عشرات الجرحى في بريان والسلطات تفرض حظرا للتجوال
الجزائر: انتقادات لرئيس الحكومة لفشله في إخماد الفتنة

سليمان بوصوفه من لندن: عادت أعمال الشغب إلى مدينة بريان الواقعة على بعد 550 كيلومترا جنوب شرق العاصمة مخلّفة عشرات الجرحى، إثر انطلاق شرارة العنف عقب صلاة الجمعة بتراشق الحجارة وحرق المحلات والسيارات، فيما سمعت اصوات إطلاق نار في حي quot; كاف حمودة quot; الشعبي. السلطات الجزائرية كثفت من تواجدها الأمني في المدينة وأرسلت ألفا من قوات الشرطة والدرك والجيش من المدن المجاورة إلى بريان لإعادة الهدوء والاستقرار وقد باشرت حملة مداهمات واسعة اعتقلت خلالها عشرين شابا، وفرضت حظر التجول ليلا على المدينة. من جهتهم دعا شيوخ الإباضية والمالكية الشباب إلى التعقل والتآخي، وإلى (عدم الوقوع فريسة في أيدي الجهات الخفية التي تريد تعفين الوضع). أعمال الشغب التي اندلعت ليلة المولد النبوي بين شباب من الإباضية الأمازيغ وبين المالكية من العروش العربية وأسفرت عن مقتل شاب إباضي أرجعها الكثيرون إلى أصحاب النفوذ في المنطقة وبارونات الفساد والمخدرات الذين تخفوا وراء المذهبية والطائفية، راجع تغطية إيلاف لاندلاع الأحداث http://www.elaph.com/ElaphWeb/Reports/2008/3/314968.htm.

الحكومة والفشل في إخماد الفتنة:

إثر اندلاع شرارة العنف قبل أسبوعين قام رئيس الحكومة الجزائرية عبد العزيز بلخادم بزيارة مفاجئة إلى المدينة بأمر من رئيس الدولة مصطحبا معه وزير التضامن وبعد لقائه عائلة القتيل الإباضي الشاب (لعساكر علي) وبعض أعيان المنطقة من الطائفتين، أعلن أن فتنة بريان قد أُخمدت، لكن العنف سرعان ماعاد إلى شوارع المدينة التي سحبت منها السلطات قوات الشرطة والدرك.

غياب المحاسبة وراء الاحتقان الشعبي:

دعا أعيان وشيوخ الإباضية إلى محاكمة مدبري و منفذي عملية اغتيال الشاب (لعساكر) في هذه الأحداث وإعادة محاكمة كل من تورط في قتل عدد من معتنقي المذهب الإباضي، وعلى رأسهم (دادي عدون ناصر) وابنه، الذين سقطا في أحداث بريان قبل سنوات، وكذلك الفلاح (اشقبقب بكير)، فجميع القتلة استفادوا من إطلاق سراحهم بعد أشهر من حبسهم بعد تدخل المتنفذين في عملية سير القضاء. وطالب أعيان الإباضية أيضا إلى محاكمة كل المتورطين في حرق وسلب المحلات التجارية والشركات التي يملكونها وإلى تعويضهم من طرف الدولة كما دعوا إلى تجريد مجموعات شبانية تنتمي إلى قبائل عربية من السلاح.

شخصنة الأحداث وراء الإفلات من العقاب:

عبّر ممثلون عن السكان عن استيائهم من الإشاعات التي نشرتها بعض الصحف المحلية من أن قتل الشاب (لعساكر) كان مجرد جريمة شرف، وتصفية حسابات ما اضطر عائلة القتيل إلى رفع دعوى قضائية على جريدة (النهار الجديد) في محكمة حسين داي بالعاصمة لنشرها مثل هذه الإشاعات، أما مدير تحرير جريدة (الواحة) المحلية فاعتبر أن سفير الجزائر لدى المغرب، الجنرال العربي بلخير هو من يقف وراء تحريك هذه الأحداث وذلك لحماية مصالحه الضخمة في المنطقة، مستعملا تلك الجريدة كمنبر إعلامي لتمرير الإشاعات.
الأحزاب السياسية وفتنة بريان أو (دارفور الجديدة).

حزب جبهة القوى الاشتراكية اعتبر أن ما يحدث في بريان ما هو إلا تحضير ل(دارفور جديدة) وأشار بيان للحزب إلى (التماطل والتراخي والتهاون من قبل الأجهزة الأمنية منذ بداية الأحداث) وتحدث عن (عدم التعامل بجدية مع الأسلحة النارية المنتشرة عند طائفة من المواطنين رغم عدم قانونيتها وخطورتها). أما حزب جبهة التحرير الوطني فقال (المواجهات التي نشبت لا تمثل على الإطلاق حالة الأخوة الموجودة بين مواطني الولاية)، وأشار نائب الحزب عن المنطقة إلى أن (كل مناضلي الحزب يتحدون في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة).

النائب عن المنطقة في حزب النهضة السيد بوباكر بن صالح حمّل وزارة التربية مسؤولية إثارة النعرات المذهبية واستشهد بكتاب التاريخ للسنة الثانية ndash;متوسط- الذي يصف الإباضية بالخوارج، داعيا إلى إعادة النظر في مثل هذه المغالطات التي تروج للعنف. غير ان النائب في نفس الوقت أرجع الأحداث الاخيرة إلى المصالح المادية لأشخاص لاعلاقة لهم بالمذاهب الدينية.