أجهزة الأمن وبراك وراء تحديد توقيت الإعلان عن المفاوضات مع سوريا
جولة عسكرية اسرائيلية محتملة في غزة

نضال وتد من تل أبيب: اعتبر المحلل السياسي والعسكري، البارز لصحيفة يديعوت أحرونوت، رون بن يشاي، في مقالة خاصة نشرها ، في موقع الصحيفة، أنه على الرغم من الظروف quot;المشبوهةquot; التي رافقت إصدار البيان الموحد في كل من تل أبيب، ودمشق وأنقرة، بشأن الاتفاق على البدء في مفاوضات بين دمشق وتل أبيب، إلا أن الإعلان المذكور، على ما يبدو ليس مناورة إعلامية، على الرغم من مساعي أولمرت لنشر البيان في هذا الموعد.

وكشف بن يشاي النقاب عن أن مجمل التحرك الاستراتيجي لإطلاق مفاوضات سياسية مع سوريا،قبل عام، كان بمبادرة من الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، كما هو الحال أيضا بالنسبة للبيان الأخير ، حيث كان نشر ذلك البيان بمبادرة من وزير الأمن إيهود براك، ورئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، غابي أشكنازي، وبمساندة كبار أجهزة الاستخبارات العسكرية في إسرائيل.

ويقول بن يشاي في مقالته quot;ويعود ذلك إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلية، توصلت منذ نهاية العام 2007، إلى استنتاج مفاده أنه لن تكون هناك أية نتيجة إيجابية لمواجهة عسكرية مع سوريا_ حتى لو كانت الغلبة فيها، في نهاية المطاف هي لإسرائيل. فحتى بعد سنوات، عندما تحصل إسرائيل على شبكة متطورة لإسقاط الصواريخ مع ما يرافق ذلك من التحسين المرتقب لقدرات سلاح الجو الإسرائيلي والقوات البرية، فستدفع الجبهة الداخلية ثمنا باهظا عند أية مواجهة تقع مع سوريا. فكم بالحري في حالة وقوع هذه المواجهة الآن حيث قد تؤدي مواجهة في غزة أو هجوم على المنشات الذرية لإيران إلى إشعال الجبهة السورية واللبنانية، في وقت لا يتوفر فيه للجيش الإسرائيلي رد كاف على عشرات آلاف الصواريخ الباليستية، والقذائف الصاروخية على أنواعها، والتي يمكن لسوريا أن تمطر بها سماء إسرائيل. هذه هي كل الحكاية، لكن ما حث إسرائيل على على إعلان البدء عن محادثات سلام مع سوريا في الوقت الراهن، هو لكون احتمال وقوع جولة عسكرية قريبة في قطاع غزة.quot;

ويضيف بن يشايquot; إنه تزداد في الآونة الأخيرة في الأجهزة الأمنية، الشكوك في قدرة المصريين على التوصل إلى وقف مؤقت ومستقر لإطلاق النار مع حماس والتنظيمات الأخرى في القطاع. وحتى لو تم إعلان وقف لإطلاق النار، فإن أجهزة الأمن تقدر بأنه لن يصمد طويلا وأن الجيش الإسرائيلي سيضطر في نهاية المطاف، بعد عدة أسابيع أو عدة شهور إلى القيام بحملة عسكرية واسعة. وإذا، وعندما يقع ذلك- خاصة إذا اتضح أن الجيش الإسرائيلي قادر على كسر مقاومة حماس- فمن المعقول أن تضغط إيران على سوريا وحزب الله لمساعدة الفلسطينيين في القطاع عبر التهديد بفتح جبهة ثانية- شمالية، وربما تنفيذ هذا التهديد، وعندها يضطر الجيش الإسرائيلي إلى تقسيم قواته وموارده الجوية والبرية وتوزيعها على الجبهتين، مما قد يجبر إسرائيل على القبول بوقف إطلاق نار قبل أن يحقق الجيش الإسرائيلي أهدافه في قطاع غزة. إضافة إلى ذلك يجب أن نأخذ بالحسبان الصرخة والغليان في العالم العربي والإسلامي، نتيجة لتقارير الجزيرة، وباقي الفضائيات العربية ا من غزة. ومن الممكن في هذه الحالة أن تواجه دمشق ضغطا ليس فقط إيرانيا وإنما أيضا من الرأي العام السوري والعربيquot;.

ويرى بن يشاي أن التقديرات السائدة في إسرائيل ترى بأن الأسد لا يريد أن يورط نفسه حاليا في مواجهة هدامة مع إسرائيل، بنفس الدرجة التي ترغب فيها إسرائيل الامتناع عن هذه المواجهة. فالسوريون، شأنهم في ذلك شأن إسرائيل، موجودون حاليا في أوج جهود مكثفة لشراء منظومات سلاح من روسيا تمكنهم، حسب تقديرهم من الصمود في وجه هجوم جوي وبري إسرائيلي. وستبلغ هذه العملية ذروتها فقط بعد عامين، وبالتالي فإن السوريين معنيون، على الأقل لغاية ذلك الموعد، بالامتناع عن التورط في مواجهة عسكرية مع الجيش الإسرائيلي، ويجب أن يكون لها مبرر وشرعية عربية ودولية للامتناع عن نشاط في السياق الفلسطيني لقطاع غزة، وهذا بالضبط ما توفره المفاوضات مع إسرائيل للرئيس الأسد.

quot;حتى حزب الله لن يستطيع انتقاد سورياquot;

ويمضي بن يشاي ليقول : إنه في مثل هذه الحالة، فإنه حتى منظمة حزب الله وإيران، لن تتمكنا من معارضة وانتقاد الموقف السوري القائل بأن سوريا لا يمكنها تفويت فرصة لاستعادة الجولان والتضحية بالجولان مقابل دعم متمردين من الإسلام السني المتطرف الذين سيطروا على غزة.quot;

ووفقا لبن يشاي فإن سوريا ستمارس تأثيرها وضغوطها على حزب الله حتى لا يبادر إلى فتح جبهة ثانية، أنها quot;قد تجر ردا إسرائيلي في لبنان يُفقِد حزب الإنجازات السياسية الممتازة التي حصدها في المواجهة الداخلية الأخيرة في لبنان. من هنا فمن المنطقي الاعتقاد أن سوريا ستقرر عدم التدخل لصالح حماس في المواجهة القادمة في غزة، وستحاول بدلا من ذلك ممارسة تأثيرها على قيادة الحركة الموجودة في دمشق لإنهاء المواجهة بسرعة، الأمر الذي سيحررها من الضغوط الداخلية والعربية.quot;

وبالنسبة للمكاسب السياسية الإسرائيلية من وراء جولات المباحثات مع سوريا، فإن بن يشاي يرى أن هذه المكاسب تأتي على صعيدين: أولا quot;نجاح الوسيط التركي بالحصول على موافقة إسرائيلية على quot;تنازلات مؤلمةquot; يعزز الادعاء القائل بأن إسرائيل تريد حقا السلام وتستخدم سلاح القوة فقط عندما لا يكون امامها مفر آخر.أما المكسب الثاني فهو يتعلق لسوريا، فطالما تواصلت المفاوضات بينها وبين إسرائيل فإنها لن تبحث عن سبل لرد الصاع لإسرائيل على قيامها بتفجير منشآتها في تل الزرو، وتصفية عماد مغنية.

أما عن الأسباب والدوافع التي حدث بإسرائيل لبدء مفاوضات مدوية مع سوريا فإن بن يشاي يقتبس في هذا السياق تصريح أولمرت الذي قال فيه:quot; إن السنوات التي مرت، لم تحسن علاقاتنا على حدودنا الشمالية التي لا تزال تشكل مصدر القلق الرئيسي وتهديد لتدهور إقليمي. في مثل هذه الحالة فإن الحديث أفضل من إطلاق النارquot;.

مع ذلك يرى بن يشاي حاجة للتوضيح والتأكيد على :quot; أنه في إسرائيل عموما، ولدى أجهزة الأمن على وجه التحديد، لا توجد قناعة بأن سوريا معنية بسلام حقيقي، وأن بشار الأسد يرغب ويمكن أن يسمح لنفسه بقطع علاقاته الخاصة مع إيران وحزب الله. في المقابل فإن القيادة السورية، تشكك بدورها، بمدى استعداد القدس للاستجابة لمطالبها في الجولان. مع ذلك قرر قباطنة الدولتين على الدخول في مفاوضات نشطة، لأن مجرد إجرائها يخدم أهدافا ومصالح حيوية للدولتين، على المدى القصير، وغالبية هذه المصالح لا تتعلق بقضية الجولان ولا بالسلامquot; فسوريا وعبر المفاوضات مع إسرائيل، تخرج من عزلتها الدولية والعربية، وقد تستأنف علاقاتها مع واشنطن؛ إسرائيل ترغب بدورها بإخراج سوريا من دائرة الحرب النشطة لأطول وقت ممكن، وربما إلى الأبدquot;.

ويخلص بن يشاي إلى القول: quot;إن المفاوضات في التوقيت الحالي هي وسيلة وهدف في آن واحد لذلك لا حاجة للإنجرار فاليوم الذي سيرفع فيه العلم السوري على هضبة الجولان، ويمكن للإسرائيليين أن يتناولوا فيه أطباق الحمص في دمشق، لا يزال بعيدا، تماما مثلما كان قبل شهر وقبل عامينquot;.