عدد الملاعب فاق عدد الكرات
مفردات الحرب تختبئ في ثوب تهدئة إسرائيل وحماس
خلف خلف ndash; إيلاف: التهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة السارية منذ التاسع عشر من حزيران (يونيو) الماضي رغم ثباتها الجزئي حتى اللحظة، إلا أن المجهول يلف مستقبلها، والشكوك تعتري ديمومتها، فسياسة الفعل ورد الفعل تتسيد الموقف. ويلوح كل طرف بأوراق الضغط التي يمتلكها لإبقاء قواعد اللعب تعمل لصالحه. فبعد تعليق حركة حماس لملف المحادثات حول الجندي جلعاد شاليت نتيجة تواصل إغلاق معابر القطاع، قررت إسرائيل اليوم الأحد فتح جزء منها، مع التلميح بأنها لن تترد في تنفيذ عمليات قصف مركزة للمناطق التي يحدث منها اختراق للتهدئة، حسب توصية أعدتها شعبة التخطيط في هيئة الأركان للجيش الإسرائيلي.
التلميح الإسرائيلي السابق رأت حركة حماس به، محاولة للتنصل من التهدئة، وإلقاء الكرة إلى الساحة الفلسطينية، عبر تأجيج نار الخلاف بين فصائلها. وصف فوزي برهوم المتحدث باسم الحركة التلويح الإسرائيلي بتجديد الهجمات ضد غزة، باللعب بالنار. وقال في تصريح لـquot;إيلافquot;: quot;قوات الاحتلال تريد إرباك الساحة الفلسطينية عبر هذه التسريبات، ونحن ندعوها إلى التفكير جيدًا قبل الإقدام على أي خطوة في هذا الاتجاهquot;، وطالب برهوم الفصائل الفلسطينية جميعها، بالحذر مما وصفها بـquot;الألاعيب الصهيونيةquot;.
ويجمع المتابعون لملف التهدئة بان تنفيذ إسرائيل لتوصية هيئة أركانها بشن هجمات مركزة ضد غزة، سيضع وقف إطلاق النار في مهب الريح. وتزداد احتمالية وقوع السيناريو المذكور، مع تسجيل نشاط عسكري لأطراف مجهولة في غزة في الأيام الأخيرة. أعلنت مجموعة تطلق على نفسها quot;تنظيم بدرquot; (غير معروفة سابقًا) مسؤوليتها عن إطلاق صاروخ على النقب الغربي قبل يومين.
وتبدي أيضًا مجموعات عسكرية فلسطينية تحفظات على وقف إطلاق النار الحاصل مع إسرائيل، سرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) أعلنت مسبقًا أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أمام اعتداءات إسرائيلية سواء في غزة أم الضفة. والأخيرة تعتبر خارج إطار التهدئة، ومسرح يومي لعمليات الجيش الإسرائيلي. وهذا الوضع هدد استمرارية التهدئة أكثر من مرة، فسجل منذ بداية سريانها، إطلاق نحو سبعة صواريخ وخمس قذائف هاون من غزة إلى المستوطنات في جنوب إسرائيل، ردت إسرائيل على ذلك بإغلاق معابر غزة، وتعليق إدخال المواد الأساسية للقطاع.
وتتهم حركة حماس، وفصائل فلسطينية أخرى، الجانب الإسرائيلي بعدم الالتزام التام بالتهدئة. أعلنت حركة الجهاد الإسلامي في بيان لها بتاريخ 3/7/2008 أن الأسبوع الثاني من التهدئة شهد 13 خرقًا إسرائيليًا، أغلبها بحسب الإحصائية تركز على طول الشريط الحدودي إلى الجنوب من قطاع غزة وعرض بحر المنطقة بذاتها.
ويرى الدكتور عبد الستار قاسم المحاضر في قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح أن التهدئة لن تصمد طويلاً لأن غايات وأهداف طرفيها تتطلب عدم الاستمرار. ويبين د.قاسم في تحليل سياسي له أن إسرائيل بحاجة لنوع من الهدوء أساسًا لعزل المشاكل عن بعضها، وحماس تريد الإثبات للناس أنها تتمتع بمرونة سياسية فترد بذلك على خصومها في الداخل والخارج.
وتراهن إسرائيل على الخلافات الداخلية الفلسطينية لتحقيق مكاسب على المستوى السياسي التفاوضي، لإدراكها أن التهدئة زادت من عمق الخلاف الداخلي بين الفصائل الفلسطينية، وبخاصة بين حركتي حماس وفتح. الأخيرة أطلق مؤخرًا جناحها العسكري (كتائب الأقصى) بعض الصواريخ والقذائف ضد الأهداف الإسرائيلية، وهو ما فسرته حماس بأنه محاولة لعرقلة فك الحصار المفروض على قطاع غزة منذ منتصف حزيران (يونيو) 2007، تاريخ وقوع غزة تحت السيطرة العسكرية لحماس، بعد قتال دامي مع حركة فتح، والأجهزة الأمنية الفلسطينية.
ومنذ الانقسام بين الضفة الغربية وقطاع غزة، عملت إسرائيل على تغذية الصراع بين حماس وفتح، وركزت الصحافة العبرية على أن الضفة في طريقها للسقوط في يد حماس، وأن عمل الجيش الإسرائيلي في الضفة هو لوحده ما يحول دون ذلك. ولم يتردد أيضا بعض المسؤولين الإسرائيليين إلى التصريح أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ضعيف، ولا يمكن التوصل معه لاتفاق سلام، نتيجة عدم سيطرته على غزة.
وفي ظل غموض مستقبل التهدئة، تستعد إسرائيل لمواجهة مستقبلية محتملة مع حماس، وتعمل على تطوير منظوماتها الدفاعية ضد الصواريخ الفلسطينية محلية الصنع. أفادت الإذاعة الإسرائيلية العامة اليوم الأحد أنه تم إجراء تجربة ناجحة لإطلاق صاروخ قادر على اعتراض الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى مثل تلك التي تطلق من غزة، وبحسب الإذاعة فان هذا النظام الذي يمكن أن يبدأ تشغيله خلال عام، قادر على اعتراض قذائف الهاون أيضا.
أيضا بحسب تقارير إسرائيلية فأن حماس تواصل عمليات تسلحها، وترى محافل استخبارية إسرائيلية أن تعزيز الحركة لقدراتها العسكرية سيصعب من إمكانية استخدام تل أبيب للخيار العسكري ضدها في المستقبل. وبين الفينة والأخرى، تنقل الصحف العبرية تقارير تتحدث عن تقصير من جانب القاهرة تجاه إحباط ما تسميه تهريب للسلاح والمتفجرات من الأراضي المصرية لغزة، وذلك عبر الأنفاق الأرضية القائمة بين الجانبين، والتي استغلت طول فترة الحصار لتهريب المواد الغذائية والسلع الرئيسية لاستمرار عجلة الحياة في القطاع.