واشنطن: يوم الثلاثاء الماضي جرت احد أهم معارك الإنتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطى فى طريقه لإختيار مرشحه لإنتخابات الرئاسة الأميركية التى تجرى أواخر العام الجاري، نتائج هذه الجولة أثارت سيلً من الأسئلة حول مصير تسمية المرشح الديمقراطى فهل سيكون سيناتور ولاية الينوى باراك أوباما ؟ أم أن هيلارى كلينتون ما تزال لديها فرصة لاقتناص الترشيح؟ حتى تحقق غايتها لتكون أول سيدة تتولى رئاسة الولايات المتحدة الأميركية.

نتائج متوقعة في الولايتين

فمن جانبه اهتم لارى كينج فى برنامجه الذى يذاع على شبكة CNN بما أسفرت عنه هذه الجولة من الانتخابات التمهيدية من فوز السيناتور باراك أوباما بولاية أوريجون وفوز هيلارى كلينتون بولاية كنتاكى بفارق كبير عن منافسها العنيد أوباما ، الذى استطاع بعد هذه الجولة أن يستحوذ على أغلبية المندوبين العاديين ، فيما اعتبر خطوة مهمة لحسم ترشيح الحزب الديمقراطى له فى الانتخابات الرئاسية القادمة فى نوفمبر من العام الجارى.

وفى السياق ذاته ركز البرنامج على الفوز الكبير التى حققته هيلارى كلينتون فى ولاية كنتاكى حيث حققت انتصارا فى هذه الولاية بفارق 35 نقطة عن أوباما ، كما حقق أوباما فوزا جديدا فى ولاية أوريجون ، وبالنظر إلى التركيبة السكانية لهاتين الولايتين فانه يمكن القول أن كلا المرشحين قد أدى بصورة جيدة ، لان كلا الولايتين معروف عنهم أنهم ذات أغلبية بيضاء ، وبالتالى فان أوباما بهذا الفوز لا يمكن اعتبار انه فقط مرشح السود أو أن هذه الانتخابات تسيطر عليها الاتجاهات العنصرية ، والتى نتج عنها فى استقطاب حاد فى صفوف الحزب الديمقراطى ، أكدته نتائج بعض استطلاعات الرأى التى توصلت إلى أن مناصرى كلا المرشحين لن يصوت للمنافس إذا وصل إلى الانتخابات الرئاسية.

هل انتهى الأمر لهيلارى.؟

وفى إطار مناقشة البرنامج لفرص هيلارى كلينتون للبقاء فى السباق بعد أن تعالت الكثير من الأصوات بضرورة حسم الصراع لصالح أوباما وفوزه بترشيح الحزب الديمقراطى ، أكد وولف بليتزر أن هيلارى فى الوقت الآنى لا تمتلك أوراق أخرى لتعلب بها لكى تبقى فى السباق حتى طبقا لأبسط القواعد الحسابية ، فقد حسم أوباما تقريبا الفوز بترشيح الديمقراطيين ، وكل ما تستطيع عمله فى الوقت الحالى هى أن تقنع اللجنة القومية للحزب الديمقراطى بتغيير قواعد ولوائح الحزب من اجل احتساب نتائج الانتخابات التمهيدية فى ولايتى فلوريدا وميتشجان ، والتى كان الحزب الديمقراطى قد ألغاهما وحرم مندوبى هاتين الولايتين من حضور المؤتمر العام للحزب الديمقراطى فى أغسطس القادم ، وأن تتمكن فى نفس الوقت من إقناع العدد المتبقى من المندوبين السوبر الذين لم يحسموا بعد لأيا من المرشحين سيصوتوا بالتصويت لها؟ وأشار بليتزر إلى أن هذه المعادلة ليست مستحلية ولكن جميع المعطيات القائمة فى الوقت الحالى تصب فى صالح المرشح باراك أوباما حيث اقترب كثيرا من خط النهاية ، فهو فى حاجة فقط إلى الفوز بنسبة تتراوح بين 25% و28% من المندوبين المتبقين ، وفى هذه الحالة سيحسم السباق لصالحه. بينما هيلارى كلينتون فى حالة لا تحسد عليها فهى يجب أن تفوز بنسبة 80% من المندوبين المتبقين فى حالة عدم موافقة الحزب على تغيير لوائحه الداخلية لإضافة أصوات ولاياتى ميتشجان وفلوريدا.

العدد الأكبر وليس نوعية المندوب يحدد الفائز

ومن ناحية أخرى فان البرنامج قد أشار إلى انه بالرغم من أن الناحية الواقعية تؤكد انه من الصعب أن تستمر هيلارى كلينتون فى السباق وتتمكن من الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطى لها فى الانتخابات الرئاسية العامة ، إلا إنها ما تزال تصر على البقاء والسبب فى ذلك يعود إلى انه بالرغم من انه لم يتبقى فى السباق سوى ولايتين فقط هما مونتانا وثاوث داكوتا إلى جانب جزر البورتريكو فهى مبقية على الأمل فى إقناع المندوبون السوبر بأن أوباما لن يستطيع تمثيل الحزب الديمقراطى فى الانتخابات الرئاسية فى مواجهة المرشح الجمهورى القوى جون مكين.

ومن ناحية أخرى لفت البرنامج الانتباه إلى انه إذا تجاهلنا عدة أمور مثل أن أوباما لديه أغلبية المندوبين العاديين ، وانه فاز فى أغلبية الولايات التى تمت فيها الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطى ، وانه يمثل خيار أفضل من هيلارى كلينتون فى مواجهة المرشح مكين طبقا لاستطلاعات ، فانه يجب ألا ننسى أن هيلارى قد أدت بصورة جيدة فى غالبية الولايات الكبرى التى تمثل أهمية كبيرة فى الانتخابات الرئاسية واستطاعت فيها هزيمة أوباما ، وبالتالى فإنها ما تزال تملك مبرر قوى للبقاء فى السباق ، فهى تعتقد أنها ما تزال لديها بعض نقاط القوة التى تمكنها من البقاء حتى خط النهاية. فى الوقت نفسه فان إصرار هيلارى على البقاء يأتى من القوة الانتخابية التى تقف خلفها والتى تساندها بقوة خصوصا فئة النساء ، الذين يؤكدون لها أنهم فخورون بما تفعله ، وأنها يجب أن تستمر فى السباق حتى تستطيع تحقيق انجاز كونها أول رئيس للولايات المتحدة من النساء ، ومن ثم فهى تبحث عن نهاية مشرفة وانجاز كبير يحسب لها. كما أنها تعتقد بشدة أنها ما تزال هناك فرصة لها لكى تحقق حلمها فى الفوز بترشيح الحزب لها فى انتخابات نوفمبر القادمة ، فرصة من الخارج تتمثل فى احتساب نتيجة انتخابات ولايتى فلوريدا وميتشجان. ولكن المعيار الذى يتم اختيار مرشح الحزب للانتخابات بناء عليه ، يكون على أساس عدد الأصوات الأكبر الذى يحصل عليه المرشح ، وأوباما هو الذى استطاع أن يحقق هذا الشرط حيث فاز بأغلبية المندوبين العاديين.

أما آنا جيفى فقد أعدت تقريرا لإذاعة NPR أكدت فيه أن نتائج هاتين الولايتين لم تكن مفاجئة فقد جاءت كما توقع الخبراء لها ، وبقى على خط نهاية السباق الديمقراطى جولة فى ولاياتى مونتانا وثاوث داكوتا إلى جانب جزر البورتريكو ، ولكنها لفتت الانتباه إلى أن عدد المندوبون فى هذه الجولة لن يكون له تأثير كبير على تفوق أوباما ، فحتى لو فازت هيلارى كلينتون فيها جميعا فان أوباما سيظل محتفظا بالتفوق فى عدد المندوبين خصوصا العاديين منهم ، ولكنها رغم ذلك ما تزال مصرة على استكمال السباق حتى نهايته ، الأمر الذى وضع مندوبو الحزب السوبر فى مأزق خطير حيث أشارت هيلارى إلى أن على هؤلاء أن يقوموا بالاختيار الصعب من اجل وجود مرشح قوى يستطيع الصمود فى وجه المرشح الجمهورى جون مكين.

وفى تفسيرها للنتائج التى تمخضت عنها هذه الجولة فقد أكدت الكاتبة أن ولاية كنتاكى تتميز بان ما يقرب من ثلث الناخبين يعرفّوا أنفسهم بأنهم ليبراليين ، وأكثر من ثلثى سكانها يعتبروا الاقتصاد من أهم الموضوعات التى تشغلهم ، وكما أسفرت نتائج الجولات الماضية فان هيلارى قد اجتذبت أصوات الناخبين من كبار السن وساكنى الريف وذوى الدخل المنخفض ومن لم يحصلوا على قسط كبير من التعليم. أما ولاية أوريجون كان هناك اقل من نصف ساكنى الولاية يضعوا الاقتصاد على رأس أولوياتهم واستطاع أوباما فى هذه الولاية أن يكتسب أصوات الشباب وساكنى المناطق الحضرية والأغنياء والمتعلمين.

الشمس المشرقة محطة مهمة فى سباق الرئاسة

وبغض النظر عن كيفية تعامل اللجنة القومية للحزب الديمقراطى مع مشكلة أصوات مندوبو ولاياتى ميتشجان وفلوريدا والتى يطلق عليها ولاية الشمس المشرقة فان جيفى قد لفتت الانتباه إلى أن أوباما تنتظره مهمة كبيرة فى الولايات الكبيرة خصوصا فلوريدا إذا هو أراد أن يؤدى بشكل جيد فى الانتخابات العامة فى مواجهة المرشح الجمهورى مكين ، الأمر الذى دفعه إلى القيام بجولة انتخابية فى الولاية من اجل أن يقدم نفسه للناخبين هناك ، باعتباره مرشحا يصلح للرئاسة الأميركية.

ومن ناحية أخرى أكد ريك كيلين فى تقرير أعده لشبكة ABC أن فلوريدا أصبحت من الولايات المهمة للمرشحين الديمقراطيين سواء كان باراك أوباما أو هيلارى كلينتون. فأوباما يريد أن يضمن أصوات مندوبى هذه الولاية ndash; البالغ عددهم 27 صوت - فى المجمع الانتخابى فى الانتخابات الرئاسية العامة فى نوفمبر باعتبار انه المرشح الأقرب للفوز ببطاقة الحزب الديمقراطى ، أما كلينتون فهذه الولاية تمثل أملها الأخير فى أن يقرر الحزب الديمقراطى احتساب نتائجها فى الانتخابات التمهيدية مما يساعدها على تقليل الفرق فى عدد المندوبين مع منافسها مما سيزيد فرصها فى هزيمته.

الطبقة العاملة البيضاء هل تمنع أوباما من البيت الأبيض؟

رغم هذا التقدم الكبير الذى أحرزه أوباما فى الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطى إلا أن هناك العديد من الأصوات إلى تزعم أن رفض الطبقة العاملة له كمرشح للحزب الديمقراطى فى الانتخابات الرئاسية سوف يقلل كثيرا من فرصه فى هزيمة المرشح الجمهورى مكين فى الانتخابات العامة فى نوفمبر. وهو الأمر الذى تناوله الكاتب تشارلز هيرت فى صحيفة النيويورك بوست والذى أكد فيها أنه من الصعب الزعم بأن هذا العداء الموجود بين صفوف هذه الطبقة تجاه أوباما قد يكون عائقا كبيرا أمامه ، على اعتبار أن هذه الفئة من الناخبين تميل أكثر إلى هيلارى كلينتون ، بل أكثر من ذلك فان استطلاعات الرأى التى تمت بين هؤلاء الناخبين أكدت أنهم لن يدعموا باراك أوباما فى الانتخابات الرئاسية. وهو الأمر الذى حاول التغلب عليه بالقيام بجولة انتخابية فى كل من ولاية أيوا التى حقق فيها فوزا غير متوقع فى الانتخابات التمهيدية وأيضا قام بجولة فى ولاية فلوريدا.