كتاب يرصد كفاح شيعة العراق من أجل السلطة
الولايات المتحدة إستخفت بالصدر ثم حاولت قتله

ترجمة محمد حامد ndash; إيلاف: لا يعرف أحد تمامًا ماذا يفعل مع مقتدى الصدر، ذلك الشاب الشيعي ورجل الدين الأصولي الذي ظهر فجأة بعد إسقاط نظام صدام حسين. وهناك تساؤلات عدة لا تجد إجابات شافية حول ظاهرة quot;مقتدى الصدرquot;، فهل هو صورة مكررة من البطل الذي تصنعه الصحافة؟ أم هو من يحارب طواحين القوة الأميركية؟ أم أنه القائد والمنقذ الذي يحرك الجماهير الغفيرة في العراق؟ تلك التساؤلات وغيرها طرحها كتاب حول كفاح الشيعة في العراق للوصول إلى السلطة والدور الحالي الذي يقوم به quot;الصدرquot;. فمع تزايد الكفاح المسلح بين الشيعة العراقيين، ومع تراجع الميليشيات العسكرية في البصرة، ظهر كتاب باتريك كوكبيرن. وتقول quot;الإيكونوميستquot; في عرضها للكتاب إنه لا يرقى إلى مرتبة سيرة حياة، بل يتحدث عن شخصية محورية لا تظهر على مسرح الأحداث حتى الفصل التاسع، وحتى ذلك الوقت فهي تظل تتعذب وتتأرجح لكونها مختفية بلا حياة.

إن هذا الكتاب الذي يصور كفاح الشيعة العراقيين من أجل السلطة، قد عانى مؤلفه في رسم صورة متكاملة للأحداث التي حاول رصدها. ولا تعني قصة مقتدى أي شيء دون معرفة أهمية مدن النجف وكربلاء المقدسة في الضمير الجماعي للشيعة، كما أن الكتاب لم يتعرض كثيرًا للقمع الذي كان يمارسه صدام ضد الشيعة، وقصة اغتيال والد الصدر ووالد زوجته.

وينظر كوكبيرن بعين المراسل إلى التفاصيل وعبث القوة. حيث رأى أن صدام نموذج لجوزيف ستالين وقد كان مفتاح شخصيته هو العبث الساخر. ويقول كوكبيرن إن الأميركيين قد استخفوا كثيرًا بظاهرة الصدر، وقد كانت النتائج مفجعة. فقد اشمئز بول بريمر، الحاكم الأميركي السابق في بغداد، من الصدر مما أثار رد فعل شيعي عنيف، كما يعتقد كوكبيرن أن هناك دليلاً على أن الأميركيين حاولوا فيما بعد أن يقتلوا الصدر بعد ثورته الثانية ضدهم في عام 2004.

ويعد الصدر بكل تأكيد مناوئًا عسكريًا للأميركيين، ولكنه إذا لم يكن أكثر من زعيم للمتمردين الشيعة المقاتلين للمتمردين السنة في تنظيم القاعدة، فلن تكون له أي قيمة حقيقية. إن الموضوع المعقول الأساسي للكتاب هو أن رجل الدين الشاب هذا قد تعلم من أخطائه. فبعد محاولتين لمواجهة القوة الأميركية في شكل عصيان هش، قرر أن يدخل العملية السياسية التي سخر منها من قبل. فقد شاركت حركته في انتخابات عام 2005، وفازت بأكبر كتلة ndash; 32 مقعدًا ndash; وسط 275 من أعضاء البرلمان وحققت سيطرة من خلال عدد من الوزراء مما عزز كثيرًا من قوته.

وتضع الأحداث الأخيرة أفكار هذا الرجل تحت الاختبار، حيث ما زال رجل الدين الشاب هذا شخصية غامضة: فهو بشكل أساسي يعد جزءًا من العملية السياسية، ومع ذلك فهو على الجانب الغريب منها. ولم يلق كتاب كوكبيرن الضوء على الأعمال الوحشية لميليشيا الصدر، جيش المهدي. ففي فبراير عام 2006، فجر المتطرفون السنة، القبة الذهبية الشهيرة لضريح الإمام العسكري، وهو مكان شيعي مقدس في سامراء.

وقد رد جيش المهدي بأعمال عنف انتقامية ساعدت على دفع العراق في حرب أهلية. وقد ساعد وقف إطلاق النار الذي أعلنه الصدر في الصيف الماضي على إخماد العنف الطائفي، مما أكسبه ثناء كبيرًا من قيادات الجيش الأميركي. ولكن الآن، وبسبب تحول الكفاح الشيعي إلى شيء مرعب، فإن وقف إطلاق النار هذا أصبح أكثر عرضة لخطر الانهيار.

وفي قلب قصة كوكبيرن يوجد رجل يمتطي ظهر نمر. إنه يشير إلى قوة مقتدى على حشد الجماهير الشيعية، وملايين الغاضبين والفقراء الذين لا يمثلهم شخص آخر غير مقتدى في العراق. وقد علم مقتدى الخطر لو فقد قدرته على السيطرة عليهم مما يقلل من قدرته كصانع للمشاكل.

ويرى الكاتب انه اذا عاد مقتدى الصدر إلى العصيان المفتوح، فسوف يدمر ادعاءاته بالزعامة الوطنية. وإذا تمسك بالعمل السياسي، فإن حركته قد تنشق على نفسها. وأي من الخيارين له نتائج ضارة على مستقبل العراق.