اختبارات لتحديد من هو الأفضل؟
أوباما وماكين.. عينا البيت الأبيض في الميزان الإسرائيلي
خلف خلف ndash; إيلاف:
تشكل ساحة الشرق الأوسط حلقة مركزية في محور دعاية الانتخابات الأميركية في الوقت الحاضر. فالموقف من حصول إيران على القدرة الذرية العسكرية، وبقاء القوات الأميركية في العراق، والنزاع الإسرائيلي ndash; الفلسطيني، قضايا مستقبلها متعلق مباشرة بهوية رئيس الولايات المتحدة المقبل. ولئن طلبت من الإسرائيليين أو الفلسطينيين أن يصفوا العلاقات الأميركية ndash; الإسرائيلية خلال ولاية الرئيس جورج بوش المغادر فان الطرف الفلسطيني بالأساس سيقول إن الصورة هي صورة الدعم المطلق للدولة اليهودية. ولكن هل سيستمر هذا الرأي في السنوات المقبلة، أم سيتغير؟ ومن تفضل إسرائيل، باراك أوباما، أم جون ماكين؟
الإسرائيليون يتابعون بشغف تصريحات اوباما، وكذلك ماكين، ويرصد كتاب الصحف العبرية توجهات الرجلين، وماضيهم السياسي، وأقوالهم في أثناء المواجهات المعلنة الكثيرة التي تمت في الأشهر الأخيرة، وبخاصة المتعلق منها بالنزاع الإسرائيلي- الفلسطيني، والذي لا يوجد فروق حزبية كبيرة متصلة به مقارنة بالملفات الأخرى.
يجمع المرشح الجمهوري جون ماكين والديمقراطي باراك أوباما على تأييد أميركي حازم وسخي لإسرائيل على أنها quot;شريكة إستراتيجية مخلصة، ذات أقوى حلف لواشنطن في المنطقة وعلى أنها الديمقراطية الراسخة الوحيدة التي تقوم العلاقة بها على قيم مشتركة أيضاquot;. ويبدو الموقف من حركة حماس جليًا كذلك، فالاثنان يعتبرانها من حركات الجهاد العالمي المتطرف الذي يسير في حلف إيران وسوريا وحزب الله، ما دامت لم تلتزم بشروط اللجنة الرباعية.
الموقف السابق شبه الموحد، لم يمنع الإسرائيليين من إجراء مقارنة بين المرشحين، وانتقاد مواقفهم إذا لزم الأمر، وبخاصة باراك أوباما، الذي يزور الشرق الأوسط قريبًا، ولوحظ تعرضه لهجوم من بعض الكتاب الإسرائيليين على مدار الأسابيع والأيام الماضية، وهو المرشح الوحيد الذي أثيرت حوله الكثير من القصص، عن جذوره الإسلامية، وتوجهاته. ويعتقد الإسرائيليون أنه المرشح الوحيد الذي لم يعبر عن تأييد جدار الفصل، الذي وصفه انه quot;مثال آخر لإهمال الإدارة للمسيرة السياسيةquot;.
الكاتب الإسرائيلي ناحوم برنيع يفاضل في مقال نشرته صحيفة يديعوت بتاريخ 4/7/2008 بين المرشحين، فيقول إن ماكين يتفوق على أوباما في سجله الطويل وتجاربه السابقة، ولكن هذه النقطة تؤخذ عليه أيضا، فسجله يشمل تأييده للحرب البائسة على العراق. وباعتقاد برنيع فإن تميز أوباما يكمن في حداثته، وليس بما فعله، بل ما يرمز إليه، ولكنه لم يجرب اتخاذ القرارات التي يتوجب على رئيس أميركي اتخاذها، وبالتالي فهو يجر خلفه ذيلا من الغموض سواء إيجابا أو سلبًا.
وفي المقابل، يوجه المحلل السياسي الإسرائيلي شموئيل روزنر الانتقادات لاوباما، وفي مقال له نشرته صحيفة هآرتس بتاريخ 10/7/2008 تحت عنوان quot;عودة إلى الواقعquot; يرى روزنر أن اوباما يعود إلى الواقع مغيراً مواقفه خاصة المتعلقة في المنطقة، العراق، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وإيران.
ويوضح المحلل الإسرائيلي أن المرشح الديمقراطي للرئاسة في الولايات المتحدة براك اوباما قرر تحديث وتقويم موقف متقادم، حينما صرح أنه بعد أن يتوجه إلى العراق، ويتحادث مع عدد من القادة الموجودين في الميدان هناك، فإنه متأكد بأنه سيكون لديه المزيد من المعلومات حتى يواصل توجيه سياسته.
وبحسب روزنر: quot;هذا نهجٌ جدير بالاهتمام وهو يعبر عن ظل لنهجه السابق ndash; وعده الذي لا أساس له من الصحة بإعادة القوات الأميركية إلى الوطن خلال اقل من عام ونصف بعد انتخابهquot;، ويتابع: quot;مسألة من أربع مسائل: أما إن اوباما لم يقصد بجدية ما قاله عندما وعد بالانسحاب في السابق، أو انه لا يقصد بجدية ما يقوله الآن أو انه قد أخطأ حينئذ في تميز الواقع والحل الملائم بالنسبة له، أو انه مخطئ الآن. على هذا النحو أو ذلك يتوجب الاغتباط بأن اوباما هو مرشحٌ قادرٌ على تغيير موقف قد مر عهدهquot;.
أما الكاتب أفنير هوفشتاين فيفتح النار تجاه أوباما، مشيرًا إلى أنه رغم وعوده بالاستقامة وعدم الكذب، إلا أنه خلف ذلك يخفي أكاذيب فاضحة. ويقول هوفشتاين في مقاله نشرته يديعوت بتاريخ 26/6/20008: quot;لقد وعد (أوباما) بالابتعاد عن أموال وتأثير أصحاب المصالح، لكنه قلب الأمر عندما حصل على أموال من شركات نفط، ومن مخالف للقانون مريب من شيكاغو ومن جهات أخرى. لقد quot;وعدquot; الناخبين اليهود بان تبقى القدس تحت حكمه quot;عاصمة إسرائيل الموحدةquot;، لكنه ذعر وتراجع (بتفسيرات متلعثمة) عندما ثار الناخبون العرب. و quot;وعدquot; بان يلتقي احمدي نجاد بغير شروط سابقة ثم تحول عن ذلك عندما سماه خصومه السياسيون ساذجا واتهموه بتعزيز زعيم غير عقلاني. ووعد بأمور كثيرة لكنه لم يعد قط بالوفاء بهاquot;.
وصرح أوباما يوم الأحد إنه quot;أساء التعبيرquot; في خطاب أعلن فيه تأييده لان تكون القدس عاصمة غير مقسمة لإسرائيل. وقال في مقابلة بثتها شبكة (سي. ان.ان): quot;تعرفون أن هذه (العبارة) كانت في الواقع مثالا لبعض التعبيرات غير الدقيقة في الخطاب. وحاولنا على الفور تصحيح التفسير الذي قدمquot;. وأضاف اوباما quot;النقطة التي كنا نحاول طرحها ببساطة هي أننا لا نريد أسلاكا شائكة تمتد من خلال القدس على غرار ما كان قائما قبل حرب 67 وأن من الممكن بالنسبة لنا أن نجعل القدس متلاحمة ومتماسكةquot;.
ورغم الانتقادات الإسرائيلية الموجهة إلى أوباما إلا أن العديد من المراقبين يعتبرونه أكثر المرشحين اتزانا بالقياس إلى النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي. فهو على الأقل، المرشح الوحيد الذي وعد بجعل هذا الملف على رأس أولوياته، وأن يعمل على تضييق الفجوات بين الطرفين لإحراز تقدم عملي في هذا المجال.
وبالنسبة إلى الملف العراقي، فيرى جون ماكين أن غزو العراق كان عادلا، ولا يجب سحب القوات الأميركية حتى ينتهي جهد إقرار دولة تؤدي عملها بنجاح. أما أوباما فقد عارض منذ البدء الحرب على العراق، ووعد سابقًا، بسحب القوات، وهو ما أثار حفيظة إسرائيل التي تخشى من انسحاب أميركي مبكر من العراق.
ولكن الانقسام يبدو واضحا أكثر في ما يتعلق بموقف أوباما وماكين من الملف الإيراني، حيث يؤكد الأخير أنه يوجد ما هو أخطر من عمل عسكري ضد طهران، يتمثل بوصولها إلى القدرة النووية. ويقترح فرض المزيد من العقوبات عليها. بينما يؤكد المرشح الديمقراطي باراك أوباما ضرورة إبعاد الخيار العسكري عن الطاولة في الوقت الراهن، وبدلاً منه يجب إتباع خيار المحادثة المباشرة. وأعلن أوباما في وقت سابق تأييده لإقامة اتصالات ثنائية مباشرة مع إيران في مستوى منخفض، ووعد بدبلوماسية شخصية عنيفة، مرفقة بطائفة من الحوافز الاقتصادية والأمنية، وتطمينات بعدم السعي إلى تغيير نظام الحكم.