المحكمة الإسرائيلية ترد التماس عائلة شاليط ضد التهدئة

انتقادات فلسطينية و رفض اسرائيلي لمواقف حزب الله بشان صفقة التبادل

أسامة العيسة من القدس-نضال وتد من تل أبيب: هل سيتمسك حزب الله، بإطلاق سراح أسرى فلسطينيين، ضمن صفقة التبادل المرتقبة مع إسرائيل؟ هذا السؤال بدا يشغل الرأي العام الفلسطيني بقوة هذه الأيام، وخرجت بعض ما اسماها أصحابها مخاوف من أن تكون الإجابة على هذا السؤال سلبية، إلى النقاش العام، في حين ان وسائل الإعلام الإسرائيلية تتحدث على إصرار السيد حسن نصر الله، أمين عام حزب الله على إطلاق سراح المئات من الأسرى الفلسطينيين في الصفقة المنتظرة.

وصرح النائب عيسى قراقع مقرر لجنة الأسرى في المجلس التشريعي الفلسطيني، تعليقا على صفقة تبادل لأسرى المزمع إجراؤها بين حزب الله وإسرائيل قائلا quot;رحمةً بأهالي الأسرى الفلسطينيين الذين تأملوا كثيرا أن يشمل التبادل إطلاق سراح أبنائهم من السجون، خاصة القدامى الذين يقضون أكثر من 15 عاما والمرضى والنساء والأطفال، ان الوعود التي أطلقها الأمين العام لحزب الله التي تتحدث بان تشمل صفقة التبادل أسرى فلسطينيين بدأت تسبب القلق لدى الأسرى وأهاليهم بعد أن تمخضت الأخبار عن عدم شمول الصفقة لأسرى فلسطينيينquot;.

وعبر قراقع عن ما وصفه باستغرابه من quot;أن كافة عمليات التبادل التي أجراها حزب الله لم تشمل إطلاق أسرى فلسطينيينquot;، قائلا quot;الغريب أن هذا يجري خاصة أن جميع القادة العرب يصرحون أن القضية الفلسطينية قضية قومية وعربيةquot;. وقارن قراقع بين صفقات التبادل التي آجراها حزب الله، وتلك التي وقف وراءها ياسر عرفات، الزعيم الفلسطيني الراحل قائلا quot;إنصافا للتاريخ فان أبو عمار هو من أكثر القادة الذين عملوا على الإفراج عن أسرى فلسطينيين وعرب، وكان يضع الأسرى العرب في سلم الأولويات رافضًا أن يتخلى عنهم، وفق الشروط الإسرائيلية المجحفةquot;.

وكان ياسر عرفات بصفته رئيس منظمة التحرير قد قاد مفاوضات أول عملية تبادل أسرى عام 1968 أطلق بموجبها سراح 37 فلسطينيًا وعربيًا، مقابل إطلاق سراح ركاب طائرة العال الإسرائيلية التي اختطفتها المقاومة الفلسطينية ليلى خالد، من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وفي عام 1974 أطلق سراح الأسير الفلسطيني محمود بكر حجازي، مقابل إطلاق سراح الجندي الأسير شموئيل فايز، الذي اختطفته حركة فتح. وكانت أكبر عملية تبادل أسرى قادها ياسر عرفات هي عام 1983 عندما أطلق سراح 4700 أسير فلسطيني ولبناني من معتقل أنصار والسجون الإسرائيلية مقابل إطلاق سراح 6 جنود إسرائيليين.

وقال قراقع quot;خلال اتفاقيات أوسلو، رغم ما اعترضها من انتقادات وتحفظات إلا انه بموجب هذه الاتفاقيات أطلق سراح أكثر من 12 ألف أسير فلسطيني منذ عام 1994 حتى عام 2000، وبقي في سجون الاحتلال عشية انطلاق انتفاضة الأقصى فقط 1500 أسير فلسطيني في حين أن عدد الأسرى عند توقيع اتفاق إعلان المبادئ كان 13500 أسير فلسطيني وعربيquot;. وأضاف قراقع أن عرفات أصر في اتفاقية شرم الشيخ في 4/9/1999، على إطلاق سراح أسرى عرب، وكانت حكومة إسرائيل ترفض الإفراج عنهم، إلا أنه في هذه الاتفاقية أفرج عن 43 أسيرا عربيا و6 أسرى من القدس.

واشار قراقع، إلى أن أبا عمار كان يطالب دائمًا، بجدول زمني للإفراج عن الأسرى مرتبط بتنفيذ الاتفاقيات، وهذا ما تم إنجازه في اتفاقية طابا عام 1995، إلا أن حكومة إسرائيل لم تلتزم بذلك إطلاقًا.
ولم يقلل قراقع من أهمية صفقة التبادل التي جرت عام 1985 بقيادة احمد جبريل مؤكدًا أن منهج تجزئة الأسرى كان مرفوضًا لدى أبو عمار ولم يكن يميز بين أسير وآخر.

وذكر قراقع، بالموقف الذي اتخذه ياسر عرفات بعد توقيع اتفاق الخليل عام 1997 بأهمية الإفراج عن جميع الأسيرات دون استثناء وهذا ما تم رغم مماطلات رئيس الحكومة الإسرائيلية آنذاك، نتنياهو.
وعودة لصفقة التبادل المرتقبة قال قراقع، بان أية فرصة تتاح لإجراء تبادل أسرى مع الإسرائيليين، تعطي الأمل بالإفراج عن أسرى امضوا في سجون الاحتلال اكثر من ربع قرن quot;وهذا حق وطني وقومي على الجميعquot; وفقا لقراقع.

عقبات أمام إتمام الصفقة مع حزب الله

ومثلما هو الحال في الجانب الفلسطيني، فان القلق أيضا يسود الجانب الإسرائيلي، ولكن بشكل مختلف ومناقض له، ومرد القلق الإسرائيلي هو إصرار نصر الله على أن تشمل صفقة التبادل العتيدة أسرى فلسطينيين، وليس فقط لبنانيين، وهو ما ترفضه الحكومة الإسرائيلية بشدة.

واعتبر مختصون إسرائيليون في الشؤون العربية، أن إسرائيل ترفض مطالب نصر الله، وفيما اعتبرت تسريبات ذات مغزى، أشار هؤلاء، إلى أن إسرائيل على استعداد لوقف المفاوضات حول الصفقة التي تتم بينها وبين إسرائيل، عبر طرف ثالث، واعلان جندييها المختطفين لدى حزب لله، بأنهما في عداد الموتى. وتجري مفاوضات بين حزب الله وإسرائيل، بوساطة ألمانية، وحسب مصادر إسرائيلية، فان الألمان ابلغوا عوفر ديكل المسؤول الإسرائيلي عن ملف الأسرى، إصرار نصر الله على إطلاق المئات من الأسرى الفلسطينيين، وهو ما أثار الغضب لدى الحكومة الإسرائيلية.

وتم خلال جلسة الحكومة الإسرائيلية التي عقدت أمس، رفض مطالب حزب الله المتعلقة بالأسرى الفلسطينيين، مما يعيد ملف التبادل إلى نقطة الصفر، حسب المحللين الإسرائيليين.

يذكر انه يوجد اكثر من 11 ألف أسير فلسطيني وعربي في السجون الإسرائيلية، من بينهم 18 أسيرا، امضوا اكثر من 25 عاما، أقدمهم الأسير سعيد العتبة، وتحتجز إسرائيل في سجونها 80 امرأة أسيرة، و400 طفل قاصر، ومئات المرضى والمصابين بأمراض خطيرة، إضافة إلى اكثر من ألف أسير اداري بدون تهم أو محاكمات.

من جانبه،أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين، عن تحويل ملف المعلومات الإستخباراتية المتوفرة لدى الجهات الرسمية، للحاخام العسكري الإسرائيلي، حتى يقرر هذا بدوره ما إذا كان بالإمكان الإعلان عن الجنديين الإسرائيليين؛ إلداد ريغيف وأودي غولدفاسير قد قضيا في معارك إسرائيل، وأن مكان دفنهم مجهول.

وقال موقع يديعوت أحرونوت إن هذا القرار أثار غضب أسر الجنديين المذكورين، خصوصا وأن الأيام الأخيرة كانت تناقلت أنباء عن اقتراب موعد إبرام صفقة لتبادل أسرى بين إسرائيل وحزب الله. ونقل الموقع عن بيني ريغف شقيق الجندي الأسير لدى حزب الله، قوله إن جميع الجهات العسكرية في إسرائيل كانت على علم بنية تسليم الملفات للحاخام الرئيسي للجيش لكن أحدا لم يبلغنا بذلك إلا بعد أن تم الأمر، وكان ذلك قبل وقت قصير من نشر الأمر في وسائل الإعلام.

ولفت الموقع إلى أن مسألة الحالة الصحية للجنديين الإسرائيليين تعتبر مصيرية وحاسمة بالنسبة لاستعداد إسرائيل دفع الثمن المطلوب منها في الصفقة مع حزب الله والمتمثل بالإفراج عن الأسير اللبناني سمير القنطار وأربعة آخرين من عناصر حزب الله، وعدد من جثامين مقاتلي الحزب المحتجزة في إسرائيل.

وعلق ريغيف على ذلك بقوله: quot;إنه في حال حسم الحاخام العسكري قراره لجهة إعلان الوفاة فإنه لا يرى إمكانية وطريقة لاستعادة جثثهم ودفنها في إسرائيل، وفي حال حسم قراره لجهة عدم إعلان الوفاة، فإن ذلك سيدفع بحزب الله إلى رفع الثمن المطلوب، وبالتالي عودة المفاوضات إلى نقطة البدايةquot;.

تقرير سري: أحد الجنديين أصيب بجراح بالغة واحتمالات نجاة الآخر ضئيلة للغاية

وجاءت هذه التطورات بعد أن كشفت صحيفة quot;يديعوت أحرونوتquot; النقاب عن وجود تقرير سري إسرائيلي، سُلم مؤخرا لأسرتي ريغيف وغولد فاسير ، يحدد quot;بأن الإصابة التي طالت أحد الجنديين المفقودين قد نجمت على ما يبدو من قذيفة أر.بي. جي ، حيث أن احتمالات نجاة المصاب من مثل هذه الإصابة في حال لم يتلق علاجا صحيا سريعا، شائكا ومركبا يتطلب مهارات جراحية عالية هو صفرquot;.
أما الجندي الآخر، فيقول التقرير، وفق ما نشرته صحيفة يديعوت quot;فإن حالته صعبة (في أقل تقدير) بعد أن أصيب من قذيفة من طراز آر.بي. جي تجعل المصاب يفقد كميات كبيرة من الدماءquot;. ويشكك التقرير ما إذا كان الجنديان قد تلقيا علاجا طبيا على الفور بسبب حاجة رجال حزب الله إلى الفرار من المكان ، حيث تم جر الجنديين الإسرائيليين من سيارة الجيب المشتعلة وقام اثنان من مقاتلي حزب الله باختطافهما إلى داخل لبنان.

ولفتت الصحيفة إلى أن التقرير كان أخفي عن رئيس الحكومة خلال الحرب على لبنان، وأنه لا يستند إلى معلومات استخبارية، وإنما على أدلة وجدت في المكان الذي اختطف منه الجنديين. ورد الجيش الإسرائيلي على تقرير الصحيفة بالقول: إن الفرضية التي توجه عملنا هي أنهما على قيد الحياة.

المحكمة الإسرائيلية ترد التماس عائلة شاليط ضد التهدئة

الى ذلك، ردت المحكمة الإسرائيلية العليا، مساء الاثنين، الالتماس الذي قدمته أسرة الجندي الإسرائيلي، جلعاد شاليط المختطف لدى حماس، والذي طالبت الأسرة من خلاله المحكمة بإصدار أمر يمنع الحكومة الإسرائليية من تنفيذ التسهيلات التي التزمت بها، وفق اتفاق التهدئة مع حماس وباقي الفصائل الفلسطينية في القطاع، بدعوى أن الحكومة الإسرائيلية خرقت تعهداتها لعائلة الجندي المذكور، بأن يشمل اتفاق التهدئة بندا ينص على الإفراج عن شاليط مع بدء سريان التهدئة.

وقد ردت المحكمة دعوى العائلة بعد أن فضت الأخيرة سحب الدعوى على أثر إعلان النيابة العامة للمحكمة أن رئيس الطاقم السياسي الأمني في وزارة الأمن، الجنرال عاموس جلعاد على استعداد لإطلاع الأسرة على أخر المستجدات في ملف الجندي شاليط، وطالبت العائلة ،بدلا من ذلك أن يعاد بحث الموضوع خلال جلسة الحكومة بكامل هيئتها، أو في جلسة المجلس الوزاري الأمني المقلص، وعلى الحكومة الإسرائيلية في غضون ذلك عدم إجراء أي تغيير جوهري ملموس في الوضع السائد في المعابر. وجاء قرار المحكمة بعد أن كاتنت المحكمة ألزمت أمس، الجنرال عاموس جلعاد بإطلاع أسرة شاليط على تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس.

في غضون ذلك يستعد رئيس الحكومة الإسرائيلية، إيهود أولمرت للتوجه صباح ، الثلاثاء إلى القاهرة، حيث سيجتمع مع الرئيس المصري حسني مبارك، ويبحث معه، وفق ما صرحت به مصادر إسرائيلية قضايا التعاون الأمني بين البلدين، ومسألة شاليط. وكانت مصادر فلسطينية رفيعة المستوى أعلنت في هذا السياق أنه من المقرر أن تنطلق في القاهرة، بعد أسبوعين جولة من المحادثات المكثفة لإتمام صفقة إطلاق سراح شاليط.