرائيلية من سكان تل ابيب، تصف للصحيفة تجربتها حول استقبال سيد مرنخ الفلسطيني وابنه محمد المصاب بالسرطان في منزلها على الرغم من كل ما يجري بين الاسرائيليين والفلسطينيين في الوقت الحالي.

وتتوقف الصحيفة عند تفاصيل هذه القضية وكيف تعرفت روث بالمريض ووالده في المستشفى في تل ابيب وكيف تطورت العلاقة بينهما ليأخذ المنحى الانساني بعدا اكبر من المنحى السياسي او التاريخي للعلاقات الاسرائيلية الفلسطينية.