أجمعت على أن تغييرًا دراماتيكياً طرأ على موقف قادتها
التهدئة مع حماس تحتل أجندة الصحافة العبرية

خلف خلف من رام الله: تنكر إسرائيل رسميًا، قرب التوصل لتهدئة مع حركة حماس، ولكن هذه القضية وما يحيطها من هالة وتحركات دبلوماسية، تحتل منذ عدة أيام أجندة الصحافة العبرية. وينشغل كتابها ومحللوها في تشخيص موقف حماس من الطروحات والمبادرات التي قدمها الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر في هذا الخصوص، وما تبعها من اجتماعات عديدة لقادة حركة حماس في الداخل والخارج، احتضنتها القاهرة ودمشق. وتكاد الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم الثلاثاء تجمع على أن تغييرًا دراماتيكياً طرأ على موقف قادة حماس بخصوص المساعي المبذولة لتحقيق التهدئة. فالخبر الرئيس لصحيفة هآرتس جاء تحت عنوان: quot; إسرائيل تشخص تغييرا معينا في موقف حماس من التهدئة في القطاع quot;.

وبحسب الصحيفة فأنهم في إسرائيل يعزون الانعطافة المتبلورة في موقف حماس إلى الضغط الاقتصادي والعسكري على القطاع. وتقول الصحيفة: quot;رغم محاولة حماس تنفيذ عملية واسعة في كرم سالم، يوم السبت، اكتفى الجيش الإسرائيلي حتى الآن برد محدود في القطاع. والأمر يرتبط بالرغبة في منع التصعيد في فترة الأعياد اليهودية، ولكن يحتمل أنه ينبع أيضا من استئناف الوساطة المصريةquot;.

ويعتقدون في إسرائيل أن خلافات عديدة تعصف في الدوائر المغلقة لحركة حماس بخصوص موضوع التهدئة، وبحسب صحيفة معاريف الصادرة اليوم الثلاثاء فأن اللقاءات الداخلية للحركة التي عقدت مؤخرًا في دمشق بين قادة حماس، شهدت خلافات في الرأي بين رئيس المكتب السياسي خالد مشعل، والقيادي البارز في الحركة محمود الزهار.

وتحت عنوان quot;حماس تعرض: الخلافquot;، كتبت معاريف، تقول: quot;الخلافات المركزية هي بين خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس وبين محمود الزهار، المسؤول الكبير في المنظمة في غزة. مشعل، الذي يعتبر بشكل عام متطرفا في مواقفه، كان يعتقد أن على حماس أن تطلق رسائل quot;لينةquot; أكثر. أما الزهار، بالمقابل، فمثل موقف غزة، عارض بحزم كل حديث quot;عن استسلامquot;. وتشير التقديرات في إسرائيل أن الخلاف داخل حماس عصف في أعقاب زيارة كارتر، والذي لا يرغب مشغل في إفشال زيارته، وإنما يريد استغلالها ليثبت للغرب أن حركته لا تشكل عائقًا في وجه تهدئة الخواطر.

ومن جانبه، يطرح المحلل السياسي الإسرائيلي آفي يسسخروف تساؤلاً، حول مدى قدرة مشعل على فرض تهدئة على الجناح العسكري لحركة حماس في غزة. ويقول يسسخروف في مقال تحليلي تحت عنوان quot;معضلة مشعلquot;: quot; كان لرئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل أسباب وجيهة لرفض اقتراح الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر بوقف النار من جانب واحد لشهر أمام إسرائيلquot;.

ويضيف يسسخروف: quot;وفضلا عن المعاذير العادية. التي وفرها في المؤتمر الصحفي في دمشق أمس، في أن إسرائيل خرقت في الماضي حالات مشابهة من وقف النار، من المشكوك فيه أن يكون بوسع مشعل اليوم التأكد من أن الذراع العسكري لحماس بالفعل سيوقف نار الصواريخ نحو إسرائيل. وفضلا عن ذلك، فمن اجل فرض وقف نار كهذا، ستضطر حماس إلى استخدام النار ضد الفصائل النظيرة، كالجهاد الإسلامي ورجال المقاومة الشعبية. quot;التهدئةquot; أحادية الجانب دون مقابل حقيقي من إسرائيل مثل فتح المعابر، ليست منتجا يمكن لقيادة حماس أن تسوقه على رجالها، وبالتأكيد ليس للمنظمات المتطرفة الأخرىquot;.

أما الكاتب الإسرائيلي دوف فايسغلاس، فيعتبر أن عدم وجود سياسة إسرائيلية حازمة وقاطعة تجاه حماس هو إخفاق كارثي. قائلاً: quot;ليس حكم حماس في القطاع خطراً وجودي فحسب، فإذا لم يصد ويحسم فسينتشر إلى (الضفة الغربية) وسيفضي آخر الأمر إلى إقامة دولة فلسطينية فعلية يحكمها أشد أعداء إسرائيل تطرفاquot;

ويتابع فايسغلاس في مقال افتتاحي في صحيفة يديعوت عدد الثلاثاء، تحت عنوان: quot;.لا نحادث كل عدوquot;: في اليوم الذي سترفع فيه حماس رايتها في (الضفة الغربية) ستنتهي السلطة الفلسطينية بتركيبها الحالي، وسيختفي قادتها المشاركون في محادثة إسرائيل سياسياً وربما مادياً أيضا. وستلغى سلسلة الاتفاقات والتفاهمات والقرارات الدولية التي عقدت في السنين الخمسة عشرة الأخيرة. وسيتلاشى حلم السلام الإسرائيلي الفلسطيني تماماًquot;.

ويمضي قائلا: quot;يجب على إسرائيل أن تفهم أن مناضلة حماس تكاد تكون مسألة وجودية، وان حقارتها العسكرية ليست مزيّة بل مشكلة شديدة. يبين التاريخ أن إسرائيل أحسنت مواجهة التهديد العسكري للدول سواء أكان بالمواجهة الخفية وفشلت في مناضلة المنظمات الإرهابية التي تعمل على نحو مشترك مع السكان. هذا سر قوة حماس وجوهر خطرها: ففلسطين الحماسية لم تقض على دولة إسرائيل بل ستخرج روحها قطرة قطرةquot;.

ولا تقتصر الدعوات للتعامل بحزم مع حركة حماس على بعض الكتاب والمحللين الإسرائيليين، بل أن وزراء يؤيدون ذلك، ومنهم النائب الأول لرئيس الوزراء الإسرائيلي الوزير حاييم رامون، والذي يقترح قطع كل صلة بقطاع غزة ووقف توريد الغذاء عبر المعابر التي تهاجمها حماس.

ونقلت صحيفة يديعوت عن رامون قوله خلال محادثات مغلقة في أعقاب العمليات التي نفذتها الأجنحة العسكرية الفلسطينية ضد الجيش الإسرائيلي العامل على الشريط الحدودي مع القطاع أنه يتوجب على إسرائيل quot;أن تغلق كل المعابر إلى قطاع غزة وأن توجه ضربة بكل القوة التي تحت تصرف الجيش الإسرائيلي لدفع حكم حماس في القطاع إلى الانهيارquot;. ويعتقد رامون بان لإسرائيل كل المبررات لمثل هذه الخطوة، وذلك لان حماس مسؤولة عن الهجوم على المعابر ومحاولات ضرب الإسرائيليين الذين يحاولون نقل الغذاء والوقود الى السكان الفلسطينيين في القطاع. حسب زعمه.

كما أن رامون يقترح أن تنقل إسرائيل في المستقبل الوقود والغذاء إلى معبر نيتسانا ndash; إلى الأراضي المصرية ndash; لمنع المس بالإسرائيليين. ويذكر أن رامون كان اقترح قبل عدة أشهر تحذير حماس في قطاع غزة من أن إسرائيل سترد بالنار بلا تمييز على المناطق التي تطلق منها صواريخ القسام وقذائف الهاون ndash; حتى بثمن المس بالسكان المدنيين.

وهذا الاقتراح من رامون لم يقبل في المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي. ويعتزم رامون طرح اقتراحه الجديد بإغلاق المعابر في الجلسة القريبة القادمة للمجلس الوزاري. ويبرر الوزير الإسرائيلي طروحاته مشيرًا إلى أن تشديد الطوق على غزة سيقود لإحداث انهيار لحكم حماس، وستحل مكانه مع قدوم الوقت قوة دولية ndash; عربية مشتركة. ويقول رامون المقرب جدًا من رئيس الوزراء إيهود أولمرت: quot;quot;أنظمة اكبر واقوي من حكم حماس في القطاع انهارت في الماضي كنتيجة للعزلة الدوليةquot;. وحسب أقواله، التي نقلتها يديعوت ليس لدى حماس أي قدرة على العيش دون أنبوب الحياة لتوريد الوقود والغذاء من إسرائيل.

ويذكر أن أعضاء في لجنة الخارجية والأمن في الكنيست دعوا هم أيضا رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الأمن أيهود باراك لإغلاق المعابر في القطاع. ونقل عن نائب رئيس المخابرات السابق، إسرائيل حسون الذي ينتمي لحزب quot;إسرائيل بيتناquot; قوله: إن quot;الأحداث الأخيرة تستوجب تنفيذ فك الارتباط عن غزة ndash; وهذه المرة حقا. فنحن ملزمون بان نحمل الفلسطينيين على فهم ثمن اختيار حماس لمنع مسيرة مشابهة في (الضفة الغربية). من يتاجر بدم أبنائنا لن نتاجر مع بالوقود أو بأي منتج آخر. دماء أبنائنا أغلى من الأرز، السكر أو البندورةquot;.