الخوف من مصير يشابه مصير أراد يضعف الموقف الإسرائيلي
إسرائيل توجه مساعيها لإتمام صفقة شاليط
نضال وتد من تل أبيب:
رغم استمرار سيل من الانتقادات لأداء الحكومة الإسرائيلية، في صفقة تبادل الأسرى مع حزب الله، إلا أن الهاجس الرئيسي المسيطر في إسرائيل ،مع مطلع الأسبوع وعلى ضوء تصريحات قادة حماس في صفقة شاليط، هو أن يكون مصير شاليط مشابها لمصير الملاح الإسرائيلي رون أراد، الذي اختفت آثاره خلال حرب لبنان الأولى، واعترف وزير الأمن الإسرائيلي، إيهود براك، الخميس الماضي، أن إسرائيل فشلت عمليا في فك رموز أحجية أراد، وإن كانت إسرائيل تؤكد بعد الصفقة أنها لم تغلق ملفه نهائيا.
لكن مطلع الأسبوع، حمل في الصحف الإسرائيلية دعوة للحكومة الإسرائيلي، بعدم إضاعة الفرصة، وعدم التهاون أو التردد في إبرام صفقة شاليط مع حماس، حتى لا يلاقي شاليط مصير رون أراد.
وفي هذا السياق أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية، أولمرت، خلال جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية أن الحكومة الإسرائيلية quot;ستفعل كل شيء من أجل استعادة شاليط على قيد الحياةquot;.
وفي هذا السياق اعتبر المحلل السياسي، في يديعوت أحرونوت، ران إيداليست أن quot;إنهاء صفقة ريغيف وغولد فاسير، هو الحلقة المفقودة في صفقة شاليط، والحديث هنا هو أكثر عن حالة معنوية قومية أكثر مما هو عن آلية وquot;ميكانيزمquot; لإدارة مفاوضات، وقد يكون ذلك رغبة رئيس الحكومة لإنهاء الملفات الموضوعة على طاولته قبل إن يقوموا بإزالته عن كرسيهquot;.

الحكومة الإسرائيلية في شرك حماس
إتمام الصفقة مع حزب الله على الثغرات التي بها، وعلى الرغم من إدارة المفاوضات مع حزب الله، من قبل إسرائيل بصورة غير مهنية للغاية[فعلى سبيل المثال لفت عوفر شيلح المحلل العسكري في معاريف، الأسبوع الماضي، إلى أنها المرة الأولى التي تجرى فيها مفاوضات لتبادل الأسرى، دون أن يعرف أحد طرفي المفاوضات (إسرائيل) مصير الجنود الذين يتفاوض من أجل استعادتهم]، يزيد من حدة الشرك والضائقة التي تعانيها الحكومة الإسرائيلية، لا سيما وأن الضغط الجماهيري الذي شنته أسرتا ريغيف وغولد فاسير، مرشح لأن يكون أضعاف ذلك، في حالة شاليط، الذي أعلن رفاقه في الوحدة العسكرية التي كان يخدم فيها، أنهم يعتزمون، مع إنهاء خدمتهم العسكرية هذا الأسبوع إطلاق حملة مكثفة لحث الحكومة الإسرائيلية على إتمام الصفقة مع حماس.
من جهتها فإن الحكومة الإسرائيلية، التي أعلنت اليوم على لسان وزير الأمن، إيهود براك، أن الحكومة ستفرض تعتيما كاملا على المفاوضات مع حماس بشأن شاليط، أنها واقعة في أحسن حال بين مطرقة الأهالي والجمهور الإسرائيلي، وبين سندان حركة حماس التي العنت أنها لن تتناول عن أي مطلب من مطالبها، أو عن أي أسير من 450 أسير تطالب حماس بالإفراج عنهم. وفيما يميل المستوى السياسي الإسرائيلي، لا سيما وأن الانتخابات النيابية قد تداهم إسرائيل مطلع العام القادم، إلى تقديم إنجاز للجمهور، عبر استعادة شاليط على قيد الحياة، وهو ما قد يمحو أو يخفف من quot;عار الصفقة مع حزب اللهquot;، إلا أن التحذيرات التي يسوقها رئيس الشاباك، يوفال ديسكين، بشأن رفض قائمة طويلة من الأسرى الذين تطالب حماس بالإفراج عنهم، تحول دون المسارعة إلى الاستجابة لمطالب حماس.
إلى ذلك فإنه وفق النظرة الإسرائيلية، فإن حماس تختلف كليا عن حزب الله، فهي وخلافا لحزب الله لا تجد دعما معنويا أو ماديا من دول الجوار العربي، كما أن صحراء سيناء والحدود مع مصر لا تشكل عمقا استراتيجيا لصالح حماس، بقدر ما تشكل عائقا كبيرا يحد من قدرة حماس على الحركة أو المناورة، بل إن السلطات الإسرائيلية تعلن يوميا أن السلطات المصرية تساعد وتتعاون بشكل إيجابي فيما يسمى بمحاولات تهريب الأسلحة إلى القطاع.
إلى ذلك فإن حماس وباستثناء قدرات صاروخية محدودة لكتائب القسام، لا تملك قوة عسكرية وفرق عسكرية مدربة كتلك التي يتمتع بها حزب الله، ناهيك عن أن الأخير يتمتع بتأييد واسع وشبه مطلق من الرئاسة اللبنانية، مقابل موقف سلبي تجاه حماس، في أقل تقدير، من قبل السلطة الفلسطينية.
من هنا فإن نقاط الضعف الكبيرة هذه التي تعاني منها حماس، إضافة إلى حقيقة السلاح الأكبر الذي تسلطه إسرائيل على رقاب حماس، والمتمثل بتشديد الحصار، تجعل من موقف حماس أضعف بكثير من موقف حزب الله، وهو ما قد يقلل من قدرة وقوة حماس للتفاوض أو طلب ثمن أكبر مقابل إطلاق شاليط، لا سيما وأن إسرائيل لم تصادق لغاية الآن سوى على 70 أسما من أسماء الأسرى الذين تطالب حماس بالإفراج عنهم.
وفي هذا السياق أعلن عدد من الوزراء عن اعتقادهم بأن الحكومة لن توافق على قوائم حماس بأكملها، خصوصا في ظل معارضة رئيس جهاز الأمن العام quot;الشاباكquot;، يوفال ديسكين. وقد نقل موقع معاريف، صباح اليوم عن مصدر أمني إسرائيلي رفيع المستوى قوله، إنه خلافا لما نشر في وسائل الإعلام، إلا أن هناك قناة تفاوض سرية مستمرة مع حركة حماس، عبر الجانب المصري، لكن المفاوضات لا تحرز أي تقدم بسبب موقف رئيس الشاباك، ديسكين، وفي غياب موقف قاطع للحكومة الإسرائيلية.
ولا يستبعد المراقبون، أن تخضع الحكومة الإسرائيلية في نهاية المطاف لحركة حماس وتفرج عن أسرى ترفض حاليا الإفراج عنهم بدعوى أن quot;أياديهم ملطخة بالدماءquot;، لكنها قد تشترط أن يتم نفي هؤلاء، وخصوصا من تخشى الدوائر الأمنية الإسرائيلية، أن يعود إلى النشاط العسكري، خارج قطاع غزة والضفة الغربية كشرط للقبول بالإفراج عنهم، وهو أمر سبق وأن أصرت إسرائيل عليه، ضمن صفقات لتبادل الأسرى، أبرمتها في الماضي مع منظمة التحرير الفلسطينية، أو مع فصائل فلسطينية أخرى. وبهذه الطريقة يكون بمقدور الحكومة أن تتغلب على معارضة الشاباك، من جهة وأن تواجه عائلات quot;ضحايا الإرهابquot; الفلسطيني في حال حاولوا الاعتراض على إتمام الصفقة، على غرار محاولات عائلات ضحايا عمليات القنطار الالتماس لمحكمة الإسرائيلية العليا ضد إتمام الصفقة مع حزب الله.
إلى ذلك لا يستبعد أن توظف الحكومة الإسرائيلية، في حال وافقت على الأولية لحركة حماس، كلها أو بعضها، مرة أخرى، ألم ومعاناة أسرة شاليط الشخصية، ومبدأ الالتزام بإعادة كل جندي من أرض العدو، لمواجهة حرب إعلامية قد يشنها ضدها اليمين الإسرائيلي، ويتهمها بموجبها بالخضوع لابتزاز حماس لها.