واشنطن، وكالات: يلقي الرئيس الأميركي كلمة اليوم في وزراة الدفاع الأميركية البنتاغون بمناسبة الذكرى الخامسة للغزو الأميركي للعراق يدافع فيها عن إستراتجيته الحالية في العراق محذرا من أن الإنسحاب المبكر من العراق سيكون بمثابة إنتصار لتنظيم القاعدة. وجاء في خطاب بوش الذي نشرت مقتطفات منه quot;انه يقر بالكلفة الكبيرة لهذه الحربquot; لكنه أكد على ان زيادة عدد القوات الاميركية في العراق منذ اواسط العام الماضي قد فتح الباب امام انتصار كبير في اطار الحرب على الارهاب وهو انتصار يجب ترسيخه لا التخلي عنه حسب قوله. واعرب بوش عن تفهمه تساؤل الناس عن مدى صواب قرار شن هذه الحرب وهل قيمة الانتصار فيها يستحق كل الجهد وهل يمكننا الانتصار في هذه الحرب.

وقال بوش ردا على مثل هذه التساؤلات بالقول quot; الجواب بالنسبة لي واضح وهو ان ازاحة صدام حسين عن الحكم كان قرارا صائبا والانتصار في هذه الحرب لا غنى عنهquot;. واشار الى ان منتقدي هذه الحرب كانوا يقولون سابقا ان الولايات المتحدة تخسرها لكنهم الان يقولون ان كلفة الحرب عالية جدا بعدما سقطت هذه الحجة. وبالنسبة لكلفة الحرب قال بوش ان الارقام التي يتم تداولها مبالغة فيها. ورغم ان موضوع الحرب في العراق هو احد اهم المواضيع في الانتخابات الرئاسية الاميركية التي تجرى في وقت لاحق من هذا العام لكن تردي الاقتصاد الامريكي هو الان على رأس اهتمامات الناخب الامريكي.

ويقول معارضوا الحرب من الحزب الديمقراطي الاميركي ان الحرب في العراق قد احتلت رأس اولويات الادارة الاميركية بدلا من افغانستان التي هي اكثر اهمية للولايات المتحدة حسب رأيهم. يذكر ان كلفة الحرب حتى الان بلغت اكثر من 500 مليار دولار كما ادت الى مقتل اربعة آلاف جندي اميركي وعشرات آلاف العراقيين اضافة الى نزوح وتهجير عدة ملايين من العراقيين داخل وخارج العراق.

زيباري: حققنا مكاسب

وفي الإطار نفسه، أعلن وزير الخارجية العراقي، هوشيار زيباري، الثلاثاء أن مخاطر اندلاع حرب أهلية في العراق قد زالت بعد quot;خمس سنوات من الدموع والدماءquot;، محذراً من أن انسحاباً سريعاً للقوات الأميركية من البلاد سيطيح بالمكاسب الأمنية والإنجازات التي تحققت ويعرض البلاد لعواقب وخيمة. ونقلت الأسوشيتد برس عنه اعترافه بارتكاب كافة الأطراف لأخطاء، لكنه أصر على أن العراقيين حققوا تقدماً ملحوظاً رغم العنف الذي أودى بحياة عشرات الآلاف منهم ونحو 4000 جندي أمريكي.

الحرب مسؤولة عن التدهور الاقتصادي

وعلى صعيد التكلفة العسكرية، والإنفاق الأميركي عليها، عبر أكثر من 70 في المائة من الأميركيين عن اعتقادهم بأن الإنفاق الحكومي على الحرب على العراق مسؤول بصورة جزئية عن المشكلات الاقتصادية التي تعاني منها الولايات المتحدة الأميركية. وكشف استطلاع للرأي، أجرته CNN بالتعاون مع مركز أبحاث الرأي، أن سبعة من كل 10 أميركيين يعتقدون ذلك، بينما رفض ذلك 28 في المائة من الأميركيين.

وأظهر الاستطلاع أن 32 في المائة من الأمريكيين يؤيدون الحرب التي تقودها الولايات المتحدة في العراق، فيما يعارضها 66 في المائة منهم. وقال 61 في المائة من أفراد عينة الاستطلاع، التي بلغت 1019 شخصاً، إنهم يرغبون برؤية الرئيس الأمريكي المقبل يتخذ قراراً بسحب جزء كبير من القوات الأميركية من العراق في غضون الشهور الأولى لتسلمه منصبه.

وكان ناطق باسم البيت الأبيض قد ذكر أن الحرب على العراق كلفت الخزينة الأميركية 406.2 مليار دولار، وذلك حتى ديسمبر/كانون الأول عام 2007. يذكر أن الاقتصاد الأميركي يمر حالياً بصعوبات بالغة، وبخاصة مع تدهور قيمة الدولار، وارتفاع أسعار النفط بصورة غير مسبوقة، حيث سجل نحو 107 دولارات الثلاثاء.

الصحف البريطانية

وفي السياق عينه أفردت الإندبندنت البريطانية عدة صفحات من عددها ليوم الأربعاء لتغطية الذكرى الخامسة لاجتياح العراق، واعتبرت في صفحتها الأولى -التي تتصدرها صورة مركبة لاجتياح قوات الإسكندر المقدوني لبابل و لدبابة أمريكية في العراق- أن quot;ما تعلمناه من دروس التاريخ هو أننا لم نتعلم الدرس.quot; وخصصت الصحيفة إلى جانب مقال روبرت فيسك وتقرير مراسلها باتريك كوكبرن، افتتاحية عنوانها: quot;بعد خمس سنوات من الاجتياح، فشلنا ذريع وتامquot;.

وتقول الصحيفة إن ما يمكن أن يحسب في خانة الربح هو إزاحة صدام حسين. وفي خانة الخسارة تعدد الصحيفة :quot; آلاف القتلى، استفحال العمليات الانتحارية، فتور اتجاه الديمقراطية، فشل أمني، وانبعاث إيران لتملأ الفراغ الذي خلفه صدام.quot; وتعتبر الصحيفة أن بريطانيا والولايات المتحدة فقدتا من وزنهما على الساحة الدولية وصارتا دويلتين صغيرتين. وتطالب الصحيفة في أخر الافتتاحية بإجراء تحقيق شامل في الظروف التي سبقت اتخاذ قرار اجتياح العراق.

ليس حبا في القاعدةquot;

وتواصل الغارديان نشر تقارير الصحافي العراقي غيث عبد الأحد بنفس المناسبة، وتنشر في عددها ليوم الأربعاء تقريرا يتحدث عن وقائع حياة عضو سابق في الحركات المسلحة في العراق، يسمى خليل في التقرير. خليل -حسب التقرير- لم ينخرط في صفوف الحركة المسلحة إيمانا بما يدعو إليه تنظيم القاعدة، فعلى الرغم من انتمائه إلى الدين الإسلامي فإنه غير ملتزم بعدد من شعائره. إنه -يقول- التحق بهذه الحركة إيمانا بضرورة مقاومة المحتل. وقد أدى به هذا الموقف إلى انهيار حياته العائلية، بعد أن طلق زوجته لأنها طلبت منه التوقف عن القتال. ثم إن لميول المقاومة لديه جذور نفسية عميقة تعود إلى بداية التسعينيات من القرن الماضي عندما قضت قنبلة أميركية على كل أسرته، وحولته إلى يتيم بين عشية وضحاها.

لكن خليل سيتحول عن مقاومة الأميركيين إلى القتال إلى جانبهم، بعد أن انتشر تنظيم القاعدة في العراق، quot; وبدأ يقتل دون تمييزquot;. وهو الآن ضابط في صفوف فرق الصحوة. وفي أثناء حديثه يسعى خليل إلى تكذيب ما يشاع عن تمويل الحركات المسلحة في العراق، ويقول: quot;كنت أتلقى الأومر بتفيذ كمين، فيصرف لي مبلغ لا يتجاوز مائة دولار، اشتري بها ذخيرة، وبنزينا وأطعم بها المقاتلين إلى أن تحين الفرصة المناسبة للقيام بالعملية.quot;

لا داعي للتشاؤم

وتخصص التايمز افتتاحيتها الأولى للتعليق على حصيلة خمس سنوات من اجتياح العراق، فتعرض أهم ما تحقق خلال هذه المدة. وتقر الصحيفة بالأخطاء quot;البليدةquot; للاحتلال والتي أعقبت quot;انتصارا باهراquot;، ولكنها ترى أن الشكوى لا تصنع خطة لبناء المستقبل، وأن هناك ما يبعث على التفاؤل، حتى وإن كان تفاؤلا محتشما، لأن الحذر واجب خاصة وأن تنظيم القاعدة لا زال قويا في بعض المناطق. وترى الصحيفة أن ما سيحدث بالعراق خلال السنوات المقبلة رهن بالولايات المتحدة وإيران والوضع الميداني.

وتستبعد التايمز أن تنسحب الولايات المتحدة من العراق على المدى القريب كيفما كانت نتائج اننتخابات هذه السنة، quot;لأن ذلك سيكون مجازفة بما تحقق مؤخرا.quot; ولن يستطيع العراق أن يتعافي -حسب الصحيفة- دون مساعدة جيرانه وعلى الأخص منهم إيران. وتعتقد الصحيفة أن إيران قد أبانت عن قدراتها في هذا المجال إن خيرا أو شرا. لكن الاعتماد على إيران-تقول الصحيفة- لا ينبغي أن يمهد لها الطريق للهيمنة على مصير المنطقة بأسرها.

وتطالب الصحيفة في هذا السياق جيران العراق من البلدان العربية بالتخلي عن quot;جبنهاquot; وإصرارها على عدم التدخل وربط علاقات دبلوماسية مع هذا البلد. وتتحول الصحيفة في ختام افتتاحيتها إلى العراقيين أنفسهم، مؤكدة أن معظم عبء إخراج بلادهم من المأزق، يقع على عاتقهم. وهي في هذا الصدد تحضهم على العمل من أجل توافق طائفي حقيقي قائم على مبادئ العدالة والديمقراطية.

ثمن quot;الانتصارquot;

quot; الدولة في العراق على حافة الانهيارquot; نبرة الفاينانشل تايمز أقل تفاؤلا. ففي تقريرين نشرتهما بمناسبة الذكرى الخامسة لحرب العراق، ينقل مراسلو الصحيفة وجهات للنظر تعرض للوضع في العراق على أنه ورطة للدول الغربية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة. وفي تقرير وقعه دانييل دومبي وستيفن فيدلر، يُستخلص أن الولايات المتحدة فقدت الكثير من سطوتها في العديد من المناطق هي أحيانا أكثر أهمية من الشرق الأوسط كأمريكا اللاتينية وبعض جهات آسيا، وذلك من أجل التفرغ للعراق.

لكنها لم تجن الثمار المرجوة من مهمتها العراقية. فحسب ستروب تالبوت، أحد مساعدي وزيرة الخارجية على عهد الرئيس السابق بيل كلينتون لقد تحول العراق quot; من بلد موحد، يخضع إلى ديكتاتورية غريبة وهمجية إلى بلد على حافة الدولة الفاشلة... أو إلى فراغ في السلطة يُتستر عليه بما يشبه الدولة أو حزمة من الكيانات قد تصير دولا.quot; ويعكس ديميتري سيفاستوبولو في تقريره بعضا مما يراه حيرة المسؤولين الأمريكيين مدنيين كانوا او عسكريين.

فالولايات المتحدة تحتاج إلى تعزيز وجودها العسكري في العراق إذا ما أرادت الحفاظ على ماحققته من مكتسبات بعد الزيادة في عدد القوات للصيف الماضي، لكن القادة العسكريين لا ينظرون بعين الرضى إلى هذه الفكرة، ويرون أن هناك سقفا، تجاوزه مضر بقدرات الجيش الأمريكي. لذا فهم لا يمتنعون عن التفكير في تخفيض من عدد تلك القوات والاعتماد على القوات المحلية.