الكتل الدينية تجاهلت تلميحاتهن من أجل دعمهن
المرشحات الكويتيات المحجبات يغازلن التيارات الإسلامية

ممدوح المهيني من الكويت: تبدو الدكتورة سلوى الجسار المرشحة الكويتية في انتخابات مجلس الأمة القادمة معتزة بنفسها وتتحدث بصوت متحمس وهي تعلن عن خطتها المحكمة وquot; الدقيقة quot; في السباق الانتخابي لكي تكون أول امرأة كويتية تدخل البرلمان الكويتي. ولكن أهم ما يميز هذه المرأة التي تدّرس في جامعة الكويت ، وتسافر إلى الكثير من المؤتمرات هو حجابها الغامق الذي تلفه حول رأسها. التزام المرشحة الجسار بالحجاب لا يعكس رغبتها في الحصول على عدد أكبر من المناصرين ولكنه يعود إلى التربية المحافظة التي تلقتها من عائلتها الثرية والمتدينة منذ أن كانت صغيرة، حيث تقول سلوى الجسارquot; عائلتي متدينة بالفطرة ونحن كذلك تجار. التزامي الديني جزء من شخصيتي وتركيبتي النفسية quot;.

ولكن سلوى الجسار تدرك أن الحجاب يعتبر أحد عناصر جذب الناخبين الكويتيين الذي يميل غالبيتهم إلى المحافظة . في الواقع تبدو المرأة الملتزمة بحجابها أكثر قدرة من غيرها للوصول إلى البرلمان الكويتي.

في تجربة انتخابات عام 2006 ،وعلى الرغم من أنها المرة الأولى التي تشارك فيها المرأة الكويتية لخوض الانتخابات، إلا أنها كانت بمثابة درس سياسي جعلهن يحاولن الاستفادة منه في هذه الانتخابات. فصورة النساء السافرات و اللاتي يلبسن التنانير القصيرة المتباهيات بأنفسهن قد يكون أحد الأسباب الذي أدى بهن إلى الخروج من دون أي فائزة . تقول الجسار :quot;هناك بعض النقد الذي طال النساء المرشحات لانتخابات 2006 لم يعكسن صورة قريبة من ثقافة المجتمع المحافظة . هذا كان أحد أسباب خسارتهنquot;.

د. الجسار لا تكتفي فقط بتقديم نفسها بصورة المرأة المحافظة والمحجبة ، ولكنها تضع نفسها quot;داخل كينونة العائلة quot;، كما تقول.في أول إعلان لها للترشيح عن نفسها قالت إن ترشيحها لنفسها يأتي بعد quot;توكلها على الله ومباركة عائلتها وأسرتهاquot; ، ويعمل زوجها وأخوتها معها في الحملة الانتخابية القائمة حاليا . تقول الجسار :quot; أنا امرأة أهتم بزوجي وأولادي كثيراً ولو أشك أن انتخابي للبرلمان سيشغلني عنهم فأنسحب فوراً . يمكن أن تسميني امرأة تقليدية .quot;

ولكن الجسار تقدم ، كالعديد من المرشحات الإسلاميات ، نفسها بأكثر من طريقة. فهي لديها أكثر الخصائل التي يحبها المجتمع الكويتي . فهي ملتزمة دينيا ،ومحافظة على عائلتها ،ولكن وفي الوقت نفسههذا لا يعني أنها سلبية ولا تفهم إلا في قضايا الطبخ والأكل . فهي لديها سيرة مهنية مميزة وتتسم بالجرأة وقيادة الرجال. هذا الشكل من التسويق شائع لدى هؤلاء النساء الإسلاميات الذي يتركز جوهر خطابهن على تقديم صورة حدثية للمرأة المسلمة المحافظة ولكن العصرية.

وتستخدم هؤلاء المحجبات خلال برامجهن للدفاع عن حقوق المرأة ولكن بصورة إسلامية . فالمرشحات المحجبات يتحدثن عن حرية المرأة ولكنهن يصررن على مواجهة العادات الدخيلة على المجتمع الكويتي . ويركزن على القضايا التي تداعب خيال الرجل المحافظ ،وهو العمل على دعم أفكار العائلة المحافظة ،وتبني برامج ومناهج تعليمية من أجل تعليم الأجيال الكويتية القادمة على المحافظة على العادات الاجتماعية والقيم الإسلامية.

وعلى عكس ما تقدمه المرشحات الليبراليات ، فإنهن يؤكدن على القضايا التي تحرك عواطف المجتمع المحافظ مثل قضية التعليم المختلط . ولكن مع هذا الخطاب الذي يتبنى الطرح الإسلامي إلا أنهن لا يعترفن بشكل صريح بهذه التسميات ،ويصررن على الحديث عن خطاب عام يؤمن فيه جميع الكويتيين ، وذلك بسبب خشية خسارة الأصوات التي لا تؤمن بالطرح الإسلامي السياسي.

ولكن مع هذا الغزل الواضح من النساء المحجبات للتيارات الإسلامية القوية في الكويت إلا أنهن يلاقين صدوداً كبيراً من الإسلاميين الرجال. هؤلاء النساء اللواتي يخضن الانتخابات بطريقة مستقلة يعرفن أن دخولهن مع قوائم الكتل الإسلامية يعني وصولهن للبرلمان ، ولكن التيارات الإسلامية لا ترى أن الوقت ملائم ليدخلوا اسما نسائيا على قائمتهم الذكورية . يقول د.بدر ناشي أمين الحركة الدستورية الإسلامية لquot;إيلافquot; : إنهم لم يفكروا بإدخال أي امرأة لقوائمهم الانتخابية حتى لو كانت تقدم خطاباً يتطابق مع أفكارهمquot;.

ويشعر الكثير من هؤلاء المرشحات بضغينة تجاه هذه التيارات الإسلامية quot; التي تستفيد من أصوات النساء في الانتخابات ومن ثم تحاربها بعد ذلك quot;. كما قال عدد كبير منهن لquot;إيلافquot;. ورغم المحاولات المستمرة من الناشطات لمنع النساء من التصويت للتيارات الإسلامية ،وتذكيرهن بالمواقف السلبية التي وقفت أخذهن حقوقهن السياسية ، إلا أن عدداً كبيراً من النساء يتجاهلن مثل هذه النداءات ،ويمنحن أصواتهن للقوى الإسلامية.

تبدو جميع الآراء الاستطلاعية متطابقة بعدم دخول النساء للبرلمان الكويتي هذا العام ، باستثناء مرشحة التيار الليبرالي د.أسيل العوضي التي قد تفوز بدعم رجالي .ومن خلال أصوات النساء الإسلاميات المتفائلة والجريئة التي يتحدثن بها يمكن أن تلمس لحظات من الإحباط والإحياء لخسارتهن المقبلة ،وذلك عندما يتحدثن عن الوقت الطويل الذي أخذته المرأة المغربية أو المصرية للوصول إلى البرلمان. ورغم عدم وجود أي سند ذكوري إسلامي و تخلي بقية القوى الأخرى عنهن ، فإنهن مازلن يحلمن بالدخول في البرلمان ،ومعاقبة الرجال الذي يملأون المجلس على هذا التجاهل المهين الذي يشعرن به هذه الأيام.