مراكز أبحاث في تل أبيب عملت لتقييم المؤتمر بكامل بنوده
لبنان بعد اتفاق الدوحة.. أخطار وآمال لإسرائيل

خلف خلف- إيلاف: اتفاق المصالحة الذي وقعه اللبنانيون في الدوحة، أثار جملة من التساؤلات والآراء: هل هو اتفاق هدنة أم حل دائم؟ وتعددت القراءات والأماني التي أثارها الاتفاق في الشارع اللبناني والعربي والدولي بشكل عام، ولكن إسرائيل رسميًا التزمت الصمت، واكتفت أوساط إسرائيلية بالتقدير أن تطبيق الاتفاق سيترتب عليه تزايد مستوى المخاطر المهددة لأمن إسرائيل. ولكن عمليًا لم يتوقف التقدير الإسرائيلي عند هذا الحد، بل أن أجهزة الاستخبارات ومراكز الأبحاث في تل أبيب عملت بجد لتقييم الاتفاق بكامل بنوده، ومعرفة انعكاساته المستقبلية على إسرائيل، وفي هذا الصدد، اصدر مركز بحوث الأمن القومي في إسرائيل مؤخرًا دراسة تحت عنوان quot; المواجهة في لبنان وتقوي حزب الله ndash; أخطار وآمال لإسرائيل quot;.

ويبين معد الدراسة الباحث زاخي شلوم، أن المعنى العملي لاتفاق الدوحة هو تقوي حزب الله، وتقريب إمكان سيطرة الحزب على لبنان كله أو على أجزاء كبيرة داخله، وهو شيء يشتمل على أخطار شديدة على إسرائيل، كما يقول. وبحسب الدراسة التي جاءت في العدد 57 في سياق quot;نظرة من الأعلىquot; فأنه منذ حزب لبنان الثانية نجح حزب الله في إعادة بناء قوته بقدر كبير. وبحسب التقارير المختلفة التي تعتمد عليها الدراسة فأن حزب الله يملك اليوم عشرات الآلاف من الصواريخ، جزء منها بعيد المدى، وهو قادر على أن يصيب العمق الإسرائيلي إصابة شديدة. ولذلك فأن الإخطار التي تصحب سيطرته على لبنان ظاهرة للعيان.

وتقول الدراسة: quot;إن مسار تقوي حزب الله وإمكان سيطرته على لبنان يكمن فيهما لا خطر على إسرائيل فقط، بل مزايا معينة أيضا. فعلى مدى سنين طويلة واجهت إسرائيل معضلة شديدة في محاربها لبنان. لقد احتملت خسائر شديدة من قبل حزب الله الموجود في لبنان. أيدت إسرائيل على نحو مبدئي المبدأ الذي صحبها منذ إقامتها والذي يقول إن الدولة التي يخرج منها مخربون للمس بإسرائيل مسؤولة عن نشاطهم. لا يجب على إسرائيل بحسب هذا التصور أن تطارد أي منظمة مخربين تعمل في مواجهتها من داخل دولة ذات سيادة. هذا هو دور الدولة ذات السيادة التي يعمل داخلها منظمة المخربين. إذا تمت أعمال معادية لإسرائيل، فستضطر الدولة التي تعمل منها منظمة المخربين إلى دفع الثمن عن ذلك، وذلك لكي تأخذ هي نفسها بالوسائل اللازمة لوقف النشاط المعادي لإسرائيلquot;.

وتشير الدراسة إلى أن إجراء إسرائيل السابق يكبله وجود قيادات لبنانية تمتع بعلاقة جيدة مع الغرب، وبالتالي عندما تهاجم إسرائيل لبنان تستغل هذه القيادة في لبنان علاقاتها الجيدة بالدول الغربية ولا سيما بالولايات المتحدة وبالدول العربية المعتدلة لاستعمال الضغط على إسرائيل لئلا تمس بها وبمنشآتها.

quot;وتم التعبير عن هذه الظاهرة تعبيرا بارزا في الثاني عشر من تموز 2006. ففي مداولة في المجلس الوزاري (الإسرائيلي) المصغر بعد أن اتضحت النتائج الشديدة لعملية حزب الله اقترح رئيس الأركان آنذاك دان حلوتس المس بمنشآت البنى التحتية في لبنان، الكهرباء والوقود والماء. أيد عدد من الوزراء اقتراحه هذا. لكن المستوى السياسي الرفيع، ولا سيما رئيس الحكومة، ووزير الدفاع ووزيرة الخارجية رفضوا هذه الاقتراحات. وكان سبب ذلك توضيحات حازمة حصلت عليها إسرائيل في ذلك اليوم نفسه من مستويات رفيعة في الإدارة الأميركية والبريطانية بان عليها أن تمتنع من المس بأهداف في لبنان قد تفضي إلى تقويض استقرار النظام المشايع للغرب برئاسة فؤاد السنيورة. وعلى هذه الخلفية زال هذا الاقتراحquot;، كما تقول الدراسة.

ويرى الباحث زاخي شلوم أنه في حال سيطر حزب الله على لبنان، فسيتسع مجال مناورة إسرائيل إزاء حزب الله اتساعا ملحوظا. وسيتبين لجميع الأطراف أنه لن تتدخل أي جهة دولية لتحمي حزب الله من إصابات إسرائيل. لا يعني هذا بطبيعة الأمر أن إسرائيل ستمس بالضرورة بمنشآت البنى التحتية في حالة تحرش من حزب الله.

ويقول: quot;يجب أن نذكر أنه فضلا عن الضرائر الدولية يوجد للقيادة في إسرائيل أيضا نظام ضرائر وضبط قضائي ومعياري ndash; قيمي يجعل من الصعب عليها جدا أن تنفذ إجراءات مس ببنى تحتية مدنية. يعبر عن الأمر بامتناع إسرائيل من المس بالبنى التحتية للكهرباء والوقود في القطاع الذي تسيطر عليه حماس. مع ذلك، وكما قيل آنفا، لا ريب في أن سيطرة حزب الله على لبنان ستزيد مجال مناورة إسرائيل إزاء لبنان في حالة مواجهة حربية أخرى، على الأقل من جهة النظام الدوليquot;.

وتؤكد الدراسة أن إسرائيل ترى أن حزب الله هو قبل كل شيء جهة تنشئ تهديدا عسكريا لها، لكن فضلا عن ذلك فأن حزب الله جهة ذات قوة وأملاك اقتصادية ومالية وجهة ذات طموحات سياسية بعيدة الأمد. وعلى ذلك، في كل حال لمواجهة عسكرية مع إسرائيل، عندما يكون هو ورجاله ممسكين بزمام القيادة، سيستطيع تقدير أنه لا مانع من مس إسرائيل بهذه الممتلكات مسا شديدا. وتستنتج الدراسة وفقًا لذلك، أن مجرد علم الحزب بهذه الحقيقة، أي انه لن توجد في هذه المرة جهة تحاول تقييد خطوات إسرائيل عن المس بلبنان قد يفضي إلى احجامه عن مواجهة إسرائيل.

وتستنج كذلك أن سيطرة حزب الله على لبنان ستشحذ وعي جهات مختلفة في النظام الدولي لـ quot;الخطر الإيرانيquot;. وتشير الدراسة إلى أن مخاوف النظام الدولي انحصرت إلى الآن إزاء إيران في سياق نياتها تطوير قدرة ذرية، ولكن سيطرة حزب الله على لبنان ستشحذ الخطر الكامن في إيران لا في المستوى الذري فحسب بل في سياق استقرار نظم مشايعة للغرب أخرى في المنطقة وعلى رأسها السعودية، ومصر ودول الخليج. قد يكون تطور كهذا ملائما لمصالح إسرائيل.