مخيم الشاطئ(قطاع غزة): يعيش نصف افراد عائلة حمدوني في بلدة هادئة قرب عكا في شمال اسرائيل بينما اضطر نصفها الاخر للعيش في مخيم فقير للاجئين الفلسطينيين في غزة اثر النكبة التي فرقت العائلة قبل ستين عاما.
وفي مخيم الشاطئ الواقع على بحر مدينة غزة المحاصرة، لا تزال صفاء البالغة من العمر سبعين عاما تفخر باحتفاظها بمفتاح دار عائلتها في مدينة يافا التي طردت عائلتها منها عام 1948.
وعلى بعد بضع مئات الكيلومترات اصبح احد اقاربها محمود (55 عاما) من مواطني دولة اسرائيل العرب في قرية طمرة التي عاش جل حياته فيها ويراقب منها احتفالات اسرائيل بالذكرى الستين لتأسيسها التي تعني له ولكل الفلسطينين النكبة.
وتقول صفاء التي امضت طفولتها في يافا ولها اليوم حوالى سبعين من الابناء والاحفاد quot;لن ننسى يافا ولا طمرةquot;.

وتتابع المراة العجوز ذات البشرة البيضاء والشعر الاشقر الذى غزاه البياض quot;دائما اعلم ابنائي واحفادي اننا سنعود حتما الى يافاquot;.
وتشير بحسرة الى ان بيت عائلتها في يافا هدم quot;في 1948 واقاموا على انقاضه منتزها لليهودquot;، موضحة انها كانت لا تتجاوز العاشرة من العمر عندما اضطرت العائلة الى جانب مئات الاف الفلسطينيين للهرب واصبحوا منذ ذلك التاريخ لاجئين.
وتذكر صفاء كالحلم quot;عيشتنا الحلوة في يافاquot;. وتقول quot;كان والدي ياخذنا في كل يوم جمعة الى البحر وكنا احيانا نذهب للصلاة معه في القدسquot;.

ويروي محمود الوفي لبلدته وجذوره البدوية ان عائلته عاشت في خيام quot;عندما وقعت الحرب وهربنا من القرية لكن الاسرائيليين دمروا كليا القرى المجاورة التي كانت فيها مقاومة. هذا ما قاله لنا ابيquot;.
ومنذ اللحظة التي اقامت فيها وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) خياما في غزة حتى اليوم لم يسمح لاسرة صفاء ولا لغيرها من اللاجئين في المخيمات في الاراضي الفلسطينية والشتات، بالعوده الى بلداتهم التي هجروا منها قسرا.
وحظيت العائلة بشقيها في طمرة وغزة للالتقاء في ايام العطل عدة مرات بعد سنوات من احتلال اسرائيل قطاع غزة عام 1967 ،لكن توقفت هذه اللقاءات بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الاخيرة العام 2000 وبقى الاتصال فقط هاتفيا بينهم.
وتقول صباح (49 عاما) البنت الكبرى لصفاء quot;سنعود قريبا ويلتم شمل العائلات (...) كلما اقتربت اسرائيل من الانهيار نقترب نحن من العودةquot;.

ويروي محمود ان والده كان يحكى له قصة ابناء عمه الذين هاجروا الى غزة. ويقول مبتسما quot;العبد زوج صفاء كان يهرب من طمرة الى يافا ليداعب صفاء التي تصغره بعشر سنواتquot;.
ويشير quot;كان حلم عمي ان يقيم لابنه حفل زواج غير مسبوق (..) تزوج العبد لكن في غزة دون ان يكتمل حلمهquot;.

ويذكر محمود وهو صاحب شركة جرارات زراعية يتحدث العبرية بطلاقة وله كثير من الاصدقاء الاسرائيليين اليهود والزبائن، كيف صدمت بناته عندما ذهبن للمرة الاولى الى غزة بعد قدوم السلطة الفلسطينية في 1994.
ويقول محمود quot;نحن مسلمون لكن نموذج الحياة في اسرائيل يختلف عن غزة (...) عندما زرنا غزة اضطرت ابنتي لارتداء لباس محتشم وغطاء للرأس لتتماشى مع القيم والعادات هناكquot;.

ويؤكد ان ابناءه quot;كانوا مسرورين بلقاء اقاربنا في غزةquot;، موضحا ان quot;اخر زيارة لاقاربنا الى طمرة هنا كانت في 2006quot; اي قبل فوز حركة حماس التي تسيطر حاليا على قطاع غزة غي الانتخابات البرلمانية.
ومنذ ذلك الحين شهد اقتصاد غزة تدهورا وارتفعت نسبة البطالة والفقر في منطقة يعتمد حوالي ثمانين بالمئة من اهلها على المعونات الغذائيه الدولية خصوصا من الاونروا.

في الوقت نفسه تشن اسرائيل التي تغلق معابر غزة باستمرار هجمات برية وجوية شبه يوميا على غزة. وتبرر اسرائيل هجماتها بانها quot;ردquot; على هجمات مقاتلين فلسطينيين بالصواريخ محلية الصنع على البلدات الاسرائيلية.
وصفاء واطفالها شأنهم في ذلك شأن العديد من اللاجئين يسردون قصصا مؤلمة من تاريخهم المضطرب. وتقول quot;ان شاء الله سوف نعود اما نحن او احفادناquot;.
وتقول ان والدها الصياد كان مع quot;الفدائيين والثوارquot; الفلسطينيين.

وترد ابنتها صباح التي ولدت في مخيم الشاطئ المكتظ بالسكان وتميزه البيوت الصغيرة المتلاصقة quot;نريد السلام وليس الحربquot;.
لكن السلام بالنسبة لصباح لا يتحقق الا بquot;عودة اليهود الى البلدان التي جاؤوا منها ونعود نحن الى قرانا وبلداتنا في فلسطين ونحن على ثقة ان هذا الاحتلال لن يستمر الى الابدquot;. ويتمنى محمود ان quot;يعم السلام ويعود اللاجئون الى قراهمquot;.