واشنطن: كشف تقرير حكومي أميركي أن عناصر من مكتب التحقيقات الفدرالي quot;FBIquot; مكلفين بالمشاركة في استجواب معتقلين في غوانتانامو والعراق وأفغانستان، اعترضوا على التقنيات القاسية التي وضعها الجيش ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية خلال التحقيقات مع الموقوفين. وبعد أكثر من ثلاث سنوات على بدء تحقيق خلص المفتش العام لوزارة العدل إلى أن عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي تجنبوا بشكل عام المشاركة في سوء المعاملة، وقد أدان الكثير منهم الأفعال التي شهدوها.

وقالت صحيفة واشنطن بوست في عددها الصادر الأربعاء إن عملاء في مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي كانوا قد اعترضوا في شكوى إلى مجلس الأمن القومي الأميركي على أساليب تعذيب تحصل خلال استجوابات في معتقل غوانتانامو وفي مراكز عسكرية أخرى، باعتبارها وسائل غير مجدية وربما غير قانونية، غير أن شكواهم لم تلق أي تحرك.

وأشارت الصحيفة إلى أن تقارير حول تعرض موقوفي غوانتانامو لدرجات عالية جدا من الحرارة ولإساءات دينية وخضوعهم لاستجوابات بالعري، وصلت إلى اجتماعات مسؤولين كبار في البيت الأبيض في العام 2003، غير أن تلك الأساليب بقيت سارية المفعول، وفق ما جاء في التقرير المفصل الصادر عن المفتش العام في وزارة العدل الأميركية.

وأضافت أن التقرير كشف أن موظفين عملوا مع وزير العدل السابق جون أشكروفت أعربوا شخصيا لوزيرة الخارجية كوندوليسا رايس وبعد ذلك لمستشار الأمن القومي عن القلق من أساليب وزارة الدفاع تجاه أحد الموقوفين، فيما عبر كذلك مسؤولون آخرون في وزارة الدفاع عن المخاوف نفسها أمام المستشار القانوني لمجلس الأمن القومي الأميركي في نوفمبر/تشرين الثاني من العام 2003.

ووفق التقرير نفسه رفض أشكروفت أن يُسأل عن هذا الموضوع من قبل محققين، ولذلك يبقى غير مؤكد مدى ممارسته الضغط على هذه المسألة، فيما أن مسؤولين كبار آخرين في وزارة العدل أبلغوا المحققين عن عدم حصول تغييرات في الاستجوابات في معتقل غوانتنامو حتى بعد وصول هذه التقارير وغيرها من الشكاوى إلى مجلس الأمن القومي.

وأشارت الصحيفة إلى أن نحو نصف ضباط مكتب التحقيقات الأميركي الفدرالي الـ 450 الذين عملوا في معتقل غوانتانامو، ذكروا أنهم شاهدوا أو سمعوا عن محققين عسكريين استخدموا مجموعة متنوعة من الأساليب القاسية خلال عمليات التحقيق مع الموقوفين، وأن أكثر الأساليب شيوعا هي حرمانهم من النوم أو تقييد أيدي الموقوف بأرجله لتفادي إمكانية جلوسه أو وقوفه براحة لفترات طويلة من الوقت.

وقال التقرير إن القادة العسكريين في معتقل غوانتانامو استعملوا بعض الأساليب العنيفة قبل الموافقة عليها، في انتهاك على الأرجح لسياسة وزارة الدفاع والقانون الأميركي.

وعلى الرغم من أن تقرير المفتش غلين فاين أشاد بالإجراءات التي اتخذتها وكالة التحقيقات الفيدرالية quot;FBIquot; إلا أنه انتقدها لعدم وضعها سياسة تجبر موظفيها على الإعلان عن الانتهاكات التي يقوم بها غيرهم من موظفي الدولة حتى تم الكشف عن قضية التعذيب في سجن أبو غريب في العراق عام 2004.

قضيتا أبو زبيدة والقحطاني

وقد تحدث التقرير الواقع في 370 صفحة عن الخلافات التي قامت بين مكتب التحقيق الفدرالي ووزارة الدفاع حول قضية أبو زبيدة المقرب من أسامة بن لادن والذي أوقف في مارس/آذار 2002 ومحمد القحطاني المعتقل في غوانتانامو والذي اعتبر لفترة طويلة قرصان الجو الـ20 في هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001.

وكان أبو زبيدة الذي نقل من سجون سرية لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية إلى غوانتانامو في 2006، أول مسؤول كبير في القاعدة تم توقيفه بعد اعتداءات 11 سبتمبر/أيلول 2001 وقد أقرت وكالة الاستخبارات المركزية في فبراير/ شباط بأنه تعرض لعملية إيهام بالغرق وهي تقنية تعتبر في نظر الكثيرين بمثابة عملية تعذيب.

ويوضح التقرير المستند إلى مئات الشهادات والذي تفحص 500 ألف صفحة من الوثائق، أن عملاء مكتب التحقيق الفدرالي قاموا بعد توقيف أبو زبيدة بتولي استجوابه وحصلوا على معلومات من خلال بناء علاقة ثقة معه.

في المقابل اعتبر رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الديموقراطي كارل ليفين أن البعض ألمحوا إلى أن عمليات سوء المعاملة كانت من فعل بعض الفاسدين الذين تصرفوا من تلقاء أنفسهم والتقرير هو الدليل على أن ذلك ليس صحيحا بكل بساطة. يذكر أن مكتب التحقيقات الفدرالي الأميركي كان قد أرسل بين العامين 2001 و2004 أكثر من 200 معتقل إلى أفغانستان و500 إلى غوانتانامو و260 إلى العراق.