عبر عن أمله في إعلان حكومة عراقية جديدة خلال أسبوع
طالباني: إتفاقيتنا مع أميركا تكرس تحالفنا وتحررنا من الإحتلال

أسامة مهدي من لندن: اعلن الرئيس العراقي جلال طالباني انه ورئيس الوزراء نوري المالكي يجريان حاليا مباحثات مع قادة الكتل السياسية المنسحبة من الحكومة من اجل عودتها اليها متوقعا ان يتم ذلك خلال اسبوع واحد داعيا التيار الصدري الى الاسراع بحل جيش المهدي والعمل على تحقيق مطاليبه سياسيا واكد ان بلاده تعمل على وضع اتفاقية استراتيجية طويلة الامد مع الولايات المتحدة الاميركية تكرس تحالفهما وصداقتهما وتصون المصالح المشتركة للشعبين والبلدين وتحرر العراق من قيود الاحتلال المنصوص عليها بقرار دولي .

وقال طالباني في مؤتمر صحافي عقده في مقره الرئاسي في بغداد اليوم لمناسبة الذكرى الخامسة لسقوط النظام السابق ان يوم التاسع من نيسان ( ابريل ) عام 2003 سيدخل تأريخ العراق بوصفه يوم انهيار اعتى دكتاتورية شهدتها بلاد الرافدين ، وسقوط نظام سياسي جر الويلات على شعب العراق وشعوب المنطقة. و خلف وراءه مقابر جماعية تضم مئات الالوف من الابرياء وترك عراقاً مهدماً و محروماً من أبسط مقومات حياة عصرية لائقة بإنسان هذا العصر.

واكد انه quot;في هذا اليوم لم تسقط بغداد ، بل ان الشعب العراقي الذي عانى الامرين من جور صدام حسين وطغيانه رفض القتال معه او نيابة عنه، كما أن افراد القوات المسلحة أبوا أن يكونوا وقودا لمعارك في سبيل حكم اضطهدهم وجار عليهم وزجهم في اتون حروب دموية عبثية دمرت اقتصاد العراق واستنزفت موارده البشرية والمادية وخلقت حالة عداء مستحكم وارتياب شديد بينه وبين اشقائه وجيرانهquot;. وقال quot;لقد كان التاسع من نيسان كسرا لدائرة مغلقة كان نظام الاستبداد يستولد فيها نفسه وينوي ان يسلم راية الطغيان من جيل الى جيل، ولذا كان لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الاميركية الدور الابرز في مساعدة الشعب العراقي في إنفاذ مشيئته وتخليصه من نير سلطة الحيف والجورquot;.

واضاف طالباني quot;سنحفظ لاصدقائنا الاميركيين والبريطانيين ومن سائر دول التحالف مشاعر الود والامتنان لما قدموا وما زالوا يقدمون، من تضحيات بشرية ومادية في سبيل تثبيت الامن والاستقرار في ربوع العراق عاملين في الوقت ذاته على وضع اتفاقية استراتيجية طويلة الامد مع الولايات المتحدة الاميركية تكرس تحالفنا وصداقتنا وتصون المصالح المشتركة للشعبين والبلدين وتحرر العراق من قيود الاحتلال المقرر بقرار دوليquot;. واشار الى انالتاسع من نيسان لم يكن مجرد تبديل لنظام، بل انهاء لحقبة طويلة من الحكم الجائر وايذانا ببداية مرحلة التغيير والبناء بكل ما صاحبها ويصاحبها ويتخللها من مصاعب ومشاق وتضحيات.

واشار الى ان النظام السابق قد ترك ارضا سعى الى زرعها بروح الحقد والكراهية والعنف والتسلط، وخلّف بقايا اجهزة قمعية وامنية لطالما عانى منها شعبنا. وكانت العقود الماضية مرحلة فرض قسري للرأي الواحد بينما الصوت المعارض محكوم عليه بالالغاء السياسي والمعنوي والتغييب الجسدي. وقد كرس quot;قانونياquot; حكم الحزب الواحد الذي كان في واقع الحال تسلط عائلة وطغيان فرد، تُكرس له المنابر الاعلامية كلها ويتصرف على هواه بموارد الدولة ومصائر الشعب، لا يقيده دستور ولا حتى quot;قوانينquot; كان يستقي منها ما يشاء ويغير فيها كيفما اراد. وقال ان النظام السابق هو الذي خلق ميليشيات متسلطة باسم quot;فدائيي صدامquot; وquot;أفواج الجحوشquot;( المرتزقة ) وquot;جيش القدسquot; واجهزة حزبية واستخباراتية كانت تعمل خارج اطار الدولة ومن دون غطاء شرعي، لتضطهد وتصفي كل من ترتاب بعدم موالاته للنظام.

واوضح ان محاربة مثل هذا الارث الثقيل لم تكن بالامر الهين ، فقد استأنفت نشاطها بقايا الاجهزة التي زرعها النظام ، وتحالفت معها الفصائل الارهابية الوافدة وعلى رأسها القاعدة ، كما ان قوى اقليمية متنفذة كانت تدعم كل العمليات الرامية الى زعزعة الوضع الجديد في العراق.

واكد الرئيس العراقي ان سقوط النظام السابق فتح افاقا عريضة امام الشعب العراقي ، فقد اتيحت حرية العمل السياسي والحزبي والنقابي وانطلقت الصحافة الحرة وعملت منظمات المجتمع المدني ، وبدأ ارساء دعائم النظام المؤسساتي بانتخاب جمعية وطنية تولت وضع دستور دائم طرح على استفتاء عام وحظي بموافقة الشعب ، وعلى أساسه جرت انتخابات برلمانية اسفرت عن قيام مجلس نواب انبثقت منه رئاسة الجمهورية وشكلت حكومة وحدة وطنية برئاسة الاخ نوري المالكي ضمت ممثلي الجميع غداة تشكيلها quot;وكان لمسيرة شعبنا ان تمضي بوتائر اسرع لولا شراسة الهجمة الارهابية والتدخلات الاقليمية ولولا الصعوبات التي اكتنفت عملية التوصل الى اجماع وطنيquot;.

واضاف ان الاجتماع الاخير الذي عقده المجلس السياسي للامن الوطني قبل ايام ، كان نقلة تأريخية واستكمالا منطقيا لعملية بناء الدولة . فقد حصل اجماع وطني فريد على تكريس فكرة الدولة المؤسساتية التي تقبل تعددية الفكر ولكنها تتمسك بمبدأ المرجعية الواحدة للسلاح فالاختلاف في الرأي متاح لكن استعمال القوة حكر على الدولة ومؤسساتها . واوضح انه استرشادا بهذه الافكار والقناعات ركنت القوى السياسية خلافاتها الثانوية جانبا ودعمت الحكومة في مواجهتها الحازمة مع الخارجين على القانون وعلى الاجماع الوطني.

وقال طالباني quot;نحن الان في سبيلنا الى اعادة تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية برئاسة الاخ المالكي تتولى ترسيخ ركائز الديمقراطية وتعمل على التصدي للفوضى واشاعة هيبة القانون وسلطة الدولة، وتنفذ مشاريع اعادة الاعمار وتكافح مظاهر الفساد الاداري والمالي والمحسوبية وغيرها من المظاهر التي تعيق تحركنا نحو عراق الديمقراطيةquot;. واضاف ان بيان المجلس السياسي للامن الوطني (السبت الماضي) مع سابقه بيان القادة الخمسة في آب الماضي يشكلان خارطة طريق للعمل الوطني الموحد و المتحد و يبشران بربيع جميل. وقال quot;ها نحن نقبل على ربيع بغداد السياسي الجديد فلنسرع في تنفيذ بنود البيان في اعادة ممثلي القوى السياسية المنسحبة الى وزارة الوحدة الوطنية التي يرأسها الاخ المالكي خاصة وان بنود بيان القادة الخمسة تتضمن جميع الاهداف المرجوة في المشاركة الحقيقية في ادارة الدولة و القيادة المشتركة وان القوانين الصادرة لبت الكثير من مطاليب القوى السياسية المعارضة .. فالى اسهام الجميع في ربيع بغداد الجديد ادعو الكتل البرلمانية و جميع القادة و المخلصينquot;.

واشار الرئيس العراقي في الختام قائلاquot;ان احدا لن يتمكن من إلغاء ذاكرتنا ومحو الصفحات المظلمة من تأريخنا ، لكننا نعمل بوحي من روح التسامح والطموح الى اشاعة روح المحبة والتفاهم ونتعود الاصغاء الى الرأي الاخر ونحتكم الى الحجة وصناديق الاقتراع رافضين اللجوء الى التسلط والاستبداد والعنف، ساعين الى بناء عراق ديمقراطي اتحادي تعددي موحد يحيا ابناؤه على اختلاف قومياتهم واديانهم ومذاهبهم في ظل القانون الذي يمنع أي استئثار اوتهميش و يكفل للمواطنين المساواة والفرص المتكافئة ويحفظ لهم كرامتهم ويوفر مناخات الحرية والتقدم والازدهارquot;.

وفي اجابته على اسئلة الصحافيين اوضح طالباني انه يجري مع رئيس الوزراء السابق اياد علاوي من اجل عودة كتلة القائمة العراقية التي يتزعمها الى الحكومة بعد ان سحبت وزراءها الخمسة منها العام الماضي . واوضح انه سيتلقى من علاوي غدا تصورات قائمته ومطالبها لعودة وزرائها . واضاف ان اجتماعا يعقد اليوم بين المالكي ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي احد قادة جبهة التوافق السنية من اجل ترتيب عودة الجبهة الى الحكومة ايضا بعد ان كانت قد انسحبت منها الصيف الماضي . واوضح انه سيواصل اتصالاته مع التيار الصدري من اجل عودته الى الحكومة التي تركها في نيسان (ابريل) الماضي ومع حزب الفضيلة لإقناعه بالمشاركة في الحكومة الجديدة بعد رفضه الاشتراك في الحكومة الحالية .

وتوقع طالباني ان يتم على ضوء ذلك تشكيل حكومة جديدة للوحدة الوطنية برئاسة المالكي خلال اسبوع . وعما اذا كانت هذه الكتل ستعيد الى الحكومة وزراءها السابقين ام ترشح وزراء جدد اشار الى انه من المهم ان يكونوا وزراء اكفاء ويعملون للعراق وليس لاحزابهم . واضاف الرئيس العراقي ان هذه الاتفاقات تشكل ربيعا سياسيا للعراق من اجل وطن موحد يسوده الحوار والمحبة ورفض التسلط والقمع لبناء عراق ديمقراطي تعددي فيدرالي يكفل المساواة للمواطنين ويضمن حريتهم وحقوقهم .

واكد طالباني ان القوى السياسية قد رفضت الاحتلال منذ بدايته او اعتبار العراق بلدا محتلا ولذلك فهي قد سارعت لإجراء انتخابات عامة وتشكيل مجلسي الرئاسة و النواب .. وقال ان الحكومات المتعاقبة استعادت 95% من السيادة العراقية وهي تعمل الان على اخراج العراق من البند السابع لمجلس الامن الذي يعتبره بلدا مارقا ويقيد تحركاته وعلاقاته وكذلك انهاء كل ما يتعلق بالاحتلال . وقدم طالباني تصورا متفائلا لمستقبل العراق واشار الى ان الحريات التي يتمتع بها العراقيون حاليا لايشهدها اي بلد اخر في المنطقة .