جنيف: قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر في تقرير أعدته خصيصا بمناسبة حلول الذكرى السنوية الخامسة للغزو الأميركي للعراق أن الوضع الإنساني في أجزاء كثيرة من البلاد هو الأسوأ في العالم. وقال الصليب الاحمر في تقريره إن الملايين من العراقيين ما زالوا يفتقرون الى المياه النظيفة وابسط الخدمات الطبية، حيث تخلو المستشفيات من الاسرة والادوية والكوادر الطبية، كما تضطر بعض الاسر الى انفاق ثلث دخولها الشهرية (البالغة 150 دولارا بالمعدل) على شراء مياه الشرب النظيفة.

وجاء في التقرير ان المسؤولين العراقيين يعتقدون ان اكثر من 2200 طبيبا وممرضة قتلوا و250 اختطفوا منذ عام 2003. وتشير الاحصاءات الى ان 20 الفا من الكوادر الطبية (من مجموع 34 الفا) قد اضطروا الى مغادرة البلاد منذ الغزو الاميركي. وجاء في التقرير ايضا ان عشرات الآلاف من العراقيين قد اختفوا منذ بدء الحرب عام 2003، وان quot;العديد من ضحايا العنف الحالي لم يجر التعرف عليهم لأن نسبة قليلة جدا من الجثث التي يعثر عليها تسلم الى السلطات الطبية القضائية.quot;

هذا ويحاجج الاميركيون ومسؤولو الحكومة العراقية بأن الوضع الامني قد تحسن في العراق منذ بدء الحملة الامنية الاخيرة في العام الماضي التي زجت الولايات المتحدة لاجلها بقوات اضافية بلغت 30 الف جنديا. الا ان رئيسة عمليات الصليب الاحمر في الشرق الاوسط وافريقيا تقول إن العراقيين الذين اضطروا الى هجر مساكنهم بسبب العنف - بمن فيهم النساء والاطفال والكهول والمعوقين - ما زالوا في وضع صعب للغاية. وقالت المسؤولة: quot;يجب ان لا يحجب تحسن الوضع الامني في بعض مناطق العراق عن اعيننا حقيقة ان الملايين من العراقيين قد تركوا دون عون بالمرة.quot; ويضيف التقرير ان عشرات الآلاف من العراقيين - غالبيتهم العظمى من الرجال - يقبعون في السجون.

يذكر ان عمليات اللجنة الدولية للصليب الاحمر في العراق هي الاكبر من نوعها في العالم، حيث خصصت لها اللجنة ميزانية سنوية تبلغ 106 ملايين دولار. ويبلغ عدد موظفي الصليب الحمر في العراق 600 بينهم 72 موظفا اجنبيا. ومن الجدير بالذكر ان تقريرا نشرته مؤخرا منظمة الصحة العالمية التابعة للامم المتحدة بالتعاون مع وزارة الصحة العراقية اشار الى ان 151 الفا من العراقيين فقدوا ارواحهم في الفترة المحصورة بين العشرين من مارس 2003 (اي يوم بدء الغزو الاميركي) وشهر يونيو حزيران 2006. وتراوحت تقديرات الخسائر البشرية للحرب بين 48 الفا الى 601 الف قتيل.

منظمة العفو الدولية

على صعيد متصل، اصدرت منظمة العفو الدولية تقريرا يوم الاثنين تناول اوضاع حقوق الانسان في العراق بعد مرور خمس سنوات على الغزو الاميركي. ووصف التقرير وضع حقوق الانسان في العراق بـquot;الكارثيquot; وقال إن العراق اصبح واحدا من اخطر دول العالم. وجاء في التقرير الذي اصدرته المنظمة في العاصمة البريطانية ان حكم القانون والتعافي الاقتصادي اصبحا حلمين بعيدي المنال بالنسبة للغالبية العظمى من العراقيين الذين يعانون من الفقر وشح الغذاء والماء والبطالة. ويقول التقرير إن اربعة من كل عشرة عراقيين لا يتقاضون اكثر من دولار واحد في اليوم (وهو المعيار الذي تعتمده الامم المتحدة لقياس الفقر المدقع)، بينما تقف انظمة التعليم والرعاية الصحية في البلاد على حافة الانهيار، وتتعرض النسوة والفتيات لاعتداءات المتطرفين.

يقول مالكولم سمارت مدير شؤون الشرق الاوسط في المنظمة: quot;كان نظام صدام حسين عنوانا لانتهاك حقوق الانسان، ولكن النظام الذي جاء بديلا له لم يعمل شيئا لتحسين اوضاع الشعب العراقي.quot; واضاف سمارت: quot;ان تقاعس الحكومة العراقية في التحقيق في الانتهاكات المزعومة لحقوق الانسان يعتبر واحدا من اهم عوامل القلق من المستقبل.quot;

ومضى الى القول: quot;فحتى عندما تواجه السلطات العراقية بالادلة الدامغة لوقوع التعذيب في سجونها لم تحاسب المذنبين. اما الولايات المتحدة وحلفاؤها، فلم يضغطوا على الحكومة العراقية لاجبارها على احترام حقوق الانسان.quot; كما انتقد تقرير منظمة العفو الدولية الاستخدام الواسع لعقوبة الاعدام في العراق، وتقاعس المجتمع الدولي في مساعدة اللاجئين العراقيين، وغياب حرية التعبير في المناطق الكردية في شمال العراق.

وقال: quot;بالرغم من الادعاءات بأن الوضع الامني قد تحسن في الاشهر الاخيرة، ما زال وضع حقوق الانسان في العراق كارثيا. فكل الاطراف قد ارتكبت انتهاكات صارخة لحقوق الانسان بما فيها جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانيةquot; في اشارة الى ممارسات الميليشيات المسلحة وقوات الامن العراقية والقوات الاجنبية ومقاولي الامن الاجانب.