لندن: تنشر صحيفة الأوبزيرفر من العراق صورة لبراون يظهر فيها وهو يضع على صدره سترة واقية وقد أمسك بالرشاش الذي راح يصوبه من نافذة طائرة الهليوكبتر العسكرية من طراز سوبر بوما التي أقلته وهو يتنقل في سماء العراق. إلا أن رئيس الوزراء البريطاني لم يبد في الصورة بذاك المحارب الشرس الذي يأبى التراجع أو الانسحاب في ميدان المعركة، فهو لم يرتد بزة العسكري المقاتل، بل بدا مرتاحا ببدلته الرسمية الأنيقة وقد علت محياه ابتسامة عريضة، لربما كانت تعبيرا عن فرحة القائد الذي سيغادر عما قريب ميدان المعركة.

وتنشر الصحيفة إلى جانب صورة براون تقريرا بعنوان quot;براون يعلن عن خطة للانسحاب البريطاني من العراقquot;، ويتحدث عن إعلان رئيس الحكومة البريطانية أنه يأمل تسليم البصرة إلى القوات العراقية قريبا. يقول التقرير، الذي كتبه مراسل الصحيفة في البصرة، نيكولاس وات، إن براون كشف عن عزمه سحب كبير محتمل للعديد من عناصر القوة البريطانية المتبقية في العراق، وذلك مع مطلع العام المقبل.

وينقل التقرير عن براون قوله إن خطته المقبلة تتضمن أربع نقاط رئيسية وهي:
زيادة تدريب عناصر الشرطة والقوات العراقية لتتمكن من تسلم زمام الأمن وتعزيز التقدم السياسي في العراق قُبيل إجراء الانتخابات المقبلة في البلاد
تكثيف عمليات إعادة الإعمار في العراق
تقوية الاقتصاد العراقي وتحقيق معدل نمو يُقدر بـ 7 بالمائة مقارنة بواحد بالمائة العام الماضي
خلق الظروف الملائمة أمام العراقيين لتمكينهم من بسط السيطرة على الأمن في مطار البصرة، المقر الحالي للقوات البريطانية في العراق والبالغ قوامها حوالي أربعة آلاف عنصر، وبالتالي تحويله إلى مطار مدني يجري تشغيله بشكل كامل في القريب العاجل

وفي رصد تحليلي مطول لخطة براون والوجود العسكري البريطاني في العراق، تنشر الصحيفة مقالا لميرك تاونسيند جاء عنوانه على هيئة تساؤل يقول: quot;لقد حان الرجوع إلى الوطن، ولكن هل هذه هي النهاية حقا؟ يقول الكاتب: quot;لقد كان هنالك خطط لسحب غالبية القوات البريطانية من العراق في ربيع عام 2006، لكن بعد مضي عامين، ها نحن نجد 4 آلاف من رجالنا ونسائنا ما زالوا قابعين في البصرة.quot;

وترفق الصحيفة مقال تاونسيند بصورة تعود لعام 2004 وقد تداخلت فيها أجساد العسكريين البريطانيين مع كرات النار واللهب يوم ألقى مسلحون عراقيون قنبلة على دورية للقوات البريطانية في البصرة، بينما يظهر ثلاثة من المدنيين يرقبون المشهد عن قرب وقد وضع أحدهم يديه وراء ظهره وكأنه يشهد نارا أضرمها فتية صغار بغية اللهو والتسلية.

ويتابع الكاتب في مقاله، الذي يحمل نبرة التشكيك وعدم التصديق حيال التزام براون بخططه، إذ يقول في وصف رئيس الوزراء البريطاني الذي راح يشد على يد جندي المشاة البريطاني بينما راح آخرون يتلظون تحت حر صحراء قاعدة مطار البصرة المحرقة: quot;ترى، ألم يمروا من هنا من قبل؟ أم يكل رئيس الحكومة البريطانية قبل سبعة أشهر من الآن المديح بنفس الطريقة للتقدم الذي أحرزه الجيش البريطاني في البصرة حين وعد بتخفيض عديد القوات؟quot;

لكن الكاتب يتبين من التباطؤ في تنفيذ وعود المسؤولين البريطانيين للانسحب من العراق ذلك الخيط الذي يربط الصراع في العراق مع الحرب الدائرة على القاعدة وحركة طالبان في أفغانستان، إذ يقول: quot;لا يمكن النظر إلى الصراع في العراق بشكل منعزل، فعلى بعد حوالي 1500 ميل إلى الشرق من مطار البصرة يقع وادي هلمند المتموج جنوبي أفغانستان حيث يغوص 8100 جندي بريطاني الآن في مستنقع الصراع الذي أقر وزير الدفاع البريطاني ديس براون بأن قوات بلاده ستظل متورطة فيه لعدة سنوات تالية.quot;

ويرى الكاتب أنه في حال لم تتوصل المحادثات العراقية-البريطانية المرتقبة في الخريف المقبل إلى وضع خطة واضحة لمستقبل القوات البريطانية في العراق، فقد يعني ذلك أن شيئا كارثيا يكون قد حل في العراق وغير مسار خطة سحب القوات المرتقبة. ولا ينسى الكاتب أن يرفق مقاله بجدول زمني يبين فيه كيف أن عدد القوات البريطانية التي شاركت في حرب العراق عام 2003 بلغ 46 ألف عنصر وانخفض العدد إلى حوالي 4 آلاف عنصر حاليا بعد تنفيذ خمسة انسحابات سابقة على ستة مراحل في أعوام 2003 و2004 و2005 و2006 و2007.

أما صحيفة الديلي تلغراف، فتبرز تصريحات رئيس الحكومة العراقي نوري المالكي التي يقول فيها إنه يود أن يرى القوات البريطانية والأمريكية تغادر تراب العراق خلال العام المقبل. وترى الصحيفة في تصريحات المالكي، التي أدلى بها إلى صحيفة دير شبيغل الألمانية، تعزيزا لخطط براون وأوباما اللذين يرغبان بسحب قواتهما من العراق في أقرب وقت ممكن.

صحيفة الإندبندنت هي الأخرى تنشر الصورة ذاتها التي يظهر فيها براون من نافذة حوامته مبتسما وأمامه الرشاش، وفوق الصورة هذه المرة عنوان يقول: براون يخطط لسحب القوات من العراق ويدعم أوباما في الحرب على الإرهاب.quot;