اتفاق على استثمارات المانية وقنصليتين في البصرة واربيل
المالكي وميركل وضعا اسس تعاون امني وسياسي واقتصادي
أسامة مهدي من لندن :
وضع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي والمستشارة الالمانية انجيلا ميركل بلديهما في مرحلة تعاون جديدة في المجالات الامنية والسياسية والاقتصادية واتفقا على دخول الشركات الالمانية عمليات الاستثمار في العراق وفتح قنصليتين في مدينتي البصرة الجنوبية واربيل الشمالية .

وبحث المالكي مع ميركل في برلين اليوم تطوير التعاون الثنائي في مجالات تدريب القوات الامنية العراقية ومساهمة الشركات الاملانية في عمليات الاستثمار واعادة الاعمار في العراق . كما ناقش المسؤول العراقي الذي وصل الى برلين الليلة الماضية الاوضاع السياسية والامنية والاقتصادية في العراق ومشاركة الشركات الالمانية في اعمار العراق باعتبار المانيا تملك ثالث اقوى اقتصاد في العالم . واتفق المسؤولان الكبيران على تشكيل لجنة مشتركة لتوقيع عدد من العقود ومذكرات التفاهم غدا في مجالات الطاقة واصناعة والزراعة والاعمار والكهرباء . كما اتفق الجانبان على فتح قنصليتين المانيتين في مدينتي البصرة والموصل العراقيتان وفتح فرع لمركز غوتة الالماني في بغداد بالاضافة الى جامعة المانية .
وفي مؤتمر صحافي مع ميركل قال المالكي ان العراق الان ليس هو العراق قبل ستة اشهر حيث تحققت نجاحات امنية كبيرة خلقت طمأنينة للشركات العالمية الراغبة في الاستثمار في العراق. واشار الى ان بلاده منفتحة لدخول الشركات الالمانية عمليات الاستثمار والمساهمة في بناء العراق في مجالات النفط وصناعات الحديد والصلب وتدريب الخبرات العراقية الفنية .

واكد رئيس الوزراء العراقي ان حكومته عززت عدالة المواطنة في البلاد بعيدا عن الطائفية .. واوضح ان البلاد شهدت الاسبوع الحالي استعادة الحكومة لوحدتها الوطنية بعد تعيين عشرة وزراء جدد فيها يمثلون مختلف المكونات العراقية وهي تتجه الى تشريع قوانين مهمة تحتاجها البلاد في مقدمتها قانون النفط والغاز . وشدد على ان التطبيقات الديمقراطية في العراق تسير بالاتجاه الصحيح وحيث يذهب المواطن الى صناديق الاقتراع بحرية لتقرير نوعية النظام الذي يرغب فيه . وقال ان الوحدة الوطنية انقذت البلاد من الحرب الطائفية التي اراد اعداء الشعب العراقي اشعالها .

ومن جهتها قالت ميركل ان بلادها تراقب التحسن الامن الذي يشهده العراق وجهود حكومته لتحقيق استقراره . واشارت الى انها اتفقت مع المالكي على تطوير علاقات بلديهما في المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية . واكدت انها ستعطي الضوء الاخضر للشركات الالمانية للبدء بعمليات استثمار في العراق والاستمرار في تدريب عناصر قوات الامن العراقية .
ويرافق المالكي في جولته الاوربية الحالية التي تستغرق ستة أيام وزراء الداخلية والدفاع والزراعة والصناعة والبلديات بالاضافة إلى رئيس هيئة الإستثمار والناطق الرسمي للحكومة ومستشاريه الاعلامي والسياسي. واضافت ان بلادها ستمنح العراق قروضا لاقامة عدد من المشاريع المهمة في الوقت الذي ستستفاد من الخامات التي يملكها هذا البلد .

وفي وقت لاحق اليوم سيجتمع المالكيً مع ممثلي الشركات الألمانية التي أبدت رغبة وإستعداد للدخول للسوق العراقية والمساهمة في مشاريع التنمية الكبرى للعراق وتوسيع التبادل التجاري بين البلدين.
وسيشارك في اللقاء حوالي مائة مستثمر الماني يمثلون مؤسسة المانية عاملة في قطاعات البناء والمكنات والمعدات في مؤشر على عودة اهتمام المانيا بالسوق العراقية. وكان العراق لفترة طويلة من محبذي المنتجات الالمانية وفي ثمانينات القرن الماضي بلغت المبادلات التجارية بين البلدين 4 مليارات يورو سنويا لكنه في عام 2007 لم تصدر المانيا الى العراق الا ما قيمته 319 مليون يورو من المنتجات. غير ان اهتمام الشركات الالمانية ازداد بالعراق ذي الموارد الطبيعية الهامة وحيث تسيل عملية اعادة الاعمار لعاب صانعي المعدات والمنشآت الصناعية وهو المجال الذي تتفوق فيه المانيا.
وتبدي المؤسسات الالمانية حاليا اهتمامها بالعراق غير ان القليل منها اقدم على الاستثمار فيه لكنه من بين المؤسسات النادرة التي اقدمت على ذلك quot;وينترشالquot; المتفرعة عن عملاق الصناعات الكيميائية quot;بي ايه اس افquot; وهي مرشحة للفوز بامتياز للتنقيب عن النفط.

وفي مطلع الشهر الماضي اجتمعت اللجنة الاقتصادية الالمانية العراقية في برلين للمرة الاولى منذ عام 1987 برئاسة وزير الاقتصاد الالماني مايكل غلوس ونظيره العراقي للصناعة فوزي الحريري. وبعد ستة اسابيع زار غلوس العراق برفقة العديد من رجال الاعمال الالمان. وكان اول عضو في الحكومة الالمانية يزور العراق منذ التدخل الاميركي في العراق عام 2003.

وقال المسؤول العراقي في تصريحات نشرتها امس مجلة quot;دير شبيغلquot; الالمانية ان بلاده مفتوحة لمساهة الشركات الالمانية في عمليات الاستثمار واعادة الاعمار والتنقيب عن النفط .
وبدأ المالكي امس جولة اوربية على رأس وفد سياسي وامني واقتصادي كبير في زيارة الى المانيا تستغرق ثلاثة ايام يقوم بعدها بزيارة الى ايطاليا وحاضرة الفاتيكان حيث سيلتقي البابا بندكتس السادس عشر .
وسيزور المالكي ايطاليا يوم الخميس المقبل حيث سيلتقي مع سيلفيو برلسكوني رئيس الوزراء الايطالي لبحث أوجه التعاون وتشجيع الإستثمارات وتوسيع وتنشيط البرامج المشتركة بين البلدين. وشاركت ايطاليا في حرب العراق حيث ارسلت ثلاثة الاف جندي وهي رابع اكبر مفرزة. وسحبت ايطاليا اخر جنودها في نهاية عام 2006 لكن المانيا عارضتها .

كما سيلتقي المالكي يوم الجمعة المقبل قداسة البابا بندكتس السادس عشر quot;حيث سيطلع قداسته على الخطوات والإجراءات التي تتبعها الحكومة العراقية لنشر قيم التسامح والمساواة والعدالة والمصالحة الوطنية بين كل العراقيين وسعيها لبناء عراق ديمقراطي يتشارك فيه كل مكونات الشعب العراقيquot; كما قال الناطق الرسمي بأسم الحكومة العراقية علي الدباغ . ودعا البابا دوما الى انهاء العنف في العراق ودان القتل والخطف في وقت سابق من العام الجاري لاسقف الموصل الكلداني الكاثوليكي باولوس فرج رحو.
وتأتي جولة المالكي الاوربية هذه ضمن نشاط دبلوماسي عراقي واسع بعد ان تحركت الدول الاقليمية مؤخرا لتعزيز علاقاتها ببغداد وشطب ديونها والحديث عن اعادة بناء العراق حيث عينت الامارات والبحرين والاردن والكويت سفراءها في بغداد . واستقبل العراق مسؤولين اجانب كبار مؤخرا بينهم رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون ورئيس الوزراء التركي طيب اردوغان والسياسي اللبناني رئيس الاغلبية البرلمانية سعد الحريري.

ويضم الوفد المرافق للماكي في جولته هذه وزراء الخارجية والدفاع والداخلية والزراعة والصناعة والمعادن والبلديات والاشغال العامة ومستشار الامن القومي ورئيس هيئة الاستثمار والناطق الرسمي بإسم الحكومة ومستشاري رئيس الوزراء السياسي والاعلامي اضافة الى عدد آخر من المسؤولين وفريق اعلامي من القنوات الفضائية المحلية .

والجولة الاوربية الحالية هي الثانية لرئيس الوزراء العراقي خلال هذا العام بعد زيارته الى بلجيكا ومقر المفوضية الاوربية في بروكسل وهي تأتي في اطار الانفتاح الدولي والاقليمي على العراق .
وقال وزير الاقتصاد الالماني مايكل جلوس الذي اصبح اول وزير الماني يزور العراق الاسبوع الماضي منذ الحرب التي قادتها الولايات المتحدة في العراق عام 2003 quot;ان العراق ناضجquot; للاستثمار. واضاف quot;يبدو ان المالكي الى حد كبير تمكن من صد الارهابيين بقواته الامنية عبر كل الجماعات العرقية.quot;

ويتفاوض الاتحاد الاوروبي على اتفاق للطاقة مع الحكومة العراقية وهو جزء من جهود الاتحاد لتقليص الاعتماد على النفط والغاز الروسيين حيث ان في العراق ثالث اكبر احتياطيات مؤكدة في العالم من النفط وخلال الشهر الماضي فتح حقولا رئيسية منتجة للاستثمار الاجنبي. وإلى جانب النفط تقول وكالة الاستثمار العراقية الجديدة ان المستثمرين قدموا مقترحات تبلغ قيمتها عشرات المليارات من الدولارات في قطاعات مثل الاسكان والانشاءات والفنادق فيما يعد مؤشرا على ان البعض يري على نحو متزايد ان المخاطر الامنية يمكن ادارتها.