أسامة العيسة من القدس: تتعرض فلسطين، التي تعودت على الغزوات، لغزو من نوع آخر، يرحب به المواطنون ويسعدون به، ووفقا لجمعية فلسطينية بيئية، فان الأمر يتعلق بأعداد كبيرة من طائر الزرزور، رصدت وصولها لفلسطين. وقالت جمعية الحياة البرية الفلسطينية، أنها رصدت أعدادا كبيرة من هذا الطائر الذي يحمل الاسم العلمي Sturnus vulgaris، الذي وصل فلسطين، مهاجرا من مناطق غرب وشرق أوروبا.

طائر الزرزور

موعد وصوله السنوي إلى فلسطين، يبتدئ من أواسط ونهاية شهر تشرين ثاني (نوفمبر) ويستمر حتى بداية الربيع، حيث يعود إلى موطنه في أوروبا، ليتزاوج ويتكاثر ويعود إلى موقع هجرته مرة ثانية في فلسطين.
ويمتاز هذا الطائر بحياته الاجتماعية في فترة هجرته الشتوية حيث يتواجد بالآلاف، وسجل في هذا الموسم بكمية تقدر بعشرة آلاف طير، في منطقة أريحا لوحدها، وهذا عدد كبير لموقع مثل أريحا، وفي السنوات السابقة، كان يتم رصده بأعداد أقل.
وقال عماد الأطرش مدير جمعية الحياة البرية عن هذا الطائر quot;يعتبر هذا الطائر مرحبا به أحيانا من قبل المزارع الفلسطيني، الذي يستبشر به الفلاح ويعتبره العنوان في جلب الأمطارquot;.
ولدى المزارع الفلسطيني أمثالا مستوحاة من وصول هذا الطائر، منه المثل الشعبي quot;سنة الزرزور احرث الأرض البورquot;، وهذا يعني أنه على المزارع أن يقوم بفلاحة الأرض استعدادا لهطول الأمطار.
وحسب الأطرش فان هذا الطائر يهاجر quot;من المناطق الباردة إلى الأكثر حرارة، وهو غير مرغوب بصيده من قبل الصيادين لاستعماله في الغذاء، وغير مرغوب بوجوده بأعداد كبيرة من قبل المزارعين أنفسهم في موطنه الأصلي، وهو من الطيور التي قد تعيش في موطنها الأصلي بالقرب من البيوت والمناطق السكنية حيث يعشش فيها أيضاquot;.


وعن صفات هذا الطائر يقول الأطرش quot;الزرزور يتصف بالذكاء والدهاء على حد سواء وبصوته الرنان والحاد وبحركته المميزة والسريعة سواء على الأرض كالمشي أو في حركة طيرانه في السماء ونسجت حول ذلك قصصا كثيرة فاقت أي نوع أخر من أصناف الطيور العالمية، حيث يقوم أثناء طيرانه في السماء بتكوين أشكال بهلوانية أثناء فترات الصباح أو المساء أو فترات بحثه عن غذائه الذي يتكون من الحشرات والديدان في مناطق مكبات النفايات والمزارع الحيوانية والحبوب والبذور والمحاصيل الحقلية في المناطق الزراعيةquot;.
ويضيف quot;ويمتاز هذا الطائر أيضا بأن ألوانه براقة وجميلة ويمكن رؤية ريشه الأخضر اللامع والمسود مع الكثير من البقع البيضاء الصغيرة والمنقار الطويل نسبياquot;.


وللزرزور قصة طويلة، فقد جلبه المتنقلون من أوروبا معهم إلى بقية أرجاء المعمورة حين غزوا واستقروا في بعض أجزاء العالم في القرون الخمسة الماضية، حيث وصل معهم إلى شمال أميركا وجنوب إفريقيا وغرب استراليا ونيوزلندة أيضا.


ورغم شكله الجميل، إلا انه يعتبر في بعض البلدان من الطيور المزعجة، بسبب تكاثره بأعداد كبيرة تعطيه فرصة لزيادة أعداده بصورة غير عقلانية.


ففي دولة مثل استراليا، مثلا، تعطي الحكومة مبالغا مالية للصيادين لاصطياد هذه الطيور حين وصولها إلى المناطق الزراعية الحدودية لهذه القارة، بهدف القضاء على أكبر عدد منها لأن الأستراليين يعتبرونها مدمرة لمناطقهم ومحاصيلهم الزراعية، وفي العاصمة الأميركية واشنطن يوجد هذا الطير بكميات كبيرة مزعجة للأهالي.
أما بالنسبة لوجوده في فلسطين فيقول الأطرش quot;يعتبر الزرزور من الطيور الشائعة في مختلف أنحاء البلاد من المناطق الجبلية إلى الأغوار وأريحا وقد تم رصده من قبل باحثي جمعية الحياة البرية في نابلس بكمية تزيد عن عشرين آلف طائر عام 1997، وفي هذا العام رصدنا اكثر عشرة آلاف طير في منطقة أريحا وحدها، وهذه أعداد يمكن تسجيلها في مناطق أخرى من فلسطين في هذا الموسمquot;.


ورغم انه طائر مهاجر يتنقل في بلاد الله الواسعة إلا انه يتصف بوفائه للمناطق التي يعيش فيها، وعن ذلك يقول الأطرش quot;يتصف الزرزور بانتقائه لمنطقة معينة حيث يلتزم بها طيلة فترة حياته سواء في موئله الأصلي أو في مناطق زيارته وهجرته، وهو يعيش في مناطق زراعية أو مفتوحة أو سكنيةquot;.

التحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الاحد 18 شباط 2007