بغداد تعدل قانون الإنتخابات وسط معارضة أحزاب شيعية
منع إستخدام الرموز الدينية ودور العبادة للدعاية الإنتخابية

أسامة مهدي من لندن: منعت الحكومة العراقية رسميا للمرة الاولى استخدام الرموز الدينية ودور العبادة في الدعاية للائتلافات او الكيانات السياسية خلال انتخابات مجالس المحافظات المقبلة خلافا لرغبة قوى واحزاب دينية تسعى إلى استخدام المرجعية الشيعية ورجالاتها وصورهم للدعاية لصالحها كما حصل في عمليات الانتخاب التي شهدتها البلاد منذ عام 2005 والتي يتوقع ان تعارض هذه القوى التشريع الجديد في مجلس النواب .. كما اشترطت الحكومة وجود إمرأة واحدة على الأقل ضمن أول ثلاثة مرشحين في كل قائمة انتخابية.

وجاء هذا المنع في تعديلات اجراها مجلس الوزراء العراقي خلال جلسته الاعتيادية للاسبوع الحالي حيث اعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة الدكتور علي الدباغ تفاصيل إقرار تعديلات على مشروع قانون انتخابات المحافظات. وقال في بيان صحافي تسلمت quot;إيلافquot; نسخة منه اليوم إن مجلس الوزراء ناقش التعديلات المقترحة على مشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية والنواحي فأيد بعضاً منها ورفض بعضا آخر تمهيدا لإرسال المشروع المعدل الى مجلس النواب لمناقشته والتصويت عليه . واضاف ان هذه المقترحات قد قدمت من قبل لجنة الأقاليم والمحافظات في مجلس النواب حيث عرضت على مجلس الوزراء بعد دراستها من قبل رئيس الدائرة القانونية في الأمانة العامة للمجلس .

ونص التعديل الجديد في الفصل السادس منه حول quot; الدعاية الإنتخابيةquot; على (تثبيت حظر استعمال الصور والدعاية لرموز شخصية لغير المرشحين في الدعاية الإنتخابية) . و(تثبيت عدم السماح بإستخدام دور العبادة بأي وسيلة لأغراض الدعاية الإنتخابية حتى لا يتم إستغلالها لغير الغرض المخصص لها).

كما نصت التعديلات من جهة اخرى على (تثبيت حق الناخب المهجّر في المشاركة بالإنتخابات) حيث إن هناك حوالى مليونا ونصف المليون مهجر الى داخل البلاد .. و(اعتماد بيانات البطاقة التموينية لتحديد شرط كون المرشح من أبناء المحافظة) . وكذلك على (إشتراط وجود إمرأة واحدة على الأقل ضمن أول 3 مرشحين في كل قائمة) .

ونص تعديل في الفصل الثامن حول (احكام عامة وختامية) على (يحدد موعد الإنتخابات بقرار من مجلس الوزراء بناء على إقتراح من المفوضية quot;العليا للانتخاباتquot; يعلن عنه بوسائل الإعلام المختلفة قبل الموعد المحدد لإجرائه بـ 60 يوماً على أن لا يتجاوز الموعد تاريخ 1 /10/2008 ) . كما نصت التعديلات على (تثبيت إمكانية تأجيل الإنتخابات في منطقة إنتخابية واحدة أو أكثر من قبل مفوضية الإنتخابات أذا إستوجب الوضع الأمني ذلك).
وتأتي هذه التعديلات وسط جدل واسع تشهده الساحة السياسية العراقية ورغبة احزاب دينية في استخدام اسماء مراجع ورموز دينية تحظى باحترام الشعب العراقي في دعاياتها الانتخابية الامر الذي عارضته قوى اخرى واعتبرته استغلالا للدين ورجالاته لمكاسب سياسية .
وفي اول رد فعل على تعديل مجلس الوزراء هذا بمنع استخدام الرموز الدينية ودور العبادة في الدعاية الانتخابية اكد الشيخ جلال الدين الصغير رئيس كتلة المجلس الاعلى الاسلامي داخل الائتلاف الشيعي في مجلس النواب ان قرار مجلس الوزراء لا يمثل رغبات المواطنين مشددا على انه ستتم معارضة هذا البند لدى مناقشة مشروع القانون في المجلس .

وطالما اكد المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني خلال الفترة الاخيرة عن طريق معتمديه وممثليه عدم انحيازه لاي فريق سياسي كما حصل في الانتخابات السابقة التي قدم فيها الدعم للائتلاف الشيعي الموحد الحاكم حاليا . واكد ممثل للسيستاني مؤخرا ان المرجعية تقف على مسافة واحدة من جميع الكتل السياسية والشخصيات التي ستشارك في انتخابات مجالس المحافظات في تشرين الاول (اكتوبر) المقبل .
وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد وممثل المرجع السيستاني في خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب غرب بغداد) مؤخرا أن quot;المرجعية الدينية العليا تقف على مسافة واحدة من جميع القوى السياسية والشخصيات التي تشارك في الانتخابات المقبلةquot;. وشدد على ان المرجعية لا تتبنى أي قائمة أو شخصية واشار الى ان هذه مسألة ثابتة لانها لن تقترب من جهة سياسية أو شخصية وتبتعد عن أخرى . وقال انه من هذا المنطلق فان الجميع مدعو لأداء هذه المسؤولية انطلاقا من التكليف الشرعي والوطني وعليهم الدقة في الاختيار . وأكد ضرورة انتخاب الأكثر إخلاصا ونزاهة وكفاءة وحرصا على خدمة المواطن من دون التأثر بالاشاعات او الدعايات الانتخابية التي تقدم وعودا لاتتحقق .

وشدد على ضرورة المشاركة في الانتخابات المقبلة لمجالس المحافظات معتبرا العزوف عن ذلك تصرفا خاطئا رغم عدم نجاح هذه المجالس في تقديم الخدمات الضرورية او توفير فرص عمل للعاطلين عن العمل كما اوضح . وحذر من أن عدم المشاركة سيتيح للعناصر غير الكفوءة بالحصول على عضوية هذه المجالس وهو امر سيضر بمصالح المواطنين . وقال ان quot;المشاركة تعني ثلاثة خيارات الأول وصول عناصر تحقق الآمال والطموحات كلها وهذا لا يمكن تحقيقه وخيار ثان هو وصول شخصيات تحقق نسبة عالية وتؤدي شيئا ما من الأعمال وتحقق شيئا ما من الآمال وهذا ما نصبو إليه والخيار الثالث هو وصول شخصيات سيئة إلى الحكم في المحافظات وهذا ما لا يريده الجميعquot; .

واثر ذلك دعت قوى سياسية عديدة الى ضرورة وضع نص في قانون الانتخابات يمنع القوى السياسية من استخدام الرموز الدينية للتأثير على الناخبين . واكد الحزب الاسلامي العراقي بزعامة نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي رفضه لاستخدام هذه الرموز للدعاية في الانتخابات او استخدام المساجد منابر سياسية . وقال الحزب وهو احد مكونات ثلاثة تشكل جبهة التوافق السنية انه لا يؤيد استخدام الرموز الدينية المتمثلة بالشخصيات الدينية العامة غير المنخرطة في النشاطات السياسية والموجودة في الساحة العراقية بخلاف الشخصيات الدينية التي تبنت أفكاراً ونشاطات سياسية معينة إذ نرى ان من حقها ان تروّج لقائمتها أو كتلتها بعد ان تعرف الجمهور إلى اتجاهها السياسي مسبقاً .

لكن المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة السيد عبد العزيز الحكيم رئيس الائتلاف الشيعي الحاكم رفض منع استخدام الرموز الدينية ودور العبادة في الدعاية الانتخابية . وأشار النائب عن كتلة الائتلاف القيادي في المجلس الأعلى حميد رشيد معلة إلى أن المجلس اعترض بشدة على منع استخدام المساجد والحسينيات في الترويج للقوى السياسية المتنافسة في انتخابات مجالس المحافظات. واشار إلى أن دور العبادة هي من الأماكن المهمة التي يجتذب بها المجلس الناخبين.

واضاف معلة أن هناك نواحي وأقضية لا يوجد فيها سوى المسجد مكانا لالتقاء الناس والحديث عن الانتخابات . وشدد بالقول على أن هذا البند يحرم الائتلاف من quot;فرصتهquot; في جذب أكبر عدد من الناخبين إليه. وقال إن الرموز الدينية هي شخصيات وطنية تمثل العراق ومن ثم فإن المجلس الأعلى حريص على أن تكون ضمن الدعاية الانتخابية له لما تمثله من ثروة قيمية ولما لها من ثقل في الترويج لأفكار المجلس الأعلى الإسلامي وقيمه .

ومن جانبها اكدت جبهة التوافق المكون السياسي الذي يمثل السنة على ضرورة إبعاد المراجع الدينية العراقية عن الاستغلال الرخيص لأسماء وصور المرجعيات quot;التي نجلها ونحترمها جميعا للحصول على مكاسب سياسية لا يمكن لهم أن يحصلوا عليها من دون هذا الاستغلالquot;.

واشار القيادي في الجبهة ظافر العاني إلى أن الكثير من الأحزاب فقدت مصداقيتها أمام جماهيرها التي انتخبتها في السابق وهي تخشى من الفشل في الانتخابات المقبلة ما جعلها تسعى إلى استغلال أسماء المراجع الدينية لتحظى بقبول الجماهير بها بعد أن تبين لكل الناس كذب وخداع وزيف ادعاء هذه الأحزاب. ودعا العاني quot;جميع المراجع العراقية الجليلة إلى أن تمنع هذه الأحزاب من هذا الاستغلال الرخيص لأسمائهم وتاريخهم وإرثهم الديني والسياسي كما استغل في السابق . واشار إلى أن سمعة هذه الأحزاب السيئة دفعت الناس إلى التهجم والتطاول على رجال الدين والرموز والمراجع العراقية معربا عن خشيته من quot;وجود جهات خارجية تحاول ضرب وتهشيم رموزنا ومراجعنا التي نعتز بها جميعاquot;.

اما النائب عن القائمة العراقية خير الله البصري فقد طالب الأحزاب والجهات السياسية في العراق بعدم استخدام الرموز الدينية كشعار في انتخابات مجالس المحافظات . واوضح البصري في تصريح نقلته وكالة quot;نيوزماتيكquot; اليوم أن استخدام الرموز الدينية في الانتخابات quot;أمر مرفوض شرعيا وقانونيا كما انه يمثل ضغطا على المواطن العراقي عن طريق الترهيب لانتخاب مرشحهquot; .

وأضاف البصري أن المرجع الشيعي الأعلى السيد علي السيستاني quot;رفض استخدام صوره من قبل بعض الجهات السياسية كشعار انتخابي كما حصل في الانتخابات البرلمانية السابقة في نهاية عام 2005quot;. وأكد وجود توجه معارض في الشارع العراقي لاستخدام الرموز الدينية في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة quot;بسبب إحساس هذا الشارع بفشل الكتل التي استخدمت هذه الرموز في تقديم الخدمات لهquot; . وقال إن quot;استخدام الرموز الدينية في الانتخابات أصبح موضوعا خلافيا بين الكتل السياسية حيث يرفض عدد من القوى السياسية استخدامها لأنها تظن أنها تمثل دعما غير شرعي لبعض الجهات في الانتخاباتquot;.

من جانبه أيد عضو اللجنة القانونية النائب عن كتلة التحالف الكردستاني محسن السعدون منع استخدام الرموز الدينية بوصفها وسيلة للضغط على الناخب . وقال quot;أنا بالذات قدمت مقترحا في القراءة الأولى وقلت فيه إنه حتى يتمكن الناخب من الإدلاء بصوته في الانتخابات متمتعا بكامل حريته يجب أن لانفرض عليه شروطا معينة لأشياء هي محترمة بالنسبة لنا ككل وليس فقط لمناسبة الانتخابات هذه الاراء المتفاوتة بين الكتل البرلمانية وهذه الفقرة بالذات لربما تكون فيها مناقشات أخرىquot;.