واشنطن: وجهت منظمة هيومان رايتس ووتش انتقادات حادة إلى الجيش الأميركي بالعراق، بعدما أقر بوجود ما يزيد على 500 طفل قيد الاعتقال، بزعم أنهم quot;مقاتلون أعداءquot;، قبل قليل من عقد اجتماع مرتقب للجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل، في مدينة جنيف بسويسرا الخميس، لمراجعة التزام الولايات المتحدة بالاتفاقية الدولية لحظر استخدام الأطفال كجنود في النزاعات المسلحة.

وقالت منظمة HRW المعنية بمراقبة حقوق الإنسان حول العالم، إنه ينبغي على القوات الأميركية في العراق أن تعمل على مراعاة معاملة الأطفال الخاضعين للاحتجاز على النحو المتفق مع وضعهم كأطفال، وإحالتهم للمراجعة القضائية الفورية وتمكين المراقبين المستقلين من مقابلتهم.

وكان الجيش الأميركي، الذي يقود القوات متعددة الجنسيات في العراق، قد أقر بأنه، وحتى 12 مايو/ أيار الجاري، يحتجز 513 طفلاً، باعتبارهم quot;تهديداً للأمنquot;، وقال إنه قام بنقل عدد quot;غير معروفquot; من الأطفال الآخرين إلى الاحتجاز لدى السلطات العراقية. وطبقاً لتقرير صدر مؤخراً عن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق quot;يوناميquot;، فإن quot;الأطفال رهن الاحتجاز لدى السلطات العراقية يتعرضون لخطر الإساءات البدنيةquot;، حسبما ذكرت هيومان رايتس ووتش.

وقالت كلاريسا بينكومو، باحثة حقوق الطفل بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنطمة: quot;كانت الولايات المتحدة صاحبة دور قيادي في مساعدة الجنود الأطفال على العودة إلى المجتمع، وهذا في النزاعات التي ليست طرفاً مباشراً فيها.quot; ولكن بينكومو، أضافت في بيان صدر عن المنظمة الأربعاء، قائلة: quot;لكن للأسف، لا يتم الاضطلاع بهذا الدور القيادي (للولايات المتحدة) في العراق.quot;


ومن المقرر أن تبدأ لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل في مراجعة التزام الولايات المتحدة بـquot;البروتوكول الاختياريquot;، بشأن الأطفال المتورطين في النزاعات المسلحة، والذي صادقت عليه واشنطن عام 2002. وتحظر الاتفاقية تجنيد واستخدام الأطفال تحت سن 18 عاماً في النزاعات المسلحة، من جانب أي من الأطراف في النزاع، وتطالب الدول بتوفير quot;كل المساعدة الممكنةquot;، من أجل تعافي هؤلاء الأطفال، التابعين للدول الأطراف أو الواقعين ضمن نطاق سلطتها، بدنياً ونفسياً وإعادة دمجهم في المجتمع.

وأشار تقرير هيومان رايتس إلى أن القوات الأميركية قامت منذ عام 2003، باحتجاز ما يزيد على 2400 طفل في العراق، من بينهم أطفال لم تتجاوز أعمارهم العشرة أعوام. وقد تزايدت معدلات احتجاز الأطفال إلى حد كبير خلال عام 2007، بحسب المنظمة، لتصل إلى مائة طفل شهرياً في المتوسط، فيما كان معدل اعتقال الأطفال في العام السابق 2006، لا يزيد على 25 طفلاً في الشهر.

وتحتجز الولايات المتحدة معظم هؤلاء الأطفال في معسكر quot;كروبرquot; بالعاصمة العراقية بغداد، فيما تحتجز بعض الأطفال في مركز الاحتجاز الرئيسي، بمعسكر quot;بوكاquot; القريب من البصرة في جنوب العراق. وكان مسؤولون أمريكيون قد أبلغوا المنظمة، التي يوجد مقرها الرئيسي بمدينة نيويورك، في وقت سابق من العام الجاري، بأنهم يفصلون بين الأطفال والمحتجزين البالغين في مراكز الاحتجاز، لكن لا يفصلون بين الأطفال من ذوي الأعمار الأقل، أو الأطفال المعرضين للضرر بشكل خاص، وبين الأطفال المحتجزين الآخرين.

وكانت تقارير سابقة قد ذكرت في مطلع عام 2007، أن صبياً يبلغ من العمر 17 عاماً، قد قُتل خنقاً، على يد طفل آخر محتجز في معسكر quot;كروبرquot;، وفقاً للمنظمة الحقوقية الدولية. وذكر التقرير أن الأطفال المحتجزين قد يتعرضون للاستجواب على مدار أيام أو أسابيع، كما هو الأمر بالنسبة للبالغين، على يد الوحدات العسكرية الميدانية، قبل نقلهم إلى مراكز الاحتجاز الأساسية، مشيراً إلى أنهم لا يحظون بفرصة حقيقية للطعن في احتجازهم.

وفي وقت سابق من العام الجاري، قال مسؤولون أمريكيون إن الأطفال لا يقابلون محامين، أو يحضرون جلسات مراجعة أسبوعية أو شهرية لاحتجازهم بعد نقلهم إلى معسكر quot;كروبرquot;، فضلاً عن أن اتصال الأطفال بأسرهم quot;محدود.quot; كما أشار التقرير إلى تزايد فترات احتجاز الأطفال، موضحاً أنه حتى فبراير/ شباط 2008 كان متوسط فترة احتجاز الأطفال هو 130 يوماً، وأضاف أن بعض الأطفال يتم احتجازهم لأكثر من عام دون إخلاء سبيلهم، أو مثولهم أمام المحكمة، في انتهاك لـquot;مذكرة سلطة الائتلاف المؤقتة الخاصة بالإجراءات الجنائية.quot;

وقد ورد في الجزء بعنوان quot;إجراءات احتجاز المحتجزين الأمنيينquot; من تلك المذكرة: quot;أي شخص دون الثامنة عشرة، يحتجز في أي وقت، يجب الإفراج عنه في كل الحالات، في فترة لا تتعدى 12 شهراً من تاريخ إدخاله مركز الاعتقال.quot;

ووفقاً لتقرير HRW، فإن الجيش الأميركي لم يُصدر حتى الآن أية إحصاءات عن أعداد الأطفال الذين قام بنقلهم إلى الاحتجاز لدى الطرف العراقي، لغرض المُحاكمة، فيما ذكر تقرير quot;يوناميquot; أن نحو 89 طفلاً قد تم نقلهم إلى السجون العراقية، حتى ديسمبر/ كانون الأول 2007. وكحال البالغين، فإن الأطفال الذين يتم نقلهم إلى الاحتجاز لدى القوات العراقية، يتعرضون لـquot;خطر الإساءات، وسوء الأوضاع الخاصة بالاحتجاز.quot;

وفي أغسطس/ آب 2007، فتحت الولايات المتحدة quot;دار الحكمةquot; في معسكر quot;كروبرquot;، بهدف توفير خدمات تعليمية لنحو 600 مُحتجز، تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً، حتى إخلاء سبيلهم أو نقلهم للاحتجاز لدى السلطات العراقية. إلا أنه في مايو/ أيار 2008، قال مسؤولون عسكريون أمريكيون في بغداد للمنظمة، إن ما بين 200 إلى 300 طفل فقط من الأطفال المحتجزين البالغ عددهم 513 طفلاً، قد التحقوا بصفوف دراسية في دار الحكمة. وفي الوقت الراهن فإن الأطفال المُستبعدين من البرنامج لا يتلقون أي تعليم.