اغتياله ما زال يشكل لغزاً في التاريخ الأميركي
ظاهرة أوباما أربعون عاماً بعد اغتيال مارتن لوثر كينغ

واشنطن: رغم مرور 40 عاما على اغتيال مارتن لوثر كينغ يطغى طيف هذا الزعيم الاسود على الحياة السياسية الأميركية ويبقى مصدر وحي لمبادىء الحقوق المدنية والعدالة الاجتماعية في الولايات المتحدة والعالم. وقالت عضو مجلس الشيوخ الأميركي اليانور هولمز نورتون quot; حتى مارتن لوثر كينغ لم يتصور وجود مرشح أسود ( السناتور باراك اوباما ) في طليعة سباق الرئاسة بالولايات المتحدة بعد 40 عاما quot;. واضافت نورتون quot; اذا اردت ان تلخص الارث الذي انتجه كينغ سيكون من الصعب ايجاد مثال افضل من اوباما quot;. ويصادف اليوم ذكرى اغتيال مارتن لوثر كينغ في الرابعه من ابريل 1968 وهو على شرفة الغرفة رقم 306 من فندق لورين في مدينة ممفيس بولاية ميسيسيبي ما ادى الى اضطرابات في انحاء الولايات المتحدة حينها. من جهته رأى الباحث في معهد (بروكينغز) وليام غالستون ان quot;باراك اوباما يقف على اكتاف مارتن لوثر كينغquot;.

واعتبر غالستون ان اوباما هو من الجيل الجديد من القادة السود الذين يلعبون بشكل متزايد دورا رئيسيا في السياسة الأميركية وهو الجيل الذي قطف اولى فوائد انجازات حركة الحقوق المدنية في الستينات. وقال ان quot;أميركا تغيرت بشكل هائل وتحولت المواقف العامة بوضوح في الاعوام ال40 الاخيرةquot;.

لكن هولمز اعتبرت ان الافارقة الأميركيين quot;ساخرونquot; من فكرة استعداد الأميركيين البيض لانتخاب رئيس اسود مشيرة الى ان البيض يميلون الى قول هذا الامر في استطلاعات الرأي ولكن حين يأتي موعد التصويت تأتي النتائج اقل من التوقعات. واضافت هولمز quot;في نهاية الامر كل الشعب الاسود عاش في بلد قال ان كل الناس فيه متساوون ولكن لم يتغير هذا الامر حتى عام 1964quot;.

وأضاف غالستون الذي عمل كمستشار للرئيس الاسبق بيل كلينتون ان اوباما يقترح quot;تحولا حقيقيا من جيل الى جيلquot; بحيث يميز بين جيل موسى اي كينغ ورفاقه وجيل يوشع اي اوباما ورفاقه. وكان اوباما ذكر هذه القصة من العهد القديم في خطاب له في سبتمبر 2007 مشيرا الى ان موسى قاد شعبه الى الارض الموعودة اي الحقوق المدنية ولكن يوشع انهى المهمة بالمشاركة في النظام الأميركي.

واوضح غالستون quot;ان اوباما يصنع نسخته الخاصة من مطلب كينغ الشهير ان يتم الحكم على الناس لمحتوى شخصيتهم وليس لون بشرتهمquot;. وتحدثت هولمز عن بروز قيادات سود بكل القطاعات في مرحلة ما بعد لوثر كينغ واضافت quot;ان احدى اعظم تطورات حركة الحقوق المدنية هو اللا مركزية في قيادة السودquot;.

وقد توجت انجازات وجهود هذه الحركة باقرار ثلاث تشريعات رئيسية هي قانون الحقوق المدنية في عام 1964 وقانون حق التصويت في عام 1965 وقانون السكن العادل في 1968 . ووافقت هولمز على ان الاهداف الرئيسية لهذه الحركة تحققت وهناك اليوم مساواة في الحقوق بين البيض والسود لكنها اضافت quot;وعد مارتن لوثر كينغ الذي لم يتحقق هو في معالجة التفاوت الكبير في المدخول بين العرقينquot; مشيرة الى ان هذا الامر ينعكس في التعليم والصحة ومعدل الوفاة.

ويشير تقرير اعدته جوليا اسحاق من معهد بروكينغز في نوفبر 2007 الى ان معدل مدخول العائلات السود التي تتراوح اعمارها بين 30 و39 عاما يشكل 58 بالمئة فقط من معدل مدخول العائلات البيض لعام 2004 . وذكرت الباحثة ايضا ان الاولاد السود ينشأون في عائلات لديها مدخول اقل من الاولاد البيض.

ورأت هولمز ان quot;هذا التفاوت بين البيض والسود غير مقبول ولا يمكن تبريره 40 عاما بعد وفاة مارتن لوثر كينغquot;. ويعتبر كينغ من صانعي هوية السود في التاريخ الحديث وهو الذي دعا الى المشاركة في النظام لتغييره وليس الانفصال عنه وهي رؤية اختلفت عن نظرة مالكوم اكس الراديكالية لنضال السود. وقاد هذا الواعظ الانجيلي المسيرة من اجل فرص العمل والحرية على ادراج المجمع القومي في واشنطن عام 1963 حيث القى خطابه التاريخي quot;لدي حلمquot; امام 250 ألف مشارك واصبح في عام 1964 الشخص الاصغر سنا الذي يحصل على جائزة نوبل للسلام لجهوده في انهاء التمييز العنصري.

وبعد تعرضه لتهديدات قبل رحلته الجوية الى ممفيس قال كينغ في ايامه الاخيرة قبل وفاته quot;مثل الجميع اريد ان اعيش حياة طويلة لكنني غير مهتم بهذا الان اريد فقط ارادة الله وهو سمح لي بالصعود الى الجبل ونظرت من فوق ورأيت الارض الموعودة وقد لا اصل معكم اليهاquot; في اشارة الى المرحلة التي يتساوى فيها البيض والسود في المجتمع الأميركي.

وما يزال سيناريو اغتيال كينغ لغزا في التاريخ الأميركي وهناك الكثير من نظريات المؤامرة التي تحوم حول هذه الحادثة تورط في بعض الاحيان سلطات محلية وفدرالية لا سيما بعدما برأت عائلة كينغ في عام 2007 المتهم الوحيد الذي صدر حكما بحقه وهو جايمس ايرل راي ولكن لا يوجد حتى الان اي نظرية صالحة بديلة عن هوية القاتل وتخطيطه.

وقالت هولمز انه رحل مع كينغ في عام 1968 قيادته ووصفته بأنه quot;اعظم قائد لحقوق الانسان في القرن ال20quot; واعتبرت انه لو بقي حيا quot;لكان أخذنا خطوات الى الامام اكثر مما وصلنا اليهquot;. ولم تنس هولمز التذكير بأن كينغ كان من ابرز المعارضين لحرب فييتنام مقارنة بينها وبين حرب العراق اليوم التي اعتبرتها quot;حتى اسوأ منها في انواع شتىquot;.