موسكو: تشهد المؤسسة الحاكمة العليا الروسية تجربة فريدة من نوعها بدأت مرحلتها الأولى قبل شهرين حين اختار الشعب الروسي رئيسا جديدا (دميتري ميدفيديف) يحل محل الرئيس المنتهية ولايته (بوتين). وستنتهي المرحلة الأولى بعد أيام حين يؤدي الرئيس الجديد يمين الولاء للدستور. ثم تدخل التجربة الهادفة إلى اختبار حالة جديدة غير معهودة - ازدواجية السلطة - مرحلتها الثانية بانتقال بوتين من موقع رئيس الدولة إلى موقع رئيس الحكومة.

وبات واضحا أن هذه الحالة (ازدواجية السلطة) قادمة لا محالة حين وافق بوتين على تسلم سدة رئاسة الحكومة بعدما تنتهي مدة ولايته كرئيس للدولة، إذ يصعب للمرء أن يتخيل أن يصبح الرئيس بوتين مرؤوسا.

ولعل هم هموم طاقم الحكم اليوم هو ألا تؤدي ازدواجية السلطة إلى إحداث شرخ في نظام الحكم الذي عمل الرئيس بوتين على جعله هرميا.

أما من يتتبعون تطورات الوضع في مؤسسة الحكم الروسية من خارج هذه المؤسسة، وبالأخص من الغرب، فإنهم يتساءلون: لماذا وقع الاختيار على ميدفيديف ليخلف بوتين وماذا ستكون صلاحياته وهل سيبقى في الحكم؟

وهناك سؤال آخر لا يجد الجواب الآن، وهو هل سيستمر الرئيس ميدفيديف في نفس الخط السياسي الذي ينتهجه بوتين أم يضع سياسته على السكة الليبرالية؟ ورجحت صحيفة quot;دي ويلتquot; الألمانية أن يستبدل ميدفيديف quot;الفودكاquot; بـquot;الويسكيquot; في إشارة إلى ما لاحظته من ميول غربية لدى الرئيس الروسي الجديد.

ولا يتفق المحلل المستقل الروسي روجانكوفسكي مع آراء من هذا القبيل، معتبرا أن ميدفيديف بحاجة إلى ازدواجية السلطة لأنه ليس مستقلا الآن ويحتاج إلى سند قوي كرئيس الوزراء بوتين، لكنه (ميدفيديف) quot;سيتملك جرأة سياسيةquot; في ما بعد ولن يختار الفودكا ولا الويسكي بل سيصنع quot;كوكتيلاquot; متميزا يلبي ذوقه ويروق لشخصه.

ما الذي يدور في خلد بوتين؟

وسيتولى الرئيس الجديد ميدفيديف مقاليد السلطة في روسيا بعد أيام في حين لا يزال غالبية الروس يعتبرون فلاديمير بوتين زعيما حقيقيا. ولهذا فإن الكثيرين، على الأقل في الغرب، يريدون أن يعرفوا ما يدور في خلد بوتين؟

لقد أعلن بوتين أنه سيصبح رئيسا للحكومة ورئيسا لحزب quot;روسيا الموحدةquot; (وهو حزب السلطة) بعد أن يترك منصبه كرئيس للدولة. ولا يستطيع أي سياسي أو خبير روسي يزور العاصمة الأمريكية في هذه الأيام أن يجيب عن هذا السؤال: كيف سيتقاسم بوتين وميدفيديف السلطة وهل سيتغير الدستور الروسي.

واعتبروا في الغرب أن بوتين أقدم على خطوة إيجابية حين رفض الترشح لفترة رئاسة ثالثة. غير أن المراقبين يرون اليوم أن ما يضعه بوتين في يده من سلطات تفوق ما يملكه الرئيس المنتخب الجديد.

ولا بد من الإشارة إلى أن روسيا لم تعرف من قبل حاكما استمر في نفس الخط السياسي الذي انتهجه من سبقه إلى تولي مقاليد السلطة.

وما يهم الغرب، والحالة هذه، هو أن يكون ميدفيديف رئيسا كاملا مطلق الصلاحيات وألا يعرقل ما ظهر في موسكو من مستجدات مؤخرا مسيرة تحديث روسيا.

إن بوتين يقدم على خطوة هامة حين يغادر قصر الكرملين بمحض إرادته، لكن الأكثر أهمية هو أن يرحل بوتين من الكرملين فعلا.

بوتين: روسيا تريد عرض quot;قدراتهاquot; العسكرية

واعلن الرئيس الروسي المنتهية ولايته الاثنين ان روسيا quot;ستعرضquot; الجمعة quot;قدراتهاquot; في مجال الدفاع في الاستعراض العسكري الكبير في الساحة الحمراء.وفي صور نقلها التلفزيون الروسي صرح بوتين خلال لقاء مع الحكومة ومسؤولين في الادارة quot;نحن لا نهدد احدا (...) انه عرض لقدراتنا المتزايدة في مجال الدفاعquot;.ولاول مرة منذ 1990 تشارك الدبابات وقاذفات الصواريخ وغيرها من العتاد الثقيل في الاستعراض العسكري الذي يقام سنويا احتفالا بذكرى انتهاء الحرب العالمية، مستعيدا بريق العهد السوفياتي عندما كان عرضا للقوة في وجه قدرات quot;المعتدين الامبرياليينquot;.