تظاهرات في مدن عراقية تندد بالاتفاقية الاستراتيجية مع واشنطن
السيستاني يؤكد حياده بين القوى السياسية في الانتخابات المقبلة

أسامة مهدي من لندن: أكد المرجع الشيعي الاعلى آية الله السيد علي السيستاني عدم انحيازه لاي فريق سياسي كما حصل في الانتخابات السابقة التي قدم فيها الدعم للائتلاف الشيعي الموحد الحاكم حاليا واشار ممثل له ان المرجعية تقف على مسافة واحدة من جميع الكتل السياسية والشخصيات التي ستشارك في انتخابات مجالس المحافظات في تشرين الاول / اكتوبر .. بينما تظاهر عشرات الالاف من انصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في بغداد ومدن عدة اخرى تنفيذا لندائه بالتظاهر بعد صلاة الجمعة للتنديد بالاتفاقية الاستراتيجية البعيدة المدى المنتظرة مع الولايات المتحدة.

وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد وممثل المرجع السيستاني في خطبة الجمعة بمدينة كربلاء ( 110 كم جنوب غرب بغداد ) اليوم أن quot; المرجعية الدينية العليا تقف على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية والشخصيات التي تشارك في الانتخابات المقبلةquot;. وشدد على انها لا تبنى أية قائمة أو شخصية واشار الى ان هذه مسالة ثابتة لانها لن تقترب من جهة سياسية أو شخصية وتبتعد عن أخرى . وقال انه من هذا المنطلق فان الجميع مدعو لأداء هذه المسؤولية انطلاقا من التكليف الشرعي والوطني وعليهم الدقة في الاختيار . واكد ضرورة انتخاب الاكثر اخلاصا ونزاهة وكفاءة وحرصا على خدمة المواطن من دون التأثر بالاشاعات او الدعايات الانتخابية التي تقدم وعودا لاتتحقق.

واكد على ضرورة المشاركة في الانتخابات المقبلة لمجالس المحافظات معتبرا العزوف عن ذلك تصرف خاطيء برغم عدم نجاح هذه المجالس في تقديم الخدمات الضرورية او توفير فرص عمل للعاطلين عن العمل . وحذر من ان عدم المشاركة سيتيح للعناصر غير الكفوءة بالحصول على عضوية هذه المجالس وهو امر سيضر بمصالح المواطنين . وقال ان quot;المشاركة تعني ثلاث خيارات الأول وصول عناصر تحقق الآمال والطموحات كلها وهذا لا يمكن تحقيقه وخيار ثان هي وصول شخصيات تحقق نسبة عالية وتؤدي شيئا ما من الأعمال وتحقق شيئا ما من الآمال وهذا ما نصبوا عليه والخيار الثالث هو وصول شخصيات سيئة إلى الحكم في المحافظات وهذا ما لا يريده الجميعquot;.

وحذر من ان عزوف المواطنين عن المشاركة سيعطي مجالا للعناصر السيئة للوصول إلى مجالس المحافظات وهو ام سيضر بالتالي بمصلحة الشعب والوطن . وحدد ثلاثة خيارات تنتظر المواطن في الانتخابات المقبلة وهي quot;وصول العناصر المؤهلة التي تحقق أهدافنا وآمالنا او وصول عناصر تحقق بعض الأهداف والآمال او وصول عناصر سيئةquot;. واشار الى انه quot;اذا كان الأمر الأول غير قابل للتحقيق في هذه المرحلة بالذات فنحن نبقى مع الخيارين الآخرين، فالعاقل يختار الثاني لان ليس هناك خيار رابعquot;.

ثم تحدث عن المفاوضات الجارية بين الحكومتين العراقية والاميركية حول الاتفاقية طويلة الأمد فأشار الى ان معظم القوى السياسية قد التزمت بالحفاظ على المبادئ الوطنية الثابتة .. مؤكدا على ضرورة الحفاظ على المصالح العليا للعراق وعدم المساس بأي حال من الأحوال بالسيادة الوطنية في جميع الميادين السياسية والأمنية والاجتماعية والثقافية وعدم تعرضها للانتقاص وعدم السماح للإضرار بدول الجوار وعدم جعل العراق منطلقا للتعدي على جيرانه.

وناشد الكربلائي في خطبته التي بثها موقع quot;نونquot; من كربلاء جميع القوى السياسية الالتزام بتلك الثوابت وقال quot; نحن نأمل الثبات على هذه المبادئ والالتزام بها حتى النهاية وعدم المساومة عليها مهما كانت النتائج لأنها مسائل مهمة تمس مصالح العراق والحفاظ على سيادته الكاملة في جميع المجالات ولأجيال متعاقبةquot;.

ثم اشار الى هاجس يؤرق المواطنين وهو عدم توفر الطاقة الكهربائية للمواطنين بشكل دائم وقال quot;من أهم الهواجس التي باتت تنتاب المواطن وتقض مضجعه هي مشكلة الكهرباء التي بقيت مستعصية عن الحل طيلة الخمس سنوات المنصرمة من سقوط النظام السابق وهي أضحت أزمة إنسانية يعاني منها كل المواطنون ولابد من تشخيص الأسباب الحقيقية لهذه الأزمة ووضع الحلول الناجعة لها . واقترح لحل الازمة هذه تشخيص الأسباب الحقيقة لهذه الأزمة وعدم الخوض في التبريرات التي لا توصل الى الحل وتشكيل لجنة متخصصة لحل هذه الأزمة ثم ضرورة مشاركة جميع المؤسسات لانتشال العراق من هذه الأزمة لأنها تقارب المشكلة الأمنية في أهميتها ومن ضمن تلك المؤسسات مجلس الرئاسة والوزراء والنواب وهو امر يتطلب تشكيل quot;خلية أزمةquot; يترأسها رئيس الوزراء نوري المالكي وان تتحرك ضمن الصلاحيات التالية: تشخيص حالات الخلل والمشكلة ووضع الحلول الناجعة لها، وإعطاءها صلاحيات استثنائية وتجاوز الروتين عند مباشرتها العمل، مع تخصيصات مالية كبيرة.

وكان تأييد المرجعية الشيعية للائتلاف الشيعي الموحد خلال انتخابات مجالس المحافظات منتصف تشرين الاول عام 2005 وانتخابات مجلس النواب منتصف كانون الاول (ديسمبر) عام 2005 قد حققا للائتلاف الهيمنة فيهما.

واستعدادا لانتخابات مجالس المحافظات الجديدة فقد اثارت قوى سياسية ضرورة وضع نص في قانون الانتخابات يمنع القوى السياسية من استخدام الرموز الدينية للتأثير على الناخبين . واكد الحزب الاسلامي العراقي بزعامة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الاسبوع الماضي رفضه لاستخدام هذه الرموز للدعاية في الانتخابات او استخدام المساجد منابر سياسية في موقف يتعارض مع تأييد المجلس الاعلى الاسلامي برئاسة زعيم الائتلاف الشيعي الحاكم عبد العزيز الحكيم لذلك.

وقال الحزب الإسلامي احد مكونات ثلاثة تشكل جبهة التوافق انه لا يؤيد استخدام الرموز الدينية المتمثلة بالشخصيات الدينية العامة غير المنخرطة في النشاطات السياسية والموجودة في الساحة العراقية بخلاف الشخصيات الدينية التي تبنت أفكاراً ونشاطات سياسية معينة إذ نرى ان من حقها ان تروّج لقائمتها أو كتلتها بعد ان تعرف للجمهور على اتجاهها السياسي مسبقاً.

وفي وقت سابق رفض المجلس الأعلى الإسلامي بندا في مشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات ينص على منع أستخدام الرموز الدينية ودور العبادة في الدعاية الانتخابية . وأشار النائب عن كتلة الائتلاف القيادي في المجلس الأعلى حميد رشيد معلة إن المجلس اعترض بشدة على منع استخدام المساجد والحسينيات في الترويج للقوى السياسية المتنافسة في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة . واشار إلى أن دور العبادة هي من الأماكن المهمة التي يجتذب بها المجلس الناخبين.

واضاف إن هناك نواحي وأقضية لا يوجد فيها سوى المسجد مكانا لإلتقاء الناس والحديث عن الانتخابات . وشدد بالقول على أن هذا البند يحرم الائتلاف من quot;فرصتهquot; في جذب أكبر عدد من الناخبين إليه. واكد في تصريح بثه quot;راديو سواquot; أن الرموز والشخصيات الدينية هي شخصيات وطنية تمثل العراق ومن ثم فإن المجلس الأعلى حريص على أن تكون ضمن الدعاية الانتخابية له لما تمثله من ثروة قيمية ولما لها من ثقل في الترويج لأفكار المجلس الأعلى الإسلامي وقيمه.

تظارهات في بغداد ومدن عدة ضد الاتفاقية الاستراتيجية مع واشنطن

تظاهر الالاف من أتباع التيار الصدري في بغداد والكوفة وكربلاء ومدن جنوبية عراقية اخرى للتنديد بالاتفاقية التي تعتزم الحكومتان العراقية والاميركية التوقيع عليها. وبهذه التظاهرات يباشر الصدر للاسبوع الثاني حملة شعبية ضد الاتفاقية العراقية الاميركية الاستراتيجية طويلة الامد التي تجري مفوضاتها حاليا . وخلال خطبة الجمعة شن ائمة المساجد في مدن عدة ممن يمثلون التيار الصدري حملة شديدة ضد الاتفاقية ودعوا المواطنين الى الخروج في تظاهرات شعبية ضدها موضحين انها تتعارض مع مصالح الشعب العراقي وتعارض مصالحه الاساسية . وفعلا خرج عقب الصلاة الالاف من انصار الصدر في مناطق عدة من بغداد ومدن عراقية اخرى في تظاهرات سلمية منددة بالاتفاقية . وحمل المتظاهرون شعارات تدعو لرحيل الاحتلال وترفض بشدة توقيع الاتفاقية المنتظرة ولافتات كتب على بعضها quot;لا للاتفاقية المشؤومة لانها تدعو لتمزيق العراق وجعله تابعا لادارة الاحتلال الظالمةquot; .. وعلى اخرى quot;الاتفاقية مصادرة للسيادة في العراقquot; .. وquot;اعلان حرب على الشعب العراقي واسوأ من الاحتلالquot;.

وتأتي هذه التظاهرات تلبية لنداء اطلقه الصدر اواخر الشهر الماضي دعا فيه العراقيين الى التحرك محليا واقليميا ودوليا لمعارضة الاتفاقية الاستراتيجية الطويلة الامد التي يتم التفاوض حولها لتوقيعها مع الولايات المتحدة . واكد الصدر في بيان له انه يرفض هذه الاتفاقية التي ستوقع بين قوى الظلام والحكومة مشيرا الى انه لا يستطيع الوقوف مكتوف اليدين تجاه توقيعها لما فيها من ضرر كبير على مصلحة الشعب العراقي . ودعا توعية الشعب ببنود الاتفاقية ومدى ضررها والقيام بتحرك برلماني وسياسي موحد لجميع الكتل والاطراف الحزبية والسياسية ضد الاتفاقية والخروج بمظاهرات بعد كل صلاة جمعة في كل مناطق العراق لحين الغاء الاتفاقية.

وطالب الصدر باحراء أستفتاء شعبي حول الاتفاقية وتشكيل وفود دينية وسياسية عراقية وارسالها الى الدول اقليمية والعربية والغربية. واكد ضرورة تجديد المطالبة الشعبية والسياسية والدينية بخروج المحتل او جدولة انسحابه وتحذير الحكومة من القيام بالتوقيع على الاتفاقية. وبدأت مفاوضات الاتفاقية بين وفدين عراقي واميركي في شباط (فبراير) الماضي وينتظر التوقيع عليها في تموز (يوليو) المقبل ليتم البدء بتنفيذها في اول العام المقبل 2009 لكت التطورات التي بدأت تحيط بها تشير الى امكانية تأجيل موعد اعلانها.

وكشف المالكي في السادس والعشرين من آب (أغسطس) الماضي عن بنود وثيقة اعلان النوايا الممهدة للاتفاقية والتي وقعها مع الرئيس الاميركي جورج بوش الذي يتضمن ثلاثة فصول الاول يتعلق بالمجالات السياسية والدبلوماسية والثقافية والثاني بالمجال الاقتصادي والثالث بالامني.

وينص الفصل الاول على دعم الحكومة العراقية في حماية النظام الديمقراطي في العراق من الاخطارالتي تواجهه داخليا وخارجيا والوقوف بحزم امام اية محاولة لتعطيله او تعليقه اوتجاوزه ودعم جهود الحكومة العراقية في سعيها لتحقيق المصالحة الوطنية وتشجيع الجهود السياسية الرامية الى ايجاد علاقات ايجابية بين دول المنطقة والعالم.

اما الفصل الثاني فيتضمن دعم جمهورية العراق للنهوض في مختلف المجالات الاقتصادية وتطوير قدراته الانتاجية ومساعدته في الانتقال الى اقتصاد السوق وتسهيل وتشجيع تدفق الاستثمارات الاجنبية وخاصة الامريكية الى العراق للمساهمة في عمليات البناء واعادة الاعمار ومساعدة العراق على استرداد امواله وممتلكاته المهربة وبينها اثاره اضافة الى مساعدته على اطفاء ديونه والغاء تعويضات الحروب التي قام بها النظام السابق في اشارة الى التعويضات التي قررتها الامم المتحدة الى الكويت وايران.

ويتعلق الفصل الثالث بالشؤون الامنية وهو يشير الى تقديم تاكيدات والتزامات امنية للحكومة العراقية بردع اي عدوان خارجي يستهدف العراق وينتهك سيادته وحرمة اراضيه او مياهه او اجوائه ودعم الحكومة العراقية في تدريب وتجهيز وتسليح القوات المسلحة العراقية لتمكينها من حماية العراق.
لكن الاتفاقية تواجه حاليا معارضة واسعة من قبل الكتل السياسية ومختلف القطاعات الشعبية لما تقول انها تنتقص من سيادة العراق.

وقال الناطق الرسمي بأسم الحكومة الدكتور علي الدباغ في تصريح صحافي ارسلت نسخة منه الى quot;ايلافquot; أنه لم يتم التوصل الى رؤية مشتركة بعد حول الاتفاقية حيث ان مجلس الوزراء أكد على عدم قبول أي بند ينتقص من السيادة الوطنية وحرصه الكامل في الحفاظ على أمن وممتلكات وأموال العراق على ضوء القرارات الدولية التي توفر الحماية الحالية ودراسة كل البدائل المتاحة والممكنة للحفاظ على سيادة ومصالح العراق وكرامة شعبه. وأوضح الدباغ بأن رئيس مجلس الوزراء أكد على أنه لم يتم التوصل لحد الآن لرؤية مشتركة بين الجانبين ولاتزال هناك رؤية مختلفة عند الجانب العراقي الذي لن يتهاون ولن يفرط بحقوق العراقيين وسيادتهم على بلدهم.