التحقيق بنقل آلاف المخطوطات العراقية النادرة لإسرائيل وأميركا
صحافيون يرفضون تدخل سفارة إيران بشؤون الإعلام العراقي

أسامة مهدي من لندن: رفض اعلاميون ومؤسسات صحافية عراقية تدخل السفارة الايرانية في بغداد في شؤون الاعلام العراقي معتبرين ذلك تجاوزا على القوانين العراقية .. فيما تم الكشف عن نقل 50 الف وثيقة عراقية نادرة الى الولايات المتحدة بالترافق مع بدء التحقيق رسميا في نقل مجموعات اخرى الى اسرائيل بينها سفر تلمود بينما يستعد وفد رسمي عراقي للسفر الى نيويورك للتحقق من صحة تقارير اشارت الى نقل هذه الوثائق المحفوظة هناك باتفاق بين الحكومتين العراقية والاميركية الى الدولة العبرية .

وابدي مرصد الحريات الصحافية في العراق استغرابه الشديد من رسالة وجهتها السفارة الايرانية مباشرة الى رئيس تحرير صحيفة الدستور البغدادية quot; تتهم من خلالها هيئة تحرير صحيفته بنشر مواد وصور وخدمات اعلانية تتضمن اكاذيب واهانات ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية quot; وفقاً لادارة الصحيفة في بغداد التي ابلغت المرصد بذلك . ووصف رئيس تحرير الصحيفة رسالة السفارة بانها quot; مخالفة لجميع البروتوكولات المتعارف عليها في العلاقات بين الدول quot; كما اشار بيان صحافي للمرصد ارسلت نسخة منه الى quot;ايلافquot; اليوم.

وقال رئيس تحرير الدستور ان الرسالة تضمنت عبارات احتجاج قاسية على ما نشرته الصحيفة وعدد من الصحف العراقية الاخرى من اعلانات مدفوعة الثمن .واضاف الشيخ ان هذه المواد نشرت تحت عبارة اعلان او خدمات صحفية للخروج عن المسؤوليه القانونية والاخلاقية ، وهو مايجيزه لها مواثيق الشرف المهنية الاعلامية المتفق عليها في دول العالم اجمع .
ووصف المرصد رسالة السفارة الايرانية في بغداد الى صحيفة الدستور بانها تجاوز على القوانين العراقية والبروتكولات الدولية واعتبرها سابقة خطيرة في مجال التدخل في عرقلة ممارسة وسائل الاعلام العراقية لحرية التعبير والنشر المكفولة دستورياً فضلاً عن تجاهل السفارة لتوفر قنوات قانونية ودبلوماسية يتبعها المتضرر من النشر افراداً او مؤسسات او حكومات اجنبية .
ودعا مرصد الحريات الصحافية في العراق quot;سفارة الجمهورية الايرانية الاسلامية في بغداد الى اتباع القواعد والاصول الدبلوماسية المتعارف عليها دولياً وتوجيه خطاباتها للمؤسسات العراقية المختلفة من خلال وزارة الخارجية العراقية وفقاً للقواعد الدبلوماسيةquot; .

وعادة ما تنشر الصحف العراقية مقالات وتقارير عن التدخل الايراني في الشؤون العراقية وخاصة بعد الكشف عن اسلحة ايرانية حديثة الصنع تم تزويد مجموعات عراقية مسلحة خارجة على القانون بها وذلك خلال العمليات العسكرية التي نفذتها القوات العراقية في بغداد والبصرة والعمارة ضد المسلحين على مدى الاشهر الثلاثة الماضية .

وعلى الصعيد الاعلامي نفسه فقد اعلنت الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحافيين إن القوات الأميركية أطلقت سراح نقيب صحافيي محافظة صلاح الدين (160 كم شمال غرب بغداد) بعد مضي أربعة أيام على اعتقاله واحد أبنائه.
وقالت الجمعية في بيان لها ان القوات الاميركية اطلقت سراح حسن احمد المعجون نقيب صحافيي محافظة صلاح الدين وابنه عبد الله صباح امس مؤكدة انه لم لم يتعرض لأي أذى خلال فترة اعتقاله لكنه خضع الى استجواب لمحققين في القوات . واعتقل المعجون وابنه الاربعاء الماضي من قبل قوة عراقية اميركية مشتركة واقتيد الى قاعدة سبايكر الجوية الأميركية بالقرب من مدينة تكريت عاصمة المحافظة من دون أن توضح القوات أسباب الاعتقالquot; .
وكان مرصد الحريات الصحافية طالب باطلاق سراح المعجون وتديم ايضاح عن اسباب الاعتقال .
واشار المرصد الى انه في حالات مشابهة كانت القوات الاميركية والعراقية قد اعتقلت في الرابع من الشهر الحالي المصور الصحافي احمد النوري الذي يعمل لصالح و كالة الاسوشتيد برس الاميركية بعد ان داهمت منزله في حي الزهور غرب مدينة تكريت والذي مازال قيد الاعتقال برغم مطالبات من منظمة مراسلون بلا حدود ومرصد الحريات اللذين اصدرا بياناً مشتركاً بهذا الشان يطالبان فيه باطلاق سراحه .

ودعا المرصد القوات الاميركية بتقديم ايضاح رسمي عن اسباب اعتقاله وفيما اذا كانت هنالك تهم قد وجهت لهما يجب بابرازها واتخاذ الاجراءات اللازمة بصددها خلال المدة التي سبق وتم الاتفاق عليها بين لجنة حماية الصحفيين ووزارة الدفاع الاميركية quot;البنتاغونquot; والتي نصت على تعهد الجيش الأميركي بتعجيل النظر بقضايا الصحافيين المحتجزين واطلاق سراحهم خلال 36 ساعة فقط من تاريخ احتجازهم.

تحقيق عراقي في نقل الاف الوثائق النادرة الى اسرائيل واميركا
اكدت مصادر اثارية عراقية بدء التحقيق في نقل الاف الكتب والوثائق العراقية النادرة الى اسرائيل والولايات المتحدة .

ويأتي هذا التحقيق بعد ايام قليلة من كشف النائب العمالي الاسرائيلي موردخاي بن بورات احد المتحدرين من يهود العراق والباحث في مركز quot;ارث يهود بابلquot; الواقع قرب تل أبيب عن شراء اسرائيل لمجموعة من المخطوطات الاثرية الثمينة من عناصر المليشيات التي رافقت القوات الاميركية لدى دخولها الى العراق عام 2003 . وابلغ موردخاي صحيفة quot;هآرتسquot; الاسرائيلية ان مسؤولين عراقيين قاموا باهداء اسرائيل بعضا من تلك النفائس اليهودية . وقال quot;اننا تمكنا من الحصول على تعليق نادر لسفر أيوب نشر سنة 1487 وقسم من كتب الانبياء المنشورة في البندقية سنة 1617 من مخازن حصينة لأجهزة الأمن العراقية في عهد صدام حسين. وأوضح موردخاي انه ليس صعبا الحصول على اي شيء من اللصوص الذين ظهروا في اعقاب احتلال العراق .واوضحت الصحيفة ان من هذه الاعمال الثمينة المكتوبة باللغة العبرية تعليق لسفر ايوب نشر في 1487 وجزء من كتب الانبياء التي نشرت في البندقية في 1617. وكانت هذه الكتب في اقبية احد مباني اجهزة الامن العراقية مع غيرها من الاعمال المصادرة وقد اصيبت باضرار طفيفة بسبب تسرب للمياه سببته عمليات القصف الاميركية عند الاستيلاء على بغداد. وقد وارسلت هذه الكتب الى الولايات المتحدة لترميمها بموافقة السلطات العراقية الجديدة. لكن معظم هذه الاعمال فقد في الطريق .

ومن جانبه اكد خبير اثاري عراقي أنه يتم حاليا البحث عن كنوز آثارية ويجري تهريبها الى دول العالم . واشار الى انه قد علم ان عددا من افراد الاسر الحاكمة في دول خليجية حصلوا عن طريق وسطاء على بعض من هذه الكنوز العراقية القديمة . واوضح ان الاسرائيليين يتحركون هناك لتتبع اثار يهودية لم يتمكنوا منها وتسربت الى الخليج كما نقلت عنه مؤسسة quot;فاتحونquot; العراقية للاعلام في تقرير ارسلت نسخة منه الى quot;ايلافquot; اليوم. وقال الخبير ان جهاز الاستخبارات الإسرائيلي quot;الموسادquot; تمكن من السيطرة على أكبر مكتبة يهودية أثرية في العراق كانت محفوظة في دائرة المخابرات العراقية السابقة. وذكر أن فريقا متخصصا من الموساد قام بعد أيام من سقوط النظام العراقي السابق بالتعاون مع ضباط من وكالة الاستخبارات الأميركية بالسيطرة على المكتبة اليهودية القديمة في بغداد، التي كانت تخضع لإشراف المخابرات العراقية. وتضم المكتبة تحفا نادرة لا تقدر بثمن من كتب التوراة ldquo;والتلمودrdquo; وrdquo;القبالةrdquo; وrdquo;الزوهارrdquo;، المكتوبة على لفائف البردي وجلد الغزال التي يعود تاريخها إلى أكثر من 2500 سنة وبقيت في العراق منذ السبي البابلي لليهود إذ قام كتبة يهود في ذلك الوقت بحفظ الكتب اليهودية في العراق،. واضاف الخبير إن القوات الأميركية كانت قد اكتشفت الشخص المسؤول عن هذه المكتبة بعد احتلال العراق وقامت باصطحابه إلى موقع المكتبة في قبو بدائرة المخابرات العراقية حيث تم الغوص في الماء للوصول إليها بعد انفجار أنابيب المياه الثقيلة في القبو حيث جرى انتشال الكتب التي كانت بحالة جيدة ثم تم نقلها بوساطة طائرة في رحلة مباشرة من بغداد إلى تل أبيب.

ومن جانبه قال أسامة ناصر النقشبندي أكبر خبراء المخطوطات العراقية ان مسؤولين أميركيين نقلوا ايضا الى بلادهم مجموعة من المخطوطات العراقية منها لفائف جلدية لأسفار التوراة بعد سقوط بغداد غير مبالين بتحذيرات العراقيين من سعي اسرائيل لحيازتها. واضاف ان القوات الأميركية عثرت بعد احتلال بغداد على كمية من المخطوطات والكتب منها لفائف جلدية لأسفار التوراة موضوعة داخل اسطوانات خشبية في أحد مخازن جهاز المخابرات السابق فاستولت عليها ووضعتها في شاحنة كبيرة مكيفة . وأكد النقشبندي الذي تولى منصب مدير عام المخطوطات العراقية منذ تأسيسها عام 1988 حتى عام 2002 أن خبراء من دار المخطوطات والمتحف العراقي قدموا تقريرا الى هيئة الآثار شددا فيه على أنها مواد تراثية يشملها قانون الآثار ويجب أن تسلم الى هيئة الآثار والتراث لكن اي احد لم يبال بذلك .
وقال النقشبندي في دراسة عنوانها quot;استهداف المخطوطات في العراق خلال الحرب 1991 ـ 2003)quot; ونشرت أمس في العدد الجديد من مجلة quot;تراثياتquot; نصف السنوية التي يصدرها مركز تحقيق التراث في دار الكتب والوثائق القومية بالقاهرة ان ممثل وزارة الدفاع الاميركية quot;البنتاغونquot; الدكتور اسماعيل حجارة وهو أميركي الجنسية قد أرسل من أميركا للاشراف على هيئة الآثار والتراث حيث كان وراء نقلها الى أميركا quot;فحاولت اقناعه بعدم الموافقة لأن اسرائيل تسعى للاستحواذ على الاسفار اليهودية منذ السبعينيات وهي بأقلام مشاهير الخطاطين اليهود في بغداد فلم يكترت ثم نقلت هذه المجموعة خلسة الى نيويوركquot; .

وأضاف أنه بعد مرور شهر على نقل لفائف التوراة الجلدية الى أميركا quot;طلب مني الكولونيل مكدونس قائد مفرزة القوات الأميركية التي أرسلت لحماية المتحف العراقي بعد أن نهب الكشف على المخطوطات الموجودة في الملجأ فطلبت منه حضور بعض الفضائيات العربية والأجنبية لتصوير عملية فتح الملجأ والكشفعن صناديق المخطوطات المحفوظة فيهquot;. وقد اطلعوا على الكمية الهائلة من المخطوطات وتم تصوير بعضها للتأكد من أنها مخطوطات وليست صواريخ أو ما شابه ذلك لحماية الملجأ من التعرض للدمارquot; .

وروى النقشبندي كيف استطاع الاهالي بحس فطري واع التصدي لمحاولات الاميركيين شحن المخطوطات بعد أن أوضح لهم أنها quot;تمثل تاريخهم وتراثهم الفكري والحضاري ومن بينها مصحف كريم نسبت كتابته للامام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فهاجت الجموع وبدأوا بالاحتجاج والهتافquot; . وقال ان quot;الكولونيل أصر على نقل هذه المخطوطات التي تبلغ نحو 50 ألفا الى مقرهم وعجز خبراء المخطوطات العراقيون عن منعه وأحضر الاميركيون خمس شاحنات كبيرة وعددا من الدبابات والآليات العسكرية وعشرات الجنود الأميركيين وتجمع أمام الملجأ مئات العراقيين وأبدوا معارضتهم لتسليم المخطوطات الى الاميركان فعرض الكولونيل مبلغ خمسة دولارات لكل شخص يشارك في نقل صندوق فرفض المواطنونquot; .

ومن جهتها كشفت رئيسة هيئة الآثار والتراث العراقية الدكتورة أميرة عيدان أن الهيئة تحقق حاليا في الأنباء التي أشارت إلى تهريب مخطوطات عراقية وكتب نادرة مدونة باللغة العبرية كانت مودعة في احد المراكز الأميركية إلى احد المتاحف الإسرائيلية.

وقالت عيدان أن رئيس الوزراء نوري المالكي سيتدخل مع الجهات الأميركية في حال ثبتت صحة الأنباء التي تحدثت عن إقامة معرض في تل أبيب يضم هذه المقتنيات العراقية. وابلغت عيدان وكالة quot;أصوات العراقquot; إن القوات الأميركية كانت عثرت في الأيام الأولى لدخولها الى العراق العام 2003 على حوالي 30 صندوقا تحتوي مخطوطات باللغة العبرية في احد أقبية دائرة المخابرات العراقية التابعة للنظام السابق في بغداد .

وأوضحت عيدان أن المخطوطات كانت متضررة نتيجة المياه التي تسربت إلى الأقبية آنذاك ما دفع بالجهات الأميركية إلى تقديم عرض للجهات العراقية بنقل هذه المخطوطات إلى أميركا لمعالجتها هناك وشارت الى انه تم عقد اتفاق بين السلطات الأميركية والهيئة العامة للآثار والتراث نقلت بموجبه المخطوطات المتضررة إلى مركز quot;ناراquot; في اميركا للصيانة على أن تستكمل هذه العملية خلال عامين . وأكدت عيدان أن الهيئة quot;كانت خاطبت أكثر من مرة المركز المذكور بعد سماع أنباء غير مؤكدة في أوقات سابقة عن تسرب المخطوطات وتهريبها وهو ما نفاه المركز الأميركي آنذاك وطالب بإرسال وفد عراقي للتحقق من سلامة المخطوطاتquot; .

وكشفت عيدان عن quot;أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء قررت فعلا تشكيل لجنة فنية تضم في عضويتها ممثلين عن وزارة الخارجية والهيئة العامة للآثار للسفر إلى أميركا ومتابعة موضوع الوثائق العراقية هناكquot; . غير أنها أشارت إلى أن الجهات العراقية quot;فوجئت الجمعة بسماع أنباء تؤكد انتقال المخطوطات إلى احد معارض تل أبيب ما دفع بوزارة السياحة والآثار العراقية إلى الاتصال امس بالملحقية الثقافية في السفارة الأميركية في العراق للتحقق من هذه الأنباءquot; . واضافت أن السفارة الاميركية quot;أكدت عدم علمها بملابسات الموضوع وأنها طلبت من الجانب العراقي مهلة لتحقق من الأنباءquot; . وأوضحت أن الجانب العراقي quot;ينتظر رد السفارة وانه في حال تأكد أن الوثائق المعروضة في إسرائيل هي ذاتها المودعة في أميركا فان العراق سيتخذ جملة من الإجراءات وفقا للقانون الدوليquot; . ولم تكشف عيدان عن طبيعة الحملة المتوقعة غير أنها أشارت إلى أن التدخل سيكون quot;بشخص رئيس الوزراء نوري المالكي ووفقا للاتفاقية المبرمة بين العراق وأميركا حول نقل هذه المخطوطات الهامةquot; .
وأوضحت أن القانون الدولي سيرتب في حال صحة الأنباء عقوبات كبيرة على الجانب الأمريكي قد تشمل دفع تعويضات مالية كبيرة للجانب العراقي .

معروف ان يهود العراق هم واحدة من اقدم الجاليات اليهودية في العالم ويعود تاريخهم الى 2600 سنة وكان نحو 130 الف يهودي يعيشون في العراق في عام 1948 لكن معظمهم اضطروا لمغادرة هذا البلد. وبقي نحو مئة يهودي في العراق في عهد الرئيس السابق صدام حسين الا ان الجزء الاكبر منهم رحلوا مع اندلاع حرب الخليج في عام 1991 بينما هرب الباقون في الاشهر التي تلت سقوط النظام العراقي في عام 2003 .