أسامة مهدي من لندن: في وقت تضاربت فيه تصريحات المسؤولين العراقيين بين امكانية التوقيع على الاتفاقية الاستراتيجية طويلة الامد بين العراق والولايات المتحدة اخر الشهر الحالي او ترحيل ذلك الى حين انتخاب رئيس اميركي جديد اواخر العام الحالي بحث المجلس التنفيذي للقادة العراقيين الليلة تطورات المباحثات حول الاتفاقية وقرر ترحيل اتخاذ موقف نهائي بصددها الى اجتماع المجلس السياسي للامن الوطني الاربعاء المقبل.

فقد اجتمع المجلس التنفيذي بكامل أعضائه اليوم بمقر اقامة الرئيس طالباني في بغداد لبحث الشؤون المحورية في البلاد والوصول الى رؤية مشتركة حول القضايا الملحة على الساحة العراقية. وقال بيان رئاسي الى quot;ايلافquot; انه جرى خلال الاجتماع الذي شارك فيه الرئيس طالباني ونائباه عادل عبد المهدي و طارق الهاشمي ورئيس الوزراء نوري المالكي روز نوري شاويس ممثل رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني بحث آخر تطورات المفاوضات الجارية بين العراق والولايات المتحدة الاميركية بشأن عقد الاتفاقية الستراتيجية بين البلدين quot;وكانت مواقف القادة موحدة تجاه هذه القضيةquot;.

وعقب انتهاء الاجتماع اشار المالكي الى ان الجلسة كانت موفقة ومنصبة على آخر ما توصلت اليها المفاوضات الجارية بين العراق والولايات المتحدة الاميركية.. مشددا على ان جميع القادة الاساسيين لديهم موقف موحد تجاه هذه القضية والذي سيكون في صالح خير العراق ومستقبله . واضاف quot; ناقشنا الذهاب الى مجلس النواب لتقديم اسماء المرشحين من الوزراء الجدد اضافة الى مرشحين وكلاء الوزارات والسفراء، لأننا بحاجة ماسة لتسمية سفراءنا في ظل الانفتاح الذي حصل وتسمية بعض الدول العربية الشقيقة لسفراءهم وبعض دول العالم ايضا وتم الاتفاق عليهاquot;. وقال انه جرت كذلك مناقشات مستفيضة حول السياسة الاقتصادية وما ينبغي عليه سياستنا المعتمدة في تطوير اقتصادنا .

وفي تصريح صحافي لرئيس ديوان رئاسة الجمهورية نصير العاني بهذا الشأن قال quot;هناك ثلاثة أوراق مهمة درست في الاجتماع و هناك دعوة لاجتماع المجلس السياسي للأمن الوطني يوم الاربعاء القادم لغرض مناقشة هذه الأوراق وما تحتويها من قبل ممثلي الكتل السياسية والاطياف الاخرى كي تكون مهيأة لعرضها على البرلمانquot;. كما تمت مناقشة تقديم أسماء الوزراء ووكلاء الوزراء والسفراء الجدد المرشحين الى مجلس النواب للمصادقة عليهم في ظل الاجواء الايجابية التي تشهدها الساحة السياسية في البلاد والانفتاح الذي يشهده العراق في علاقاته الخارجية. وبحث القادة ايضا خلال الاجتماع سياسات العراق الاقتصادية والسبل الكفيلة لتطوير الاقتصاد العراقي في ظل التطورات الايجابية التي تشهدها البلاد في المجال الأمني.

وقد تباينت تصريحات المسؤولين العراقيين اليوم حول موعد توقيع الاتفاقية وامكانية تحويلها الى مذكرة تفاهم وترحيل الاتفاقية الى اواخر العام الحالي الى مابعد انتخابات الرئاسة الاميركية . فقد قال مسؤول أميركي اليوم بأن المفاوضين الأميركيين والعراقيين ربما يتوصلوا في الوقت الحالي إلى اتفاق أمني مؤقت عوضا اتفاق طويا الأجل. وقال المسؤول المطلع على المفاوضات لشبكة quot;سي ان انquot;إن الجانبين ربما يوقعان بروتوكولا مؤقتا بحلول نهاية الشهر الجاري، لكن إقرار اتفاق طويل الأجل قد يتطلب وقتا أطول للوصول إليه.

والوجود الأميركي في العراق يبرره تفويض للأمم المتحدة لكن ذلك التفويض ينتهي مفعوله بحلول نهاية العام الجاري ويريد العراقيون والأميركيون استبداله باتفاق أمني ثنائي يحدد طبيعة وجود وعمل القوات الأميركية في العراق. وكانت إدارة الرئيس بوش تأمل في الانتهاء من الاتفاق مع نهاية الشهر الحالي لكن بعض القضايا العالقة لم يوجد لها حل لغاية الآن.

ومن بين تلك القضايا، الحصانة القانونية التي يتمتع بها الجنود الأميركيون ضد أي جريمة، وسلطة الجيش الأميركي فيما يتعلق بالاحتجاز والعمليات القتالية والجدول الزمني لانسحاب القوات الأمريكية من العراق.

كما نفى مستشار الامن الوطني العراقي موفق الربيعي نفى تقارير افادت بأن واشنطن وبغداد اوقفتا جهودهما للتوصل الى اتفاق حول تواجد القوات الاميركية في العراق قبل نهاية رئاسة جورج بوش.

وقال الربيعي ان تقريرا نشرته صحيفة quot;واشنطن بوستquot; على صفحتها الاولى امس حول الموضوع quot;ليس دقيقاquot; بشأن المفاوضات المطولة التي يهدف الطرفان منها الى التوصل الى اتفاق. واشارت الصحيفة الى انه بدلا من التوصل الى اتفاق رسميا بشان وضع القوات الاميركية والذي يامل المفاوضون ان يتم التوصل اليه في 31 من الشهر الحالي فان الحكومتين تعملان الان على وثيقة انتقالية تسمح للقوات الاميركية بالقيام بعمليات اساسية بعد 31 كانون الاول (ديسمبر) المقبل عندما ينتهي تفويض قرار مجلس الامن الدولي الذي ينظم انتشارها حاليا. واوضحت ان اسباب الفشل مردها على حد سواء رفض العراقيين للمطالب الاميركية والتعقيدات المتعلقة بهذه المهمة.

واضاف quot;بصراحة لا اعتقد ان هذا صحيحquot; .. واضاف quot;خلال الاشهر او الاسابيع القليلة الماضية حاولنا التوصل الى افضل نهج واعتقد اننا واضحون الان فيما نريد ان نفعلهquot;. وقال quot;نحاول جاهدين التوصل الى اتفاق في الموعد المحدد واعتقد انه لا يزال هناك امل في ذلكquot; مضيفا ان الجانبين quot;يحرزان تقدما جيداquot;. واضاف ان quot;الوقت مناسب الان لبدء محادثات حول تخطيط افق زمني لخروج القوات الاجنبية من العراقquot;.
لكن المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ استبعد التوقيع على الاتفاقية الثنائية طويلة الأمد المتحدة نهاية الشهر الحالي مرجحا تأجيلها الى حين انتخاب الحكومة الأمريكية الجديدة. وقال ان quot;هناك احتمالية كبيرة لتأجيل التوقيع على بنود الاتفاقية الثنائية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة، لحين انتخاب الحكومة الأمريكية الجديدة، لان الطرفين العراقي والاميركي في المفاوضات، لم يتوصلا لحد الآن إلى الشكل النهائي لبنود الاتفاقيةquot;.

واشار الدباغ الى ان quot;الفريقين المفاوضين، لازالا يجريان مفاوضاتهما، إلا ان النقاط المهمة بالنسبة للفريقين لم يتم التوصل الى اتفاق بخصوصها، خاصة فيما يتعلق بجلاء القوات المتعددة وجدولتها وطريقة عملها في العراق وتنفيذ العمليات من قبل هذه القوات بالتنسيق مع الحكومة العراقيةquot; كما ابلغ وكالة اصوات العراق . واضاف الدباغ أن كلا الفريقين في المفاوضات quot;يهدفان الى تحقيق أكبر قدر من الفائدة لمصلحة بلادهماquot;. مؤكدا أن الفريق العراقي في المفاوضات الثنائية quot;وضع سيادة العراق ضمن أولويات نقاط وبنود الاتفاقية، خاصة الامنية منها، وبالمقابل الفريق الامريكي في المفاوضات يضع النقاط التي ربما لا نتفق معهاquot;.

وكشف الدباغ في معرض حديثه عن الفترة الزمنية لبقاء القوات المتعددة في العراق وامكانية تحديد عنصر زمني لبقاء القوات، أن quot;الفريقين، العراقي والاميركي، مختلفان حول طبيعة والفترة الزمنية .

ومن جانبه قال القيادي بالائتلاف العراقي الموحد حسن السنيد اليوم إن الجانبين العراقي والأميركي اتفقا على معظم النقاط في بروتوكول التعاون المشترك مؤكدا أنها لا تمس السيادة العراقية. وأوضح في تصريحات اليوم نقلتها وكالة quot;اصوات العراقquot; ان الخلافات بين الجانبين العراقي والأميركي قد تناقصت إلى حد كبير وقد اتفقا على الكثير من الأمور . وعن ابرز الخلافات بين الجانبين اشار السنيد الى أن الخلاف حول العنصر الزمني لبقاء القوات الأجنبية في العراق مازال قائما إذ أن الجانبيين مقتنعان بضرورة تحديد عنصر زمني لبقاء القوات إلا أنهما مختلفين حول طبيعة ومدة الفترة الزمنية التي يبقى فيها التواجد الأجنبي في العراق . واضاف ان الجانب العراقي يريد أن يكون التواجد الأجنبي في العراق مرتبطا بجاهزية قواته وهو يتحدث عن أزمان قصيرة إلا أن الجانب الأميركي يريد أزمانا أطول .

وأوضح أيضا أن أحد المواضيع التي ما زالت موضع بحث هو طبيعة الوجود الأجنبي وأماكن تواجدها مستبعدا التوقيع على الاتفاقية بوقت قريب على الرغم من الاتفاق على الكثير من القضايا .

وأضاف السنيد أن الرؤية العراقية للاتفاقية الأمنية مع واشنطن تقضي بتفصيلها إلى ثلاثة أبواب : الأول يتحدث عن التعاون الاستراتيجي الثقافي الاقتصادي والتعليمي .. والثاني يتحدث عن جلاء القوات وجدولتها وطريقة عملها في العراق .. والثالث يتحدث عن الاذونات بالعمليات العسكرية والتنسيق مع الحكومة العراقية . واشار الى ان مطاردة الإرهاب ستتم بعمليات مشتركة وبالتنسيق مع الحكومة العراقية ولن تحصر بالجانب الأميركي فقط .

وعن موضوع الحصانة الممنوحة للقوات الأميركية اوضح السنيد أن الجندي الأميركي في معسكره سيخضع للقضاء الأميركي أما خارج معسكره فإن هناك تفاصيل حول كيفية إخضاعه للقضاء العراقي . وفيما يتعلق بالاجواء العراقية وسيادتها قال السنيد إن الجانب الأميركي لا يمانع أن يكون للجانب العراق سيادة كاملة على أجواء بلاده إذا كانت لديه القدرة على ذلك .

وكانت عدة قوى سياسية ومرجعيات دينية عراقية مؤثرة أبدت معارضتها الشديدة للإتفاقية وقالت إنها ستتصدى لها بكل الطرق معتبرة أنها تنتقص من سيادة العراق وقراره المستقل وتعطي حرية للقوات الأميركية على أرضه وتمنحها quot;قواعد عسكريةquot; دائمة.

ووقع رئيس الوزراء الاميركي نوري المالكي والرئيس الاميركي جورج بوش في السادس والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي اتفاق مبادئ بين العراق والولايات المتحدة يضع أساسا للتعاون بين البلدين في مجالات الأمن والإقتصاد والسياسة ويمهد لمفاوضات تجرى حاليا حول quot; إتفاقية طويلة الأمدquot; تنظم وجود القوات الأميركية في العراق على المدى الطويل وتكون البديل القانوني للتفويض الممنوح من مجلس الأمن لتلك القوات. ويفترض أن توقع هذه الإتفاقية طويلة الآمد إذا تم التوافق حولها بين الجانبين نهاية الشهر الحالي لتدخل حيز التنفيذ مع بداية العام المقبل 2009 .