بوش للكنيست: على المسلمين إدراك خواء رؤية الإرهابيين

نضال وتد من تل أبيب: لم يكتف الرئيس الأميركي، جورج بوش خلال خطابه أمام الكنيست الإسرائيلي اليوم بالتأكيد على متانة العلاقة بين البلدين الحليفين، بل يمكن اعتباره بمثابة الضوء الأخضر لإسرائيل للقيام بالحملة البرية الواسعة النطاق في عمق القطاع التي طالما تحدثت عنها القيادات الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، والتي كان الوزير بن إليعيزر اعترف أمس، في حديث مع الإذاعة الإسرائيلية، بأن الجيش الإسرائيلي قد أتم كافة استعداداته لضرب القطاع.

فإلى جانب استعراض عمق العلاقة الإسرائيلية الأميركية، أعلن بوش أن على إسرائيل أن تعتبر أن تعدادها هو ليس سبعة ملايين شخص فحسب بل 307 ملايين لأن الولايات المتحدة تقف إلى جانبها، وحتى لا يبقى مكانا للشك، أقسم بوش، بصورة مزية للغاية، القسم التقليدي للجنود الإسرائيليين في قلعة متسادا التاريخية والذي ينص quot;على أن متسادا لن تسقط ثانيةquot;، وهو القسم الذي أقسمه بحسب الروايات الصهيوينة، آخر مجموعة يهودية كانت تحصنت في متسادا في وجه الرومان، وآثر أفرادها الانتحار على الاستسلام.

لكن العبرة الأهم في خطاب بوش، هي تأكيده على quot;أن منظمات الإرهاب ستهزم وأن الناس سيعترفون بعدم عدالة أهدافهاquot;. فإذا وضعت هذه الجملة في السياق المرتبط بالجهود المصرية للتهدئة مقابل الهدف الاستراتيجي المعلن للحكومة الإسرائيلية بضرورة القضاء على سلطة حماس في غزة، مع تصريح رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية quot;أمانquot;، الجنرال عاموس يادلين الذي قال لصحيفة هآرتس اليوم quot;إن حركة حماس تحاول تحقيق توازن ردع في مواجهة إسرائيل، على غرار حزب الله في لبنان، وهي تعمل في هذا السياق لتحسين مدى صواريخها في العمق الإسرائيليquot;.

ولعل اللافت في هذا السياق هو أن التصريحات الإسرائيلية، التي كانت حتى مطلع الأسبوع، quot;منضبطةquot; إلى حد ما فيما يتعلق بضرب قطاع غزة، أخذت ومنذ وصول بوش على إسرائيل، يوم الأربعاء، منحى جديدا، إذ أخذت تتصاعد وتيرة التصريحات المعلنة بأنه لن يكون أمام إسرائيل مقفر من القيام بعملية برية واسعة النطاق في عمق القطاع، مع توظيف الأحداث اللبنانية لجهة ربط حركة حماس بحزب الله ومحور إيران كطرف لا مجال للتهاون معه أو خوض مفاوضات لأي هدف كان.وإذا كان هناك من قرأ تصريح بوش بعدم جدوى التفاوض مع من إيران كمناكفة لمرشحي الحزب الديموقراطي الأميركي، فإن استرساله في خطابه وذكره لميثاق حركة حماس، ستقرؤه إسرائيل لجهة عدم التفاوض مع الحركة والعمل لمواجهتها، وهي واثقة من الدعم الأميركي المطلق لها في مواجهة كهذه.

وإذا كان خطاب بوش المعلن، أمام الكنيست، لم يتطرق إلى النكبة الفلسطينية والظلم الذي لحق بهم تاريخيا بموازاة إقامة إسرائيل بل اكتفى بالإشارة إلى أنه سيكون للفلسطينيين دولة، فإن فحوى المحادثات التي أجراها مع أقطاب لحكم في إسرائيل، أولمرت، وبراك ونتنياهو، ظلت طي الكتمان باستثناء تسريب أنها تناولت الأوضاع في لبنان، والملف الإيراني والوضع في القطاع، وهو ما يشي بأن هذه الملفات قد بحثت ربما على صعيد التنفيذ الميداني، على الأقل بخصوص القطاع، وضرورة العمل لوضع حد لسيطرة حماس، مقابل تبادل سيناريوهات عديدة للملفين الإيراني واللبناني مع محاولة ربط quot;الجهود المستقبليةquot; في هذا السياق بدور رئيسي وكبير للعام العربي، يبقي على إسرائيل وراء الكواليس، لكنه لا يبعدها عن دائرة المشاورات واتخاذ القرار.

لكن أهم ما أفرزته زيارة بوش وخطابه أمام الكنيست، هو الدعم المطلق لإية خطوة أو حملة إسرائيلية عسكرية في قطاع غزة، أو حتى في الضفة الغربية، خصوصا وأن إسرائيل وعلى طول الفترة التي شغلت فيها الاتصالات الفلسطينية- الفلسطينية، والاتصالات الفلسطينية- المصرية، أصرت على اقتصار أية تهدئة على قطاع غزة وعدم إدراج الضفة الغربية فيها.

عملية عسقلان نقطة تحول في الخطاب الإسرائيلي

وتبقى الحرية المطلقة لإسرائيل في القطاع، أهم تصريح أو ضوء كانت إسرائيل تنتظره لتضمن ألا تقع تحت طائلة ضغط دولي أو أوروبي أو حتى أمريكي، في حال قامت بحملة اجتياح واسعة للقطاع. وفي هذا السياق تشكل عملية عسقلان، نقطة تحول وانتقال من التهديد بشن عملية إسرائيلية، على الحديث العلني والتساؤل عن موعد هذه العملية وهذا الاجتياح.

وفي هذا السياق استغل وزير الأمن الإسرائيلي، إيهود براك، اليوم عملية عسقلان، ليعلن من على منبر مؤتمر quot;زعماء إسرائيليون يتحدثون عن المستقبلquot;، الذي نظمه الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس: quot;سنعيد الهدوء على مستوطنات الجنوب والمحيطة بغزة، فخيرة رجال الدولة مشغولون بهذا الأمر ليل نهار، وسنحقق النتائج كما سبق لنا وأن حققناها في المرات السابقة، ليس بالكلمات ولكن بالأفعال.