اعتدال سلامه من برلين: في الوقت التي تلقي فيه المستشارة الالمانية انجيلا ميركل خطابا في الكنسيت الاسرائيلي وذلك في اطار زيارتها الى اسرائيل بمناسبة مرور 60 عاما على تأسيس الدولة العبرية في ظل غياب نواب اسرائيليين معترضين على خطابها باللغة الالمانية لانها لغة تذكرهم بالنازية اشار استقراء للراي اجرته مؤسسة TNS للبحوث الى عدم اهتمام المواطن الالماني العادي بالمناسبة. فحسب ما ورد في استقراء الراي وتركز على الصراع الفلسطيني الاسرائيلي يطالب 91 في المائة من الالمان الحكومة الاتحادية اتخاذ موقف الحياد حيال هذا النزاع والقيام بدور حيادي لا ينحاز الى اي طرف، فيما قال 3 في المائة يجب الوقوف بشكل واضح الى جانب الدولة العبرية و1 في المائة الى جانب الفلسطينيين.

وتساءل الكثير من المراقبين السياسيين عن سبب رفع ماركل مستوى العلاقات مع اسرائيل الى نفس مستوى بلدان الاتحاد الاوربي بتثبيتها بروتوكوليا اجراء مشاورات دورية معها على شاكلة المشاورات التي تجريها مع فرنسا وبريطانيا وايطالية فهي ليست بلدا اوروبي او عضو في الاتحاد الاوربي. وبهذا تصبح اسرائيل الدولة السادسة التي تعقد المانيا معها اجتماعات وزارية دورية مما يبين خصوصية العلاقة الحالية. وقالت خلال في لقاء صحفي في تل ابيب اننا سعداء لاننا نستطيع الان وعبر اللقاء الدورية التشاور في امور كثيرة.

ولقد تناولت المشاورات مشاريع التعاون المستقبلية واتفاقيات ثنائية مثل دعم تبادل الوفود الشبابية والطلابية ورفع مستوى التعاون في مجالات حماية البيئة لكن الاهم من كل ذلك تعميق مشاريع التسلح.

واثناء الزيارة لم تتوان ماركل عن القول بان المانيا قلقة ازاء مواصلة التهديد لاسرائيل ولم ننجح كما قالت من حل هذا المشكلة حتى الان،وسبق واكد بان ما المخاطر التي تهدد اسرائيل تهدد المانيا ايضا.

ووصف صحافيون رافقوا المستشارة ان اصعب محطة لها كانت زيارة النصب التذكاري لضحايا المحارق النازية في ياد فاشيم. لذا قالت عقب ذلك بان العلاقة بين الشعبين سوف يظل لها طابع خاص، وهذا ينطبق على الجيل الالماني الجديد وعلى سياسية المانيا الخارجية.

وقبل بدء زيارة ماركل الى اسرائيل نشرت دير شبغيل تقريرا طويلا عن العلاقة المميزة بين اسرائيل والمانيا. وحسب ما ورد ما يميز زيارة ماركل عن زيارات اسلافها من المستشارين ان رئيس الحكومة ايهود اولمرت استقبلها شخصيا في مطار بن غوريون، وهذا الشرف لم يحظ به سوى الرئيس الامريكي جورج بوش كما رافقها ايضا على ياد فاشيم ويضع الضيوف الرسميون الاجانب عادة الاكليل دون مرافقة شخصية كبيرة وهذا يعني رفع مستوى ماركل الى نفس مستوى الرؤساء الاميركيين. وقد يعود السبب الى اعتمادها على المقولة بان اسرائيل صديقة وشريكة لالمانيا في الاوقات السيئة كما الاوقات الجدية، حتى ولو ارتكتب اخطاء، والتقرب الى اسرائيل يعني بالنسبة لها التنازل عن توجيه نقد قوي اليها. لذا ذكر مقال دير شبيغل بالصمت التي التزمت به ماركل عندما هاجم الجيش الاسرائيل قطاع غزة وقتل خلال الهجوم اكثر من 120 فلسطينيا في الوقت الذي وجه فيها البابا بيديكت ال16 نداءا الى الطرفين لتنازل عن العنف. ولم توجه ماركل اي كلمة الى اولمرت عندما اعلن قبل اسبوعين عزم حكومته السماح ببناء المزيد من المستوطنات في الاراضي المحتلة وذلك بعكس الوعود الاسرائيلية، فماذا ستقول للعرب الذين سيشاركون الصيف القادم في مؤتمر الشرق الاوسط الذي سيعقد في برلين.

وتساءل يوسي بايلان النائب الاسرائيلي في الكنسيت عن معنى موقف المستشاره هذا، فمن وجهة نظره ما تظهر ليست صداقة، فالصديق الحقيقي يلزم نفسه في المساعي السلمية.

ولوحظ ان معظم وزارء الحكومة الالمانية من اشتراكيين ومسيحيين ديمقراطيين وبافاريين كانوا برفقة المستشارة ماركل حتى وزيرة العائلة فون دي لاين ما عدا وزيرة الانماء والتعاون الاقتصادي الاشتراكية هايدي ماري فتشروريك تسويل التي لا تتأخر عن انتقاد سياسة اسرائيل حيال الفلسطينيين، ويبدو ان المستشارة لا تريد اي عنصر ازعاج خلال زيارتها او ان الوزيرة نفسها رفضت مرافقتها.