باريس، وكالات: يصل المرشح الديموقراطي للبيت الأبيض باراك أوباما الذي يقوم بجولة دولية، اليوم الجمعة إلى باريس في زيارة قصيرة تستغرق بضع ساعات يلتقي خلالها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ثم يتوجه الى لندن. وقد القى اوباما امس الخميس في برلين امام عشرات الاف الاشخاص خطابا حول العلاقات الاطلسية وطالب فيه quot;الجيل الجديدquot; من الاوروبيين والاميركيين بالاتحاد quot;لهدم الجدرانquot; بين الحلفاء، بين البلدان الغنية والفقيرة وبين المسيحيين والمسلمين واليهود.

وسيعقد ساركوزي واوباما مؤتمرا صحافيا مشتركا في ختام محادثاتهما بعد الظهر، كما ذكرت الرئاسة الفرنسية. ولم يعلن عن اي لقاء آخر في هذه الزيارة القصيرة الى باريس. وكان اوباما زار ايضا افغانستان والكويت والعراق والاردن.

وجاء في استطلاع للرأي نشرت نتائجه صحيفة دايلي تلغراف البريطانية في حزيران/ينيو، ان 52% من الاوروبيين -56% لدى الفرنسيين- سيصتون لاوباما في مقابل 15% لجون ماكين.

وفي فرنسا، تضم quot;لجنة دعم باراك اوباماquot; عددا كبيرا من الشخصيات مثل مصممة الازياء صونيا ريكيل والفيلسوف برنار-هنري ليفي وسياسيين من الرجال والنساء من مختلف تيارات الوسط السياسي.

وكان دعا اوباما، الى عودة العلاقات القوية بين اوروبا الولايات المتحدة، التي شهدت تباعدا وانحسارا خلال السنوات الاخيرة. وقال اوباما امام حشد ضخم من سكان العاصمة برلين، الذين قدروا بنحو مئتي ألف، في اول كلمة علنية له خلال جولته الحالية في العالم: quot;اذا اردنا ان نكون نزيهين فلا بد ان لنا ان نقول انه في بعض الاحيان افترقنا، نحن على جانبي الاطلسي، ونسينا مصيرنا المشتركquot;.

وقد بثت كلمة اوباما على الهواء في كافة انحاء المانيا، حيث يحظى بشعبية كبيرة بين الالمان، وقد بدأ المرشح الديمقراطي كلمته بالثناء على البرلينيين الذي وقفوا امام الضغط السوفيتي خلال حصار عام 1948.

ودعا اوباما الى تجديد وتفعيل الشراكة مع اوروبا، منوها الى ان مكافحة الارهاب، ومخاطر انتشار الاسلحة النووية، والحواجز التجارية، وقضايا التغيرات المناخة، هي التحديات الكبرى امام العالم اليوم.

ويقول جيمس كوموروسامي مراسل بي بي سي في برلين ان حضور اوباما امام الحشود الكبيرة بدا وكأنه حفل روك موسيقي صاخب في حديقة تيرجارتن، وهو المكان الذي عادة ما تقام فيه احتفالات كرة القدم في الاعوام الاخيرة في المانيا. ويشير مراسلنا الى ان شخصية اوباما جذبت اليه الالمان بقوة، في بلد ينظر فيه الى السياسيين على انها شخصيات مملة ورمادية، حيث يرى معظمهم ان فوزه بالانتخابات سيعني تحسن العلاقات الاورويبة مع واشنطن.

وقال اوباما: quot;لقد علمنا القرن العشرين ان مصيرنا مشترك، وكشف لنا القرن الحادي والعشرين اننا متداخلون ومترابطون اكثر من اي وقت مضى في التاريخ الانسانيquot;. واضاف: quot;في اوروبا صارت النظرة الى اميركا على انها جزء مما حدث من خطأ في عالمنا، وليس بوصفها القوة التي تعيد الامور الى صوابها، شائعة اكثر فاكثرquot;. وقال: quot;في اميركا هناك اصوات تتجرأ على انكار اهمية دور اوروبا في امننا ومستقبلنا، لكن اعباء المواطنة العالمية تظل تقربنا وتلصقنا ببعضناquot;. واوضح اوباما: quot; ان الشراكة والتعاون بين امننا ليس خيارا بل هو طريق واحد ووحيد لحماية امننا المشترك وتقدمنا الانساني المشتركquot;.

وتحدث اوباما عن افغانستان، وهو موضوع حساس في المانيا بسبب الضغوط التي تتعرض لها برلين لارسال المزيد من قواتها الى هناك. وقال اوباما في هذا الصدد ان quot;الآوان قد آن لتجديد تصميم اممنا لاقتلاع جذور الارهابيين الذين يهددون امننا في افغانستان، والمهربين الذي يبيعون المخدرات في شوارعنا. ان الشعب الافغاني يحتاج الى قواتنا وقواتكم هناك.. ولم يعد بوسعنا التراجع، فالكثير معتمد على وجودناquot;.

الصحف البريطانية

ركزت الصحف البريطانية على الجولة التي يقوم بها أوباما خارج بلاده. ونشرت صحيفة الغارديان مقالا لجوناثان ستيل يصف فيه التناقض بين أجواء رحلة المرشح الديموقراطي للانتخابات الرئاسية في الشرق الأوسط، وأجواء رحلته في أوروبا.

ويصف الكاتب مشهد الإعجاب بأوباما ـ والذي يكاد يصل إلى حد الهوس ـ في العاصمة الألمانية برلين، واستطلاعات الرأي التي تؤكد تفوق شعبيته على المرشح الجمهوري جون ماكين لدى الجماهير الأوروبية، وعلى الجانب الآخر التهيب الذي قوبل به في إسرائيل وانعدام الأمل تقريبا في المناطق الفلسطينية بإمكانية إيجاد حل للنزاع المستحكم في المنطقة.

ويفسر الكاتب هذا التباين بأن الناس في أوروبا يدركون ان مفتاح الحرب والسلام هو بيد الرئيس الأميركي الذي يمكن أن يستدرج الحكومات الأوروبية إلى الحرب كما فعل جورج بوش في حرب العراق الكارثية. ويقول الكاتب لذا ليس من الغريب أن يتوق الناس في أوروبا إلى أن يأتي إلى البيت الأبيض رجل أقل عدائية وأحادية وبحس امبراطوري أقل وأن يكون أكثر تفهما لتعقيدات السياسة الخارجية، ويبدو لهم أن أوباما هو هذا الرجل.

بينما في الشرق الأوسط كما يرى ستيل فإن quot;سلطة الرئيس هناك أقل سطوة، فالقرار بيد إسرائيل، وما يحدث على الأرض كئيب جدا وضد السلام، وإمكانية قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة قد تبخرت تقريبا فيما تزداد المستوطنات في الضفة الغربية وتظهر حواجز تفتيش جديدةquot;. وينتقد الكاتب قيام أوبوما بزيارة بلدة سديروت الإسرائيلية دون أن يوازنها بزيارة أماكن يقمع فيها الفلسطينيونquot;.

ويرى ستيل بعد استعراض الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية والحصار على غزة أنه quot;في وجه التعنت الإسرائيلي ربما يكون الأمر الوحيد بيد أوباما هو التركيز على الفلسطينيين. ويقول الكاتب أنه quot;لو ساعد أوباما في إنهاء المقاطعة العقيمة لحماس وتصويرها كشيطان فلن يمارس لعبة الخداع التي تمارسها إسرائيل (بالقول أن السلام قريب)وسيساعد الفلسطينيين على تشكيل جبهة موحدة (قادرة على التوصل إلى اتفاق مع إسرائيل) وستكون هذه خطوة إلى الأمام لكنها لن تكون كافية لتحقيق السلام، فالإسرئيليون ليسوا جاهزين مهما كان ما يرددونهquot;.