إتفاق قد يوحد الصفوف وينهي الخلافات
عيون الفلسطينيين شاخصة لصنعاء

خلف خلف من رام الله: نجح العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز بحنكته ودبلوماسيته الهادئة في جمع الأطراف الفلسطينية المتصارعة عبر إتفاق مكة الذي وقع بين حركتي فتح وحماس بتاريخ 8 فبراير 2007، وجاء هذا الإتفاق في أحلك الظروف التي عايشتها الساحة السياسية الفلسطينية من إقتتال دموي بين الأخوة. وهذه الأيام، يمر الوضع الفلسطيني في ظروف لا تقل خطورتها عما مضى، نتيجة تواصل حالة الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة. وتتجه عيون الفلسطينيين هذه المرة إلى العاصمة اليمنية quot; صنعاء quot; ، لإنجاز quot; اتفاق quot; يرتب البيت الداخلي الفلسطيني ويوحد الصفوف، وينهي الخلافات. حيث يجري وفدان فلسطينيان، من منظمة التحرير، وحركة حماس مباحثات مع القيادة اليمنية حول مبادرة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، الداعية لعودة الحوار بين فتح وحماس.

مؤشرات إيجابية

مبدئياً، صدرت تصريحات عن الشخصيات الفلسطينية الموفدة للمشاركة في المباحثات مع القيادة اليمنية، وقد أبرقت التفاؤل والأمل في قلوب الكثير من الفلسطينيين، وبخاصة بعد تأكيد نائب رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) موسى أبو مرزوق استعداد حركته القبول بالمبادرة اليمنية للمصالحة، وأيضا إعلان عزام الأحمد رئيس كتلة فتح البرلمانية من اليمن بأن حركته لا تمانع من الدخول فوراً في حوار، إذا وافقت حماس على المبادرة. ولكن هذه التطورات توفر مناخاً لطرح بعض التساؤلات، مثل، إلى أي مدى يمكن أن تشكل هذه التصريحات الصادرة عن قادة (فتح وحماس) مؤشراً حقيقاً على قرب إعادة اللحمة الفلسطينية، في ظل مرور ما يزيد عن 9 شهور على حالة الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة؟، وكذلك ما هي الأسباب الحقيقة التي تعيق حالة الوئام لغاية اللحظة من وجهة نظر الأطراف المتنازعة؟.

يكفينا العبرة من اتفاق مكة

quot;إيلافquot; بدورها تلقي الضوء على هذه الملف، في محاولة للإجابة على التساؤلات السابقة، وذلك عبر الالتقاء مع قادة من (فتح وحماس)، وخبراء ومحللين سياسيين مختصين في الشأن الفلسطيني. تيسير نصر الله عضو المجلس الوطني لفلسطيني يقول: quot;بالنسبة للمبادرة اليمنية حتى الآن لم تتضح المواقف الحقيقية للطرفين سوى الترحيب بها، لذا فمن المبكر الحكم عليها، أنا أرجو أن تنجح، وان يتم فعلاً إجراء حوار، ليس فقط بين حركتي فتح وحماس، وإنما بين كافة الأطراف الفلسطينية، ويكفيني العبرة من اتفاق مكةquot;.

نية صادقة..ولكن

أما عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تيسير خالد فقال: quot;ذهاب وفد منظمة التحرير إلى اليمن جاء بتكليف من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهو مؤشر إيجابي وجدي على اهتمامنا بوضع حد للانقلاب على الشرعية، واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، تحديدا في هذه الظروف التي يتواصل فيها العدوان لإسرائيلي على قطاع غزة والضفة، وتدير حكومة إسرائيل كذلك ظهرها لجميع الالتزامات الخاصة في عملية السلام التي يطالبها المجتمع الدولي بتنفيذها، بما فيها تلك التي نصت عليها خارطة الطريق الدوليةquot;. ويضيف خالد: quot;هناك نية صادقة من منظمة التحرير لإعادة اللحمة في الساحة الفلسطينية عبر المبادرة اليمنية، ولكن الأمر يتوقف على الأخوة في حركة حماس، الذين عليهم أن يعودوا عن انقلابهم، الذي الحق الضرر بالوضع الفلسطيني برمتهquot;.

سياسة الانقلابات غادرت المنطقة

وتابع تيسير خالد وهو أيضا عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين: على حركة حماس أن تدرك أن الانقلابات العسكرية في المنطقة قد غادرت منذ عقود، ويجب أن لا تعود عبر البوابة الفلسطينية، بل يجب أن تتوقف هذه الممارسة، مهما كانت أسبابها. وتساءل: quot;إلى متى تتمسك حركة (حماس) بسلطة تحت الاحتلال.

ومن ناحيته، يقول الناطق الرسمي باسم حركة (فتح) فهمي الزعارير: quot;نحن لا ننكر أن هناك بوادر لعودة الحوار على الساحة الفلسطينية، ولكن حركة (حماس) ما زالت مترددة بالقبول بالمبادرة اليمنية، فهي وافقت مبدئياً على الحوار على ماهيتها، ولم تقبلها رسمياًquot;.

دعوات للجلوس على الطاولة

أما فوزي برهوم الناطق الرسمي باسم حركة (حماس) فيقول: quot;نحن نوافق على الجلوس مباشرة مع الأخوة في حركة فتح لمناقشة البنود السبعة للمبادرة اليمنية، وليس لدينا أي تردد كما يقال، بل الكرة الآن في ملعب حركة (فتح) التي عليها أن تجيب الآن، أما بنعم أو بلاquot;. وفي رده على سؤال حول نقطة الخلاف المركزية التي تمنع حركته تنبي المبادرة رسميا، قال: quot;ليس لدينا أي موانع، وموفقنا واضح، نحن نرحب بالمبادرة اليمنية، وهذا يدلل عل حرصنا الشديد لاستثمار أي جهد من أجل رأب الصدع على الساحة الفلسطينيةquot;.

ويبقى الشيطان في التفاصيل

المحلل السياسي المختص في الشأن الفلسطيني د.علي الجرباوي يعتقد أن المبادرة اليمنية هي بادرة طيبة والجهود كلها الآن منصبة نحو استثمارها لإخراج الساحة الفلسطينية من الخلافات العميقة التي تعيشها. ويقول الجرباوي: يجب أن نكون متفائلين بحذر، وعلينا الانتظار قليلاً قبل إطلاق الآراء، لأنه باعتقادي الشيطان يكمل في التفاصيل، فالتصريحات الصادرة عن وفود حركتي فتح وحماس في اليمين تعكس جواً ايجابياً، ولكن في التفاصيل سيظهر هناك اشتراطات، ومواقف، وهذا ما يخيف، وقد يؤدي لعرقلة الوصول لاتفاق يرتب البيت الداخلي الفلسطيني، ولذلك، نأمل من الأخوة في الحركتين الترفع عن صغائر الأمور، وتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الحزبية.

ويشار أن المبادرة اليمنية التي ستكون أساساً لبدء الحوار، تنص على سبع نقاط تستهدف العودة بالأوضاع في قطاع غزة إلى ما كانت عليه قبل 13 (يونيو) 2007، وإجراء انتخابات مبكرة، واستئناف الحوار على قاعدة اتفاق القاهرة 2005 واتفاق مكة 2007 على أساس أن الشعب الفلسطيني كل لا يتجزأ، وأن السلطة الفلسطينية تتكون من سلطة الرئاسة المنتخبة والبرلمان المنتخب والسلطة التنفيذية ممثلة بحكومة وحدة وطنية، والالتزام بالشرعية الفلسطينية بكل مكوناتها.

كما تنص المبادرة على احترام الدستور والقانون الفلسطيني والالتزام به من قبل الجميع، وإعادة بناء الأجهزة الأمنية على أسس وطنية، بحيث تتبع السلطة العليا وحكومة الوحدة الوطنية ولا علاقة لأي فصيل بها، كما تكون المؤسسات الفلسطينية بكل تكويناتها دون تمييز فصائلي، وتخضع للسلطة العليا وحكومة الوحدة الوطنية.