حقوقيون يرونه محاولةً للسيطرة على الفضائيات والإنترنت
مشروع قانون مصري يفرض قيوداً صارمة على الإعلام
نبيل شرف الدين من القاهرة:
في خطوة جديدة وصفها مراقبون وحقوقيون في مصر، بأنها تشكل هجمة شرسة من قبل النظام الحاكم على حرية الإعلام والتعبير، سربت معلومات عن إنشاء جهاز حكومي للرقابة على محتوى كل وسائل البث التي تضم المحطات التلفزيونية والإذاعات ومواقع الإنترنت وغيرها، ويرأس هذا الجهاز وزير الإعلام، ويضم في عضويته ممثلين عن وزارات الداخلية والخارجية والاتصالات والثقافة والمالية، بالإضافة إلى هيئة الأمن القومي quot;المخابراتquot;، فضلاً عن ستة أعضاء، منهم أربعة من ذوي الخبرة من غير العاملين في الجهاز الحكومي أو الهيئات العامة، على أن يكون من بينهم اثنان من الشخصيات العامة يمثلان مستخدمي خدمات البث المسموع والمرئيquot;، وفق ما ورد في نص مشروع القانون المزمع .
ويفرض مشروع القانون الجديد الذي سيناقشه البرلمان المصري، حزمة من القيود والاشتراطات تشمل كافة الأنشطة الإعلامية بدءاً بأنظمة البث داخل النطاق الجغرافي المصري، وصولاً إلى الرقابة على المحتوى الإعلامي، ويوقع عقوبات بالحبس لكل من يدلي ببيانات أو معلومات تتعلق بأنشطة الجهاز، ما يعني أنه لن يكتفي بهذه الحزمة الهائلة من القيود والرقابة الصارمة، بل سيمنع أيضاً كافة وسائل الإعلام من نشر أي أخبار أو تعليقات حول أنشطة هذا الجهاز الإعلامي الرقابي الجديد، فضلاً عن التعرض له بالنقد أو حتى المناقشة .
واعتبر خبراء وحقوقيون في القاهرة أن هذا المشروع بقانون يرتبط بأهداف سياسية داخل مصر، إذ يرمي خلال المرحلة المقبلة إلى وضع المزيد من القيود والعراقيل للحد من تنامي ظاهرة quot;الميديا الجديدةquot;، والتي تتألف من الأقنيات التي أتاحتها شبكة الإنترنت والبث الفضائي، لا سيما بعد أن قفزت أنشطتها بشكل واضح خلال الأعوام العشرة الأخيرة، ولدرجة باتت تمثل معها خطورة حقيقية وتهديداً جدياً لأنظمة الحكم الشمولية في دول المنطقة .
أهداف وعقوبات
ويأتي المشروع بقانون هذا بعد أن باءت بالفشل مساع مصرية ـ سعودية ـ جزائرية في حشد إجماع عربي لتمرير ما اشتهر باسم quot;وثيقة تنظيم البث الفضائيquot; التي تمخض عنها الاجتماع الاستثنائي لمجلس وزراء الإعلام العرب، الذي عقد يوم 12 شباط (فبراير) 2008 في مقر الجامعة العربية، والتي عارضتها كل من قطر والإمارات ولبنان، وتحفظت عليها البحرين .
وتنص المادة الرابعة من مشروع القانون المزمع على أهداف هذا الجهاز الرقابي الإعلامي قائلة إن الجهاز يهدف إلى تحقيق التالي :
1- تنظيم ومتابعة كل ما يتعلق بنشاط البث، وبصفة خاصة من حيث محتوى المنتج وإتاحته وتوزيعه واستقباله بما يضمن توافر واستمرار الخدمة في الوفاء بمتطلبات أوجه الاستخدام المختلفة لدفع عجلة التنمية المستدامة .
2- إنشاء وتنظيم الآليات اللازمة لحماية مصالح الجمهور ومنتجي وناقلي وموزعي هذه الخدمات .
3- اتخاذ التدابير ووضع الآليات اللازمة للتحقق من المنافسة المشروعة في أنشطة إنتاج وبث وإعادة بث وتوزيع الخدمات المسموعة والمرئية وتجنب الممارسات الاحتكارية طبقاً لأحكام القوانين السارية والقواعد الخاصة التي يحددها الجهاز .
4- تحقيق وإنفاذ المعايير الفنية والبيئية في مجال البث المسموع والمرئي ومعايير الجودة في شؤون المحتوى والبث والإنتاج والتوزيع والاستهلاك، وذلك كله بما يتفق ومتطلبات الحفاظ على القيم والسلام الاجتماعي .
5- ضمان وصول خدمات البث المسموع والمرئي إلى جميع مناطق الجمهورية، بما فيها مناطق التوسع الاقتصادي والعمراني والمناطق الحضرية والريفية والنائية بأعلى درجة ممكنة من جودة الأداء .
ووفقاً لنص المادة الثامنة عشرة من المشروع بقانون، الذي نشرت نصه كاملاً صحيفة quot;المصري اليومquot; المستقلة، فإنها تحدد أسلوب تعيين الرئيس التنفيذي لهذا الجهاز الرقابي الإعلامي المزمع تأسيسه، فيقول: quot;يكون للجهاز رئيس تنفيذي يعين بقرار من رئيس مجلس الوزراء بناء علي اقتراح الوزير المختص لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد ويتضمن قرار تعيينه معاملته المالية، ويقوم الرئيس التنفيذي للجهاز بتمثيل الجهاز أمام القضاء والغير، كما يكون مسؤولاً أمام مجلس الإدارة عن سير أعمال الجهاز فنياً وإدارياً ومالياً، وذلك في ضوء الاختصاصات المنوطة بالجهازquot; .
وينص مشروع القانون في عدة مواد على عقوبات سالبة للحرية، ومنها quot;يعاقب بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تتجاوز خمسين ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين كل من تعدى على أي حق من الحقوق المقررة للجهاز كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهرين ولا تتجاوز سنتين وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه أو بإحدي هاتين العقوبتين كل من قام بتوصيل برامج مسموعة أو مرئية للغير دون ترخيص مسبق من الجهازquot;، وفق نص المشروع بقانون .