القدس: في المبنى المضاء بأشعة الشمس على الخط الفاصل في المدينة المقسمة، يأتي العرب واليهود ليعيشوا أواخر أيام حياتهم. يعتبر مستشفى سانت لويز، وهو تكية قديمة، من الأمور النادرة في القدس، إذ إنه مكان هادئ يأتي إليه سكان المدينة المرتابين، ليعيشوا لحظات في جو خال من التوتر السياسي.

قالت تامي آينشتاين، معالجة فنية في المستشفى quot;هذا يبدو كواحة في وسط الجنون، وهو أمر يدعو للسخرية، لأن كل هؤلاء الناس مرضى.quot; ليس الأمر وكأن المستشفى جعل من العرب واليهود أعز الأصدقاء، ولكن، في آخر أيام حياتهم، يجد مرضى المستشفى وعائلاتهم أنفسهم على في المستوى نفسه، ليأخذ كل منهم لمحة عن عالم الآخر.

قالت آينشتاين quot;لسنا منظمة سلام.. نحن هنا لنعمل. عندما يتحدث الناس إليّ (عن السياسة) أحاول أن أبقي الأمر على مستوى إنساني.. أليست مأساة أنه يجب أن نخسر عدداً أكبر من الناس في هذه المدينة الرائعة؟quot; وتواجه التكية الحي المسيحي من مدينة القدس القديمة من جهة، والقدس الغربية المأهولة باليهود على الجهة الأخرى.

ويضم المستشفى، الذي أسسه محسن فرنسي قبل 146 سنة، خمسين مريضاً، حوالي نصفهم من اليهود، ومن بينهم العديد من المتحدثين بالروسية كانوا قد هاجروا من الاتحاد السوفيتي السابق، وربعهم من العرب، أما الباقين فأغلبهم من الأجانب الذين عاشوا في القدس وأرادوا أن يقضوا آخر أيامهم في المدينة المقدسة، من ضمنهم راهبات كن قد اعتنين في فترة ما بالمرضى في سانت لويز.

في الداخل، يتحدث الأطباء والممرضات بالعربية والعبرية بين أنفسهم ، ويتواصلون مع بعضهم بالإنجليزية. ومؤخراً، جلس ثلاثة مرضى حول تلفاز باللغة الروسية، وانبعثت من المستشفى المضاء بأشعة الشمس رائحة الكتان النظيف والمنظفات القوية، وعلقت لوحات ملونة على الحيطان المكسوة بدهان يتلاشى.

جلس العديد من نزلاء التكية في كراسي متحركة برواق مشرق في طابق المستشفى الثاني، مجتمعين على شكل مجموعات تضم الواحدة اثنين أو ثلاثة أشخاص. كان العديد منهم مربوطين بأجهزة ولم يستطيعوا التحدث، بينما أعطى آخرون تحيات نشطة عندما مر بهم بعض العاملين في المستشفى، في حين لم يقدر معظم المرضى على التواصل، إلا أن عائلاتهم تفاعلت بحرية.

وقفت امرأتان مسلمتان محجبتان في الرواق، بينما دفعت امرأة روسية-إسرائيلية بشعر أحمر، امرأة عجوز على كرسي متحرك.. وفجأة مرت ممرضة وقالت quot;صباح الخيرquot; بروسية مكسرة للمرأة الكبيرة، التي اكتفت برسم ابتسامة لها. وفي الأثناء، يظل ملف القدس أحد الملفات الرئيسية الكبرى في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وجزءاً لا يتجزأ من محادثات السلام.