تنازلات متبادلة لتمرير صيغة جديدة لقانون الإنتخابات
بارزاني: القانون صدع التحالفات والأكراد لن يقبلوا بإستعبادهم مجددًا
أٍسامة مهدي من لندن :
حذر رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني من أن استمرار مواقف بعض القوى السياسية ضد حقوق الأكراد إثر التصويت على قانون إنتخابات مجالس المحافظات خلق مؤشرات خطرة حول عدم الإعتراف بهذه الحقوق، وقال إن هذا أمر لن يقبلوا به ولا بإستعبادهم من جديد... فيما بدأت اليوم لجنة تمثل مختلف القوى السياسية شكّلها مجلس النواب بدراسة اسباب نقض مجلس الرئاسة للقانون والعمل على معالجة المواد المعترض عليها وسط تنازلات كتلوية متبادلة من اجل التصديق على صيغة جديدة للقانون ترضي جميع الأطراف.

وخلال اجتماع عقده بارزاني في بغداد مع السفير الأميركي في العراق رايان كروكر يرافقه السفيرين بالسفارة توماس كريجسكي روبرت فورد جرى بحث قانون إنتخابات مجالس المحافظات وآلية التصويت عليه الثلاثاء الماضي بشكل رفضه الاكراد وخاصة ما يتعلق بالمادة 24 منه حول انتخابات محافظة كركوك الشمالية الغنية بالنفط وموقف الأطراف السياسية إزاء القانون وحقوق ومطالب شعب كردستان وآلية رفضه من قبل رئاسة الجمهورية .

وقد اعرب بارزاني عن قلقه وشعب كردستان quot;إزاء الموقف الذي إتخذه عدد من الأطراف في مجلس النواب، مؤكدًا أنه إذا كان هذا الموقف أساسيًا وسيستمر إزاء شعب كردستان فإنه خروج على نصوص الدستور ولن يقبله شعب كردستانquot; كما قال بيان صحافي رسمي عقب الاجتماع . واعتبر رئيس اقليم كردستان الذي وصل الى بغداد الجمعة الماضي على عجل من اجل مباحثات مع المسؤولين في الحكومة العراقية لوقف تداعيات المصادقة على القانون .. اعتبر ان أسلوب تمرير القانون قد خلق وضعاً خطرًا أدى إلى بروز إشارات مختلفة وخطيرة لدى مواطني كردستان في اشارة الى التصويت السري الذي جرى على المادة الخاصة بكركوك من دون مواد القانون الاحدى والخمسين التي تم التصويت عليها بشكل علني . وشدد على انه اذا اريد لشعب كردستان ان يكون شريكًا حقيقيًا في كل ما يخص العراق فيجب عدم إتباع سياسة منفردة تجاهه لأنه لن يقبل إطلاقاً إستعباده مرة أخرىquot;.

من جهته، أعرب السفير الأميركي في العراق عن أمله في تصحيح الخطأ الذي تم إرتكابه في عملية التصويت على القانون وأن تتواصل عملية الحوار لمعالجة هذه القضية .
وقالت مصادر كردية ان التحالف الكردستاني الذي يضم الحزبين الكرديين الرئيسيين مستاء من تصويت نواب الحزب الاسلامي السني بزعامة نائب الرئيس العراقي جلال طالباني على قانون انتخابات المحافظات على الرغم من معارضة الاكراد له معتبرين ذلك خروجًا على تحالفه السياسي المعقود مع الحزبين قبل عامين .

وكان بارزاني قد أجرى امس مباحثات مع الرئيس العراقي جلال طالباني وبحث معه الاوضاع السياسية العامة في العراق و اقليم كردستان، كما ناقش معه تطورات الأحداث والمستجدات الحاصلة على الخارطة السياسية العراقية لا سيما بعد تمرير قانون الانتخابات quot; بشكل غير دستوري وغير قانوني في مجلس النوابquot; كما قال بيان رئاسي الى quot;ايلافquot;. واشار الى ان المسؤولين العراقيين اتفقا quot;على ضرورة تكثيف المناقشات والمشاورات اللازمة مع القوى العراقية الفاعلة والعمل معًا لحل المسائل الخلافية العالقة بين بغداد واقليم كردستان مجددين التأكيد على ضرورة احترام الدستور والاتفاقات الموقعة بين الاطراف المشاركة في العملية السياسية والحكومة وذلك حرصًا على تجسيد التوافق والتناغم الوطني العراقي المنشود و تطوير العملية السياسية من اجل بناء العراق الجديد العراق الديمقراطي الاتحادي التعددي الحر والمستقلquot;.

ولتجاوز الازمة السياسية التي نتجت عن تمرير قانون انتخابات المحافظات فقد باشر رؤساء الكتل النيابية مع هيئة رئاسة مجلس النواب مناقشات ماراثونية لدراسة نقض مجلس الرئاسة للقانون خاصة بعد ان أبدت عدة كتل سياسية استعدادها لتنازلات مهمة حول الصيغة النهائية للمادة الخاصة بكركوك من اجل أن يتم التوافق على حل وسط يرضي الجميع حتى وان كان الى الحد الأدنى من المطالب لغرض إقرار القانون بصورة توافقية .

واثرعرض التقض الرئاسي على البرلمان امس اشار رئيسه محمود المشهداني الى ان المادة 138 من النظام الداخلي تشير الى ضرورة إحالة مشروع القانون المنقوض الى لجنة مختصة لدراسته وبحث أسباب نقضه ورفع تقرير من قبل اللجنة للمجلس . وطالب نواب المجلس بالعمل على الوصول الى توافق جماعي على مشروع القانون لعدم نقضه من قبل هيأة رئاسة الجمهورية للمرة الثانية. وقررت هيأة رئاسة المجلس احالة مشروع القانون الى لجنة مشتركة من لجنة الأقاليم والمحافظات واللجنة القانونية تضم ممثلين للكتل غير ممثلة في اللجنتين على ان تقدم تقريرها النهائي خلال الاسبوع الحالي ليتسنى التصويت عليه مرة ثانية .

وقال النائب الأول لرئيس مجلس النواب خالد العطية إن هيئة رئاسة المجلس أحالت مشروع القانون على لجنة برلمانية خاصة لبيان أسباب نقضه، على ان تقدم تقريرها النهائي خلال ثمانٍ وأربعين ساعة . واوضح ان هذه اللجنة التي باشرت اعمالها اليوم تضم اعضاء لجنة الأقاليم والمحافظات واللجنة القانونية في البرلمان إضافة إلى ممثل عن كل كتلة نيابية غير ممثلة في اللجنتين لبيان أسباب نقضه من قبل مجلس الرئاسة . وأشار الى ان اللجنة ملزمة بتقديم التقرير النهائي إلى مجلس النواب في غضون ثمانٍ وأربعين ساعة .

وضمن هذه الجهود لحل الازمة السياسية فقد دخل على خط المقترحات المطروحة للازمة ممثل الأمم المتحدة في العراق ستافان ديمستورا فقدم مشروعا الى الكتل السياسية تضمن نقاطًا ايجابية تؤكد على ضرورة توزيع السلطات في كركوك بشكل عادل وتأجيل الانتخابات فيها. ويقترح المشروع تحديد سقف زمني يمتد الى شهر حزيران (يونيو) من العام المقبل 2009 أي بعد أن تقدم اللجنة المكلفة بتقصي الحقائق في كركوك تقريرها إلى مجلس النواب الذي سيقوم بدوره بتحديد موعد إجراء الإنتخابات، يتم بعدها توزيع المناصب الإدارية بين المكونات الأساسية في كركوك.

وحول الجهود المبذولة حاليًا لإنهاء هذه الازمة السياسية، قال النائب في جبهة التوافق عبد الكريم السامرائي إن الاجواء مهيأة لاجراء تعديل عليه بعد أن أبدت عدة كتل تنازلات وصفها بالمهمة حول عدد من مواد القانون التي اثارت اعتراضات بعض الكتل السياسية . وأكد أن الحزب الإسلامي وجبهة التوافق مع التنازلات من اجل أن يتم التوافق على صيغة ترضي الجميع ولو الى الحد الأدنى من المطالب لغرض إقرار القانون . واضاف أن اتفاقًا قريبًا يلوح بالأفق، وأن الأزمة حول قانون الانتخابات الخاصة بكركوك في طريقها إلى الانفراج.