كشف رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر أن إسرائيل تحاول أن تنتقل إلى مرحلة خطرة، إذ تسعى إلى فرض quot;سيادة باطلةquot; على المسجد الأقصى. وبين صلاح أن الخطر يتهدد بشكل كبير بعض مباني المسجد والقدس القديمة وحي سلوان، بفعل الأنفاق التي حفرت تحتها. مؤكدًا في الوقت ذاته أنّ تهديدًا بالتصفية وصله من قبل المخابرات الإسرائيلية، أثناء اعتقاله مؤخرًا. وبحسبه فإن الموقف الإسلامي والعربي على الصعيد الرسمي يكاد أن يصل إلى حالة من الصمت والى موقف المتفرج على مأساة القدس والمسجد الأقصى.

أم الفحم: إلتقينا به في مقر الحركة الإسلامية وجمعية إعمار في مدينة أم الفحم داخل الخط الأخضر، وبنبرةٍ هادئة تحدث الينا الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الاسلامية في الداخل، وأحد أبرز الشخصيات المدافعة عن المسجد الأقصى، ووقفت في مواجهة القوات الإسرائيلية التي حاولت اقتحام المسجد، واعتقل الشيخ رائد صلاح على إثر تلك المواجهات، ثم ابعد عن القدس لمدة شهر كامل، حول آخر المستجدات تلتقي quot;إيلافquot; الشيخ رائد صلاح وإليكم نص الحوار.

*كيف هي الحال في القدس والمسجد الأقصى؟ وما الذي تخططه اسرائيل وتسعى لتنفيذه هناك؟
في هذه الأيام وبعد مرور 42 عامًا على احتلال المسجد الأقصى تحاول اسرائيل أن تنتقل الى مرحلة خطيرة، إذ تسعى إلى فرض سيادة باطلة على المسجد الأقصى في محاولة لتوفير الحماية للمجتمع اليهودي ليقتحم المسجد الأقصى ويؤدي الطقوس التلمودية في فيه.
أملاً أن ينجحوا بعد ذلك بتقسيم المسجد، كما فُرض التقسيم quot;الباطلquot; على المسجد الابراهيمي في مدينة الخليل المحتلة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا التقسيم ليس هو الهدف الأخير للاحتلال الإسرائيلي، فلا يزال الإسرائيليون يحلمون ببناء هيكلٍ اسطوري مزعوم وكاذب على حساب المجسد الأقصى.
لذا فإنّ هنا خطورة من أن يقع ما سعت اليه القوات الإسرائيلية بين التواريخ 4 اكتوبر وحتى 10 أكتوبر، إذ كان من المحتمل أن يدخل الالاف من المجتمع الاسرائيلي يقودهم حاخامات الى داخل المسجد الأقصى وأن يؤدوا هذه الطقوس التلمودية في ساحات المسجد الأقصى الداخلية التي هي جزء منه.
وكان من المتوقع ايضًا ان تشمل زيارة هؤلاء قبة الصخرة والجامع القِبْلي والمصلى المرواني والأقصى القديم، هي إذًُا مخططات مكتوبة تشير الى ذلك احتمال تنفيذها، كونها مخططات عبرية لا تزال مطروحة قيد التنفيذ من قبل الدولة التي لا تزال تواصل عدوانيتها على القدس وأبنائها وعلى المسجد الأقصى.

*أحيانًا تكون هناك فترات هدوء في المسجد الأقصى وفي أحيان أخرى تشتعل الأحداث من جديد؟
من يعتقد أنّ هناك هدوءًا فهو مخطئ، فخلف هذا الهدوء الشكلي لا تزال عمليات الحفر تحت أنفاق المسجد الأقصى والقدس القديمة وحي سلوان مستمرة، ولا يزال الاحتلال يسيطر على كل أبواب المسجد الأقصى بقوة السلاح ولا تزال الدولة توفر الحماية لدخول آلاف من الأجانب الذين يؤذون المسجد الأقصى وينتهكون حرمته تحت اسم السياحة. وما هي من سياحة، أبدًا لا من قريب ولا من بعيد.
فنحن نرى بأعيننا أنّ سياسة تهويد القدس المحتلة مستمرة، وأنّ المخططات سارية المفعول لوضع اليد على حي سلوان وعلى القدس القديمة والأحياء الأخرى القريبة من المسجد الأقصى، مثل الشيخ جراح ووادي الجوز ورأس العمود.
وما يجري يشير أنه ومنذ العام 1976 لم تتوقف الحرب الاسرائيلية على القدس والمسجد الأقصى، فهي متواصلة حتى الآن، صحيح انه لا يتم استعمال الطائرات والدبابات والمدافع، لكن يستعمل ما هو أخطر من ذلك، إنهم يقصفون التاريخ والحضارة في القدس، يقصفون الحق الاسلامي العربي والفلسطيني في القدس، ويواصلون فرض التطهير العِرقي على أهلنا في القدس للوصول وفق حساباتهم الى قدس يهودية لا وجود للعرب والمسلمين فيها، وأملاً منهم بالاستفراد بالمسجد الأقصى والتصرف به كما يحلو لهم، فأينَ هم والهدوء؟!!.

*ما هو ردك على إنكار نتانياهو للعمل تحت المسجد الأقصى وطلبه بإرسال خبراء دوليين لتأكيد حقيقة انكاره هذا؟
إنّ هذا التصريح الذي ادلى به نتناياهو جعلني اتسائل متعجبًا: هل يعاني نتانياهو من عقدة انفصام شخصية!؟ أريد أن أعرف من هو نتانياهو.. هل هو ذاك الذي اقتحم أحد الأنفاق القائمة تحت محيط المسجد الأقصى عام 1996م، والذي فرض عليه اسمًا باطلاً نفق الحشمونئيم؟!!! أم هو نتانياهو، الذي يُدلي بتصريحات ويقول لا أنفاق تحت محيط المسجد الأقصى؟؟! أنا شخصيًا، لم أعد أعرف من هو.
ولكن بعيدًا عن هذا السؤال وعن الطمع بالوصول الى جواب عن حقيقة نتانياهو، أؤكد أنّ أسهل أمر أن ينكر الاحتلال الاسرائيلي مسألة الحفريات، ولكن الواقع المر أقوى من كل ادعاءات اسرائيل، وأنا أجزم وأتحدى من يُنكر وجود هناك شبكة أنفاق تحت المسجد الأقصى، تمتد تحت القدس القديمة، وتحت حي سلوان.
وكما أنكر من قبل اكتشافنا وجود كنيس يهودي في هذه الانفاق ووجود متحف باسم قافلة الأجيال، مدعيًا أننا نعرض أفلامًا وثائقية من نسج الخيال السينمائي القائم على التصوير العالمي المنطلق من هوليوود.
لكنه سرعان ما يعود ليؤكد ما قلناه سابقًا بوجود هذا الكنيس والمتحف، داعيًا الى افتتاح هذه المباني القائمة في الأنفاق الممتدة تحت محيط المسجد الأقصى، وأمام اعترافهم كيف يمكن تكذيب مثلنا العربي الذي يقول quot;الأمر لا يتناطح عليه عنزانquot;.
هذه سياسة الاحتلال الاسرائيلي بالإنكار ثم العمل بالخفاء، كخفافيش الليل، ويؤسفني ان أشدد على الواقع المرير، فبعض مباني المسجد الأقصى والقدس القديمة وحي سلوان، بفعل الأنفاق التي حفرت تحتها، بات الخطر قريبًا جدًا، بل هذا ما جرى في مدرسة في حي سلوان، عندما انهار صف كامل بمن فيه من الطالبات وكان عددهن 17 طالبة وسقط في الارض الى عمق 3 امتار، وكادت ان تقع كارثة لولا لطف الله تعالى.
أما في قضية الاستعانة والاستغاثة بخبراء دوليين فأنا ضد هذا الاقتراح مبدئيًا، وأخشى ما أخشاه ان تقودنا هذه الدعوة إلى جلب حماية دولية ووضعها في المسجد الأقصى، وهذا يعني نقل حالة احتلال المسجد الأقصى من احتلال اسرائيلي الى احتلال دولي وهذا ما نرفضه. وطالما أنّ المسجد الاقصى حق لنا فنحن الذين يجب نحميه، ولا نريد منّة من أحد، فليأتي خبراؤنا نحن وليفحصوا ما يجري تحت المسجد الأقصى ويقوموا بإعماره وحمايته.

*كيف ترى صمود أهل القدس ومؤازرة المسلمين والعرب لهم وللأقصى؟
صمود أهلنا في القدس المحتلة هو صمود مشرّف يستحقون عليه التحية والتقدير دائمًا وأبدًا، لأنهم يواصلون الثبات في أرضهم وبيوتهم ومقدساتهم، رغم ما يتعرضون له من ضغوط من الاحتلال او اغراءاته، ونحن نعلم ان اسرائيل تواصل السعي لمصادرة الأراضي وهدم البيوت وتدمير الاقتصاد المقدسي، ويعرض بعض اذرعها مبالغ مالية هائلة للمقدسيين نظير بيع بيوتهم.
وأنا كنتُ شاهدًا على عرض لجمعية quot;عطيرات كوهينquot; اليهودية المتطرفة فقد دفعت مبلغ مليونين و200 الف دولا مقابل المتر المربع في بيت المقسي (واحتفظ باسمه)، ورأيت وثيقة مكتوبة تؤكد صحة كلامه، هذا الموقف قد يفشل فيه الكثيرون لو تعرّضوا لهذا الامتحان.
أما على الصعيد الإسلامي والعربي والفلسطيني فإنني أقولها بكل صراحة أننا لم نقف بما فيه الكفاية لدعم صمود المقدسيين، بل لم تكن وقفتنا بالحد الأدنى المطلوب، وأخشى أن يشعروا أننا تركناهم لوحدهم في المعركة، وهذا شعور خطر قد يزعزع ثقتهم بقدراتهم على التحدي.
وتُراني أتسائل ماذا قدمنا لمقدسات القدس وللمسجد الأقصى؟ والجواب يخجلنا من أنفسنا، فهناك حاجة لوضع هذه القضية كإستراتيجية واضحة عملية وجادة في الموقف الإسلامي العربي، عندها حقيقة يمكن لنا أن نقول قد بدأنا نعطي للقدس.
ولكم يؤسفني ويحز في نفسي أن يتبرع أحد أثرياء اليهود في العالم لدعم الاحتلال الاسرائيلي بمبلغ يصل الى مليار ونصف المليار، ونحن العرب والفلسطينين الأمة المعروفة بقدراتها وثرواتها لا تسأل عن القدس وأبنائها وحرمات مساجدها.
ثم إنني اعذر من يعبّر عن شعوره بالاستياء من العالم العربي، ويعتبره quot;في سباتquot;، فالموقف الاسلامي والعربي على الصعيد الرسمي يكاد ان يصل الى حالة من الصمت والى موقف المتفرج على مأساة القدس والمسجد الأقصى المحتليْن، علمًا أن المشهد الرسمي الاسلامي العربي يملك أوراق ضغط كثيرة لو قام بها واستثمرها كما يجب لكانت اقل نتيجة لاستثمار هذه الأوراق ان يحد من شراسة وتغول الاحتلال الاسرائيلي وسلوكياته الباطلة ضد القدس والمسجد الأقصى.
لذلك أنا شخصيًا لا زلت أعجب لماذا لا تزال هذه الأوراق مجمدة، وكأنّ هناك من يحرّم استخدام هذه الأوراق ضد الاحتلال الاسرائيلي، لكنني لستُ يائسًا، فهناك بدايات في العالم الاسلامي والعربي قد تكون على المستوى الرسمي ضعيفة، ولكنها ترتفع على مستوى العلماء والمفكرين وعلى المستوى الشعبي أيضًا، ما يؤكد أنه لا تزال هناك مكانة للمسجد الأقصى والقدس في ضمير الاسلامي والعربي.

*ما تفعله اسرائيل من إبعاد الفلسطينيين ومنع الذين لم يتجاوزوا الخمسين من العمر من الصلاة داخل المسجد الأقصى يضع شروطًا غير ممكنة لنصرة الأقصى، فكيف ترى انت هذا الواقع؟
لا شك أنّ هذا هو الاحتلال، ولم يكن يومًا يحمل وجهًا طيبًا وسلوكًا حسنًا، انه وجهه القبيح وسلوكه البشع، وهذا الأمر يمكن توقعه، المطلوب اليوم هو الصمود والاصرار على تجاوز كل أساليب العدوائية التي تقوم بها اسرائيل، فالاستسلام مرفوض بقضيتنا، يجب أن نصر على دخول الاقصى والصلاة في المسجد، والاعتكاف ليلاً ونهارًا في رمضان وفي غير رمضان، وندعم إعمار المسجد الأقصى بكل ما اوتينا من قوة، فليعجز الاحتلال عن منعنا، لا أن نظر نحن كعاجزين ومستسلمين.

*كيف تصف أداء الأحزاب العربية ووضع المجتمع العربي سياسيًا واجتماعيًا؟
أقولها بصراحة أن أداء الأحزاب العربية في الداخل الفلسطيني لنصرة القدس والمسجد الأقصى المحتلين لا يزال اداءً ضعيفًا، ولكن يكون لذلك مخرج الا بتنشيط لجنة المتابعة العليا في هذا الاتجاه، ولا يحدث هذا الا بإعادة بناء اللجنة من جديد، وقيامها على اساس انتخابي مباشر من قبل الجماهير العربية في الداخل.
وفي نظري ووفق قناعتي هذه استراتيجية تشكّل بعث روح جديدة ورفع الهِمم، اذا ما تحققت ليس فقط في لجنة المتابعة بل في احزابنا أيضًا، على أمل أن يتجاوز الجميع خلافاتهم بالحد الأدنى لما فيه مصلحة قضايانا المصيرية.

*هل تعوِّل على نجاح المصالحة الفلسطينية بين حماس وفتح؟
لدي ملاحظتين في هذه القضية، الاولى: مأساة المشهد الذي يتعلق بغولدستون لم تكن هي السبب لمنع وحدة فلسطينية، انما كانت مساعي الوحدة الفلسطينية قبل ذلك متعثرة، وأعتقد أنه لا يمكن تخطي هذا التعثر الا اذا كان هناك حوار فلسطيني قائم على كل الثوابت الفلسطينية واحترام ارادة الشعب الفلسطيني.
واتخاذ قرار فلسطيني مستقل بعيدًا عن أية ضغوط أميركية أو إسرائيلية أو حتى عربية. وأنا على قناعة أنه اذا ما توفرت هذه الأجواء لأي مصالحة فلسطينية فستصل مساعي هذه المصالحة الى بر الأمان وستكون هناك مصالحة فلسطينية قوية وتمثل ارادة الشعب بأكمله
أما الملاحظة الثانية التي اريد ان اقولها أنه ما من فلسطيني وعربي ومسلم لا يأمل بتحقيق الوحدة الفلسطينية، لكنني أقول كفى لأولئك الذين يتخذون المصالحة quot;شماعةquot;، يعلقون عليها صمتهم ويتفرجون على ما يجري في القدس والأقصى المحتليْن، وما يجري من حصار وتجويع في غزة، وما يتهدد الضفة الغربية من تهويد، نعم نريد المصالحة لكننا لا نريد ان نتخذه مبررًا لتقصيرنا.

* هل تربط مسألة تزامن تحرير عدد من أسرى الداخل والجولان بقرب تنفيذ صفقة شاليط؟
ليس لدي معلومات حول ما يدور في صفقة التبادل التي باتت تعرف باسم quot;صفقة شاليطquot;، ولكننا ناشدنا ولا زلنا نناشد بضم اسرانا السياسيين في الداخل الفلسطيني والجولان والقدس المحتلة الى أي صفقة تبادل، سواء كانت فلسطينية او ابعد من ذلك.
ووفق ما أراه الآن بت على قناعة ان من تم اطلاق سراحهم حتى هذا التاريخ هم مقدمة لتنفيذ صفقة تبادل قريبة على اسم quot;صفقة شاليطquot;، فالأسيران اللذان اطلق سراحهما من الجولان المحتل هما مقدمة لتنفيذ هذه الصفقة، وهذا يدعوني للتفاؤل أن تسير الصفقة وفق أملنا بشمل أسرانا أيضًا.