مرض الكيمياوي غيبه عن رابع محاكمة لمسؤولي النظام السابق
طارق عزيز بدا هزيلاً والمحاكمة تأجلت الى 20 المقبل


لن احضر المحاكمة لوجود امر باعتقالي والاتهامات لعزيز ملفقة

أسامة مهدي من لندن: مثل نائب رئيس الوزراء العراقي السابق طارق عزيز للمرة الاولى مع 6 مسؤولين آخرين من كبار رموز النظام السابق اليوم امام المحكمة الجنائية العراقية العليا في بغداد في بدء جلسات محاكمتهم بتهمة المشاركة في إعدام 42 تاجرا عراقيا صيف عام 1992 والتي تدخل ضمن الجرائم ضد الانسانية وعقوبتها الاعدام في حالة الإدانة .. في حين تغيب علي حسن المجيد ابن عم الرئيس السابق صدام حسين عن الجلسة التي كانت قصيرة وذلك لسوء حالته الصحية.

طارق عزيز بدا هزيلا وجلس على كرسي صدام في قفص الاتهام

وقد تم تأجيل جلسة اليوم التي تأخر انعقادها 6 ساعات عن موعدها المقرر صباحا لأسباب وصفت بالفنية الى العشرين من الشهر المقبل وذلك بعد مثول المتهمين امام القاضي عدا المجيد الامر الذي قرر معه القاضي هذا التأجيل بسبب quot; عدم حضور جميع المتهمين quot;. وكان طارق عزيز (72 عاما) اول الداخلين الى قاعة المحكمة الكائنة في المنطقة الخضراء وسط بغداد وقد بدا هزيلاً ويسير ببطء ومتكئا على عكاز ويرتدي بدلة بنية ثم جلس على الكرسي الذي اعتاد أن يجلس عليه الرئيس السابق صدام حسين في قفص الاتهام خلال المحاكمات السابقة لإعدامه كما ابلغ صحافي حضر الجلسة quot;إيلافquot;.

وفور دخوله قال عزيز مخاطبا القاضي انه يريد توكيل محام اخر بدل محاميه السابق بديع عارف عزت الذي لن يتمكن من حضور المحاكمة لأسباب قال انها فنية . وكان عزت ابلغ quot;إيلافquot; امس انه لن يتمكن من حضور المحاكمة بسبب وجود أمر بإلقاء القبض عليه صادر من وزير العدل بسبب تصريحات سابقة هاجم فيها المحكمة . واشار الى انه كلف محاميا اخر يعمل في مكتبه بالدفاع عن عزيز بدلا منه لكنه اعتذر عن الافصاح عن اسمه لاسباب قال إنها امنية.

المجيد تخلف عن المثول أمام المحكمة لتدهور حالته الصحية

وقد مثل مع طارق عزيز والمتهمين الستة الاخرين امام المحكمة وهم كل من وطبان ابراهيم الحسن وزير الداخلية خلال تنفيذ عملية الاعدام بالتجار وسبعاوي ابراهيم الحسن مدير الامن العام للفترة بين عامي 1991 و 1995، وهما الاخوان غير الشقيقين لصدام حسين ومزبان خضر هادي أعضاء مجلس قيادة الثورة والقيادة القطرية لحزب البعث المنحلين وعبد حميد محمود سكرتير رئيس الجمهورية السابق، واحمد حسين خضير وزير المالية السابق بين عامي 1992 و 1995، وعصام رشيد حويش محافظ البنك المركزي منذ عام 1994 لغاية 2003.quot; ولم يتمكن علي حسن المجيد الملقب بالكيمياوي والمحكوم بالاعدام سابقا لدوره في عمليات الانفال لإبادة الأكراد من حضور الجلسة لسوء حالته الصحية إثر إصابته بنوبة قلبية الاسبوع الماضي بعد إضراب عن الطعام استمر ثلاثة ايام.

وترأس المحكمة القاضي رؤوف عبد الرحمن الذي حكم بالإعدام على الرئيس السابق صدام حسين عام 2006 بتهم إعدام 148 من سكان بلدة الدجيل شمال بغداد الذين اتهمهم بمحاولة اغتياله. وقد اعدم صدام في 30 كانون الاول (ديسمبر) من العام نفسه كما اعدم نائبه طه ياسين رمضان وبرزان ابراهيم الحسن الاخ غير الشقيق لصدام وعواد احمد البندر رئيس محكمة الثورة بعد فترة قصيرة لثبوت تورطهم في القضية ذاتها. وتعتبر هذه المحاكمة هي الرابعة التي تنظر فيها المحكمة الجنائية بعد نظرها في قضايا الدجيل لعام 1982 والانفال لابادة الاكراد بين عامي 1987 و1988 والانتفاضة الشعبية في جنوب العراق عام 1991.

حيثيات قضية إعدام التجار

وابلغ مصدر قضائي عراقي quot;ايلافquot; في وقت سابق ان عزيز الذي كان قد اكد خلال التحقيق معه عدم علاقته بجريمة اعدام التجار في الرابع والعشرين من تموز (يوليو) عام 1992 والتي عرفت انذاك بمذبحة التجار واشار عندما مثل امام المحكمة كشاهد في قضية الدجيل التي اعدم فيها الرئيس السابق صدام حسين إلى أنه قد رد في وقت سابق ازاء التهم الموجهة اليه وهي القتل العمد للعراقيين عام 1979 وعام 1991 قائلا quot;هل هي جنائية وهل قتلت شخصا او اعدمت احداquot; .. مؤكدا انه بريء ولم يرتكب اي جريمة والتهم الموجهة اليه باطلة.

واوضح ان مجلس قيادة الثورة السابق نفذ حكم الاعدام باثنين واربعين تاجرا كبيرا في الرابع والعشرين من تموز (يوليو) عام 1992 وحمل قرار الاعدام الذي وقعه رئيس النظام السابق صدام حسين تهم رفع الاسعار وعدم التبرع للمجهود الحربي والمضاربة في السلع في وقت كان العراق فيه تحت حصار اقتصادي . وقال إن هذه التهم كانت غطاء لاتهامات وجهت للتجار بحشد المواطنين ضد السلطة من خلال اقامة مآدب طعام يومية لفقراء الناس والتبرع للمساجد ما اعتبر توجها معاديا لها .. بالاضافة الى عدم دفع عمولات لعدي صدام حسين الذي كان يهيمن على الحياة التجارية في العراق عن تعاملاتهم التجارية حيث كان يتقاضى نسبة من ارباح الشركات والتجار.

وقال المصدر إن سلطات النظام السابق قامت قبل صدور قرار الاعدام باقتياد التجار من بيوتهم ومحالهم الى جهة مجهولة بعد ان تم ابلاغهم ان اجتماعاً ينتظرهم مع شخصيات مسؤولة في الحكومة وبعد يومين اعيدت جثثهم الى عائلاتهم بعد تنفيذ حكم الاعدام بهم من دون ذكر أي اسباب لذلك لكنه تم تحذير العائلات من اقامة مجالس للفاتحة على ارواحهم لأنهم quot;متهمون بالخيانة العظمى كونهم من التجار الجشعينquot; على حد قول السلطات . وقد تم إعدام عدد منهم وتعليقهم على اعمدة الكهرباء في بعض مناطق بغداد . واوضح ان من بين المعدومين تاجرين كبيرين هما الحاج رعد طبرة والحاج لطيف السامرائي اللذان عرفا بتوزيعهما معونات شهرية على عدد كبير من العوائل الفقيرة اضافة الى مساهمتهما في تأمين مصاريف حج بيت الله الحرام لعدد كبير من الناس.

نوع الجريمة التي يحاكم عليها المتهمون

واشار المصدر الى ان quot;نوع الجريمة التي يحاكم وفقها المتهمون تقع تحت مسمى جريمة ضد الانسانية وان زمان وقوع الجريمة كان ضمن سياسة منهجية لاعتقال التجار استمرت بين عامي 1992 و 1995 متضمنة إصدار أحكام بالاعدام وقطع الايادي والوشم بين الحاجبين ومصادرة الاموال المنقولة وغير المنقولة.quot; وقالإن quot;الادلة المتحصلة لادانة المتهمين هي أقوال المشتكين والمدعين بالحق الشخصي والشهود، ووثائق وكتب رسمية واضابير خاصة باعدام التجار العراقيين وقرارات أحكام قطع الايادي والوشم بين الحاجبين وكذلك شهادات الوفاة وهويات الاحوال المدنية وشهادات الجنسية العراقية فضلاً عن ألاقراص الصوتية والمرئية المدمجة وتدوين اقوال المتهمين مع افادات الشهود الناجين والمشتكين التي تزيد على 300 شكوى وافادة.quot;

وعن اهم الوثائق والصور في ملف القضية قال المصدر القضائي إن quot;الوثائق والاقراص المدمجة تبين ان صدام حسين أصدر توجيهاته في الخامس والعشرين من تموز عام 1992 الى وزير الداخلية ومدير الامن العام لتنفيذ حملة كبيرة لاعتقال تجار المواد الغذائية في سوقي الشورجة وجميلة في بغداد وهو ما اسفر عن اعتقال اكثر من مئتي شخص تم اختيار 42 منهم ارسلوا عصر اليوم نفسه الى المحكمة الخاصة في وزارة الداخلية انذاك واستمرت المحكمة حتى بعد منتصف الليل وانتهت بإصدار احكام الاعدام على جميع المتهمين وتنفيذ الحكم في اليوم التالي مباشرة دون منحهم فرصة مقابلة ذويهم او توديعهم ومن دون حضور ممثل عن الادعاء العام او رجل دين.quot;

واضاف المصدر quot;أن عملية استهداف التجار استمرت لغاية العام 1995 quot;كاشفا عن وجود quot;قرص مدمج يظهر اجتماعا عقده صدام مع وزرائه بعد يوم من اعدام التجار يطالبهم خلاله باجراءات صارمة تتمثل بقطع اليد والاعدام بحق من يتاجر بالدولار الاميركي.. وجرت المناقشة بين الوزراء بان من تقطع يده اليمنى يجب ان تقطع معها الساق اليسرى وفي حال العودة للممارسات نفسها يوشم جبينه بين الحاجبين بعلامة أكسquot;. وقال إن مديرية الامن العامة انذاك قد عممت كتابا الى مديرياتها الفرعية في بغداد والمحافظات بتنفيذ حملة اعتقال لعدد من التجار وتم تشكيل محكمة خاصة في المديرية العامة اصدرت قرارات بقطع ايادي التجار المعتقلين ونفذت الاحكام عام 1995 بحق تسعة منهمquot;.

واوضح أن الادلة والاثباتات بحق المتهمين تشير الى قيام النظام السابق بتشكيل محكمة صورية في وزارة الداخلية ومديرية الامن العامة السابقتين واضطهاد التجار العراقيين خلال الاعوام 1992 و1994 و1995 ضمن سياق المحاكم الخاصة التي لم يكن فيها من حق المتهمين تمييز الاحكام او تمتعهم بأي ضمانات قانونية.

وسبق لمصدر عسكري اميركي ان اعلن في الحادي والعشرين من تموز (يوليو) من العام الماضي 2007 ان طارق عزيز قد خضع لفحوصات طبية اثر اصابته بوعكة صحية في السجن لكنه اعيد في اليوم التالي الى زنزانته في العاصمة العراقية. وجاء في بيان للجيش الاميركي في بغداد ان quot;عزيز نقل الى قاعدة بلد العسكرية (شمال بغداد) بعد ان سقط في السابع عشر من تموز فيما كان يسير في سجن كامب كروبر وقد خضع لفحوصات طبية اظهرت ان وضعه الصحي طبيعي ثم اعيد الى زنزانته في كامب كروبر بعد يومين . واشار نجله زياد عزيز المقيم في عمان الى ان quot;طبيب السجن عاينه بعد ان اغمي عليه واطلع على ملفه الطبي وبعد ان تبين له انه اصيب بجلطة دماغية في عام 2002 قرر نقله الى المستشفىquot;.

طارق عزيز .. سيرة ذاتية

طارق عزيز هو المطلوب رقم 12 في قائمة المطلوبين الاثنين والاربعين من كبار المسؤولين العراقيين السابقين لدى القوات الأميركية والمحتجز منذ 24 من نيسان (ابريل) عام 2003 بعد ان سلم نفسه للقوات الأميركية وقد بدأت علاقته بالرئيس السابق صدام حسين في الخمسينات من القرن الماضي حيث كان يشغل لحين اعتقاله منصب نائب رئيس الوزراء.

ويعد طارق عزيز واحدا من أشهر مسؤولي النظام السابق خصوصا على المستوى الدولي وشغل مناصب سياسية وإعلامية مختلفة. وقد ولد عزيز عام 1936 بإسم ميخائيل يوحنا ثم استبدله فيما بعد باسم طارق عزيز في بلدة تلكيف في العراق وهي بلدة صغيرة تقع قرب مدينة الموصل في شمال العراق وهو مسيحي الديانة من الطائفة الكلدو-آشورية وكان المسيحي الوحيد في حكومة النظام السابق.

درس الأدب الإنكليزي في جامعة بغداد وعمل في الصحافة منذ عام 1958 حيث عمل محررا في صحيفة الجمهورية العراقية ثم انتقل للعمل مديراً لصحيفة الجماهير في عام 1963 لدى استلام حزب البعث للسلطة في العراق للمرة الاولى . وانتقل للعمل في الصحافة في سوريا بعد انقلاب 18 تشرين الثاني) نوفمبر) عام 1963 الذي قاده الرئيس العراقي الراحل عبد السلام عارف ضد البعثيين . وبعد انقلاب 17 تموز (يوليو) عام 1968 تولى رئاسة تحرير صحيفة (الثورة الناطقة باسم حزب البعث في العراق.

ثم تولى مهمة نائب رئيس مكتب الثقافة والإعلام القومي وفي أوائل عام 1974 انتخب عضواً مرشحاً للقيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي وفي تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1974 أصبح وزيراً للإعلام. وفي عام 1977 نفسه أصبح عضواً في مجلس قيادة الثورة، كما انتخب عضواً في القيادة القومية لحزب البعث فاستقال من الوزارة وتفرغ للعمل الحزبي.

ثم تولى منصب نائب رئيس الوزراء بين عامي 1979 و1983 ثم وزيرا للخارجية حتى عام 1991 ثم أعيد تعيينه نائبا لرئيس الوزراء في اذار (مارس) عام 1991 حتى عام 2003 . كان طارق عزيز قريبا جداً من الرئيس العراقي السابق صدام حسين ولعب في اغلب الأوقات دور ممثل رئيس الحكومة الفعلية في الاجتماعات والقمم الدبلوماسية العالمية والعربية وقد يكون إتقانه اللغة الإنكليزية ساعد على قيامه بهذا الدور.

وفي نيسان (ابريل) عام 1980 نجا طارق عزيز من محاولة اغتيال لدى زيارته الى الجامعة المستنصرية في بغداد قالت السلطات انذاك انها من تدبير عملاء لايران واتهمت عناصر قالت انهم من حزب الدعوة بتنفيذها . وفي التاسع من كانون الثاني (يناير) عام 1991 التقى طارق عزيز في جنيف مع وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر في لقاء شهير لإيجاد حلول لموضوع انسحاب العراق من الكويت وإنهاء احتلاله لها. وفي 14 شباط (فبراير) عام 2003 قام طارق عزيز بمقابلة البابا يوحنا بولس الثاني ومسؤولين آخرين في الفاتيكان حيث نقل رغبة الحكومة العراقية في التعاون مع المجتمع الدولي وخاصة حول نزع الأسلحة.

وقد استسلم للقوات الاميركية في نيسان (ابريل) عام 2003 وهو محتجز في سجن كامب كروبر في مطار بغداد الدولي في ضواحي بغداد الغربية . وتطالب عائلته باستمرار باطلاق سراحه بسبب وضعه الصحي. وقد تم تسليمه من الناحية القانونية إلى السلطات العراقية في الثلاثين من حزيران (يونيو) عام 2004 وتتولى قوات التحالف في العراق فقط quot;توفير الامن والحماية للموقوفين ومن بينهم عزيز الذي أفهم بالجرائم المنسوبة إليه أصوليا وتليت عليه حقوقه وفقا لأحكام القانون وبذلك إنتقلت عملية توقيفه بشكل قانوني من مسؤولية قوات التحالف إلى القضاء العراقي.