مطربو الابوذية في العراق يصبحون رواديد

عدنان البابلي: حسين الحوجي يمتلك صوتا رخيما، وتقاطيع صوتية تؤهله لاداء اغنيات الريف العراقية، لكنه وجد نفسه مع مرور الزمن مضطرا الى ترك مهنته وهي الطرب في حفلات الاعراس والجلسات الخاصة، ليتجه الى اداء ( اللطميات ) والقصائد الحسينية والتي تدر عليه ارباحا لاباس بها، بعد ان قضت مظاهر أسلمة المجتمع على فرص الارتزاق من الغناء.
و( اللطميات ).. او أناشيد عاشوراء، يمتهنها شعراء و( رواديد ) طلبا للرزق احيانا، في حين يؤديها اخرون تفانيا في خدمة صاحب الذكرى وهو الحسين بن على الذي قتل في كربلاء قبل 1400 عام بعد ان حاصره وأهله جيش يزيد.

مطربو الابوذية..

لايقتصر الامر على (الحوجي) فقد تحول الكثير من مطربي العراق لاسيما مطربي (الابوذية ) الى (رواديد) يؤلفون ويلحنون القصيدة الحسينية.
لكن الكثير من العراقيين الشيعة يبدون امتعاضهم من طريقة الاداء الحديثة التي يمتهنها ( الرواديد) الشباب.
ويرى الشيخ حسين السيد، ان الطرق الحديثة تغيّب اصول اداء وتاليف القصيدة الحسينية، وتحشرها في قالب ( الطرب ) فرواديد هذه الايام مطربون لااكثر لكن من دون موسيقى،
وهذا اللحن الزائد في القصيدة الحسينية يحولها الى قصيدة مغناة تتضمن الغزل والوصف الجمالي والتطريب
، وهذا امر يبعث على القلق. ويرى السيد ان الكثير من العراقيين الشيعة يحبذون الطريقة التقليدية في الاداء وماتبثه الفضائيات اليوم يندرج في خانة الاغنية وهذا يعكر صفو القصيدة الحسينية.

الاسلمة تجتاح مدن العراق
ويعلل الرادود احمد حقي ذلك الى ان بعض المنشدين هم مطربون في السابق امتهنوا الغناء وتحولوا الى رواديد، مجاراة مع اجواء الاسلمة التي تجتاح مدن العراق.
ويقول تقي ان اللحن الزائد وتحويل المراثي الحسينية الى(بوذية ) امر معيب ويدعو الى الانتباه لذلك.
ويجيد قاسم الحياني(البوذية ) العراقية، وغالبا مايشارك في مناسبات الختان والعراس كمطرب معروف، لكن نصيحة رجل دين له ان يستغل صوته لخدمة (قضية الحسين ) شجعته على خوض التجربة وذاك ماكان فقد اشتهر اكثر اكثر مما لو ظل مطربا.
غير ان ميثاق جاسم يؤكد ان عددا من الرواديد يمتهون الامر في عاشوراء طلبا للرزق ثم لايلبثوا ان يعاودوا نشاطاتهم الفنية بعد انقضائه، فالقضية تتعلق بالرزق.
وفي بغداد ووسط وجنوب العراق تنتشر الاقراص المدمجة لمنشدي القصائد الحسينية، كما بدات صورهم تحل محل صور المطربين العراقيين.

الاطفال الرواديد
وفي مدينة الصدر تنتشر صور الرادود باسم الكربلائي في كل مكان. لكن الرادود حسين عبد الائمة يقول ان الرادود باسم اضاف لحنا غير محبذ الى القصيدة الحسينية، جعلها اقرب الى الاغنية منها الى النشيد الحسيني، وان الكثيرين يمتعضون من ذلك على رغم انتشاراسلوب الكربلائي.
وتباع عشرة اقراص من الاناشيد الحسينيةفي البصرة مقابل قرص واحد لمطرب.
ويرى سليم رحمن ان الظاهرة جزء من مظاهر اسلمة المجتمع حيث تسيطر الاحزاب الدينية، ورجال الدين على
مؤسسات التوجيه والاعلام في المجتمع.
وتنشر في العراق ايضا ظاهرة الاطفال الرواديدايضا. وفي هولندا يجيد طفل من العمر 10 سنوات قراءة القصيدة الحسينية حيث يحفظ اكثر من عشرين قصيدة يجيدها باتقان مذهل.

حمزة الصغير
ويتذكر العراقيون حمزة الصغير وهو اشهر رادود عراقي توفي في السبعينات. وسمي بالصغير للتفريق بينه وبين معلمه حمزة السماك الذي كان يكبره بالسن. ومازالت أشهر قصائده تقرأ إلى الآن بالمجالس الحسينية. وكانت أغلبية القصائد التي قرئها من كتابة الشاعر العراقي الشعبي كاظم المنظور. ومن أشهر القصائد التي كتبها له (آ يحسين ومصابه).
ومن اشهر رواديد العراق القدماء صالح الدرازي وياسين الرميثي واشتهروا بقصائد يحفظها عراقيون عن ظهر قلب.

مطربون ام رواديد؟
ويتهم علي فرهود وهو شاعر حسيني عراقي الرواديد بتوظيف عاشوراء في التجارة، ويشير الى ظاهرة حفلات الرثاء في عاشوراء حيث يتسابق الرواديد مثلما المطربون على الاداء في هذه المدينة وتلك.
وتروي سليمة مهدي وهي مدرسة عراقية ان الطالبات يضعن صور الرواديد في القلائد، وهذا امر يبعث على الدهشة في ان يتحول رادود يقول انه يخدم الحسين الى مطرب تحمل صوره الفتيات ويحيط به المعجبون.
ويعترف فرهود بالمستوى الفني المتدني للقصائد التي يؤديها الرواد الجدد ويقول..اصواتهم وقصائدهم متشابهة تشابه ماء البحر ولم نعد نفرق بين الرادود زيد او عمرو. ولدى بعض الرواديد اشتراطات حتى يشارك في العزاء الحسيني في مكان ما وربما لا يشارك الا بعد استلامه المبلغ المبرم في العقد التحريري او الشفهي.
وينتقد ?الرادود علي الخفاجي تضمين البعض القصائد الحسينية كلمات غزل وشوق في?الرثاء الحسيني، وينتقد ايضا الاعلام الذي يوجه الانظار لقصيدة الأستديو بدلا من القصيدة المنبرية.

الرواديد.. كرامات
ولاتخلو قصص الرواديد من الكرامات التي حباهم بها اهل البيت كما يقولون. ومن الحكايات المشهورة ما وقع للرادود عبد الحسين الشرع حين رفض أحدهم قصيدة معترضا على معانيها، ما اثار قلق الشرع طوال الليلوبقي على ذلك حتى نام من شدة تأثره وفي ا لمنام رأى فاطمة الزهراء تقول له: (ولدي لم أنت نائم؟ زينب لفت يم حسين لاكن گابعة بالهم) وفز من نومه كاتبا مطلع قصيدةصارت من عيون القصائد الحسينية حيث لم يبق رادود ولا خطيب إلا وقرأها.


[email protected]