فيينا : عُلم من مسؤول في الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن المدير العام للوكالة محمد البرادعي سيعكف خلال هذا الأسبوع على وضع اللمسات الأخيرة على ثلاثة تقارير سيرفعها إلى مجلس المحافظين لمناقشتها في الثاني من شهر حزيران/يونيو المقبل. وأوضح المصدر أن التقرير الأول يتعلق بآخر تطورات البرنامج النووي الإيراني ونتائج جولات المفاوضات التي أجراها وفد رفيع المستوى برئاسة نائب المدير العام لشؤون الضمانات أولي هايونونين خلال الشهرين الماضيين مع كبار المسؤولين الإيرانيين في طهران؛ والتقرير الثاني حول مدى التزام كوريا الشمالية باعلان التخلي عن برنامجها النووي السري للاسلحة وتطبيق اتفاق الضمانات مع الوكالة الذرية؛ والتقرير الثالث حول الغارة التي شنتها مقاتلات إسرائيلية وأدت إلى تدمير موقع عسكري سوري قيد الإنشاء لشكوكها بأنه مفاعل نووي يقع في الصحراء القريبة من منطقة دير الزور.

ورفض المصدر المسؤول في الوكالة الذرية اعطاء أية معلومات عن مضمون التقارير الثلاثة للبرادعي واكتفى بالقول أن عملية صياغة هذه التقارير تتم بسرية تامة، وبمشاركة خبراء وامستشارين في المجالات القانونية والتقنية والضمانات والتحقق، وباشراف المدير العام شخصياً، وأصبحت على وشك الانتهاء .

وتوقع المصدر نفسه أن يتم توزيع التقارير الثلاثة على أعضاء مجلس المحافظين (35 دولة)، وعلى ممثلي الدول الأعضاء في الدول الأعضاء في الوكالة الذرية (140 دولة) خلال الأسبوع الحالي وفي موعد أقصاه يوم الجمعة المقبل على حد وصفه. وأشار المصدر نفسه إلى أن جولات المفاوضات الثلاث بين خبراء ومفتشي الوكالة برئاسة المدير الإقليمي للتحقق النووي هيرمان ناكايرتس وكبار المسؤولين الإيرانيين في طهران قد تمحورت حول تسوية مسألة أساسية ما زال عالقة وتتعلق بـ quot;الدراسات المزعومةquot;، والتي ما تزال تثير قلق وشكوك عدد من الدول الغربية والأوروبية وفي طليعتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا حول طبيعة الأبحاث النووية والتجارب العسكرية التي أجرتها إيران خلال العشرين سنة الماضية، ومن بينها اختبارات على إطلاق صواريخ من منصات سريعة الارتداد، ولم تُعلن عنها في حينه.

وأشار المصدر المسؤول إلى أن تقرير البرادعي بشأن البرنامج النووي الإيراني سيرفع في نفس الوقت إلى مجلس الأمن الذي سبق له أن أعطى إيران مهلة تسعين يوماً لكي تراجع موقفها وتبادر إلى تجميد كافة أنشطة تخصيب اليورانيوم وعمليات إعادة المعالجة وتركيب أجهزة الطرد المركزي لحين تسوية كافة المسائل العالقة، وإلا ستواجه سلسلة من العقوبات السياسية والاقتصادية والتجارية والمصرفية حسب ما جاء في قرارات المجلس رقم 1696 و1737 و1747.

وكان البرادعي عبّر عن quot;الأسفquot; لقيام إسرائيل بشن غارة حربية على موقع سوري قيد الإنشاء في منطقة قريبة من دير الزور على خلفية شكوكها بأنه مفاعل نووي يتم تشييده بمساعدة تقنية من قبل كوريا الشمالية. وقال البرادعي بعد اجتماعه مع رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو في بروكسل قبل أسبوعين quot;كان من المفترض على إسرائيل أن تقوم بابلاغ الوكالة بشكوكها قبل اللجوء إلى العمل العسكريquot;. كما أشار البرادعي في نفس الوقت أنه quot;كان يتعين على سورية احترام تعهداتها الواردة في اتفاق الضمانات والمبادرة إلى إبلاغ الوكالة بنيتها أنها تريد بناء مفاعل نوويquot; .واعتذر المصدر المسؤول في الوكالة الذرية عن تأكيد أو نفي قيام مجموعة من مفتشي وخبراء الوكالة بجولة ميدانية لاستطلاع طبيعة الموقع العسكري قيد الانشاء الذي دمرته المقاتلات الإسرائيلية، أو أخذ عينات أو إجراء مقابلات مع عدد من كبار المسؤولين السوريين وفي طليعتهم رئيس الهيئة السورية للطاقة الذرية الدكتور إبراهيم عثمان.

كما نفى مصدر دبلوماسي سوري علمه بقيام مفتشين من الوكالة الذرية بزيارة الموقع العسكري السوري، ولكنه عبّر عن الأسف في حال استناد تقرير البرادعي إلى معلومات مغلوطة ومزاعم تابعة لأجهزة المخابرات الأميركية والإسرائيلية، ورأى أن ذلك يستهدف تضليل الرأى العام العالمي وتبرير الغارة الإسرائيلية بعد حوالي ثمانية أشهر من وقوعها.

ونفى المصدر السوري أن يكون الموقع المستهدف مفاعلاً نووياً، وأشار إلى أن بلاده رفعت مذكرة بهذا الشأن إلى مجلس الأمن في حينه، وأعرب عن اعتقاده القوي بأن الغارة الإسرائيلية التي استهدفت الموقع العسكري قيد الإنشاء جاءت في إطار خطة أميركية إسرائيلية تستهدف ممارسة كافة الضغوط على سورية لثنيها عن موقفها بشأن العراق، ونتيجة للمأزق الذي تعانيه قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في العراق على حد تعبيره. وخلص المصدر السوري إلى القول بأن مندوب سورية لدى الوكالة الذرية سيرد على تقرير البرادعي خلال مناقشته من قبل مجلس المحافظين في الثاني من حزيران/يونيو المقبل.