الحكيم: العمليات الأمنية زادت من قوة الإئتلاف الشيعي
الصدريون مربكون ومهلة تسليمهم لأسلحتهم تنتهي اليوم
أسامة مهدي من لندن:
بين نفي وتأكيد حول استشارة الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر لمرجعيات الشيعة الكبار حول حل جيش المهدي التابع له، يبدو التيار الصدري مربكًا في مواجهة توحد القوى السياسية في موقفها الداعي لهذا الحل أو عزل التيار سياسيًا... بينما تنتهي اليوم مهلة العشرة أيام التي حددها رئيس الوزراء نوري المالكي لمسلحي التيار بتسليم اسلحتهم وسط تهديدات بعمليات مسلحة جديدة ترغمهم على التخلي عن اسلحتهم، على الرغم من تأكيد قادة التيار رفض هذا الأمر باعتبارها اسلحة لمقاومة المحتل.
وقد تميزت تصريحات مسؤولي التيار الصدر بالتناقض الواضح خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية في ردهم على مطالب حل جيش المهدي بين القول إن الأمر راجع الى المرجعيات الشيعية الكبيرة لتنفيذ هذا الطلب وبين التأكيد على ان الصدر لا يفكر حاليًا بحل الجيش، وإن الأمر سابق لأوانه. وفي تصرحات له قال الشيخ صلاح العبيدي المتحدث باسم التيار الصدري ان جيش المهدي لا يتلقى اوامره، إلا من الصدر والمرجعيات الدينية الكبيرة التي يستشيرها، وفي حال طلبت المرجعيات حل جيش المهدي بالتأكيد سينفذ الطلب. وأكد أن مسألة حل جيش المهدي ليست من صلاحيات المالكي ليطلب ذلك كشرط اساسي ليخوض التيار الصدري انتخابات مجالس المحافظات المتوقع اجراؤها في الاول من تشرين الاول (اكتوبر) المقبل.

لكن العبيدي عاد الليلة الماضية وبعد ساعات من تصريحه ذلك الى نفي قيام الصدر باحالة موضوع حل جيش المهدي الى المرجعيات الدينية في النجف واصفًا ما تناقلته وكالات الانباء بهذا الصدد بأنه quot;كلام سابق لأوانهquot; كما ابلغ وكالة انباء اصوات العراق. ومن جانبه نفى النائب عن الكتلة الصدرية صالح العكيلي ايضًا تَوَجُّه أي وفد من التيار الصدري الى محافظة النجف من اجل التباحث مع المرجعيات حول حل جيش المهدي وقال quot;لا توجد صحة لهذه الانباءquot;.

وكان المالكي قد شدد أمس على أن القرار اتخذ، وليس لديهم الحق في المشاركة بالعملية السياسية او في الانتخابات المقبلة ما لم يضع الصدر نهاية لجيش المهدي. وطالب المجلس السياسي للامن الوطني الذي يضم اعضاء الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة ومجلس النواب وقادة الكتل السياسية السبت الماضي الاحزاب بحل ميليشياتها اذا ارادت المشاركة في الانتخابات والعملية السياسية. لكن التيار الصدري رد على ذلك مؤكدًا أن المشاركة في الانتخابات حق يكفله الدستور رافضًا الطلب. وقال لواء سميسم رئيس الهيئة السياسية في التيار الصدري ان quot;المشاركة في الانتخابات حق كفله لنا الدستور ونحن من يقرر المشاركة من عدمهاquot;. وأكد انه ليس هناك نص دستوري يسمح للحكومة اتخاذ مثل هذه القرارات . وقال ان مجلس الامن الوطني استشاري وليس تنفيذيًا ولم يتشكل بناء على الدستور وquot;قراراته غير ملزمة لنا ولا لغيرناquot;.

وتأسس جيش المهدي وهو الجناح العسكري للتيار الصدري الذي يتزعمه في تموز(يوليو عام 2003) وتعتمد بنيته الاساسية على مقلدي واتباع السيد محمد محمد صادق الصدر الذي اغتالته المخابرات العراقية عام 1999 في مدينة النجف. ودخل جيش المهدي في معركتين كبيرتين مع الجيش الاميركي والقوات الحكومية في شهر نيسان (ابريل) عام 2004 واب (اغسطس) عام 2004 قبل ان يصدر زعيمه مقتدى الصدر امرًا بتجميد نشاطاته في شهر اب (اغسطس) الماضي لمدة ستة اشهر وقرارًا اخر في شباط (يناير) الماضي بتمديد التجميد لستة اشهر اخرى .
وتبدو القوى السياسية مصرة على تجريد جيش المهدي من سلاحه، حيث اكد زعيم الائتلاف العراقي الشيعي الموحد الليلة الماضية عقب اجتماع مع المالكي أن العملياتِ الامنيةَ الاخيرةَ في البصرة زادت من تلاحمِ القوى السياسيةِ الوطنيةِ لبناِءِ دولةِ القانونِ والمؤسسات.

وبحث الحكيم مع المالكي خلال اجتماعهما quot;تطوراتِ الاوضاعِ الامنيةِ في عمومِ مناطقِ البلادِ والدعمَ السياسيَ والجماهيريَ للحكومةِ في مطاردة ِالجماعاتِ المسلحةِ الخارجةِ على القانونquot; كما قال بيان رسمي. وقال الحكيم عقب الاجتماع quot;إن العمليةَ الامنيةَ الاخيرةَ زادت من قوةِ الائتلاِفِ العراقي الموحد فيما كشفت ايضًا عن توافق ِالكتلِ السياسيةِ الوطنية ِفي تنفيذِ مبادئ الدستور ِالقائمةِ على رفضِ التشكيلاتِ المسلحةِ خارجَ نطاقِ الدولةquot;.
ومن جانبه، أكد المالكي أن الاجهزةَ الامنيَة ستلاحقُ جميعَ الخارجين على القانون فورَ انتهاءِ مهلةِ العفوِ الصادرِ بحقِهم يومَ غد (اليوم الثلاثاء). وقال إن ما حصلَ حتى الان خطٌ فاصلٌ في تاريخِ العراق يمهدُ لعودةِ النظاِمِ والقانونِ الى انحاءِ البلاد.
وكان المالكي قد مدد مطلع الاسبوع الحالي مهلة تسليم جيش المهدي لأسلحته الى اليوم quot;حرصًا من الدولة على اعطاء فرصة لعدم التعقب والمساءلة القانونية، فإنه على جميع حائزي الاسلحة الثقيلة والمتوسطة تسليم اسلحتهم للجهات الامنية وذلك مقابل مكافأة مالية ابتداءً من الثامن والعشرين من اذار الجاري ولغاية الثامن من نيسان المقبلquot;.

وتسود مخاوف من تجدد المواجهات بين القوات الحكومية وجيش المهدي اليوم مع انتهاء مهلة المالكي وتأكيد التيار الصدري رفض التخلي عن اسلحته واصرار الحكومة على حل المليشيات ونزع اسلحتها. وكانت المواجهات التي شهدتها بغداد والبصرة ومدن جنوبية عراقية خلال 6 ايام من المعارك الدامية مؤخرًا، قد أدت الى سقوط 700 قتيل و1500 جريح .

ويرى مراقبونأن هذه المواجهات التي تشهدها مناطق مختلفة من العراق هي استباق للصراع الذي ستشهده استعدادًا للانتخابات المحلية المقبلة وخاصة في محافظات الجنوب الشيعية حيث يتنافس على النفوذ هناك التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر والمجلس الاسلامي الاعلى في العراق بزعامة عبد العزيز الحكيم وحزب الدعوة الاسلامية بقيادة المالكي.

ويقول التيار الصدري إن الحملة العسكرية الحالية ضد اتباعه تهدف الى منعه من المشاركة الفاعلة في هذه الانتخابات ومنعه من السيطرة على مجالس عدد من المحافظات الجنوبية حيث قاطع التيار الانتخابات الماضية التي جرت عام 2005، مما ادى الى سيطرة انصار المجلس الاعلى وحزبي الفضيلة والدعوة على هذه المجالس.