مشاورات جانبية لوزراء الخارجية العرب سبقت اجتماعهم الطارئ
ثلاثة خيارات أمام السودان للخروج من مأزق قرار توقيف البشير

القاهرة: انتقد وزراء الخارجية العرب مساء السبت في القاهرة ما وصفوه ب quot;الموقف غير المتوازن للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدوليةquot; لويس مورينو اوكامبو الذي اتهم الرئيس السوداني عمر البشير بالابادة الجماعية وطلب اصدار مذكرة توقيف بحقه.

وشدد وزراء الخارجية العرب في قرار اصدروه بعد مداولات استمرت قرابة سبع ساعات على quot;اهلية القضاء السودانيquot; واكدوا انه quot;صاحب الولاية الاصيلة في احقاق العدالةquot;، في اشارة الى انهم يرغبون في تولي القضاء السوداني التحقيق في جرائم دارفور ما يسقط تلقائيا ولاية المحكمة الجنائية الدولية وفقا للوائحها.

ودعا الوزراء الى quot;استكمال المحاكماتquot; التي جرت في السودان في جرائم دارفور quot;وتحقيق العدالة الناجزة بمتابعة من جانب الجامعة العربية والاتحاد الافريقيquot;. وقال الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى في مؤتمر صحافي في ختام الاجتماعات quot;لاحظنا في التقرير (الصادر عن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية) ان هناك عدم توازن فلم يصدر شيء عن حركات التمرد وما قامت بهquot;.

وشدد موسى كذلك في معرض رده على اسئلة الصحافيين عن التصور العربي لتسوية الازمة الناجمة عن طلب اصدار مذكرة توقيف بحق البشير، على ان القضاء السوداني quot;سيكون له دور هام في المرحلة المقبلةquot;.

وتنص لوائح المحكمة الجنائية الدولية على ان اختصاصها بنظر اي قضية يسقط تلقائيا اذا ما كان القضاء الوطني يتولي بجدية امر هذه القضية ولم يكن يقوم بمحاكمات quot;صوريةquot;.

واكد موسى انه سيزور السودان غدا ليعرض على البشير خطة عمل اتفق عليها الوزراء، ولكنه رفض الكشف عن مضمونها قبل مناقشتها مع الرئيس السوداني. وقال quot;سوف ننسق مع الاتحاد الافريقي وسنواصل الاتصال بالامين العام للامم المتحدة (بان كي مون) وبعدد من المرجعيات الدولية الكبيرة لتبادل بعض المقترحات للتعامل مع هذا الموقف الخطيرquot;.

وحذر من ان هذا quot;الموضوع الخطير لن يعالج بشعارات او ادانات ولكن بموقف رصين اجماعي من الجامعة العربية بتعاون وثيق مع الاتحاد الافريقي والامم المتحدةquot;، مشيرا الى وجود شقين قانوني وسياسي لهذه الازمة ينبغي التعامل معهما.

واعلن الوزراء في قرارهم quot;رفض اي محاولات لتسيسس مبادىء العدالة الدولية واستخدامها في الانتقاص من سيادة الدول ووحدتها وامنها واستقرارها ورموزها الوطنيةquot;.

وطالبوا مجلس الامن الدولي ب quot;توخي الحذر الشديد في التعامل مع الاوضاع في السودان خلال المرحلة المقبلة وعدم اتاحة الفرصة لاي طرف او عمل اي اجراء يؤدي الى تقويض جهود التسوية السياسية لازمة دارفور او خلق مناخ عدم استقرار في البلاد يهدد مستقبل جهود حفظ السلام في دافور او في جنوب البلادquot;.

ودعوا الى عقد quot;اجتماع دولي رفيع المستوي لدفع العملية السياسية في دارفور ووضع خريطة طريق واطار زمني لهاquot;.

واوضح موسى ان الجامعة العربية عقدت اجتماعا تشاوريا مع عدد من خبراء القانون الدولي من بينهم قضاة سابقون في محاكم جنائية دولية لبحث السبل القانونية للتعامل مع طلب اوكامبو اصدار مذكرة توقيف بحق البشير.

وكان فؤاد رياض استاذ القانون الدولي القاضي السابق في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، الذي شارك في هذا الاجتماع، قال لوكالة فرانس برس ان هناك ثلاثة مخارج قانونية:


الاول هو ان يلغي مجلس الامن قراراه باحالة ملف دارفور الى المحكمة الجنائية الدولية استنادا الى ان المحاكمة تقوض فرص السلام، والثاني هو ان يطلب مجلس الامن من المحكمة تعليق كل اجراءات التحقيق لمدة عام، والثالث هو ان يبدا السودان محاكمة جادة للمسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت في دارفور ما يسقط تلقائيا ولاية المحكمة الجنائية الدولية، طبقا للوائحها، بشرط الا تكون المحاكمة الوطنية quot;صوريةquot;.

واضاف رياض ان بامكان العرب ان يطلبوا من مجلس الامن وقف اجراءات المحكمة الجنائية الدولية لمدة 12 شهرا لانها في حالة دارفور تحديدا quot;يمكن ان تؤدي الى نزيف دم بدلا من ان تخدم قضية السلامquot;.

لكن رياض اوضح انه لا يمكن للدول العربية او السودان الاكتفاء بموقف الرفض التام للتعامل مع المحكمة الجنائية الدولية حتى وان لم يكن السودان ومعظم الدول العربية (باستثناء الاردن وجيبوتي وجزر القمر) اعضاء فيها لان هذا معناه quot;صدام مع النظام الدولي كلهquot;.

وكان اوكامبو طلب الاثنين توقيف الرئيس البشير متهما اياه quot;بتعبئة كل اجهزة الدولة السودانية بقصدquot; ارتكاب جريمة ابادة جماعية في دارفور.

وقال اوكامبو ان البشير استخدم ثلاثة اسلحة لارتكاب جريمته في المخيمات التي تأوي قرابة 2،2 مليون نازح في دارفور هي quot;الترهيب والاغتصاب والتجويعquot;.

ويفترض ان يبحث قضاة المحكمة الجنائية طلب اوكامبو خلال الاشهر الثلاثة المقبلة واذا ما وجدوا ان اتهامات المدعي العام تستند الى quot;ادلة معقولةquot; فسيتم في هذه الحالة اصدار مذكرة توقيف بحق البشير وبدء اجراءات المحاكمة.

واعلن السودان رفضه لاتهامات اوكامبو كما سبق ان رفض تسليم اثنين من مواطنيه اصدرت المحكمة الجنائية مذكرة توقيف بحقهما هما وزير الدولة للشؤون الانسانية احمد هارون وقائد ميليشيا الجنجويد العربية المتحالفة مع الحكومة في دارفور علي كشيب.

الجزائر: طلب المحكمة الجنائية الدولية اتهام البشير quot;غير مقبولquot;

و كانت الجزائر اعتبرت ان طلب اصدار مذكرة توقيف بحق البشير هو quot;سابقة خطيرة وغير مقبولةquot;. وجاء هذا الموقف على لسان وزير الخارجية الجزائري مراد مدلسي في مداخلة خلال الاجتماع الطارىء لوزراء الخارجية العرب.

وأكد مدلسي ان quot;الجزائر لا تدخر جهدا من اجل دعم المسعى الحثيث لتعزيز الوحدة والسلامة الترابية والشعبية للسودانquot;. وشدد على ان طلب مدعي المحكمة الجنائية quot;يتنكر لكل الجهود التي بذلت، ما يضفي على موقفه ابعادا سياسية محضة تكرس في هذا الظرف بالذات نظرية التدخل في الشؤون الداخلية للدول بدعوى حماية حقوق الانسان، وان كان على حساب دولة ذات سيادة ورئيس شرعي لهاquot;.

واعتبر مدلسي ان طلب المدعي quot;سيزيد من دون شك الامور تعقيدا ويعيق الجهود المبذولة لاحلال السلام في دارفورquot;، الاقليم الذي يشهد حربا اهلية. واضاف ان هذا الطلب quot;يستوقفنا حول خلفياته وابعاده الحقيقية وانعكاساته على امن وسيادة وحرمة السودانquot;.