قبيل ستة أشهر من إنتخابات مجلس المحافظات في العراق
حرب شرسة بين تيار الصدر وحزب الدعوة والمجلس الأعلى

عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: تشهد ساحة الوسط والجنوب الخاضعة لنفوذ الأحزاب الشيعية منذ أسابيع، تقاتلاً ملوحظًا بلغ أوجه بعد إقرار قانون مجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم الشهر الماضي والذي فرض نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني، موافقة مجلس الرائسة عليه بعد أيام من رفض نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي الموافقة عليه، إذ لم ينل قبول المجلس الاعلى الاسلامي بزعامة عبد العزيز الحكيم حيث زادت حدة توترات التنافس على مناطق الوسط والجنوب بين التيار الصدري من جهة، والمجلس الأعلى وحزب الدعوة من جهة أخرى. إذ يعول التيار على ظهير شعبي من انصاره في كسب اكبر عدد من مقاعد تلك الانتخابات المزمع اجراؤها قبل شهر اكتوبر/ تشرين الاول المقبل.. فقد شهدت وما زالت محافظات الديوانية وكربلاء وبابل والبصرة ومناطق من بغداد محاولات كسر أذرع واردات بين هذه الاحزاب الشيعية الثلاثة التي يمتلك إثنان منها ميليشيا مسلحة خاضت معارك تسقيط واغتيالات بينها في الوسط والجنوب وما زالت.

إذ يتهم التيار الصدري منظمة بدر بإستفزاز انصاره لجرهم لمعارك مسلحة مع القوات العراقية التي يقول قادة من تيار الصدر إن اعدادًا كبيرة من منتسبيها ينتمون إلى منظمة بدر الجناج العسكري للمجلس الاسلامي الاعلى.. ففي محافظة بابل التي كانت تحكم أوقات السيطرة العسكرية عليها، بعد ان نظفتها من تنظيم القاعدة العام الماضي، تكرر الاتهامات من الاهالي ومن اتباع الصدر بمسؤولية حزب الدعوة ومنظمة بدر عن مقتل قائد قوات العقرب اللواء قيس المعموري الذي قرر تنظيف المحافظة من اي تنظيم عسكري غير القوات الحكومية، فاغتيل في ديسمبر من العام الماضي بعد ايام على مداهمته مقار احزاب في السلطة في المحافظة كانت تحتفظ باسلحة متوسطة في تلك المكاتب. واغلقها باعتبارها غير قانوينة. حيث اختلطت الاوراق امنيًا بعد غياب المعموري الذي كان يضبط الأمن بطريقة مهنية نادرة في العراق.

المجلس الاعلى الذي استغل الفيتو الذي يتمتع به احد قادته نائب رئيس الجمورية عادل عبد المهدي رفض المصادقة على قانون انتخابات مجالس المحافظات واعادته لمجلس النواب لولا وصول نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني للعراق الاسبوع الماضي، واجتمع بعبد المهدي الذي قال في تصريحات صحافية ان زيارة تشيني من اجل الضغط لإقرار قانون المحاظات مبرر موقفه إن الجانب العراقي يقدر مصالح الدول الصديقة لكن المصالح العراقية تبقى هي الأساس وتحظى بالأولوية، وقال بأن الرئيس الأميركي بوش ونائبه دي تشيني إتصلا عدة مرات بالحكومة العراقية بهذا الشأن.

لكن اصرار عبد المهدي لم يصمد طويلاً، إذ بعد يومين من وصول تشيني لبغداد وافق على اقرار قانون المحافظات. الامر الذي ينظر إليه متابعون الى اتجاه المجلس الاعلى للتصعيد داخلاً بعد الاصرار الاميركي على اقرار انتخابات المحافظات في موعدها الذي أقره البرلمان. فاشتعلت جبهة الوسط خاصة في محافظتي الديوانية وبابل والبصرة جنوبًا، إذ يخشى المجلس فقدان سطوته فيها اذا ما تمت الانتخابات والوضع السياسي فيها على ما هو عليه، حيث يحتفظ بمعظم مقاعد مجالسها المحلية وسط معارضة واسعة له وركون منافسه الاشد التيار الصدري لسياسة اكثر براغمايتة لأجل حصاد اكبر عدد من المقاعد فيها وهو امر لو تم، حسب متابعين للوضع العراقي مثل باتريك كوبيرن، سيجعل من الصدر أكبر لاعب في مستقبل العراق.

يوم امس الجمعة وهذا اليوم، تشتد مواجهات عناصر من جيش المهدي التابع للتيارالصدري مع القوات العراقية والجيش الاميركي خاصة جنوب بغداد، مثل حي الرسالة وحي الشرطة والصحة وفي محافظة بابل حيث صرح النائب عن التيار الصدري احمد المسعودي مساء امس، بأن تياره يتعرض لخطة بهدف تصفيته من قبل المجلس الاعلى وحزب الدعوى في بابل جنوب العاصمة بغداد، متهمًا الحزبين الشيعيين بجر التيار إلى حرب محلية استباقًا للانتخابات وباتفاق مع عناصر ميليشيا قريبة من السلطة دخلت اعداد كبيرة منها للقوات العراقية في بابل حسب اتهام المسعودي.

وبعيد ساعات على تصريح المسعودي، أوقف حاجز عراقي في منطقة حي الشرطة جنوب غرب بغداد اثنين من قادة التيار الصدري مما تسبب بهجوم عدد من الصدريين على حواجز للجيش وخطف عدد من رجال الشرطة، واطلقوهم بعد اطلاق القائدين من اتباع الصدر، لكن القوات العراقية والاميركية اغلقت المنطقة وشنت حملة مداهمات تسببت بمقتل ستة من اتباع الصدر الذي وصف احد نوابهم بالبرلمان هو فلاح حسن شنشل، بأن ما يحصل محاولة من الحكومة والاميركيين إلى جر التيار نحو حرب مفتوحة.. ويخشى ان يتفجر الوضع في مدينة الصدر ذات الكثافة السكانية شرق بغداد. ويشبه اتباع الصدر ما يجري اليوم بما جرى قبيل الانتخابات الماضية حين جر جيش المهدي لحرب مفتوحة في محافظات الوسط والجنوب..

قوى وشخصيات عراقية من خارج التيار الصدري والمجلس تنتظر اليوم ما تنجلي عنه مواجهات التيار والمجلس لتتحالف مع الاكثر نفوذًا لكسب مقاعد في مجالس المحافظات.. وينظر لتحرك رئيس المؤتمر الوطني العراقي احمد الجلبي في محافظات الوسط والجنوب بهذا الاتجاه، ويبدو ان الجلبي حسم امره قبل غيره بالتحالف مع التيار الصدري من خلال تصريحات ادلى بها لقناة العربية الفضائية قبل ايام اشاد فيها بتيار الصدر وبعائلة الصدر وبضرورة رفع المظلومية عن اتباع التيار لكونهم اكبر شريحة عراقية تضررت من النظام السابق والحكومات التي تلته. وبالقرب من تحرك الجلبي، يسعى ممثلو القائمة العراقية بقيادة رئيس الوزراء السابق اياد علاوي لتحركات مشابهة وان كانت اقل اشهارًا.

ويبقى حزب الدعوة الممسك بالسلطة التنفيذية منذ ثلاث سنوات والذي فك أي ارتباط له مع تيار الصدر الذي اوصل الحزب لرئاسة الوزراء بعد انقضاء فترة التقرب من التيار التي قادها رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري عام 2004 و 2005 وانهاها رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي ملتصقًا بالمجلس الاسلامي لخوض الانتخابات المحلية، على الرغم من استعداد الجعفري لإعلان تيار جديد قد يمارس لعبة برغماتية لصالح حزب الدعوة بالتقرب من تيار الصدر تحسبًا لخسارة المجلس الاسلامي الانتخابات المعول عليها كثيرًا بعد ستة اشهر.