بيروت، وكالات: يتسلّم الأحد المقبل العماد ميشال سليمان الوشاح الرئاسي للبنان، وتتواصل لهذه الغاية الإستعدادات لانتخابه رئيساً للجمهورية عند الخامسة عصراً بإجماع النواب المئة وسبعة وعشرين وإن لن يحصد جميع الاصوات بسبب الآلية التي ستعتمد لتعديل الدستور. وبالتزامن، وضعت quot;الطبخة الوزاريةquot; على النار على ان تفعّل مع بدء الاستشارات النيابية الملزمة المرجح انطلاقها الثلاثاء المقبل، ويتوقّع ان تواجه quot;شد حبالquot; حاداً على الحقائب الوزارية. وفي هذا الوقت، عادت الحياة الى قلب العاصمة بعد ان ازيلت امس اخر مظاهر اعتصام 8 آذار، وفي التاسعة ليلاً تجول الرئيس فؤاد السنيورة في ساحة النجمة .

الموعد العشرون لجلسة انتخاب الرئيس المرتقب العماد ميشال سليمان الاحد سيشهد حضوراً عربياً ودولياً لافتاً، حيث تأكد حضور أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وإلقاؤه كلمة عقب خطاب القسم للرئيس المنتخب. كذلك سيحضر وزراء خارجية كل من فرنسا برنار كوشنير، واسبانيا ميغيل أنخل موراتينوس، وايطاليا فرانكو فراتيني. ويرجح حضور رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، فضلا عن رئيس البرلمان الاوروبي ورئيس اتحاد البرلمانات العربية ورؤساء مجالس نواب عربية أخرى. وذكرت صحيفة quot;السفيرquot; ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يتجه لزيارة بيروت في الأسبوع المقبل من أجل تهنئة العماد سليمان بانتخابه ولقاء عدد من المسؤولين اللبنانيين.

وفي سابقة لم تشهدها جلسة انتخاب رئيس للجمهورية من قبل، علمت صحيفة quot;النهارquot; ان الجلسة ستقسم ثلاثة أقسام الأمر الذي يرشحها لأن تطول ساعات. في القسم الاول يجري انتخاب العماد سليمان رئيسا للجمهورية. وفي وقت اعلن النائب بطرس حرب، الذي اعتبر طريقة الانتخاب نوعا من الهرطقة الدستورية، انه سيضع ورقة بيضاء، اشارت quot;السفيرquot; الى ان quot;القوات اللبنانيةquot; ستطلب من كتلتها النيابية طرح مسألة التعديل الدستوري قبل الانتخاب، وهو الأمر الذي سيكون مكملاً للتحفظ الذي أبداه الدكتور سمير جعجع على الاتفاق، على أن تقرر بعد ذلك موقفها من التصويت لسليمان أو بالورقة البيضاء.

هذا وافادت quot;النهارquot; انه في القسم الثاني من الجلسة يحضر الرئيس المنتخب ويرافقه الرئيس بري الى المنصة لأداء اليمين ومن ثم القاء خطاب القسم، تليه كلمة أمير قطر وربما تكلم آخرون. أما في القسم الثالث الذي يبدو أنه تقرر أمس، فستتحول الجلسة اشتراعية يطرح فيها تعديل فقرة واحدة من قانون الانتخاب الساري المفعول (قانون الالفين) المتعلقة بالتقسيمات الانتخابية التي اتفق عليها في مؤتمر الدوحة. على ان يحال لاحقا قانون الانتخاب على لجنة الادارة والعدل لادخال التعديلات اللازمة عليه استنادا الى الشق الاصلاحي الوارد في مشروع قانون الانتخاب الذي وضعته اللجنة الوطنية برئاسة الوزير السابق فؤاد بطرس.

وعلمت quot;النهارquot; ايضا ان مشاورات أجريت بين بري ونواب مساء امس تقرر على أثرها ان يوجه بري صباح اليوم دعوات خاصة الى النواب في شأن تعديل قانون الانتخاب استناداً الى النظام الداخلي للمجلس الذي يوجب توزيع جدول اعمال اي جلسة اشتراعية قبل 48 ساعة من موعدها.

وعلمت quot;السفيرquot; أن قائد الجيش توافق مع الرئيس بري، على أن يكون يوم الاثنين المقبل، quot;يوم إجازةquot; بسبب عيد التحرير من جهة، ومن جهة ثانية لاستقبال الضيوف العرب والأجانب في القصر الجمهوري. فيما أعلن quot;حزب اللهquot; ارجاء احتفاله بذكرى التحرير في الضاحية الجنوبية الى الاثنين لتزامنه مع موعد جلسة الانتخاب.

اما على خط رئاسة الحكومة الجديدة، فالمسألة محصورة بين اسمي الرئيس فؤاد السنيورة والنائب سعد الحريري. وبادر الرئيس امين الجميل الى تزكية ترشيح النائب الحريري quot;لانه رئيس اكبر كتلة في مجلس النواب، ومن الطبيعي ان يكون رئيس مجلس الوزراء ونحن ندعمه في هذا الاطارquot;. لكن أوساط الغالبية تحفظت عن الخوض في هذا الموضوع الآن، فيما علمت quot;النهارquot; ان ثمة مشاورات في بعض الكتل المعارضة، وخصوصاً كتلة الرئيس نبيه بري وربما كتلة quot;حزب اللهquot; في شأن تزكية تسمية الحريري لرئاسة الحكومة على سبيل تخفيف الاحتقان المذهبي الذي تسببت به الاحداث الاخيرة.

وامتنعت مصادر الحريري أمس عن الخوض في الموضوع الحكومي وقالت لـquot;السفيرquot; ان التركيز الآن هو على انتخاب رئيس الجمهورية ومن ثم يأتي دور الحكومة. وقالت المصادر القريبة من السنيورة أن لا قرار نهائياً في شأن تسمية رئيس الحكومة بعد وان الامر متروك للغالبية. وأكدت ان ليس هناك quot;فيتوquot; على أحد، لكن السنيورة على الصعيد الشخصي لا يبدو متحمساً للعودة الى رئاسة الحكومة، فيما لا يمانع محيطون به في هذه العودة.

وفي موضوع الحقائب والأسماء، تردد بحسب quot;السفيرquot; أن هذه العملية لن تأخذ وقتا طويلا، خاصة أن الجانب القطري أخذ على عاتقه مع اللجنة العربية والجامعة العربية الإشراف عليها ومواكبتها من بيروت، في ظل منحى لإعادة الاعتبار للجنة قانون الانتخاب حتى تتولى مهمة تذليل العقبات المشتركة وصولا الى تكليفها بعملية صياغة مسودة البيان الوزاري.

وقالت مصادر دبلوماسية عربية متابعة للملف اللبناني لـquot;السفيرquot; إن هناك فكرة متداولة على نطاق ضيق حتى الآن لجهة تشكيل حكومة ثلاثينية تضم جميع أقطاب الحوار، من دون كسر قاعدة النسب، الأمر الذي يحوّل الحكومة الجديدة الى هيئة حوار وطني برعاية رئيس الجمهورية ورئاسته، غير أنها أشارت الى أن شرط قيام حكومة من هذا النوع هو أن تكون بالضرورة برئاسة النائب سعد الحريري.

الا ان مصدرا سياسيا رفيعا اعلن في اتصال ليل امس بصحيفة quot;اللواءquot; ان الرئيس السنيورة هو في طليعة مرشحي قوى الرابع عشر من اذار لترؤس الحكومة الأولى في العهد الرئاسي الجديد، مشيراً الى ان اي اعلان يتعلق بهذا الصدد او بالخيار الذي ستركن اليه الأكثرية لجهة مرشحها لرئاسة الحكومة، رهن بالمشاورات التي من المنتظر ان تقوم بها في الأيام القليلة المقبلة، واستطراداً الآلية الدستورية التي ستعتمد لجهة المشاورات النيابية التي سيجريها الرئيس العتيد. ولفت الى ان قوى الغالبية تعي ان جدول اعمال الحكومة الجديدة سيكون الى حد ما محدوداً بالاشراف على الانتخابات النيابية المقررة في ربيع سنة 2009، مع بعض الاجراءات المالية والاقتصادية التي من شأنها ان تعيد الاستقرار الاجتماعي والتعويض عما لحق بالاقتصاد وباللبنانيين جراء الشلل الذي اصاب المؤسسات الدستورية والتخلف عن توظيف الفورة النفطية الخليجية التي دفعت عدداً من الدول المجاورة الى معدلات نمو خيالية بلغت في بعض منها 7%. وتوقع مصدر ان يعقد اجتماع الأكثرية في موعد اقصاه مساء الأحد.

وفي موضوع البيان الوزاري، قالت أوساط مقربة من قائد الجيش لـquot;السفيرquot; إنه سيرتكز على روحية اتفاق الدوحة، وأن المهمة التي يجب أن يضطلع بها الجميع في المرحلة المقبلة هي اللملمة، وشددت على أن رئيس الجمهورية سيأخذ على عاتقه مهمة إدارة الحوار اللبناني في القصر الجمهوري، على أن يتم تثبيت ما تم الإجماع عليه ووضع آلية لتنفيذه، تمهيدا للانتقال الى جدول أعمال جديد يأخذ في الاعتبار القضايا الخلافية بين اللبنانيين.

سليمان: انقاذ لبنان مسؤولية الجميع

الى ذلك اعلن سليمان الذي سينتخب الاحد رئيسا للبنان ان انقاذ البلاد quot;مسؤولية الجميعquot;، داعيا السياسيين الى quot;الاقتناع بارادة جامعة لتحقيق شراكة وطنيةquot;. وقال سليمان لصحيفة quot;السفيرquot; اللبنانية quot;انا وحدي لا استطيع انقاذ البلد، هذه مهمة الجميع (...) انا ارغب في ان يقتنع السياسيون بتوافر ارادة سياسية جامعة لتحقيق شراكة وطنية حقيقيةquot;. واضاف ان quot;الامن ليس بالعضلات بل بالارادة السياسية المشتركةquot;، مؤكدا ان quot;لا طرف وحده يمكنه بناء الوطن بل الارادة السياسية الجماعية وتوافر النية الصادقةquot;.

وسليمان سيكون الرئيس الثاني عشر للجمهورية اللبنانية. ولن يتسلم منصبه من خلفه بعدما شغرت سدة الرئاسة الاولى منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2007 مع انتهاء ولاية الرئيس السابق اميل لحود القريب من سوريا.

الصحف اللبنانية

بدورها اجمعت الصحف اللبنانية الجمعة على ان جلسة انتخاب ميشال سليمان رئيسا ستتحول تظاهرة عربية ودولية مع دعوة العديد من المسؤولين العرب والاجانب اليها، ورجحت تسمية رئيس كتلة quot;تيار المستقبلquot; النائب سعد الحريري لترؤس الحكومة المقبلة. وقالت صحيفة quot;النهارquot; القريبة من الاكثرية ان quot;امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني سيحضر الجلسة ويلقي كلمة فيها، اضافة الى وزراء خارجية فرنسا برنار كوشنير واسبانيا ميغيل انخيل موراتينوس وايطاليا فرانكو فراتيني، مع ترجيح حضور رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغانquot;. واضافت ان quot;الجلسة ستقسم ثلاثة اقسام: انتخاب سليمان ثم القاؤه خطاب القسم وكلمة امير قطر، ثم تتحول الجلسة اشتراعية لتعديل فقرة واحدة من قانون الانتخاب المتعلقة بالتقسيمات الانتخابية التي اتفق عليها في مؤتمر الدوحةquot;.

وذكرت صحيفة quot;السفيرquot; القريبة من المعارضة ان quot;الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يتجه الى زيارة بيروت الاسبوع المقبل لتهنئة الرئيس الجديدquot;. ونقلت عن اوساط رئيس الوزراء فؤاد السنيورة انه quot;تعب ويريد ان يرتاحquot;، مضيفة نقلا عن مصادر دبلوماسية عربية ان quot;ارجحية رئاسة الحكومة معقودة للنائب الحريري على ان يبت الامر خلال 48 ساعةquot;.

من جهتها، اوردت صحيفة quot;الحياةquot; العربية ان quot;سليمان سينتخب وفق المادة 75 من الدستور اللبناني وفق اجتهاد يقول ان خلو سدة الرئاسة يسمح بتجاوز التعديل الدستوري بالنسبة الى موظفي الفئة الاولى الذين يرشحون للرئاسةquot;.

وكتبت صحيفة quot;الاخبارquot; المعارضة ان quot;رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يسمح لحكومة السنيورة بالمشاركة في جلسة الانتخاب كحكومة مجتمعة تجلس في المقاعد المخصصة لها لانه يعتبرها فاقدة للشرعية الدستوريةquot;. واضافت ان quot;الوزراء النواب سيجلسون في مقاعد النواب فيما سيجلس الوزراء غير النواب في مقاعد الضيوفquot;. ونقلت عن quot;مرجع بارز في حوار الدوحةquot; انه ثمة quot;تفضيلا لتسمية الحريري رئيسا للحكومة المقبلةquot;.