التهدئة المرتقبة هل تكون وقود الانتخابات الإسرائيلية
باراك: لا يزال سابق لأوانه الحديث عن التهدئة

نضال وتد من تل أبيب،وكالات: في الوقت الذي أكدت فيه كل من مصر وحركة حماس، أنه تم التوصل إلى اتفاق للتهدئة في قطاع غزة، ويسري على أرض الواقع ابتدءا من السادسة صباحا من يوم الخميس، اختارت الجهات الرسمية الإسرائيلية، بداية عدم التعليق على هذه التأكيدات، أو في أحسن حال محاولة التخفيف من فرص تثبيت التهدئة المقترحة، وفقا لتصريحات ضابط رفيع المستوى في الاستخبارات العسكرية، quot;أمانquot; الذي وصف التهدئة المرتقبة بأنها ستكون quot;مؤقتة وهشةquot;،أو كما أبلغ رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، غابي إشكنازي، أعضاء لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست بأن الجيش الإسرائيلي سيعطي فرصة للتهدئة لكنه يواصل استعداداته في كل حالquot;.

وأعلن وزير الأمن الإسرائيلي، إيهود براك، مساء الثلاثاء أنه لا يزال سابقا لأوزانه الحديث عن التهدئة. وقال براك quot;إنه يتم حاليا فحص إمكانية التوصل إلى تهدئة في الوقت القريب، ولكن لم يحن الوقت لأن نبشر بالتوصل إلى اتفاق تهدئة، فالجيش مستعد لكل تطور، ولكن من المهم أن نستنفذ كل فرصة للتوصل إلى التهدئة لضمان الهدوء واستنفاذ الفرصة الكامنة في المفاوضات حول الإفراج عن جلعاد شاليطquot;.

وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية، من جانبها، إنه لا علم لها بأي اتفاق تم التوصل إليه بهذا الخصوص. فقد أكدت مصادر سياسية رفيعة المستوى لموقع معاريف أن هناك تقدما في الاتصالات مع مصر، ولكن لا يوجد لغاية الآن أي اعتراف رسمي إسرائيلي بأنه تم التوقيع على أتفاق التهدئة مع حركة حماس، وأشارت هذه المصادر في هذا السياق إلى إيفاد الجنرال عاموس غلعاد، رئيس الطاقم الأمني السياسي في وزارة الأمن، إلى القاهرة مساء الثلاثاء للقاء الوزير المصري عمر سليمان وبحث آخر التطورات معه.

بيرس: لا تهدئة بدون شاليط

أما الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيرس، الذي يفترض فيه بموجب القانون عدم التدخل بحكم منصبه الرسمي في القضايا السياسية والأمنية خصوصا إذا كانت هذه القضايا موضع خلاف بين الأحزاب الإسرائيلية، فقد أعلن خلال جولة قام بها في مستوطنات وكيبوتسات النقب الغربي إنهquot; لا يخطر على بالي أن يقترح أحد اتفاقا مع حماس دون الإفراج الفوري عن الجندي المخطوف، غلعاد شاليط، وأنه من غير المعقول أن تجري المداولات الأمنية بشأن العمليات الميدانية للجيش في القطاع عبر وسائل الإعلام.

ومن جانبه قال النائب الأول لأولمرت، الوزير حاييم رامون، إنه يرفض التوصل إلى اتفاق تهدئة مع حماس لأن ذلك سيكون انتصار للإسلام المتطرف. وقال رامون الذي تحدث في مؤتمر في جامعة حيفا :quot; إنني ضد اتفاق تهدئة لأن ذلك سيكون انتصارا آخر للإسلام المتطرف، فقد انتصر الإسلام المتطرف في لبنان ، وهو يحقق انتصاره الآن في قطاع غزة، فما الذي يدعو إذا إلا الاعتدال؟ وقال رامون إن حركة حماس معنية بالتهدئة لأنها توفر للحركة فرصة لتمثيل قطاع غزة باعتبارها دولة حماستانquot;.

وكان رامون أعلن معارضته للتهدئة خلال الاجتماع الخاص للمجلس الأمني والسياسي الوزاري المصغر، الأربعاء الماضي والذي كان قرر إعطاء فرصة للجهود المصرية للتوصل إلى تهدئة، قبل القيام بعملاية عسكرية واسعة النطاق في قطاع غزة.

ويشكل هذا العنصر، أهم عناصر القرار الإسرائيلي، الذي كان اتخذ الأسبوع الماضي بتأثير من وزير الأمن الإسرائيلي، إيهود براك، الذي دعا إلى ضرورة عدم ضرب الجهود المصرية بعرض الحائط وإعطاء مصر فرصة للتوصل إلى اتفاق قبل التوجه نحو العسكري.

لكن هذا القرار، والتلكؤ الإسرائيلي في الإعلان عن التوصل إلى اتفاق التهدئة رغم إعلان مصادر رسمية مصرية عن التوصل إلى الاتفاق، يشيران ، خصوصا مع مواصلة الجيش الإسرائيلي لعملياته الجوية في قطاع غزة، إلى احتمال أن تتحول التهدئة، في حال غرقت إسرائيل في معركة انتخابات عامة، إلى وقود المعركة الانتخابية القادمة، وأن تضحي الحكومة، وبالأساس حزبا العمل وكديما بالتهدئة، ونسفها في حال واجها حملة انتخابية شديدة من الليكود، لا سيما وأن الاستطلاعات تشير إلى أن زعيم الليكود بينيامين نتنياهو هو صاحب الحظ الأوفر في الفوز في الانتخابات النيابية.

وفي هذه الحالة فإن نسف التهدئة سيكون في صالح بقاء الحكومة الحالية، في حال لم ينجح الليكود خلال الأسابيع القادمة من تمرير مشروع قانون حل الكنيست بالقراءات الثلاثة، علما بأن الليكود أعلن أنه سيقدم مشروع حل الكنيست للتصويت عليه الأربعاء القادم، في حين تتعالى الأصوات المعارضة داخل حزب العمل نفسه لحل الكنيست، خوفا من أن تسفر الانتخابات القادمة عن فوز الليكود، فقد أعلن ثمانية من أعضاء الكنيست ووزراء حزب العمل، عن معارضتهم لحل الكنيست، وأنهم سيصوتون ضد المشروع، وأعلن أعضاء الكنيست العرب، أيضا، والبالغ عددهم 10 أعضاء أنهم سيعارضون حل الكنيست والتوجه نحو انتخابات ستسفر عن حكومة يمينية يقودها نتنياهو ليبرمان الرافضان للتسوية، سواء على المسار السوري أم على المسار الفلسطيني.

في المقابل فإن حركة شاس تشترط عدم تأييد اقتراحات حل الكنيست، بموافقة الائتلاف الحكومي على إلغاء تقليص مخصصات التأمين الوطني، ولا تربط ذلك لا بالتحقيقات الجارية مع أولمرت، ولا بالتطورات السياسية والأمنية، وإن كانت قادرة، في اللحظة الأخيرة على تغيير موقفها وفق قرار مجلس الحاخمات تبعا لمصالحها الحزبية الضيقة، وبالتالي فإن استجابة الحكومة لمطالبها من شأنها أن تسد الطريق كليا على محاولات حل الكنيست خلال الدورة الحالية.

البيت الابيض ينتظر تأكيدا quot;رسمياquot; للتهدئة بين اسرائيل وحماس

واحجم البيت الابيض الثلاثاء عن التعليق على اعلان التهدئة بين اسرائيل وحركة حماس مؤكدا انه ينتظر تأكيدا رسميا وتفاصيل. وقال المتحدث باسم البيت الابيض توني فراتو quot;اطلعت على معلومات صحافية في هذا الصدد، لم اتلق اي معلومات رسمية حتى الانquot;. واضاف quot;نريد فعلا الاطلاع على تفاصيل اتفاق مهما كان، ومعرفة مواقف الاطراف في المنطقة قبل ابداء رأينا حول الموضوعquot;.

قطاع غزة الفقير والمكتظ بالسكان تحت سيطرة حركة حماس

قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس والتي وافقت الثلاثاء على تهدئة مع اسرائيل، شريط ضيق من الارض، فقير ومكتظ بالسكان يفترض ان يشكل مع الضفة الغربية الدولة الفلسطينية المرتقبة. في هذا الشريط الساحلي الضيق الذي تبلغ مساحته 365 كيلومترا مربعا يعيش نحو 1,5 مليون فلسطيني، ما يجعله من اكثر المناطق المكتظة بالسكان في العالم.

ويقع قطاع غزة جنوب غرب اسرائيل، تحده مصر جنوبا والبحر الابيض المتوسط غربا، ويبلغ طوله 45 كلم فيما يتراوح عرضه بين ستة وعشرة كيلومترات. وازدادت الازمة الاقتصادية في القطاع منذ فرضت عليه اسرائيل حصارا محكما بعد سيطرة حماس قبل عام، للرد على اطلاق الصواريخ على الدولة العبرية. ويعاني القطاع من نقص حاد في الوقود ما يؤدي الى انقطاع الكهرباء بسبب الحصار الاسرائيلي. وعلى مدى عقود من الزمن عاش نحو ثمانية آلاف مستوطن اسرائيلي بحماية الجيش الاسرائيلي في 21 مستوطنة اقيمت في قطاع غزة قبل انسحاب اسرائيل الاحادي الجانب منه صيف 2005.

وسقط قطاع غزة في 15 حزيران/يونيو 2007 في قبضة حركة حماس بعدما اطاح مقاتلوها بالقوات الامنية الموالية للرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد اسبوع من المواجهات الدامية. و900 الف تقريبا من سكان قطاع غزة هم من اللاجئين او المتحدرين من لاجئين هربوا الى غزة بعدما طردوا من منازلهم غداة قيام دولة اسرائيل في 1948.

وتشير الارقام الرسمية الفلسطينية الى ان اكثر من نصف سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر، و45% على الاقل من اليد العاملة عاطلة عن العمل. ويعاني سكان غزة من الحصار المالي الدولي المفروض على الفلسطينيين منذ وصول حماس الى السلطة. وابقت اسرائيل على سيطرتها على المجال الجوي والمياه الاقليمية للقطاع كما على نقل البضائع. وهي تشرف ايضا على حركة انتقال السكان من قطاع غزة واليه. وبعد اول حرب عربية اسرائيلية في العام 1948 وضع القطاع تحت الادارة المصرية. وكان قطاع غزة خلال معركة السويس عام 1956 المسرح الوحيد للمواجهات بين الفلسطينيين والاسرائيليين.

وانسحبت اسرائيل من قطاع غزة عام 1957 قبل ان تحتله مجددا ابان الحرب العربية الاسرائيلية في حزيران/يونيو 1967. وبموجب اتفاقات واي بلانتيشن (1998) سمحت اسرائيل في 24 تشرين الثاني/نوفمبر 1998 بانشاء مطار دولي في القطاع في رفح (جنوب) لكنه اغلق بعد عدة اشهر من اندلاع الانتفاضة الثانية. وقد دمرته اسرائيل على غرار العديد من البنى التحتية الفلسطينية.