بيروت، وكالات: تتوالي الأزمة السياسية اللبنانية فصولاً في بيروت الاثنين، خاصة مع الصعوبات التي تعترض إعداد بيان وزاري توافق عليه الفصائل السياسية المختلفة، من أكثرية نيابية ومعارضة، quot;سابقةquot; في إطار حكومة الوحدة الوطنية التي نشأت بموجب اتفاق الدوحة، الذي أنهى مواجهات مايو/ أيار المسلحة، حيث تشهد البلاد انعقاد الجلسة العاشرة لوضع هذا البيان، بعدما باءت الاجتماعات التسع السابقة بالفشل.

ويبرز الخلاف في هذا السياق بين حزب الله، الذي يرغب بأن يحتوي البيان إشارة إلى quot;حق المقاومةquot; في تحرير الأراضي اللبنانية، التي تقول بيروت إن إسرائيل ما تزال تحتلها، في حين تفضل قوى الأكثرية استخدام كلمة quot;حق اللبنانيين،quot; في النص. وقد تجنب مسؤولون في حزب الله التعليق على ذلك، في حين حذرت أوساط في الأكثرية من أن يكون إصرار الحزب ينطوي على إعلان انسحابه من اتفاق الدوحة.

ويعتبر البيان الوزاري في لبنان خطة العمل التي يجب على الحكومة أن تقدمها خلال 30 يوماً من تأليفها، تمهيداً لنيل الثقة أو عدمها من النواب، وهو غالباً ما ينطوي على عناوين عريضة. غير أن التطورات السياسية في لبنان، وخاصة بعد معارك يوليو/تموز 2006 بين حزب الله وإسرائيل منحته أهمية خاصة.

فقد احتج حزب الله على خصومه، الذين أخذوا عليه تنفيذ العملية التي أطلقت شرارة المواجهة مع إسرائيل دون أخذ رأي الدولة، بأن حقه في المقاومة وارد في البيان الحكومي، كما أن دخول الحزب إلى بيروت بسلاحه في مواجهات مايو/ أيار الماضي المسلحة جعلت هذا السلاح موضع تخوّف وتشكيك العديد من القوى السياسية.

غير أن الكثير من اللبنانيين يدركون بأن الخلاف الحقيقي لا يدور حول النصوص، بل في النفوس. إذ أن الصراع في جوهره يرمي إلى انتزاع حق الإمرة على القرارين العسكري والسياسي، والسير بلبنان باتجاه خيار استراتيجي دون آخر، في وقت تنقسم فيه المنطقة بشدة بين quot;قوى الممانعةquot;، الممثلة بسوريا وإيران، وخط quot;الاعتدالquot;، الذي يضم العديد من الدول العربية الفاعلة، ومعها الولايات المتحدة.

وقد رفض حزب الله التعليق على هذه التطورات، وقال مكتب مسؤوله الإعلامي، حسين رحال quot;لا كلام حالياً عن هذا الموضوع.quot; غير أن الحزب كان قد عبّر عن موقفه الأحد، عندما قال رئيس كتلته النيابية، محمد رعد: إن استمرار الخلاف حول quot;حفظ حق المقاومة بنص واضح وصريحquot; هو quot;بمثابة إعلان حرب.quot;

وأضاف رعد: quot;نحن لم نتحمل أن يتم التعرض بقرار يمس شبكة اتصالات المقاومة، فكيف يمكن لشعبنا أن يتحمل توجها يلغي المقاومة وحقها من البيان الوزاري،quot; وذلك في استعادة لقرار الحكومة السابقة بإزالة شبكة اتصالات حزب الله، والذي أدى إلى مواجهة مايو/أيار، الأمر الذي اعتبرته أوساط الأكثرية تهديداً بعملية أمنية جديدة.

عمّار حوري: إصرار حزب الله خرق لاتفاق الدوحة

وفي هذا الإطار، لم يخف، عمّار حوري، النائب في تيار المستقبل، الذي يقود الغالبية النيابية خشيته من أن يكون موقف حزب الله هذا، والإصرار على مطالب البيان الوزاري بمثابة إعلان انسحاب من اتفاق الدوحة. ورأى حوري أن المشكلة التي تعانيها اللجنة المنبثقة عن الحكومة اللبنانية لإعداد البيان الوزاري quot;محصورة في تحديد منطق الدولة، فهناك أكثرية تقول إن حق تحرير الأرض يعود للشعب اللبناني، وهناك منطق مقابل للأقلية يرغب في حصر الحق بشريحة من الشعب اللبناني، متجاوزاً اتفاق الدوحة وما نتج عن القرار 1701،quot; الذي أنهى معارك يوليو/تموز بقرار يطلب حصر السلاح في لبنان بيد الدولة.

وعن الحل الذي يمكن تصوره في حال وصلت الأمور إلى حائط مسدود، قال حوري: quot;أملنا كبير في التوصل إلى تسوية ما، وإذا لم نستطع ذلك، فعلينا ترك الأمور الخلافية لمؤتمر الحوار، الذي سينعقد برئاسة رئيس الجمهورية، ميشال سليمان، وبرعاية عربية. أما إذا أصر الفريق الآخر بالقوة على موقفه، فهذا سيعني خرقاً لاتفاق الدوحة، وعلى الفريق العربي الذي رعاه أن يتدخل.quot;

ورفض النائب اللبناني ضمناً صيغة وسطية كانت قد طرحت، وتقضي باعتماد نص البيان الوزاري القديم، مع الإشارة إلى القرار 1701، معتبراً أن البيان القديم كان محل إجماع لدى إقراره عام 2005، إلا أنه لم يعد كذلك اليوم بعد عودة الأسرى وتحرير الأرض.

رفيق خوري: البيان رمز الخلاف بين مشروعين

من جهته، قال رفيق خوري، رئيس تحرير صحيفة quot;الأنوارquot; الوسطية الاتجاه إن الخلاف على البيان الوزاري quot;هو رمز للخلاف بين مشروعين بلبنان، وليس فقط بين نصين.quot; ورأى خوري أن الخلاف في هذا الإطار quot;حقيقي،quot; معتبراً أن الحكومة اللبنانية الجديدة quot;تعمل تحت عنوان الوحدة الوطنية دون أن تكون هذه الوحدة موجودة فعلياً في البلد، خاصة وأن العوامل الخارجية ما تزال موجودة.quot;

وأضاف: quot;وقد سبق أن قال نائب الرئيس الإيراني ( رضا آقازاده) بالأمس للغرب: عالجوا الملف النووي لنا نعالج لكم الوضع في لبنان.. وهذا يجعل حزب الله ورقة إيرانية.quot; واستبعد خوري سقوط اتفاق الدوحة وخروج الأطراف السياسية منه، لافتاً إلى أن ذلك quot;يعني الحرب، ولا استعداد للحرب في الداخل والخارج،quot; مشدداً على أن الاتفاق نفّذ على الأرض، ولم يبق منه سوى البند الأخير المتعلق بعلاقة الدولة مع التنظيمات المسلحة.

وخلص خوري إلى أن الأزمة السياسية الحالية في لبنان quot;لا حل لها إلا على الورق وليس على الأرض.quot; وأكد على أن إدراج نص quot;حق المقاومةquot; في البيان الوزاري سيعني quot;انتصاراً سياسياً لحزب الله، ويصبح ما حصل في بيروت وكأنه من الماضي.quot;

وختم مدير تحرير الأنوار بالقول: quot;لا حل لسلاح حزب الله في أي اتجاه حالياً، نحن محكومون بالحوار، لكنه لن يكون سهلاً، والقوى الداخلية والخارجية ليست مستعجلة، وللأسف فالصراع على لبنان الساحة، وليس الوطن، مستمر.quot; يذكر أن التوتر السياسي انعكس طوال الأسابيع الماضية أحداثاً أمنية في لبنان، وخاصة في طرابلس، حيث شهدت مناطق التماس بين السنّة والعلويين مواجهات دامية، راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى.

مخرج لعقدة السلاح

وبالتوازي تتواصل الحركة السياسية واللقاءات الجانبية خصوصاً من قبل رئيس الجمهورية للتوصل الى مخرج ولو quot;لغويquot; لعقدة السلاح وترحيله الى طاولة الحوار. وقد زار قصر بعبدا امس ثلاثة وزراء من أعضاء اللجنة هم نسيب لحود وجبران باسيل ومحمد فنيش، كما زاره المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب، النائب علي حسن خليل. وذكرت مصادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية لصحيفة quot;السفيرquot; أنه على تشاور يومي مع الرئيسين بري والسنيورة والوزراء أعضاء اللجنة، وأنه ألحّ على الجميع تجاوز التفصيل المتعلق ببند المقاومة، عبر إيجاد صيغة ترضي كل الأطراف، quot;ولو استعانوا بخبير في اللغة العربيةquot;.

وأبدت اوساط قريبة من الغالبية لصحيفة quot;النهارquot; تفاؤلاً بإمكان دفع الأمور نحو الحل، وتحدثت عن امكان التوصل الى quot;رؤية متقاربة تعمل اللجنة على بلورتهاquot;. وقالت إن quot;لا نية عند أحد للتعطيل والجميع محكوم باقلاع الحكومةquot;. ولفتت الى حركة ناشطة امس شارك فيها رئيس quot;كتلة المستقبلquot; النائب سعد الحريري لتسهيل الامور، وقد التقى في هذا الاطار أعضاء اللجنة الوزراء نسيب لحود ومحمد شطح ووائل أبو فاعور.

من جهته، تحفظ وزير الاعلام طارق متري عن معلومات ترددت عن إمكان انجاز اللجنة مهمتها اليوم لكنه قال إن quot;جو اللجنة أفضل بكثير من الجو خارجهاquot;. كذلك نفى علمه بدخول قطري على خط الجهود المبذولة لانجاز البيان. وكانت quot;المؤسسة اللبنانية للارسالquot; بثت ان موفداً قطرياً وصل الى بيروت وشرع في اجراء اتصالات وبذل مساع لحلحلة العقد في موضوع البيان الوزاري. غير ان اي مسؤول رسمي لم يؤكد وصول هذا الموفد او مقابلته.

أما الوزير وائل أبو فاعور فأكد لـquot;السفيرquot; ان جميع الوزراء بلا استثناء يعملون على التوصل إلى صيغة توافقية، حتى الرئيس فؤاد السنيورة، وأن لا صحة لما يقال من أن رئيس الحكومة أو سواه يعارضون التوصل إلى صيغة حل وسط ولا يتحمّل وحده مسؤولية التأخير، مشدداً على أن النائب وليد جنبلاط متمسك بالحل الوسط والذي لا يلغي مرجعية الدولة في عملية المقاومة والتحرير.

وعلمت quot;النهارquot; ليلاً ان مناقشات الجلسة الحادية عشرة للجنة اليوم ستتناول كل النقاط المختلف عليها المتبقية امامها وعددها خمس لم يستوف في شأنها النقاش بعد. وهذه النقاط تنحصر في الشق السياسي لمقدمة البيان الوزاري السياسية التي لم يتم الاتفاق عليها كاملة، وموضوع المقاومة وسلاح quot;حزب اللهquot;، وموضوع السلاح الفلسطيني والتوطين، كذلك لا تزال هناك قضيتان عالقتان بين النقاط الاقتصادية هما باريس ndash; 3 وتخصيص الاتصالات. والموضوع الاخير كان محور لقاء بين رئيس الوزراء فؤاد السنيورة ووزير الاتصالات جبران باسيل أمس.