واشنطن: في ظروف بدت وكأنها حدث عادي، يمضي فيها الصحفيون بانتظار المرشح الديمقراطي المفترض للانتخابات الرئاسية، السيناتور عن ولاية إلينوي باراك أوباما، على متن طائرته الانتخابية.. فجأة خرجت الأمور عن سياقها الطبيعي عندما أغلق باب قمرة القيادة وتم إبلاغ الركاب بأن الطائرة ستقلع فوراً.. من دون أوباما.
وكان أول مؤشر على حدوث أمر غير طبيعي عندما فتح الطيار مكبرات الصوت وأبلغ كل من على متن الطائرة، بمن فيهم 25 صحفيا وإعلامياً وعدد من طاقم حملة أوباما إضافة إلى عدد أقل بكثير من رجال الأمن السريين، وأن الطائرة ستتجه إلى مسقط رأس أوباما في شيكاغو.
وسرعان ما أدرك الصحفيون أنه لا يوجد ذلك العدد الكافي من الأشخاص لإدارة حملة انتخابية على متن الطائرة، وأن هناك شيئاً مختلفاً، وخصوصاً أن أوباما quot;مفقود!quot;
وبعدها اعترف مدير الاتصال في حملة أوباما، روبرت غيبس، أن أوباما تخلف عن الرحلة لأنه quot;لن يعود إلى العاصمة لبعض الوقتquot;، وأن المرشح الرئاسي quot;أجرى ترتيبات لبعض اللقاءاتquot; قبل أن يغادر واشنطن.
غير أن أفراد من طاقم أوباما، بمن فيهم غيبس وكبير المستشارين والمتحدثة باسمه ليندا دوغلاس، لم يسألوا الصحفيين على متن الطائرة ما إذا كانوا يفضلون الانتظار على مدرج المطار في واشنطن إلى أن تنتهي لقاءات أوباما، بل أجبروا على الذهاب إلى شيكاغو.. ومن دون أوباما.
وقال غيبس قبل أن يتوجه إلى مقدمة الطائرة وقبل لحظات من إقلاع الطائرة: quot;لن أناقش ما سيفعله (أوباما) هذه الليلة.quot;
كان الوقت عندها قد تجاوز التاسعة مساء بقليل.. وهو الوقت نفسه تقريباً الذي كان يلتقي فيه أوباما مع منافسته في الانتخابات التمهيدية هيلاري كلينتون.
وطوال 45 دقيقة قبل الإقلاع، أعطى أفراد طاقم أوباما انطباعاً بأن جميع من على الطائرة كانوا في حالة انتظار لأن أوباما سيصل قريباً وفي أي لحظة.
وكان أفراد الطاقم يتصرفون مع الصحفيين وكأنهم لا يعلمون شيئاً أو وكأنه لا يوجد أي شيء مفقود، رغم أنهم كانوا يعلمون أن أوباما لن يأتي.
وعندما سأل الصحفيون أحد أفراد طاقم أوباما عن السبب وراء إبقاء الصحفيين في حالة انتظار طالما أنهم يعلمون أن المرشح لن يأتي، قال غيبس إن عليه أن يجري مكالمتين هاتفيتين.
وطوال أكثر من 20 دقيقة، اضطر غيبس إلى الاستماع إلى شكاوى غير معتادة من جانب الصحفيين.
ولكنه قال: quot;إن لديه (أوباما) اجتماعات سرية هذه الليلة.. ولن نتمكن من رؤيته حتى الاثنين المقبلquot; وذلك نتيجة لثلاثة لقاءات تم ترتيبها خلال الأيام القليلة المقبلة.
وعاجله أحد الصحفيين برد: quot;أود أن أشير إلى أن هذا الأمر غير مقبول، إنه..quot;
وسارع غيبس إلى إكمال الجملة quot;المرشح الديمقراطي المفترض للانتخابات الرئاسية؟ - نعم.quot;
وتركزت الأسئلة والمناقشات حول سبب الاحتفاظ بالصحفيين رهائن دون وجود أوباما وأن لا خيار أمامهم سوى التوجه إلى شيكاغو.. في حين أن العديد من المؤسسات الصحفية تدفع آلاف الدولارات من أجل بقاء صحفييها متمركزين قرب المرشح.
وقال أحد الصحفيين موجهاً كلامه إلى غيبس: quot;نحن لا نهتم بالوقت الذي تبقى فيه الطائرة هنا.. ومن دون إساءة.. لكي نبقى معك.quot;
وعندما تزايد الضغط على غيبس اعترف بمسؤوليته عن الطريقة التي آلت إليها الأمور، قائلاً: quot;لم تكن المسألة محاولة للخداع في أي لحظة من اللحظات.. الأمر مجرد اجتماعات ولقاءات خاصة.quot;
وطوال مشوار الرحلة، ظلت كبيرة مستشاري أوباما والمتحدثة باسمه ليندا دوغلاس بعيدة عن الصحفيين، وتركت غيبس يواجه الصحفيين لوحده.
ولم يتطرق غيبس إلى اجتماع أوباما مع كلينتون إلا عندما هبطت الطائرة في مطار شيكاغو، لكنه لم يتطرق لأي تفاصيل تتعلق باللقاء، لكنه قال إن الجانبين quot;تناولا توحيد جهود الحملتين.quot;
وأوضح أن اللقاء لم يتم في منزل كلينتون بواشنطن، رافضاً أن يفصح عن مكان انعقاده.
وفي الأثناء، في واشنطن، انضم صحفيو شبكة CNN إلى الصحفيين الآخرين في البحث عن مكان لقاء أوباما وكلينتون.
وقال توم فورمان، الذي تواجد خارج منزل كلينتون بواشنطن بحدود الساعة العاشرة مساء، إن هناك شيئاً ما قد يحدث هذه الليلة.quot;
على أن quot;الحدثquot; الحقيقي كان قد انتهى في غرفة الطعام بمنزل السيناتور ديان فاينستاين، حيث تحدث أوباما وكلينتون وحدهما طوال ساعة تقريباً.
وبعد ساعتين على هبوط الطائرة في شيكاغو، أكد غيبس في نهاية الأمر مكان اجتماع أوباما مع كلينتون وذلك في رسالة بالبريد الإلكتروني وجهها إلى بعض الصحفيين في الساعة 12:15 فجراً، وكان فحواها quot;في الجو.. ولم يهبط.quot;
وفي تلك اللحظة، توجه عدد من مصوري القنوات التلفزيونية إلى منزل أوباما.. ربما بانتظار ظهور غير متوقع للسيناتور..