نضال وتد من تل أبيب: بعد أشهر من الغزل الدبلوماسي والاتصالات وتبادل الرسائل بين سوريا وإسرائيل، عبر الوسيط التركي، والتي بلغت ذروتها في البيان الذي صدر الأربعاء الماضي من دمشق وتل أبيب وأنقرة بشأن اتفاق الطرفين الإسرائيلي والسوري على البدء في مفاوضات جادة، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، أيهود أولمرت، خلال جلسة صاخبة للجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست، أنه لم يقطع على نفسه أي تعهد للطرف السوري باستثناء التعهد بالبدء بمفاوضات للتسوية.

مع ذلك أشار أولمرت في كلمته إلى أنه quot; بادر لهذا التحرك السياسي منذ شباط 2007، بعد أن كان أربعة رؤساء حكومة سابقين قد تفاوضوا مع دمشق وتعهدوا بتقديم تنازلات مؤلمة للغاية، وبالتالي فلا يحاولن أحد أن يض2عني في امتحان لأظهر على الملأ هذه التعهدات، وهي كلها موجودةquot;.

وقال أولمرت، الذي حاول الرد على اتهامات اليمين له، وخصوصا زعيم الليكود بينيامين نتنياهو، إنه أطلع أصدقاء إسرائيل وحلفائها على التطورات على المسار السوري، وأن ما حسم الأمر لصالح إطلاق المفاوضات هو السؤال الصعب ماذا كان سيحدث لو كنا أنجررنا، خلافا لرغبتنا وبفعل حسابات خاطئة لصدام عنيف مع السوريين،عندها كان الجميع سيقولون لنا كيف يمكن لمثل هذا الأمر، أن يرغبوا بالسلام ولا تقومون حتى بفحص هذه الإمكانية؟

ممثل الاستخبارات العسكرية: سوريا معنية بدفع العملية السياسية مع إسرائيل

من جهته قال رئيس قسم الأبحاث في الاستخبارات العسكرية quot;أمانquot;، الكولنيل يوسي بايديتش، لأعضاء لجنة الخارجية والأمن إن quot;سوريا معنية بدفع العملية السياسية مع إسرائيل، وفقا لفهمنا لطبيعة الموقف فإن السوريين معنيون ويريدون أن تتقدم المسيرة السلميةquot;. لكنه أضاف أن سوريا تعكف بموازاة ذلك على تعزيز قدرات حزب الله:quot; فهي تواصل نقل أسلحة لحزب الله يذهب قسم منها إلى الجنوب اللبناني، حيث تواصل منظمة حزب الله بناء قوتها الصاروخية، جنوبي نهر الليطاني وشماله أيضا، وتحصل على صواريخها من إيران ومن سورياquot;. ولفت بايديتش إلى أن سوريا لا ترى أن هناك أي معضلة فيما يخص علاقاتها مع إيران.

براك يخفض سقف التوقعات على المسار السوري ويتوعد غزة

من جهته عاد زعيم حزب العمل، إيهود براك، على خفض سقف التوقعات من المفاوضات السورية الإسرائيلية، ومدى الشوط الذي قطعه الطرفان في الطريق إلى اتفاق سلام بينهما. وقال براك خلال جلسة خاصة عقدتها كتلته البرلمانية الاثنين، إن إسرائيل معنية بخروج سوريا من دائرة المواجهة، ولذلك فإن قرار بدء المفاوضات هو قرار صائب، ولكن ومع ذلك يجب أن ندرك أن للسوريين أجندة مختلفة، تبدأ بقضايا بقاء النظام، ودورهم في لبنان، وعلاقاتهم مع الولايات المتحدة، أما هضبة الجولان والسلام مع إسرائيل فيحتلان، نسبيا موقعا متدنيا في هذه الأجندةquot;.

وأضاف براك quot;إن الطرفين يدركان أن المفاوضات ستكون مركبة وستستغرق وقتا، وتتطلب قرارات غير بسيطة وغير فورية، ولذلك تدور الآن عمليات جس نبض من أجل البدء بمفاوضات أكثر شمولية. هناك احتمال وحيد لنجاح هذه المفاوضات هو أن تجري ونحن في موقف قوة، وهذا ما نعمل عليهquot;.
اليمين يتحرك على الصعيد الشعبي ومطالبة بمحاكمة أولمرت بتهمة الخيانة.

وفي الوقت الذي بدا فيه أن أولمرت ينفي ان يكون قطع عهدا بانسحاب إسرائيل كامل من الجولان، فقد صعد اليمين الإسرائيلي، في الكنيست من حملته ضد مفاوضات سلام مع سوريا على أساس quot;وديعة رابينquot;، على حد اتهام رئيس الحكومة أولمرت بالخيانة، فبعد أن اقتبس النائب اليميني المتطرف، أرييه الداد نص القانون الإسرائيلي الخاص بالحكم بالإعدام على كل من يتنازل عن أرض كانت تحت السيادة الإسرائيلية، وهو ما أثار ضده عاصفة كبيرة، دعت نواب اليسار إلى مطالبة المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية بفتح تحقيق ضده، وجه الداد كتابا رسميا للمستشار القضائي للحكومة، مطالبا إياه بالتحقيق مع رئيس الحكومة بتهمة الخيانة العظمى.

وجاء في الرسالة التي حملت عنوان quot;خيانةquot; quot; إن قانون هضبة الجولان من العام 1981 ينص على فرض القانون الإسرائيلي على هضبة الجلان، مما يعني أن الهضبة جزء من السيادة الإسرائيلية، فيما يحدد قانون العقوبات الجنائية للعام 1977 في المادة 97 جريمة الخيانة بالآتي: كل من يقوم عن سابق قصد بنقل قسم من سيادي من إسرائيل إلى دولة أجنبية، يكون ارتكب فعلا حكمه الإعدام أو السجن المؤبدquot;.

ويضيف إلداد في رسالته: بما أن رئيس الحكومة، إيهود أولمرت، صرح بصوته أنه يجري مفاوضات عبر وسيط تركي، مع سوريا تهدف إلى توقيع اتفاقية سلام مقابل تسليم الجولان لسوريا، فإن هذا يماثل ارتكاب الخيانة، وعليه أكون شاكرا لك إذا أوعزت للشرطة بالتحقيق في الأمر، وإذا تبين أن السيد أولمرت قام بذلك فعليك إصدار أمر بتقديمه للمحاكمة بتهمة الخيانةquot;.

حملة شعبية ضد الانسحاب من الجولان

إلى ذلك أطلقت الحركة الجديدة quot;أحيquot; التي أعلن عن تأسيسها الاثنين على يد عضوي الكنيست إيفي إيتام ويتسحاق ليفي حملة جديدة تحت اسم quot;أحي مع الجولانquot;، وتأسيس قيادة قطرية إسرائيلية من أجل مناهضة الانسحاب من الجولان ومن أجل تكثيف الاستيطان الإسرائيلي فيه.

وعقد اللوبي البرلماني من أجل الجولان، الذي يرأسه عضو الكنيست، يسرائيل كاتس (الليكود) بمشاركة زعيم الليكود نتنياهو، ومجموعة من أعضاء الكنيست الآخرين بينهم عضو من حزب العمل، حيث أعلن أقطاب اللوبي أن هناك أغلبية كبيرة في الكنيست ضد الانسحاب من الجولان، ليس فقط بسبب quot;خطورة الانسحاب من الجولان على أمن إسرائيل، وإنما لأن الجولان جزء لا يتجزأ منها ومن تاريخ شعبها كما قال زعيم الليكود نتنياهو، الذي زعم أيضا أنه عثر في الجولات على بقايا وآثار نحو 340 كنيس يهودي.

وأعلن عضو الكنيست يورام مارتسيانو من حزب العمل أنه غير صحيح الاعتقاد بأن جميع أعضاء الكنيست من حزب العامل يؤيدون الانسحاب من الجولان، بل إن الكثيرين في الحزب يعارضون هذا الموقف، متعهدا بالعمل هو ومن يشاطره الرأي في الحزب ضد هذا الأمر. وفي هذا السياق أعلن أيضا وزيران في الحكومة الإسرائيلية، وهما شاؤول موفاز، وإيلي يشاي أنهما سيؤيدان الحملة ضد كل اتفاق يتم بموجبه إعادة الجولان لسوريا.

*الصور بعدسة إيلاف